مصادر روسية: الرياض وموسكو لتعاون في سورية ينتهي بتطبيق القرار 2254 ثلاثية الموازنة والضرائب والسلسلة على سكّة التنفيذ… وبرّي مرتاح للتفاهمات
كتب المحرّر السياسي
لم يكن الإعلان عن بدء العقوبات التركية على كردستان العراق، على لسان الرئيس التركي رجب أردوغان، بدءاً بإغلاق المجال الجوي والمعابر البرية، إلا نصف الكوب الذي تشكّل نصفه الآخر في باريس مع التوافق الفرنسي العراقي، بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، والكشف عن وساطة فرنسية لحوار يرتكز على تسليم كردي بممارسة حكومة بغداد صلاحياتها الاتحادية على المناطق المتنازع عليها، خصوصاً في كركوك، وعلى المعابر الحدودية والمطارات، مقابل وقف الإجراءات العقابية لبغداد على أربيل، تمهيداً لبدء حوار ثنائي على مستوى وزاري في باريس، وفيما لم يعلّق العبادي على مقترح علني لماكرون بالوساطة، قالت مصادر عراقية إنّ العبادي ينتظر التجاوب الكردي ليقول كلمته.
في موازاة المشهد الكردي ومستقبل الانفصال، كان الحدث الأبرز في موسكو مع الزيارة الأولى لملك سعودي إلى روسيا، حيث كانت القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ثمرة تحضير متواصل خلال شهور، لم تختصرها التفاهمات على مشاريع استثمارية أو صفقات سلاح روسية، ولا أيضاً تختزلها لجان تنسيق التعاون في أسواق النفط العالمية. فالتفاهم السياسي على الملفين السوري والقطري تحت عنوان الحرب على الإرهاب سهّل على الجانبين بلوغ المراحل المتقدّمة في التعاون التجاري والتسليحي والاقتصادي، كما قالت مصادر إعلامية لـ «البناء».
التفاهم السياسي، كما اختصرته المصادر، يقوم على تشجيع روسي لقطر على تسوية تحفظ المهابة السعودية، مقابل تموضع سعودي تحت السقف الروسي في سورية بما يتضمّنه من تسليم سعودي بتسوية في ظلّ الرئيس السوري تتجسّد بحكومة موحّدة تشترك فيها المعارضة بعد التخلي عن اشتراطات تتصل بالرئاسة السورية في الحلّ السياسي. وفي المقابل تفويض الرياض بترتيب البيت المعارض الذي سيتولى المشاركة بالتسوية، وصولاً إلى المشاركة في الحكومة الموحّدة، ويتمّ التفاهم تحت عنوان تطبيق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وفيه صيغة حكومة موحّدة ودستور جديد وانتخابات، وفيه تولّي السعودية رعاية تشكيل وفد موحّد للمعارضة لمحادثات جنيف مع الحكومة السورية.
في لبنان، لا زالت المناخات الإيجابية تحيط بالعلاقات الرئاسية في ظلّ التسوية الرئاسية المالية القائمة على ثلاثية السير بالموازنة مع تأجيل قطع الحساب، ومواصلة دفع الرواتب وفقاً لسلسلة الرتب والرواتب المقرّة قانوناً، وإقرار قوانين تعديل الضرائب. ونقل زوار رئيس المجلس النيابي عنه ارتياحه للتفاهمات، ونفيه ما يبدّل ثقته بالسير فيها، ووصفه الحديث عن مخاوف من مساعٍ لتمديد نيابي جديد بدخان بلا نار، وتأكيده أنّ مَن يقترح تقصير الولاية الممدّدة وتقديم موعد الانتخابات لن يقبل بتمديد يوم واحد. وهذا يعرفه الجميع.
الرؤساء لـ «الهيئات»: لا عودة عن إجراءات الحكومة
في حين بدأت المهل الدستورية والقانونية للانتخابات النيابية تداهم الحكومة والمجلس النيابي في ظل الخلاف السياسي حول آلية الاقتراع ومحاولات تيار المستقبل تأجيل موعد الانتخابات لثلاثة أشهر، بقيت الملفات الاقتصادية والمالية والمعيشية في صدارة الاهتمام المحلي، عشية الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاثنين المقبل لبحث وإقرار مشاريع القوانين المحالة من الحكومة الى البرلمان المتعلقة بقانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب.
وقد شهد قصر بعبدا والسراي الحكومي أمس، مروحة من اللقاءات الاقتصادية والاجتماعية للتشاور قبيل جلسة الاثنين حول موضوع الضرائب والسلسلة، وقد واصلت الهيئات الاقتصادية اتصالاتها ولقاءاتها مع المسؤولين في محاولة لإقناع المسؤولين في ربع الساعة الأخير التراجع عن إقرار قانون الضرائب بصيغته الحكومية المعدّلة، وبعد لقائها رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، حطّت في بعبدا أمس، وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمامها أن «لا عودة عن الإجراءات التي تضبط الواردات والنفقات ومتابعة مكافحة الفساد التي لها تأثيرها المباشر على الإصلاح المنشود»، وأبلغها أن «الدولة في صدد إنجاز خطة اقتصادية تعطي لقطاعات الإنتاج دوراً مهماً بعدما تمّ تغييب هذه القطاعات خلال الأعوام الماضية ما انعكس سلباً على الانتظام العام في البلاد».
وعرض وفد الهيئات على عون ملاحظاته على مشروع القانون الضرائبي الجديد، وأعلن رئيس اتحاد الغرف الاقتصادية اللبنانية محمد شقير بعد الاجتماع أن «اللقاء كان أكثر من ممتاز»، مشيراً الى «أننا تمكنّا من إحراز تقدم مع وزير المال حول مجمل نقاط البحث، وبقيت هناك نقطة عالقة تتعلق بالازدواج الضريبي. ووضعنا الأمر في عهدة رئيس الجمهورية وتمنينا على فخامته مراجعة هذا الموضوع وطالبناه بإلغائها في حال كانت موجودة. أما اذا تبين أنها غير موجودة فإننا كقطاعات مصرفية ومالية وتجارية سنقوم بدفعها بابتسامة».
وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «الهيئات الاقتصادية تحاول من خلال جولاتها على الرؤساء والمسؤولين بشتى الطرق عرقلة إقرار قانون الضرائب وإعادته الى دائرة النقاش وإجراء تعديلات عليه بإزالة الضريبة المصرفية، ومن جهة ثانية تطلب رفع الضريبة على القيمة المضافة لتأمين تمويل السلسلة». لكن المصادر أكدت بأن «كل من التقاهم وفد الهيئات من الرؤساء الثلاثة الى وزير المال رفضوا ذلك، وأشاروا الى أن لا تراجع عن الإجراءات القانونية التي أقرتها الحكومية، وأن قرار المجلس الدستوري لم يتحدث عن الازدواج الضريبي على المصارف، بل على المهن الحرة فقط»، مستغربة «حديث المصارف عن الازدواج الضريبي!».
وأكدت المصادر بأن «المجلس النيابي سيقرّ القانون المحال من الحكومة كما هو تطبيقاً للاتفاق السياسي الكامل الذي حصل في بعبدا مع مراعاة ملاحظات المجلس الدستوري»، وعن الأملاك البحرية أوضحت مصادر وزارة المال لـ «البناء» أن «الوزارة جزأت المادة التي تتحدّث عن الأملاك البحرية الى أقسام عدة واعتمدت معياراً موحداً وسحبت الذريعة الشكلية التي طالب بتعديلها المجلس الدستوري، حيث اعتبر أن المادة طويلة واستنسابية»، كما أوضحت بأن «الحكومات المتعاقبة لم تجرِ تسوية قانونية شاملة في ملف الأملاك البحرية، وبالتالي الدولة الآن تستوفي رسوماً من الأملاك البحرية وليست ضرائب».
الحريري لن يغامر بنسف «التسوية»
وقالت أوساط نيابية لـ «البناء» إن «المجلس النيابي تعرّض لضغوط كبيرة قبيل إقراره قانوني السلسلة والضرائب في تموز الماضي من قبل قطاع المصارف الذي يستمر في ممارسة ضغوطه الآن، لكنه لن ينجح بإجبار المجلس النيابي على الذهاب الى خيارات ترهق كاهل الشعب بضرائب جديدة». وكشفت المصادر أن «قطاع المصارف قدّم إغراءات عدة ومارس الضغوط والتهويل على رئيس الحكومة الذي لن يبدل قناعاته وموقفه من مسألة الضرائب، كما لن يتراجع عن دفع السلسلة بعد أن أصبحت قانوناً نافذاً ولن يغامر بنسف التسوية المالية التي تحققت في الحكومة».
ولفتت المصادر الى أن «قانون الضرائب المخصّص لتمويل السلسلة سيكون محور جلسة الاثنين»، وأشارت الى أن «الاتجاه الى أن يقرّ المجلس مشروع القانون المعجل المكرر، كما أحيل من الحكومة، لكن ذلك لا يمنع النقاش داخل المجلس وإضافة بعض تعديلات إذا كانت هناك حاجة لذلك، رغم أن البرلمان سيأخذ بملاحظات المجلس الدستوري».
وبري: أرفض ضرائب جديدة تطال المواطن
وأوضحت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» أن «مشروع قانون الضرائب لتمويل السلسلة هو الأهم بين مشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة الى المجلس، وأما المشروع الثاني المتعلّق بتأجيل تنفيذ قانون السلسلة في حال لم يتأمن التمويل، فهذا المشروع يصبح لزوم ما لا يلزم في حال أقرّ المجلس قانون الضرائب، وبالتالي تأمّنت استمرارية دفع السلسلة. كما أن المشروع الثالث المتعلّق بعقدة قطع الحساب تمّ تذليله بعد إضافة مادة على قانون الموازنة تجيز للمجلس إقرار الموازنة من دون قطع الحساب الذي وعدت وزارة المالية بإنجازه خلال ستة أشهر وضمّه إلى الموازنة في ما بعد».
وجزمت المصادر بـ «أن زيادة الضريبة على القيمة المضافة غير واردة عند الرئيس بري الذي يرفض أن يتحمل المواطن أي ضرائب جديدة، علماً بأن رئيس المجلس وافق على زيادة 1 في المئة لتمويل السلسلة فقط، كما سيرفض أي محاولة من بعض القوى السياسية في المجلس لطرح تقليص أو إلغاء الضرائب على المصارف، إلا إذا تمت إعادة النظر بالسلّة الضرائبية ووضع سياسة جديدة شاملة للوضع الاقتصادي والمالي. وهذا غير ممكن في الوقت الراهن».
وفي ما يتعلق بالموازنة، أشارت المصادر الى أن «المجلس سيُقرّ الموازنة منتصف الشهر المقبل وسيحدّد الرئيس بري جلسة مخصصة لمناقشة الموازنة بعد عودة الرئيس الحريري من السفر».
كنعان: 1004 مليارات وفر في الموازنة
وأشار رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في مؤتمر صحافي في المجلس النيابي، حول التقرير النهائي للجنة المال، الى أن «الوفر الذي توصّلنا اليه هو بقيمة 1004 مليارات ليرة، وهو حقيقي وليس وهمياً، ويصبح نهائياً بعد إقراره في الهيئة العامة، فهل نجرؤ على هذه الخطوة الإصلاحية؟».
وفي حين رأى أن الطعون «لن تؤدي الى نتيجة عملية تفيد الدولة والمواطن، بل على العكس ستسبب إرباكاً وتلحق ظلماً بالناس»، اشار الى ان «الحلّ العملي الذي يؤمّن الحقوق ويحافظ على مالية الدولة ويضبط الهدر والإنفاق هو بالعمل الرقابي البرلماني الجدّي على الموازنة». وجزم كنعان بعدم الموافقة «على حسابات مالية غير سليمة ومدقّقة ورفض التوقيع على أي تسوية مالية».
«العمالي» في السراي
وفي إطار جهوده لمواجهة محاولات فرض ضرائب جديدة على ذوي الدخل المحدود بحجة تمويل السلسلة، زار وفد من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الاسمر السراي الحكومي، عارضاً للمستجدات على خط السلسلة، حيث رفض «كل أشكال الضرائب التي تطال الفئات الفقيرة والمتوسطة»، مشيراً الى ان الرئيس الحريري أكد أن «الـ TVA لن ترتفع إلى 12 بالمئة». وأمل أن «ينتج الحوار مع الحكومة ومجلس النواب الأسبوع المقبل بداية حلحلة في مشروع قانون الضرائب لينجز وتدفع الرواتب حسب الجداول الجديدة».
أما رابطة معلّمي التعليم الأساسي الرسمي، فحذّرت من أي خطوة تؤدّي إلى تجميد مفاعيل القانون 46/2017، حيث ستتم مواجهة ذلك بشل كل مؤسسات الدولة وتعطيل مرافقها ومرافئها ووقف مداخيلها المالية.
وكان الحريري قد عقد اجتماعاً مالياً اقتصادياً حضره وزيرا المال علي حسن خليل والاقتصاد رائد خوري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خصص للتنسيق بين مختلف الإدارات والوزارات المعنية بالاجتماعات التي ستعقد مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في العاصمة الأميركية بين 11 و15 الحالي.
رئيس المجلس: أرفض التمديد ولو ليومٍ واحد
وفي ما حجب انشغال الحكومة والمجلس النيابي بموضوع السلسلة والضرائب الضوء عن الملف الانتخابي، نقل زوار الرئيس بري عنه لـ «البناء» «رفضه القاطع والحاسم لتأجيل الانتخابات النيابية المقبلة أو التمديد للمجلس الحالي ولو ليوم واحد، وأنه مصرّ على إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده الدستوري بمعزل عن اعتماد البطاقة الممغنطة أو الهوية البيومترية». وأشار بري بحسب الزوار الى أن «قانون الانتخاب واضح لا سيما المادة 95 منه الذي يجيز اعتماد الهوية العادية أو جواز السفر في عملية الاقتراع، وبالتالي التذرّع بإنجاز الهوية البيومترية لفرض تأجيل الانتخابات ليس مقنعاً ولن يمر».
التشكيلات القضائية إلى الحكومة
في سياق آخر، وقع وزير العدل سليم جريصاتي أمس، مشروع مرسوم المناقلات والتعيينات القضائية، كما ورد من مجلس القضاء الأعلى. وأحيل المرسوم الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي يعقد اليوم جلسة عادية في السراي على جدول أعمالها 63 بنداً يتصل معظمها بشؤون مالية وأذونات سفر، ومن بينها بند يتعلّق بتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لهيئة الإشراف على الانتخابات ومقرها وتجهيزاتها ومخصصات أعضائها وفريق عملها.
وأشار وزير العدل سليم جريصاتي في تصريح تلفزيوني أن «المعايير التي اعتمدت في التشكيلات القضائية هي الكفاءة والمداورة والمحاصصة السياسية بعيدة عن المناقلات التي أقرّت».
إبراهيم: انتقلنا من التصدّي للإرهاب إلى مكافحته
وفي الشأن الأمني، وبعد أن أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه في العاشر من محرّم بأن القاعدة العسكرية والأمنية للتنظيمات الإرهابية التي كانت تهدّد لبنان قد انتهت، أشار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى أن «لبنان انتقل الآن من موقع التصدّي للإرهاب الى مكافحته. فلم يعُد الاشتباك والتماس اليومي قائماً مع التنظيمين الإرهابيين. والمعركة الأمنية الآن صارت صراع عقول أكثر منها ميدانية وهي تستلزم آلية أكثر تطوّراً من ذي قبل، لأن ابتعاد الخطر لا يعني زواله على الإطلاق، خصوصاً أن حربنا هي مع تنظيمين عنيفين ولجوؤهما الى الانتقام يبقى أمراً قائماً متى تسنّت لهما أي ثغرة للنفاذ منها»، مشيراً الى ان «التهديدات الإرهابية يمكن أن تحصل في أي مكان في العالم، وهي تحصل».