حزب الله في سورية… حسابات الغرب بين الحقل والبيدر!
مع تقدّم العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش السوري والحليف الروسي وحزب الله والمقاومة في سورية ضدّ الإرهاب المتمثل بعشرات التنظيمات التي فرّختها أميركا. ومع انفضاح أمر ما يسمّى «التحالف الدولي للقضاء على داعش»، الذي تقوده واشنطن. يبدو أنّ حسابات هذه الأخيرة تتنقل بين «الحقل والبيدر». فتارةً تتدخّل عسكرياً لمنع أيّ تقدّم ملحوظ للجيش السوري والمقاومة، وطوراً تلجأ إلى الإعلام، لتُظهر أنّ حزب الله أو إيران، أو روسيا، لا يريدون سوى الشرّ للسوريين، ولا يريدون سوى تنفيذ مآربهم.
في هذا السياق، ادّعى موقع «مونيتور» الأميركي أنّه كشف تقريراً عسكرياً حول النشاط العسكري لحزب الله في سورية، واستند التقرير إلى معلومات ومصادر صحافية أشارت إلى أن هناك تنافساً كبيراً يجري على الأرض السورية بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، والتحالف الدولي وحلفائه من جهة أخرى.
وأفاد تقرير الموقع أنّ حزب الله يلعب اليوم دوراً بارزاً ومهماً في سورية، لا سيما في منطقة البادية السورية الاستراتيجية التي يسيطر عليها ويؤمّن الطريق التي تربط سورية بالعراق.
إلى ذلك، استطلع موقع «غيوبوليتيكا» الروسي الهدف الفعلي الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه في الشرق الأوسط، وما هو مقدار الضرر والتخريب الذي تلحقه هذه التصرفات الأميركية بالنشاط الروسي في سورية. وركّز الموقع على تحركّات القوات الأميركية في ما يتعلّق بمحافظتي الرقّة دير الزور.
فيما تناول سيرغي ستروكان في صحيفة «كومرسانت» الروسية، استراتيجية ترامب الجديدة حيال إيران، مشيراً إلى أنها قد تصبح فرصة للتقارب بين موسكو وبين الاتحاد الأوروبي.
أما الكاتب زاكاري كيك، فعرض في مقال نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأميركية، أربعة سيناريوات يمكن لإيران أن ترد بها على تخلّي الولايات المتحدة الأميركية عن الاتفاق النووي الذي عقدته طهران مع مجموعة الدول الخمس زائد واحد، التي تضمّ إلى جانب أميركا دول: ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، في عام 2015.
وفي ما يلي، جولة على أهمّ التقارير التي نشرتها الصحف والمواقع الروسية والغربية أمس.
«مونيتور»
ادّعى موقع «مونيتور» الأميركي أنّه كشف تقريراً عسكرياً حول النشاط العسكري لحزب الله اللبناني في سورية، واستند التقرير إلى معلومات ومصادر صحافية أشارت إلى أن هناك تنافساً كبيراً يجري على الأرض السورية بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، والتحالف الدولي وحلفائه من جهة أخرى.
وأفاد تقرير الموقع أنّ حزب الله اللبناني يلعب اليوم دوراً بارزاً ومهماً في سورية، لا سيما في منطقة البادية السورية الاستراتيجية التي يسيطر عليها ويؤمّن الطريق التي تربط سورية بالعراق.
ووفق التقرير، يساهم حزب الله بتأمين الحدود من الجهة السورية، في المقابل تقوم حركة «النجباء» العراقية بتأمين الحدود من الجهة العراقية، هذا الأمر يشكل ترابطاً استراتيجياً مهماً لإيران وسورية والعراق، لذلك يسعى الجيش السوري وحزب الله اليوم إلى السيطرة على البوكمال والميادين لأنهما تعتبران منطقتين بارزتين لربط الحلف السوري ـ الإيراني في المنطقة.
وكشفت مصادر عسكرية للتقرير أن حوالى 8000 عنصر من حزب الله يشاركون في القتال في شرق سورية، وتمكّنوا من استعادة أكثر من 70 من الأراضي بمساندة جوية روسية.
وفي المقابل، يحاول التحالف الدولي عبر حلفائه، أي «قوات سورية الديمقراطية» تثبيت سيطرتها على بعض المناطق الاستراتيجية في شرق سورية، وكشفت المصادر العسكرية أنّ حزب الله اللبناني لن يدخل في مواجهات مباشرة مع «قسد» في سورية.
وكشف التقرير أن هناك غرفة مشتركة تدير العمليات في دير الزور بين روسيا والجيش السوري وحزب الله، وتسند عمليات الهجوم معظمها إلى حزب الله ومن بعدها تقوم قوات من الجيش السوري بتتبع الحزب لتثبيت السيطرة والأمن في المناطق المحرّرة من تنظيم «داعش» الإرهابي.
غيوبوليتيكا
استطلع موقع «غيوبوليتيكا» الروسي الهدف الفعلي الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه في الشرق الأوسط، وما هو مقدار الضرر والتخريب الذي تلحقه هذه التصرفات الأميركية بالنشاط الروسي في سورية. وركّز الموقع على تحركّات القوات الأميركية في ما يتعلّق بمحافظتي الرقّة دير الزور.
وفي هذا الإطار قال البروفسور المختصّ في العلوم السياسية، والخبير البارز في «مركز الدراسات العسكرية السياسية» التابع لـ«معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية»، ميخائيل ألكسندروف أن ادعاء الولايات المتحدة بأنها لم تشارك في المحادثات حول تأمين ممر آمن للإرهابيين من الرقّة يتنافى قطعاً مع الواقع. فقد أشرف على هذه المحادثات وكلاء يمثّلون الجانب الأميركي ممّا يسمّى بـ«قوات سورية الديمقراطية». ويجب علينا أن نفهم أن هذه القوات وتنظيم «داعش» من حيث الجوهر هما شيء واحد. ويشكّلان امتداداً متداخلاً بعضهما مع بعض. بمعنى آخر، إن بنية «قوات سورية الديمقراطية» هي معبر الترانزيت إلى الإرهاب تحت عنوان «داعش» والعودة، لغسل تهمة الإرهاب.
في الواقع الفعلي، فإن التشكيلات الإرهابية الرئيسة كافّة، أنشأتها الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية الخاصة بها في الشرق الأوسط، بما يتضمّن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. بيد أن مهمة الولايات المتحدة التكتيكية في الوقت الراهن هي تعقيد سير العملية العسكرية الروسية في سورية.
وفقاً للمنطق الأميركي، فلا فائدة من بقاء الإرهابيين في الرقّة على رغم أن لا أحد يرغمهم على الخروج من هناك. لذا من الأفضل الاستفادة منهم في عمل ما بحسب المنطق الأميركي. وللملاحظة، هكذا تطورت الأحداث في مدينة الموصل عندما لم يرغم أحد المسلحين الذين كانوا محاصرين في الموصل على الخروج، وسمحوا لهم بالمغادرة بهدوء وأمان إلى سورية، وبالتالي لمهاجمة الجيش السوري والوحدات الروسية على الفور.
ويؤكّد ألكسندروف أن الولايات المتحدة تعتزم زجّ جزء من إرهابيي الرقّة في دير الزور لدعم من تبقى من إرهابيي «داعش» هناك. أما الجزء الآخر، وبما أن نهاية الحرب في سورية الأكيدة أصبحت وشيكة لـ«داعش»، فسوف يرسل إلى أفغانستان، حيث يجري في الوقت الراهن إنشاء جيش أممي من الإرهابيين، لتوجيه ضربات من هناك ضد إيران، الصين وروسيا، هذا بالتوازي مع مواصلة الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال ووسط إفريقيا. بل وليس من المستبعد أن تعمل الولايات المتحدة على شنّ عملية عسكرية ضدّ إيران يشارك فيها مسلحو «داعش» من أفغانستان وباكستان من جهة والكرد من جهة أخرى.
أما ستانيسلاف تاراسوف، مدير «مركز دراسات الشرق الأوس القوقاز» التابع لـ«المعهد دولي للدول الحديثة» فيقول في هذا الصدد أنّ الولايات المتحدة تعمل على إجلاء فصائل تلك القيادات الإرهابية من الرقّة، الموقنة من موالاتها لها. وهؤلاء، إما أنهم سوف يُستخدمون في دير الزور أو يتحولون إلى حرب العصابات.
هذا التكتيك الأميركي يعرقل عملنا في سورية بشدة بالغة، ولكننا تعودنا على هذه السياسة الأميركية، وبالتالي يجب علينا عدم القيام بخطوات حادّة، ويكفينا في الظرف الراهن، منعهم الدخول إلى مناطق وقف التصعيد، وإنشاء ممرّات فيما بينها، وهذا يضمن تدمير الجزء الأعظم من هذا التنظيم الإرهابي.
إيزفستيا
تناول إيليا كرامنيك في صحيفة «إيزفستيا» الروسية ما تناقلته وسائل الإعلام عن عمل الولايات المتحدة على إنتاج منظومات لتوجيه ضربات فورية شاملة لحل مسألة الردع غير النووي.
كتب كرامنيك: أعلن ممثل وزارة الدفاع الروسية آلكسندر يميليانوف يوم 12 تشرين الأول الحالي، خلال إيجاز صحافي عقده بمشاركة الجانب الصيني في الأمم المتحدة، أن الولايات المتحدة تعمل على إنتاج منظومة مستقبلية لتوجيه ضربة فورية شاملة كوسيلة للردع غير النووي.
وإن مهمة منظومة «Prompt Global Strike» الضربة الفورية الشاملة ، التي تعمل الولايات المتحدة على إنتاجها منذ مطلع القرن الحالي، هي توجيه ضربة سريعة ودقيقة إلى أي منطقة في العالم عند حدوث نزاع أو نشوء أي حالات طارئة. على أن تزود بها قوات الانتشار السريع الأميركية، والقوات الجوية الاستكشافية وقوات الردّ السريع بهذه المنظومات مستقبلاً، ما يضمن توجيه ضربة غير نووية إلى أي منطقة في العالم.
وتختبر الولايات المتحدة حاليا عددا من النماذج التكنولوجية، التي ينسبها الخبراء إلى هذه المنظومة، ومنها الصاروخ «Waverider-X-51» فارط السرعة، من إنتاج شركة بوينغ. والمركبة الفضائية المكوكية «X-37B» هي من إنتاج بوينغ أيضاً، وهي سلف للمركبة الفضائية المستقبلية الاستكشافية الضاربة، ووحدات قتالية محتملة لصواريخ بالستية، تطلق من منصات برية أو بحرية وغيرها.
كما يشير العسكريون الروس إلى احتمال نشر وحدات ضاربة لمنظومات الدرع الصاروخية، التي تم نشرها حالياً في اوروبا الشرقية. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تملك حتى الآن صواريخ فارطة السرعة يمكن إطلاقها من منصات الإطلاق «MK-41»، التي تطلق منها الصواريخ المجنحة بعيدة المدى، التي تقل سرعتها عن سرعة الصوت، ولا يمكن اعتبارها جزءاً من منظومة «الضربة الفورية الشاملة». بيد أن هذا لا يعني استحالة استخدامها في مهاجمة الأهداف الاستراتيجية في روسيا.
والهدف الرسمي المعلن لهذه المنظومة هو ضرب المواقع الإرهابية، التي تظهر فجأة و«الدول المارقة»، التي تهدد أمن الولايات المتحدة. ومع ذلك يشير الخبراء إلى أن الأسلحة غير النووية فائقة الدقة ومنظومات الردع قادرة، في حال خفض القوات النووية، على تقويض التوازن الاستراتيجي الأميركي ـ الروسي، والسماح بتوجيه ضربة تدميرية من دون ردّ.
وانطلاقاً من مبدأ تقويم المخاطر الحربية وهو أن المهم القدرات لا النيّات، فإن هذه المنظومة قادرة على تقويض التوازن الاستراتيجي وتحفيز من يمتلكها على محاولة تسوية هذه أو تلك من الخلافات مع الدول النووية باستخدام القوة.
والرد على هذه المنظومة من جانب روسيا، يمكن تقسيمه إلى مجموعة فئات ـ وهي تطوير القوات النووية، بما فيها إنتاج منظومات جديدة للقذائف، وتطوير الوحدات القتالية الموجهة بما فيها القادرة على التحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت، وإنشاء منظومات جديدة متقدمة للدفاع الجوي لتكون قادرة على إنشاء مناطق محمية في جنوب المحيط الهادئ بما فيها مواقع الصواريخ الاستراتيجية والقوات النووية الاستراتيجية.
وإضافة إلى كل هذا، قد تؤدي الحالة الراهنة إلى انهيار جميع المعاهدات والاتفاقات المتعلقة بالأسلحة الهجومية الاستراتيجية، لأن مراعاتها في ظروف التهديد بنزع السلاح بضربة مباشرة يتعارض والمصالح الوطنية لروسيا.
كومرسانت
تناول سيرغي ستروكان في صحيفة «كومرسانت» الروسية، استراتيجية ترامب الجديدة حيال إيران، مشيراً إلى أنها قد تصبح فرصة للتقارب بين موسكو وبين الاتحاد الأوروبي.
كتب سيرغي ستروكان: استراتيجية ترامب الجديدة في التعامل مع إيران، قسّمت المجتمع الدولي بين مؤيدين ومعارضين لهذه الهجمة السياسية العامة على طهران.
وفي الوقت، الذي يواصل فيه الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة مع روسيا بذل الجهود للحفاظ على الصفقة النووية لعام 2015، حظي موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب بدعم كل من «إسرائيل» والمملكة السعودية ودول عربية أخرى ذات العلاقة السيئة بالجمهورية الإسلامية. وإذا رأى خصوم طهران في مبادرة ترامب فرصة لإنشاء تحالف ضدها، فبالنسبة إلى روسيا والاتحاد الأوروبي ظهرت إمكانية للتقارب على أساس العمل من أجل الحفاظ على إنجازهما المشترك، الذي يتمثّل بخطة العمل الشاملة والمشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
إن تصريح الرئيس الأميركي التوجيهي بشأن إيران، والذي يفتح الطريق أمام الولايات المتحدة لخروج أحادي الجانب من الاتفاق، واستئناف حرب العقوبات على إيران، كل ذلك أثار قلق الدول العالمية والإقليمية، بتهديده للوضع الهشّ، الذي كان قائماً خلال العامين الماضيين إزاء إيران.
وقد تبيّن أن حلفاء الولايات المتحدة من الأوروبيين الغربيين كانوا الأكثر نشاطاً للإبقاء على الاتفاق النووي، خوفاً من ظهور أزمة جديدة في الشرق الأوسط، وظهور عقبات غير متوقعة أمام تغلغل أوروبا الغربية ورجال أعمالها في السوق الإيرانية.
وتأكيداً لاستعداد الوسطاء الأوروبيين للسعي من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، كان الحديث الهاتفي بين رئيسة الوزراء البريطاني تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وقد صرّح مكتب رئيسة الوزراء بأن بريطانيا وألمانيا تحتفظان بموقف ثابت إزاء الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران. كما اتفقت السيدتان على مواصلة مناقشة المسألة الإيرانية في قمة الاتحاد الأوروبي المزمع عقدها هذا الأسبوع في بروكسل.
باريس أيضاً لم تتخلّف عن أختيها الأوروبيتين، وهي الوسيط الأوروبي الثالث الذي عاش مع برلين ولندن جذور نشأة هذا الاتفاق، حيث قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: نحن نراه صفقة جيدة للحد من انتشار السلاح النووي، ولا يمنح إيران إمكانية لبناء ترسانة نووية، مؤكداً أن أي تعديل للاتفاق سوف يؤدي إلى رفضه. وحثّ الوزير الفرنسي الكونغرس الأميركي على عدم التراجع عن الاتفاق، وعدم الدخول في متاهات غير منطقية وخطيرة جداً.
وعلى الرغم من حقيقة أن دونالد ترامب، في موقفه الجديد من الاتفاق النووي مع إيران، لم يجد تفهماً في الاتحاد الأوروبي، فإنه تمكن من تحقيق انتصار جزئي في جوانب أخرى لا ترتبط بتنفيذه. حيث شدّدت «السيدتان الحديديتان» في مكالمتهما الهاتفية على ضرورة مواصلة توحيد الجهود لمواجهة تصرفات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، واستكشاف السبل للتخلّص من القلق الناجم عن برنامج إيران في إنتاج الصواريخ البالستية.
وفي الوقت الذي كانت أوروبا تعرب فيه عن عزمها على عدم التفريط بالاتفاق النووي، رحّب خصوم طهران التقليديون في الشرق الأوسط بمبادرة الرئيس الأميركي، ورأوا فيها فرصة ذهبية لإحياء فكرتهم القديمة حول إنشاء تحالف واسع مناهض لإيران.
وهكذا، افتتح رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو جلسة الحكومة «الإسرائيلية» بتوجيه تهنئة للرئيس ترامب لإيجاده فرصة لتعديل الاتفاق النووي ووقف العدوان الإيراني المتنامي في المنطقة، كما قال نتنياهو، الذي استغل هذه المناسبة لحثّ كل حكومة مسؤولة على الانضمام إلى مبادرة ترامب ودعمها.
بدوره، شنّ وزير الدفاع «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان، في مقابلة مع القناة الثانية «الإسرائيلية»، حملة لاذعة على الأوروبيين واتهمهم بأنهم يواصلون دفن رؤوسهم في الرمال كما كان حالهم قبيل الحرب العالمية الثانية، وأكّد أن الحكومات الأوروبية تفضل الهروب من الواقع، بحسب قوله.
وعلى العكس من ذلك، مدح ليبرمان مواقف الدول العربية بالقول إن جميع دول المنطقة تفهم أن إيران تشكّل تهديداًَ وجودياً لها، و«إسرائيل» ليست الوحيدة التي رحبت بمبادرة ترامب بل والمملكة السعودية ودول الخليج والبحرينز وأعرب عن ارتياحه للمواقف العربية. ولعلّ المكالمة الهاتفية بين العاهل السعودي والرئيس ترامب كانت خير دليل على ذلك، حيث شدّد العاهل السعودي على دعم الاستراتيجية الصلبة، التي أعلن عنها ترامب حيال إيران وأنشطتها العدوانية، ودعمها للإرهاب في المنطقة وفي كل أنحاء العالم.
أمّا مصر، الدولة الرائدة في العالم العربي، فاتخذت أيضاً موقفاً داعماً لاستراتيجية ترامب الجديدة ضدّ إيران. وأعرب بيان الخارجية المصرية عن القلق إزاء تصرفات إيران، التي اتهمتها القاهرة بزعزعة استقرار الوضع وخلق تهديد للأمن القومي.
وهكذا، قسّمت مبادرة ترامب المجتمع الدولي إلى معسكرين. وبدأ تشكيل تحالفات مرحلية جديدة للقوى العالمية والإقليمية، اعتماداً على ما تعكسه مواقفها من الاتفاق النووي الايراني. وإذا رأى الخصوم التقليديون لإيران في مبادرة ترامب الجديدة فرصة لهم لإنشاء تحالف مناهض لإيران، فإنها تعني لروسيا والاتحاد الأوروبي ظهور فرصة للنضال معا من أجل الحفاظ على الإنجاز المشترك، خطة العمل الشاملة والمشتركة في شأن البرنامج النووي الإيراني.
ناشونال إنترست
عرض الكاتب زاكاري كيك، أربعة سيناريوات يمكن لإيران أن ترد بها على تخلّي الولايات المتحدة الأميركية عن الاتفاق النووي الذي عقدته طهران مع مجموعة الدول الخمس زائد واحد، التي تضمّ إلى جانب أميركا دول: ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، في عام 2015.
وقال الكاتب في مقال نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأميركية: بعد أن رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب التصديق على خطة العمل الشاملة المشتركة الاتفاق النووي الإيراني ، فقد باتت الكرة الآن في ملعب الكونغرس. وإذا قرر الكونغرس إعادة فرض عقوبات على إيران، فمن المرجح أن نشهد نهاية الاتفاق النووي. تشير كل الدلائل إلى أن الكونغرس سيحاول التوقف عن فرض عقوبات جديدة. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد هذه النتيجة. ولذلك، فإنه من المفيد النظر في كيفية رد إيران على إعادة فرض العقوبات.
بحسب الكاتب، هناك مجموعة من الخيارات المتاحة أمام إيران، ومن المستحيل أن نعرف بالضبط أي خيار ستقدم عليه طهران. ومع ذلك، هناك على الأرجح استراتيجيتان واسعتان ستنظر فيهما.
في المرحلة الأولى، قد تصيغ طهران إجراءاتها لمعاقبة الولايات المتحدة وحلفاء معينين مثل «إسرائيل» والسعودية، في حين ستحاول تجنب إلحاق الضرر بدول أوروبا التي عارضت قرار ترامب. وقد تتخذ إيران نهجاً أقل تمييزاً على أمل أن توجه دول العالم اللوم في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة على الانسحاب من الاتفاق في المقام الأول.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، قال الكاتب إن هناك أربع طرق ممكنة للرد الإيراني:
الغواصات النووية
سيكون من المنطقي أن يشمل الرد الإيراني على تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي تصعيداً في برنامجها النووي، وربما يتجاوز المستويات التي حققتها قبل التوصل إلى الاتفاق. وإذا ما قررت طهران اتخاذ هذا النهج، فإنها على الأرجح تريد أن تفعل ذلك من دون أن تعلن بشكل صريح أنها تقوم ببناء أسلحة نووية.
ويمكن لإيران أن تحقق هذا الهدف ـ بحسب الكاتب ـ على أفضل وجه بإعلان أنها تقوم ببناء غواصات نووية. وهذا أمر سبق أن هدد به المسؤولون الإيرانيون في عام 2012، وفي كانون الأول من العام الماضي، وبعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة غير نووية، أمر الرئيس حسن روحاني علماء بلاده بالبدء في «التخطيط لتصميم وإنتاج الوقود النووي والمفاعلات النووية للنقل البحري».
توفر هذه السياسة لإيران غطاءً للتغلب على أكبر عقبة أمام بناء سلاح نووي: الحصول على المواد الانشطارية. وكما هو الحال مع كوريا الجنوبية، فإن المفاعلات النووية التي تستخدم الغواصات الكهربائية عادة ما تستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 90 ، وهو ما يستخدم في القنابل النووية. وهكذا، يمكن لإيران الحصول على المواد الانشطارية اللازمة للقنبلة مع استمرارها في إنكار أنها تقوم ببناء قنبلة نووية.
غير أن هذه الاستراتيجية لن تمرّ من دون مخاطر. بالنسبة للمبتدئين، فإنها ستضع ضغوطاً هائلة على ترامب ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو لتأييد شن ضربات جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الاستراتيجية سوف تعزل القوى الأوروبية، فضلاً عن روسيا والصين، التي عارضت انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق. وكما أشير إليه أعلاه، من المحتمل أن توجه الدول الأخرى اللوم إلى الولايات المتحدة على التوسع النووي الإيراني، لأنها هي التي انتهكت الاتفاق.
يذكر أيضاً أن إيران اتبعت استراتيجية مماثلة في الماضي. في الوقت الذي عزز فيه المجتمع الدولي العقوبات في السنوات التي سبقت بدء المفاوضات بين إيران ومجموعة الـ5+1، قامت طهران بتعبئة نووية كوسيلة لإجبار الولايات المتحدة على التخلي عن نهجها.
قتل الرهائن
إذا كانت إيران عازمة على عدم عزل الأعضاء غير الأميركيين في مجموعة الـ5+1، فإنها قد تلتزم بشروط الاتفاق النووي مع تبني نهج آخر لمعاقبة الولايات المتحدة. ومن بين هذه المقاربات استخدام قوات بالوكالة لمهاجمة القوات الأميركية العاملة حالياً في العراق وسورية وأفغانستان، وفق ما ذكر الكاتب.
ومرة أخرى، لن تكون هذه الاستراتيجية أمراً جديداً: فبعد الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق في عامي 2001 و2003 على التوالي، شنت قوات فيلق القدس الإيرانية حرباً سرية خفية ضد القوات الأميركية في تلك البلدان. ووفقاً لبعض التقديرات، فإن إيران مسؤولة عن مقتل حوالى 500 جندي أميركي في هذين البلدين.
وحتى عندما كان لدى الولايات المتحدة أكثر من 100 ألف جندي في العراق، فقد كافحت بشدة لحماية قواتها من الهجمات المدعومة من إيران. الآن، تعمل مجموعة أصغر بكثير وأقل قوة من القوات في سوريا والعراق وأفغانستان. ستكون هذه القوات، والتي هي رهائن فعلية في ملحمة الاتفاق النووي، بمثابة أهداف سهلة للانتقام الإيراني.
مبيعات الأسلحة المتقدمة إلى الوكلاء
قال الكاتب إنه وعلى الرغم من أن إيران قد ترغب في تجنب مهاجمة حلفاء الولايات المتحدة، الذين يؤيدون الاتفاق النووي، إلا أنها لن تتردد في استهداف دول مثل «إسرائيل» والسعودية التي حاولت تقويض الصفقة في كل خطوة. يمكن لطهران أن تستهدف هذه البلدان على أفضل وجه بتقديم أسلحة متقدمة إلى الحوثيين في اليمن، أو حزب الله في لبنان.
على سبيل المثال، يمكن لإيران تزويد هذه القوات بصاروخ «عماد»، وهو صاروخ باليستي أرض ـ أرض بعيد المدی ذو وقود سائل. يذكر أن «عماد» هو الصاروخ الأول في إيران، الذي يتميز بمركبة عائدة للمناورة، التي تسمح للصاروخ بالتهرب من معظم الدفاعات الصاروخية، وفي الوقت نفسه جعلها دقيقة للغاية.
ويمكن للحوثيين استخدام صاروخ «مارف» لاستهداف المواني السعودية أو منشآت الطاقة. ويمكن لحزب الله استخدامها للاستفادة من تهديداته بمهاجمة المنشآت الكيماوية والنووية «الإسرائيلية». ومن المؤكد أن هذا سيؤدي إلى حرب أخرى بين «إسرائيل» وحزب الله، والتي من شأنها أن تفيد إيران بإعادة تركيز غضب العالم العربي السنّي على «إسرائيل» بعيداً عن نظام الأسد في سورية.
القرصنة
عندما بدأت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على المؤسسات النفطية والمالية الإيرانية، ردّت طهران بشكل عيني. وعلى وجه التحديد، بدأ القراصنة الإيرانيون استهداف المؤسسات المالية الأميركية، وكذلك شركات النفط العالمية مثل «آرامكو» السعودية. ووفقاً لتقرير نشرته مجلة «بوليتيكو» الأميركية في أيلول الماضي، فقد توقف القراصنة الإيرانيون عن مهاجمة أهداف الولايات المتحدة بمجرد بدء المفاوضات حول البرنامج النووي في عام 2013.
ولكن الكاتب ذكر أنه في حال انتهكت الولايات المتحدة الاتفاق النووي بإعادة فرض العقوبات، فإن إيران قد تشن هجمات أكثر تعقيداً مما كانت عليه قبل عام 2013. وقد أظهر المهاجمون الإلكترونيون الإيرانيون قدرات أكبر في الهجمات الأخيرة ضد منافسيهم الخليجيين. وعلاوة على ذلك، وفي حين توقفت إيران عن شنّ هجمات إلكترونية ضد الولايات المتحدة، فمن المؤكد أنها استمرت في اختراق الشبكات الأميركية لأغراض التجسّس، والاستعداد للأعمال القتالية في المستقبل.
ومن شأن مهاجمة المؤسسات المالية الأميركية وأهداف الطاقة أن تكون ذات فائدة متبادلة، لأن العقوبات الأميركية ستستهدف هذه القطاعات في إيران. ويشير الماضي القريب إلى أن هذه هي الطريقة التي تحبذ بها إيران الرد على الاعتداءات المتصورة. وإلى جانب عمليات الاختراق المذكورة أعلاه ضد الشركات الأميركية والسعودية، ردّت إيران على حملة «إسرائيلية» لاغتيال علمائها النوويين باستخدام الأساليب الدقيقة نفسها لاستهداف الدبلوماسيين «الإسرائيليين» في بلدان ثالثة.
أرغومينتي إي فاكتي
تناولت صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» الروسية توقيع الرئيس بوتين مرسوماً بفرض عقوبات على كوريا الشمالية.
وفي هذا الإطار نقلت الصحيفة عن المدير العام لمركز المعلومات السياسية، آلِكسي موخين قوله إنّ روسيا لم تخرج عن إطار القانون الدولي، بتوقيع الرئيس بوتين على المرسوم المذكور، بل هي تستعرض تنفيذها قرار مجلس الأمن الدولي حتى في دقائقه.
واعتبر موخين أن المرسوم الروسي عملياً هو تنفيذ لقرار مجلس الأمن داخل روسيا، وهو استعراض وتشديد على أن روسيا تحرص على تنفيذ التزاماتها الدولية، التي تمّ التوصل إليها بتوافق الآراء. أي أن الالتزام بهذه القرارات هو الديمقراطية الحقيقية بعينها.
وأعرب موخين عن اعتقاده بأن وضع بيونغ يانغ الحساس جداً لن يسمح لها بأي رد فعل، لذلك، متوقعاً أن تبدي كوريا الشمالية أي اعتراضات على المرسوم الروسي، وخاصة أنه تنفيذ لحق موسكو السيادي.
كوريا الشمالية حالياً تحاول التقرّب من روسيا وجعلها شريكة أو على الأقل حليفة. والكوريون يدركون جيداً أنه بعد تنازلات الصين وسيرها في ركب الولايات المتحدة، بتجميد التعاون الاقتصادي معهم، لم يبق لديهم سوى مجموعة صغيرة من الشركاء الجيوسياسيين، الذين يمكنهم إسداء الحماية لهم.
يشار إلى أن قرار موسكو جاء تنفيذاً لقرار فرض العقوبات الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في 30 تشرين الثاني 2016 ردّاً على استمرار بيونغ يانغ في تجاربها النووية الصاروخية.
ويشمل المرسوم الروسي فرض عقوبات على أشخاص وشخصيات اعتبارية في كوريا الشمالية ذات صلة بالبرنامج النووي، وكذلك التوقف عن التعاون العلمي والتقني مع من له علاقة بهذا البرنامج، بيد أن المرسوم يسمح بالتعاون في مجال العلوم والتقنية النووية وهندسة الفضاء والطيران والتكنولوجيات التقدمة، إذا كانت لا تساعد في تطوير البرامج النووية والصاروخية لبيونغ يانغ.
بلومبرغ
أكدت وكالة «بلومبرغ» المتخصصة في الأخبار الاقتصادية أن عواقب فشل عملية التحول الكبير في السعودية ستكون باهظة، مضيفةً أن إمكانية إنقاذ أسعار النفط للاقتصاد المأزوم تبدو ضئيلة بعكس تجارب الماضي.
ونقلت الوكالة عن رجل الأعمال السعودي تركي الرشيد قوله إن الأزمات مع قطر وفي اليمن وسورية والعراق تعرقل التحول في السعودية وتهدد بعدم تحقيق التنمية المستدامة.
وأضافت أنه بعد سنتين على بدء حملة الإصلاح يواجه المسؤولون السعوديون مسائل شائكة في كيفية توفير الأموال وتسريع التغيير الاجتماعي من دون شلّ الاقتصاد والاشتباك مع المؤسسة الدينية المحافظة.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن الحكومة السعودية قبل أن تعلن رفع الحظر عن قيادة المرأة السيارة الشهر الماضي اعتقلت رجال دين ونشطاء آخرين.
ولفتت الوكالة إلى أن الأسرة المالكة أظهرت استعداداً ضئيلاً لتحمّل أعباء الإصلاح، وذكرت أن الملك سلمان اصطحب معه خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا 1500 مرافق، ومصعداً ذهبياً للطائرة، وحجز فندقين فاخرين بأكملهما في العاصمة الروسية موسكو.
يذكر أن بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي «البنك المركزي» أظهرت قبل شهر أن الاحتياطيات الأجنبية للسعودية تراجعت في آب الماضي لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ نيسان 2011.