بعد انتصار الـ «نعم» لومبارديا وفينيتو تتّجهان نحو روما للحصول على مزيد من الصلاحيات للتصرّف بأموالهما
بالتوازي مع الأزمة الكتالونية، وبريكسيت، والاستفتاء الفاشل حول الاستقلال في اسكتلندا، يندرج استفتاء لومبارديا وفينيتو أول أمس في إطار «اليأس» من الدول المركزية في الاتحاد الأوروبي.
وعلى غرار مناطق أخرى في أوروبا انتصرت الـ «نعم» في استفتاء الحكم الذاتي في لومبارديا وفينيتو الغاضبتين إزاء سلطة مركزية تعتبرانها «فاشلة».
فيما اتجهت أنظارهما نحو روما في محاولة للحصول على مزيد من الصلاحيات للتصرّف بأموالهما.
بالرّغم من أنّ العملية «لا تهدّد وحدة البلاد»، كما يقول لورنتسو كودونو، الخبير لدى «أل. سي ماكرو أدفايزرز»، فإنها يمكن أن تؤدي إلى «مفاجآت كارثية، وتدفع إلى تحرك قوى تنبذ المركزية في إيطاليا وتجعل من الصعب ردم الهوة بين شمال إيطاليا وجنوبها».
وأضاف كودونو: «إنّ عجز الدول الأوروبية عن الاستجابة بشكل ملائم يشكّل أرضاً خصبة للاحتجاجات والمناورات الرافضة للنخب الحاكمة والقومية والمناطقية».
وقد بلغت نسبة المشاركة في استفتاء فينيتو البالغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، 57 في المئة، وتجاوزت الـ «نعم» 98 في المئة. وفي لومبارديا التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة ما زالت الأرقام فيها غير نهائية، لكن 39 في المئة من السكان شاركوا في الاستفتاء، وصوّت 95 في المئة منهم إيجاباً.
وهاتان المنطقتان الغنيتان اللتان تساهمان بـ 30 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإيطالي، تعتبران أنّ روما «تبذّر ضرائبهما»، وتريدان التفاوض على «طبيعة استقلالهما الذاتي وحجمه»، الذي يتعيّن أن يوافق عليه البرلمان بعد ذلك.
في فينيتو، اجتمع المجلس الإقليمي لمناقشة مشروع القانون الذي سيقدم إلى الحكومة. وقال رئيس المنطقة لوكا تسايا «سنطلب 23 صلاحية وتطبيق نظام مالي فدرالي و9/10 من الضرائب».
وفي موازاة تعزيز الصلاحيات على صعيد البنى التحتية والصحة أو التعليم، تنوي المنطقتان في الواقع المطالبة بـ «استعادة نصف الضرائب التي تدفعانها: فسكانهما يدفعون في الوقت الراهن 70 مليار يورو إضافي سنوياً من الرسوم والضرائب التي لا يستعيدونها بحجة أنها نفقات عامة».
ويزداد هذا الوضع سوءاً بحيث إنّ زعيمي المنطقتين اللذين ينتميان إلى رابطة الشمال اليمين المتطرّف يعتبران أنّ روما تسيء إدارة الأموال العامة التي يمكن الاستفادة منها بشكل أفضل، من خلال الشراكة بين المناطق.
وأعرب رئيس رابطة الشمال ماتيو سالفيني عن «ارتياحه»، قائلاً: «إنّ أكثر من خمسة ملايين شخص قد صوّتوا للتغيير. نريد جميعاً تبذيراً أقل، وضرائب أقل، وبيروقراطية أقل، وقيوداً أقل من الدولة والاتحاد الأوروبي، ومزيداً من الفعالية، ومزيداً من فرص العمل، ومزيداً من الأمن».
وسارع سالفيني الذي يقوم بحملة للانتخابات النيابية المقرّرة مطلع 2018، إلى التوضيح أيضاً «أنّ حزبه، الذي تأسس للمطالبة بالاستقلال قبل أن يقوم بانعطافة ضدّ اليورو والهجرة متخذاً الجبهة الوطنية في فرنسا مثالاً، سيعمل حتى تستفيد جميع المناطق من بوي إلى بييمون من الحريات نفسها».
إلا أنّ وزير الزراعة موريتسيو مارتينا، نائب الأمين العام للحزب الديمقراطي وهو أول وزير في حكومة يسار الوسط يدلي بتصريح بعد الاستفتاء، أكد أنّ «المسائل المالية على غرار المسائل الأمنية غير قابلة للتفاوض».
وأشار تسايا إلى «انهيار في المؤسسات»، مؤكداً أنّ «الرغبة في الحكم الذاتي، تؤيدها «مجموعات سكانية بأكملها ولا ينادي بها حزب واحد».
وكتب رئيس بلدية البندقية لويدجي برونيارو، من يمين الوسط، في تغريدة على تويتر، «لقد اخترت نعم لمنح البندقية مزيداً من السلطة في إطار إيطاليا اقوى مستقبلاً وأكثر فيدرالية. لا للأنانية، نعم للإدارة الجيدة».
لكن الاستفتاء اتخذ منحى خاصاً بعد استفتاء كتالونيا لتقرير المصير، حتى لو أنّ منظّميه كرروا القول أول أمس «إنّ مسيرتهم تبقى ضمن إطار وحدة إيطاليا». وما زال المطالبون بالاستقلال أقلية في هذه المناطق حتى في البندقية التي كانت مدينة دولة طوال ألف عام.