ميركل تسعى لتشكيل حكومتها بعد نتائجها الضعيفة في الانتخابات
بدأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمس، مشاورات صعبة لتشكيل ائتلاف حكومي من أحزاب متعدّدة ومن الأطياف السياسية كافة بعد تحقيق حزبها المحافظ نتائج ضعيفة في الانتخابات.
ويبدأ معسكر المحافظين الذي فشل في تحقيق غالبية مريحة في انتخابات 24 أيلول، مشاورات مع الحزب الديمقراطي الحرّ الليبرالي المدافع عن مصالح الشركات، تتبعها مشاورات مع الخضر أنصار البيئة، اليساري التوجّه بعد الظهر.
ولمنع انهيار يمكن أن يحتمّ إجراء انتخابات جديدة يتعيّن على الأطراف كافة في الأسابيع المقبلة التوصّل إلى تسويات صعبة حول مسائل شائكة من الهجرة إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي والسياسة المتعلّقة بالمناخ.
وإذا سارت المشاورات على نحو جيّد، تلتقي جميع الأطراف غداً لبدء مفاوضات يمكن أن تفضي إلى تشكيل حكومة، ربما بحلول كانون الثاني، في أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي.
وتأتي المفاوضات الحساسة في ما يقول المنتقدون إن المستشارة التي طالما حكمت بأسلوب رئاسي، في آخر ولاية سياسية لها، وأن قوتها السياسية ضعفت.
ويأخذ المنتقدون على الزعيمة المخضرمة أسوأ نتائج حققتها منذ 1949 لحزب المسيحيين الديمقراطيين، إضافة إلى هزيمتها في انتخابات محلية يوم الأحد الماضي.
ودانت صحيفة بيلد المؤيدة عادة لميركل، «إصرار المستشارة على عدم تحمل مسؤولية هزيمة حزبها في مقاطعة سكسونيا السفلى»، وقالت: «إنّ المستشارة وحزب المسيحيين الديمقراطيين يرفضان رؤية خطئهما».
وكتبت صحيفة سودويتشه تسايتونغ «حتى قبل سنتين، بدا أنّ ميركل لا تُقهر. لقد زالت تلك الهالة الآن وبدأت قوتها كذلك تنحسر. إذا كان لدى الحزب المسيحي الديمقراطي أيّ شخص جاهز للتحدّي، سيتعيّن على ميركل أن تشعر بالقلق».
وإذا كان حزب ميركل يواجه مشكلات، فإن حلفاءها البافاريين في الاتحاد المسيحي الاجتماعي في فوضى واضحة ويخشون هزيمة أخرى في انتخابات برلمان المقاطعة العام المقبل.
وبعد معارضته المستمرة لقرار ميركل السماح لأكثر من مليون طالب لجوء بالدخول، أظهر الاتحاد المسيحي الاجتماعي تحوّلاً كبيراً إلى اليمين لكسب أصوات الناخبين من حزب «البديل لألمانيا» المعادي للهجرة.
وقال زعيم الاتحاد المسيحي الاجتماعي ألكسندر دوبرينت إن انتخابات الأحد في النمسا وفوز المرشح اليميني سيباستيان كورتز تظهر أن على المسيحي الديمقراطي وحليفه المسيحي الاجتماعي «التموضع كقوة محافظة في هذه المشاورات».
وتعزّز مثل هذه التصريحات انعدام الثقة مع الخضر، الحزب الذي ظهر في انتخابات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كحركة احتجاج على حرب فيتنام والأسلحة النووية والمؤيد لمجتمع متعدّد الثقافات يرحّب باللاجئين.
وأشار زعيم الخضر يورغن تريتن إلى الميول الشعبوية المتزايدة اليمينية في تكتل المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي، وحذّر من أنّ مطالبهم المتشدّدة إزاء مسألة اللاجئين ستمثل «عراقيل هائلة».
من جهته حذّر دوبرينت قبل بضعة أيام من أن حزبه لن يتهاون مع أي «كلام تافه» من الخضر.
والمشاورات مع الشريك الآخر «الحزب الديمقراطي الحر» هي أكثر سهولة، فقد شارك الحزب في حكومات مع المحافظين لفترات طويلة حتى خروجه المذل من البوندستاغ البرلمان في الانتخابات الأخيرة عام 2013.
وزعيم الحزب الشاب كريستيان ليندنر الذي قاد الحزب داخل البوندستاغ، قدّم مطالبه وعينه على وزارة المالية.
عشية المشاورات نبّه ليندنر ميركل إلى ضرورة عدم القيام بأي خطوات جريئة إزاء الاتحاد الأوروبي، خاصة إذا كانت تكلّف دافعي الضرائب الألمان، قبل تشكيل أي حكومة جديدة.
وقال لصحيفة فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ «أتوقع من ميركل أنّ توضح أن حكومتها تقوم فقط بدور تسيير الأعمال»، مضيفاً «ألمانيا حالياً ليست في موقع اتخاذ قرارات».
ووسط المصالح المتضاربة وأسابيع من المساومات حول المناصب والسياسات المقبلة، تنبّأ موقع شبيغل على الانترنت إنه «مع قليل من الحظ، يمكن لألمانيا أن تحظى بحكومة جديدة بحلول كانون الثاني».
وقال التعليق «ألمانيا تشهد ظاهرة غريبة … ائتلاف جديد يتمّ التفاوض عليه من جانب أحزاب لا تريده حقاً، فيما القوة والهالة المحيطة بالمستشارة السابقة والمقبلة أنغيلا ميركل تتداعى».