هل تنجح مناورة اردوغان لتسويق الدور البرّي الغائب في «تحالف واشنطن»؟
تعدّدت مواضيع اهتمامات مراكز الأبحاث بدءاً من الغارات الأميركية على مواقع «داعش» في سورية والعراق، إلى فيروس «إيبولا» الذي انتقل الى داخل الأراضي الأميركية للمرة الأولى.
سيستعرض قسم التحليل ماهية «التحالف» الذي اعلن عنه الرئيس أوباما لمواجهة «داعش»، مع الإشارة إلى غموض الأهداف السياسية التي يرمي «التحالف» تحقيقها فضلاً عن تباين أهداف بعض أطراف التحالف، لا سيما تركيا، مما سيترك بصماته على اللحمة والتناسق بين أطراف التحالف والمساهمة في انفراط عقده.
نتنياهو في البيت الابيض
استبق معهد المشروع الأميركي عقد اللقاء بين أوباما وبنيامين نتنياهو، معربا عن رأيه بأنّ الاجتماع «لن يتمخض عن إنجاز كبير… نظراً إلى الخلافات الرئيسة المستمرة بينهما حول قضايا كبرى.»
اعتبر معهد بروكينغز «انّ الأولويات الأميركية الراهنة لا تشمل «الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي… اذ انه لم يعد مسألة استراتيجية مركزية في الشرق الاوسط». وأوضح «أنّ التهديدات الماثلة أمام الأمن القومي الأميركي اليوم هي بروز الدولة الإسلامية، وتطوّر البرنامج النووي الإيراني، وبسط النفوذ الإيراني في عموم المنطقة… وهي قضايا شبه منقطعة تماماً عن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.» وأعرب عن رأيه انه لو تمّ التوصل إلى «توقيع اتفاقية سلام فستبقى الأمور كما هي عليه راهناً، وكذلك الأمر لمعظم التحديات المترتبة…»
الغارات الجوية في العراق وسورية
أشار معهد هدسون الى «تنامي الانقسام بين الرئيس اوباما ومستشاريه العسكريين، حول آلية الحرب ضدّ الدولة الاسلامية»، مطالباً «كبار الضباط العسكريين بضرورة الانصياع وتنفيذ قرار القائد الاعلى للقوات المسلحة… وإلا فهم ويملكون خيار تقديم الاستقالة» بغية التركيز على عمق خطورة التهديد القادم من الدولة الاسلامية». ومضى بالقول «إنّ داعش او معاونيها من العناصر سيشنّون هجوماً على الولايات المتحدة يوازي على الأرجح أو يتفوّق على نجاح هجمات القاعدة في 11 أيلول 2001 .» واوضح «أنّ من شأن تقديم أحد الضباط الكبار استقالته برفقة تبرير واضح ومنصف، إثارة جدل مطلوب حول الاستراتيجية الاميركية لإنجاز هدف الرئيس أوباما في تقويض… وفي نهاية الأمر تدمير الدولة الاسلامية.»
حذّر معهد كارنيغي من المخاطر التي تواجه «إنشاء حرس وطني عراقي جديد… اذ ينطوي عليه إنجاز عدد من المبادرات الداخلية والدولية على السواء، أحدها إقدام الحكومة المركزية على توفير ضمانات حقيقية للطائفة السنية بأنّ مشاركتها في القرار السياسي ثابتة… ويتعيّن عليها تقديم التزامها بالدولة العراقية ونبذ الدولة الإسلامية وحلفائها عبر الانخراط في بنية الحرس الوطني.» واضاف «انّ للولايات المتحدة دوراً ينبغي ان تقوم به في الإشراف على جهود تدريب الحرس وكبح التداعيات الطردية للقوة.»
قطر
صوّب معهد كارنيغي سهام انتقاداته نحو قطر نظراً إلى «تدخلاتها في دول الربيع العربي مما أسهم في تقويض سمعتها بالحياد الى حدّ كبير… وادى إلى تآكل مخزون ما تملكه من القوة الناعمة، التي راكمتها قبل عام 2011». واستدرك بالقول «إنّ الخروج من ذلك الوضع قد يستغرق فترة زمنية طويلة تقاس بعدد من السنين… بيد أنّ المسار واضح امام المسؤولين القطريّين للبدء في خطوات ترميم السمعة كوسيط باستطاعته جسر الهوة بين الأطراف.» وحث المعهد الولايات المتحدة على «العمل مع قطر لتوفير خيار قنوات خلفية للاتصال بالأطراف المعنية».
ليبيا
حث معهد كارنيغي الحكومة الليبية على بذل الجهود للخروج من المأزق «بدءاً بإجراء تقييم دقيق لطبيعة التحدي الأمني الذي تواجهه ليبيا… ويكمن في طبيعة الاستقلالية الذاتية للمجموعات المسلحة الثورية مقابل ضعف القوات المسلحة واجهزة الشرطة.» وشدّد على «أنّ معضلة الميليشيات هي سياسية بالدرجة الاولى… ينطوي الإقرار بانها تمثل فريقاً معيّناً من الشعب وأضحت راسخة بقوة في أجهزة الدولة.»
إيران
حذر معهد مشروع السياسة الخارجية صناع القرار في الولايات المتحدة من الإبقاء على مسار «التقارب الخطير من موقف طهران… التي ترفض الإقرار بالتزاماتها الدولية.» وأضاف «انّ انتهاج ما يُسمّى حلولاً إبداعية… من شأنها عدم المساس ببرنامج الأسلحة النووية لطهران.» وأعاد الى الأذهان المذكرة التي قدمها 31 ممثل جمهوري في مجلس الشيوخ لوزير الخارجية يحذرون فيها من التنازلات النووية المقلقة المقدمة لإيران… اذ انّ ايّ تخفيض في وتيرة العقوبات سيوفر الفرصة لإيران إنتاج مواد نووية متفجرة».
تقاطع الأهداف في الحرب على «داعش»
في زمن اشتعال الحروب تعيد القوى والدول المختلفة اصطفافاتها وتتقاطع تحالفاتها مرحلياً، وتتضافر جهودها أمام عدو مشترك، كما شهدت الحرب العالمية الثانية بتحالف نظم سياسية واقتصادية متناقضة، الاتحاد السوفياتي وبريطانيا والولايات المتحدة. مرحلة التنسيق وتوحيد الجهود آنئذ غابت تماماً عن اللوحة الراهنة في محاربة «داعش» وتجلياتها في الاقليم.
بيد انّ التحالف وتقاطع المصالح ليست ظاهرة ثابتة ومرشحة الى التبدّل والتغيير والتعارض والتناقض في مرحلة أخرى. القاسم المشترك الجامع «لتحالف واشنطن» هو الرغبة لدى البعض لوقف اندفاعة وتحجيم «داعش» وليس القضاء عليه، كما يزعم الخطاب السياسي الأميركي، في سورية بؤرة الصراع الراهن. أما الأداة الأوفر حظاً للقيام بتلك المهمة فيبدو أنها أوكلت إلى تركيا، عضو حلف «الناتو» النشط المفرط بحماس التدخل، والتي أخرجت الصيغة المطلوبة من دون عناء عبر برلمانها الذي يسيطر عليه حزب أردوغان «العدالة والتنمية.»
تقدم «داعش» بسرعة لافتة للانتباه في شمالي سورية، ووصل بقرب الحدود التركية الى مسافة لا تتعدى 5 كلم، عند مدينة عين العرب كوباني. تركيا مثلت الحاضنة والداعمة للعناصر المسلحة بكافة أطيافها وتلاوينها بغية تقويض وإسقاط الدولة والكيان السوري. وقد أوضحت صحيفة «واشنطن بوست» أخيراً أبعاد القرار التركي اذ «أبلغ نائب رئيس الوزراء بولنت آرينك الصحافيين انّ الاقتراح الحكومي المقدم للبرلمان سيتضمّن مروحة واسعة من الخيارات، بما فيها فتح القواعد التركية امام الجيوش الأجنبية والقوات التي في طريقها للانتشار وإقامة ملاذات آمنة لللاجئين داخل الأراضي السورية. ترغب الحكومة التركية في نتيجة تصويت واسعة لتفادي اللجوء مرة أخرى للحصول على تفويض برلماني للعمل العسكري».
لتركيا حسابات إضافية تميّزها عن الدول المنضوية في «تحالف واشنطن»، لا سيما وعينها على «إحباط» عرى الترابط الوثيق بين أكراد تركيا والأكراد في سورية، في الدفاع عن مدينة عين العرب المهدّدة بالسقوط بأيدي «داعش». ضرب «داعش» حصاراً على المدينة أدّى إلى فرار ما لا يقلّ عن 160،000 من سكانها باتجاه الأراضي التركية القريبة، أرفقه بإطلاق بعض القذائف التي سقطت داخل الأراضي التركية. استثمرت تركيا اللحظة وحشدت بعض قواتها المقاتلة بكامل تجهيزاتها العسكرية لإفشال تبلور وحدة ميدانية بين القوى الكردية بالدرجة الإولى، وإدراكها انّ «داعش» لا يضمر نوايا بالاستيلاء على اراض تركية.
دأبت تركيا وبثبات على «المطالبة بإنشاء منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية» الحدودية للنيل من السيادة السورية، وإتاحة الفرصة لمخططاتها بقضم أراض عربية جديدة، لا سيما أنّ قوى المعارضة السورية المسلّحة مدينة لها بالكامل. يُذكر أنّ الهدف المذكور أيضاً نادت به الولايات المتحدة طويلاً على امتداد الأزمة، وبرز بقوة عام 2013 على خلفية أزمة الأسلحة الكيميائية السورية وتوثب أميركا لشنّ عدوان مباشر على الأراضي السورية قبل إحباطه ببراعة من أصحاب الشأن.
في المستجدات الأخيرة، وبالنظر الى تواضع عدد القطعات البحرية الأميركية المتوفرة في المنطقة، أضحى إنشاء تلك المنطقة أمراً مستبعداً مقارنة بما كان عليه الوضع العام الماضي وارتفاع سعير العدوان على سورية. حرصت الولايات المتحدة على تفادي الاشتباك مع القوات العربية السورية مسخّرة عدداً من الأطراف تحمل رسائل لطمأنة دمشق بأنها لن تنقضّ عليها… وعلى الأخيرة العمل بالمثل. ووصفت عمل شبكات أجهزة الرادار السورية بانها «ساكنة» خلال طلعات الإغارة، بيد أنها لا تبدي تعاوناً معها، وبالتالي لوحظ غياب المسألة من التداول الإعلامي اليومي ولم تسجل اي شكوى من الطرفين.
المنطقة العازلة والردّ السوري
فرض منطقة حظر جوي سيواجه بتحرك عدد من الأطراف على الصعيد الدولي والديبلوماسي، ويقين البعض بأنّ سورية سترسل احتجاجاً لدى الامم المتحدة بدعم من روسيا والصين وايران ودول البريكس الاخرى، مما سيعرّض الخطوة الأميركية الى مزيد من العزلة على الأقلّ.
الخيار المتاح أمام الولايات المتحدة في هذا الشأن هو طمأنة تركيا بأنّ سورية لن تتعرّض لقواتها في محاربة «داعش»، والأفضل مواجهتها هناك بعيداً عن الاراضي التركية. تعي تركيا وتخشى بأس سلاح الجو والدفاعات الجوية السورية، لا سيما بعد إسقاطه إحدى طائراتها المقاتلة في عرض البحر قبالة الشواطئ السورية، في 22 حزيران 2012 واي مواجهة غير محسوبة بدقة ستأتي بنتائج عكسية لأهدافها في تقويض وإسقاط الدولة السورية. وتدرك أيضاً انّ تحركها في تلك المنطقة الحدودية، إنْ تمّ، سيصطدم بالوجود الكردي على جانبي الحدود، والذي من شأنه تعزيز مكانة القوة الكردية المسلحة، ليس أقلها غريمها الأساس حزب العمال الكردستاني الذي حذر رئيسه المعتقل لديها، عبد الله أوجلان، الحكومة التركية من مغبة التدخل العسكري بحجة محاربة «داعش».
عند هذا المنعطف، تتباعد الأهداف الأميركية والتركية. اذ شنت الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضدّ «داعش» دعماً للقوى الكردية في العراق بالدرجة الأولى والتي لها المصلحة الأكبر في إبطاء تقدّم «داعش». توضح بيانات وزارة الدفاع الأميركية أنّ ما يربو على نصف مجموع الغارات الجوية، الأميركية والبريطانية، كانت لدعم القوات الكردية ومكّنتها من اتخاذ زمام المبادرة وشنّ هجمات لاستعادة عدد من البلدات العراقية بعد سقوطها في أيدي «داعش».
تتمحور الاستراتيجية الاميركية الراهنة حول استدراج اكبر عدد من مقاتلي «داعش» من الاراضي العراقية باتجاه الأراضي السورية وإبعادها عن «تهديد اربيل،» وحصر نشاطها ما أمكن داخل سورية. في هذا الصدد، نقلت شبكة «فوكس نيوز» عن مصادر خاصة بها داخل وكالة الاستخبارات المركزية تفيد بأنّ ضباطها يتردّدون بالمغامرة في إرسال عناصر استخباراتية أميركية إلى داخل الأراضي السورية خشية مفاقمة الأوضاع بما فيها تعرّضهم للاعتقال.
اما «حلفاء» اميركا من دول الخليج العربي فقد بدأوا يستشعرون خطورة «داعش» على أمنهم، خاصة في الجزيرة العربية والأردن، وقلقون ايضاً من ان تؤتي الغارات الجوية أكلها وتسهم في إضعاف «داعش» في الاراضي العراقية لخشيتهم من تعزيز دور إيران وحلفائها في المنطقة. وعليه أبدوا حماسة منقطعة النظير لشنّ غارات جوية وأخرى ميدانية داخل الأراضي السورية طمعاً في تحقيق مطالبهم بتقويض الدولة السورية.
أميركا غارقة في التردّد
تعاني الولايات المتحدة من غياب الإجماع الشعبي والسياسي حول سياسة الانخراط مجدداً في حرب مفتوحة ليس لها افق «تستمرّ لعدة سنوات.» فقواعد الحزب الديمقراطي المناهضة للحرب أسمعت صوتها لأوباما وقادة الحزب بانّ أقصى ما يمكنها التأقلم معه هو ضربات عسكرية ضدّ «داعش» من دون التفكير بنشر اي قوات برية سواء في العراق او سورية. وتفاقمت الأزمة الداخلية عقب إقدام شخص اعتنق الإسلام جز عنق زميلته في العمل في ولاية أوكلاهوما الاسبوع الماضي على نسق أسلوب «داعش».
من الثابت انّ تطوّرات الشرق الاوسط بكلّ تجلياتها وتنوّعاتها ستسهم في نتائج جولة الانتخابات النصفية المقبلة، وما يراه البعض تراجع قدرة الحزب الديمقراطي الاحتفاظ بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ. في هذا السياق، اتهم الحزب الجمهوري عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، كاي هاغان، بالتغيّب عن نحو نصف عدد الجلسات التي عقدتها اللجنة فضلاً عن سكوتها المطبق حول سياسات الرئيس اوباما السابقة حول الإرهاب، «… وأخفقت في رؤية وتلمّس تنامي شبح الدولة الاسلامية.» إذن هي بداية السباق والمزايدة الانتخابية.
وكذلك الأمر في شيطنة النواب عن الحزب الديمقراطي في ولاية نيو هامبشير، مثلاً، إذ اتهم خصم النائبة جين شاهين والرئيس أوباما سوية «بالذهول والحيرة» حيال خطر «الدولة الاسلامية» على الأراضي الاميركية. الخطاب السياسي للرئيس اوباما الموجه إلى العامة لم يحقق مراميه، اذ ينظر اليه جزء كبير من الناخبين بأنّ ردّه يتسم بالضعف، وعند بدئه الغارات الجوية اعتبرها معظم المعنيين من الخبراء بأنّ فعاليتها محدودة.
امام هذا التناقض لجأ أوباما إلى القاء اللوم على الأجهزة الاستخبارية بتقصيرها في لفت انتباهه مبكراً، مما استدعى ردود أفعال غاضبة فورية واتهامه «بعدم الاكتراث للتقارير الاستخبارية المقدمة للبيت الابيض،» واضطرت للكشف عن بعضها، لعام 2012، من دون تعريض تصنيف السرية للخطر.
استدراك التداعيات
استدرك اوباما التداعيات المحتملة سريعاً وأعلن عن إرساله نحو 2000 عنصر من قوات سلاح مشاة البحرية، المارينز، الى الكويت كمحطة انطلاق لنشاطاتها المختلفة في عموم المنطقة، يعززها تجهيزات عسكرية خاصة بها تشمل طائرات النقل الضخمة من طراز سي- 130 وطائرات عمودية هجومية.
من بين المهام الأساسية الموكلة لتلك القوة إنجاز عملية إجلاء الرعايا الأميركيين من بغداد ان استمرّ «داعش» في اندفاعه بالقرب من بغداد، لا سيما انها تضمّ الفوج الثامن في سلاح المارينز الذي أنجز إجلاء ما ينوف عن 150 فرد من الرعايا الأميركيين بطرابلس في حزيران الماضي، ونقلهم براً إلى تونس في رحلة استغرقت نحو 6 ساعات على متن 40 سيارة ذات دفع رباعي، برفقة طائرات مقاتلة: اف-16، ام في-22 ب اوسبري، وناقلة نفط من طراز كيه سي-130 ج. يذكر ان السفيرة الاميركية دبوره جونز احجمت عن استخدام الطائرات العمودية من طراز ام في-22 في عملية الإجلاء بدافع الخطورة.
تعوّل الاستراتيجية الاميركية على تلك القوة من المارينز، والتي سيتمّ رفدها بمزيد من القوات والتجهيزات تباعاً، للدفاع عن دول الخليج ان تعرّضت لتهديد «داعش». اتخاذ الكويت مقراً لها أتى بدافع ضمان عدم وقوع حقول النفط في الجزيرة العربية بأيدي «داعش»، ولطمأنة الدول الخليجية القلقة من تنامي النفوذ الإيراني.
يجمع أطراف «حلف واشنطن» على ضرورة التصدي لـ»داعش» وتتباين المواقف في العداء والقضاء عليه. فالدول الخليجية كانت دوماً جاهزة لتمويل مغامرات واشنطن وترمي لتوظيف التنظيم او مشتقاته وتفرّعاته لإنجاز هدفها المركزي في تقويض الدولة السورية، وهو الهدف الأوحد الذي يحقق إجماع كافة أطراف الحلف.
بعض الدول الاوروبية المشاركة، الدنمارك وفرنسا وبلجيكا وهولندا، توفر مساندة ودعم للقوات الاميركية فوق أجواء العراق حصراً، في تباين واضح مع دول الخليج المشاركة والاردن ايضاً. دخول تركيا المتأخر وانضمامها إلى الحلف يفاقم حالة الانقسام بين الاطراف المتعددة. نواة تحرك تركيا وهاجسها هو التصدي والحدّ من تطلعات الاكراد وتحجيم «داعش» وإدامة دوره في خاصرة سورية للحيلولة دون نهوضها وإبقائها ممزقة وضعيفة. تركيا ايضاً تطمح للعب دور إقليمي بارز الأمر الذي يتباين مع تطلعات آل سعود للعب الدور الاكبر.
من نافل القول انّ الرئيس أوباما يدرك تمايز خطابه السياسي عن سياساته العملية، وهو الذي فاز في الانتخابات لمعارضته شن الحروب والتزامه بإنهاء حربي أفغانستان والعراق، وما لبث ان وجد نفسه امام غالبية غاضبة من الشعب الاميركي لانزلاق الاوضاع في المنطقة الى مديات خطيرة فضلاً عن معارضة قواعده الانتخابية بشدة لمغامرات عسكرية جديدة في العراق وسورية. من شأن ايّ زلة سياسية من قبله ان تطيح بسيطرة حزبه الديمقراطي على مجلس الشيوخ، وما سيترتب عليه من تجميد لاي مبادرة او إجراء قد يتخذه بعد موسم الانتخابات في تشرين الثاني المقبل.
في ما يخصّ «داعش» فإنّ التحالف الذي أنجزته واشنطن بالتهديد والترغيب لا يستند إلى أسس متينة وعلاقات أطرافه هلامية باستثناء الحلفاء الاوروبيين والاستراليين التقليديين. ويبقى عرضة للانهيار جراء التطورات المتسارعة.