الاستراتيجية البديلة لفشل القصف الجوي
حميدي العبدالله
تعجّ وسائل الإعلام الغربية، ولا سيما الأميركية بالتقارير التي تتحدّث عن الطريق المسدود الذي وصلت إليه الحملة الجوية للولايات المتحدة وشركائها ضدّ تنظيم «داعش».
وباتت بعض مراكز الأبحاث الأميركية تتبارى في تقديم التوصيات لصانعي القرار في الولايات المتحدة للخروج من هذا المأزق، وإخراج الحملة الجوية من دائرة الفشل، بعدما تأكد أنّ الضربات الجوية لم توقف تمدّد «داعش» لا في العراق ولا في سورية.
ولكن ما هي الاستراتيجية البديلة المقترحة على إدارة أوباما ليؤخذ بها؟
هناك من الناحية الافتراضية ثلاثة بدائل:
البديل الأول، إرسال قوات برية من قوى التحالف للقتال ضدّ «داعش» في سورية والعراق، من الواضح أنّ هذا البديل يعيد إنتاج تجربة الغزوين البريين للعراق وأفغانستان اللذين كبّدا الولايات المتحدة أكثر من 6 تريليون دولار، إضافةً إلى الخسائر البشرية، ولم تحقق الانتصار الذي كانت تنشده، ولهذا هناك معارضة شديدة لهذا البديل ليس من غالبية الشعب الأميركي وحسب، بل وأيضاً من غالبية النخبة الحاكمة، ولا سيما الشركات الأميركية، طبعاً باستثناء شركات إنتاج المعدات الحربية، المستفيد الرئيسي من أي حرب جديدة تخوضها الولايات المتحدة.
والبديل المتمثل بالتورّط بحرب برية جديدة يعاكس المسار الذي سلكته إدارة بوش بعد تقرير بيكر ـ هاملتون وإدارة الرئيس أوباما، كما أنّ الإدارة الحالية حرصت منذ مشاركتها في الحملة الجوية ضدّ ليبيا على تأكيد رفضها التورّط بإرسال قوات برية إلى أي مكان آخر في العالم.
وقد شدّد أمس وزير خارجية الولايات المتحدة من جديد على هذا الموقف عندما قال حرفياً «على العراقيين أن يحاربوا بأنفسهم تنظيم داعش لاستعادة أرضهم» وهذا يعني بصراحة رفض واشنطن للبديل بري.
البديل الثاني، تشكيل قوة مشتركة من دول المنطقة، بقيادة أميركية على أن تشارك في هذه القوة الدول الخليجية والأردن وتركيا، واضح أنّ مثل هذا الخيار دونه الكثير من العقبات، فهذه الدول بالأساس لم تشارك في حروب الولايات المتحدة البرية السابقة في العراق وأفغانستان عندما كانت هذه الحروب تحظى بدعم دولي واسع، كما أنّ هذه الدول ليس لديها عدد يمكنها من خوض حروب طاحنة مثل الحرب الدائرة الآن في العراق وسورية مع «داعش» وغيرها من المنظمات الإرهابية، إضافةً إلى الصراعات بين هذه الدول على النفوذ في المنطقة، ولا سيما بين تركيا والسعودية.
البديل الثالث، إرسال وحدات خاصة محدودة العدد للمشاركة إلى جانب مجموعات مسلحة تدرّبها الولايات المتحدة وحلفائها للعمل في سورية، وإرسال مستشارين للعمل إلى جانب الجيش العراقي، هذا البديل قائم وليس بجديد، فالوحدات الخاصة الأميركية منتشرة مع المجموعات المسلحة بسورية منذ بداية الحرب على سورية، والمستشارون الأميركيون يعملون منذ فترة طويلة في العراق إلى جانب الجيش العراقي وقوات البيشمركة، وتمّ تعزيز هؤلاء مؤخراً، ولكن ذلك لم يحدث أيّ تغيير.
هذه هي بدائل فشل الحملة الجوية، وهي بدائل لا ينتظرها مصير أفضل من مصير الحملة الجوية.