منطقة خفض التوتر في إدلب… هل تشكل بداية نهاية الحرب؟
د. هدى رزق
الهدف من اتفاق أستانة الذي عقد مؤخراً في 15 أيلول/ سبتمبر بين تركيا وروسيا وإيران هو استكمال إنشاء منطقة خفض التوتر في إدلب، حيث سترسل كلّ واحدة من الدول الثلاث، بموافقة الدولة السورية، 500 جندي لمراقبة وقف إطلاق النار وتثبيته.
باتت «هيئة تحرير الشام» معزولة أمام الهجوم التركي البري، المدعوم بالطيران الروسي ضدّها، وذلك بعدما انقلبت عليها فصائل المعارضة السورية والسكان المحليون في محافظة إدلب.
وشهدت «هيئة تحرير الشام» انشقاق فصائل بارزة عنها أخيراً، وذلك بعد جهود تركية – روسية حثيثة لإقناع الفصائل المعتدلة فك الارتباط بها وعزلها، تمهيداً لعمل عسكري يؤدّي لطرد التنظيم المتشدّد من إدلب وضمّ المحافظة إلى مناطق خفض التوتر.
بدأت القوات التركية وفصائل «الجيش الحر» بالتمركز من أجل القتال، تماماً مثل عملية درع الفرات في عام 2016، لم يكن ممكناً لتركيا القيام بعملية عسكرية في سورية من دون الموافقة الروسية والتنسيق معها، فبعد أن يزيل «الجيش الحر» من إدلب الجزء الذي لا يزال تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» القاعدة فإنّ القوات التركية ستدخل إلى المدينة كمراقبة لوقف إطلاق النار.
هي المرة الثانية بعد فشل الانقلاب عام 2016 التي تنسّق فيها تركيا مع روسيا وبموجبه تمّ إعطاء الضوء الأخضر للانتقال إلى جرابلس مقابل طموحات تركيا في حلب.
لم توافق تركيا ومعظم مقاتلي «الجيش الحر» في الأشهر الماضية، على إسقاط أهدافهم ضدّ الرئيس الأسد لصالح القتال ضدّ تنظيم «القاعدة»، بعدما تيقّنت الولايات المتحدة أنّها عاجزة عن إسقاطه. وبعد تنامي مخاوفها من الفوضى وسيطرة التطرف، ساد الخلاف مع تركيا. فالبنتاغون أراد منها التنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الكردية، وليس قصفها، من أجل التخلص من داعش وتحرير الرقة وقسم من دير الزور، لكن تركيا رفضت تحت حجة أنها تقاتل حزب العمال الكردستاني، ووحدات الحماية الكردية هي جزء منه. وهي تخشى إقامة حكم ذاتي كردي. وبذلك رفضت التحالف مع أكراد سورية.
اشتكت الولايات المتحدة في ما بعد من تزايد نشاط القاعدة في إدلب واتهمت تركيا بتغطية هؤلاء المسلحين، لكن تركيا اتفقت مع روسيا وإيران في إطار أستانة على الدخول في معركة إدلب. تقوم تركيا بما كانت الولايات المتحدة ترغب في أن تفعله منذ بضعة أشهر، اتفقت مع «الجيش الحر» لمحاربة تنظيم القاعدة وداعش ما يعني إسقاط المعركة ضدّ الرئيس الأسد من الأولوية، وهو مؤشر الى عودة العلاقات غير المعلنة مع الحكومة السورية.
يعتبر أردوغان أنّ العملية في إدلب، تماماً مثل عملية درع الفرات، هي جزء من استراتيجية أنقرة للقضاء على التهديدات الأمنية من مصدرها. وهدفه هو إحياء عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة التي تهدف الى إيجاد حلّ سياسي للحرب السورية التى طال أمدها. أولى أهدافها إنشاء حكومة انتقالية تتولى مهمة إعادة صياغة الدستور وإجراء الانتخابات.
ولكن لدى الدولة السورية خطط من خلال ضمان خفض التصعيد في إدلب، فروسيا والقوى الحليفة لها تريد تأمين وقف إطلاق النار هناك حتى تتمكّن من السيطرة على دير الزور بالكامل. وهذا هدف مباشر. فالقوات السورية والحليفة لها تحوّلت من جبهة إدلب وهي تتقدّم في صحراء دير الزور، وفي البادية. تريد روسيا أن تفعل الشيء نفسه في دير الزور. وتقوم قوات النظام بالتركيز على دير الزور والفوز بها قبل أن تفعل «قوات سورية الديمقراطية».. تتشابك القوى المختلفة في دير الزور، هناك خطط للنظام والقوات الحليفة له التي تتلقى الدعم الجوي من روسيا، كذلك «قوات سورية الديمقراطية» التي تتلقى الدعم من التحالف.
تحاول روسيا ودول التحالف تجنّب الصراع… لكن السباق يبقى محموماً.