إضاءات رغم عار ليلهم المظلم

رامز مصطفى

في زمن الخذلان والتخلي، والسعي لاستبدال أولويات الصراع، واللعب على المكشوف والمجاهرة في خطب ودّ الكيان الصهيوني والتطبيع معه، من قبل نظام الكرتون العربي. لا تبقى إلاّ تلك الإضاءات في حلكة ليل عارهم، هي الأمل الذي نتمسّك به، ونعمل ما في وسعنا على تظهيره حتى لا نبقى كمن يقرع أجراسه، في عالم أضحى فيه السامعون طرشاً، وأصحاب الخطب الرنانة من دون ألسنة، ومن عيناه تتحركان يمنة ويسرة ترقبان تمايل عاهراتهم خلف المحيطات، قد أصيبت بالعمى.

إضاءات ثلاث أثلجت صدورنا، وإن لم تشف غليلنا. الأولى جاءت من المغرب، حيث نوابه يطردون مجرم الحرب الصهيوني عمير بيريتس من داخل البرلماني المغربي، رافضين مشاركة ذاك المجرم ومن رافقه من أعضاء في الكنيست «الإسرائيلي»، في جلسة نظمتها «الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط».

واعتبرت هيئات شعبية وبرلمانية مغربية لكلّ من مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مجلس المستشارين، والاتحاد المغربي للشغل، وحزب العدالة والتنمية، أنّ دعوة بيريتس والوفد المرافق خطوة تطبيع مدانة بالشكل والمضمون، وعبّرت تلك الهيئات عن رفضها القاطع في السير بهذا المنزلق الخطير، مؤكدين وقوفهم الحازم إلى جانب مقاومة الشعب الفلسطيني وقضيته المركزية.

أما الثانية فجاءت من داخل مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي انعقد مؤخراً في مدينة سان بطرسبورغ، حيث هاجم رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، رئيس وفد الكنيست «الإسرائيلي» إلى مؤتمر، الصهيوني نحمان شاي، على خلفية اعتراضه على تقرير خاص بأوضاع النواب الفلسطينيين أعضاء المجلس التشريعي في سجون الاحتلال الإسرائيلي. واصفاً نحمان شاي ووفده بالمحتلين وقتلة الأطفال. ومضيفاً «أنّ خطاب شاي يمثل أخطر أنواع الإرهاب وهو إرهاب الدولة». وقد طالب مرزوق الغانم الوفد «الإسرائيلي» أن يحزم حقائبه ويغادر قاعة المؤتمر، لأن لا مكان للقتلة بيننا نحن في البرلمانات الدولية الشريفة. وتابع الغانم كلامه الموجه لرئيس الوفد البرلماني «الإسرائيلي» بالقول: «أُخرج من القاعة إن كان لديك ذرة من كرامة يا محتلّ، يا قاتل الأطفال. وأقول للمحتل الغاصب إن لم تستحِ فافعل ما شئت».

والثالثة، تلك الفتاة الشابة العروبية اللبنانية لينا البعلبكي، ابنة عيترون الجنوبية المحاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تعلّمت أنّ ألف باء المقاومة هي عدم الرضوخ والاستكانة والقبول وتحت أية مسمّيات أو فعاليات أن يكون تحت قبتها مكان للعدو الصهيوني وعلمه. التي أبت أن تدخل والعديد من الوفود الشبابية العربية إلى قاعة مهرجان الشباب والطلاب العالمي في سوتشي الروسية، فيما العلم «الإسرائيلي» حاضر بين أعلام الوفود المشاركة. فسارعت لينا البعلبكي إلى إنزال علم الكيان الصهيوني وداسته بقدميها. وسرعان ما تحوّل الحدث إلى تظاهرة شبابية للوفود الرافضة أن يمثل الكيان في هذا المؤتمر. ولينا بجرأتها تذكرنا بالطفلة لينا التي غنّى لها أحمد قعبور: لينا كانت طفلة تصنع غدها… لينا سقطت لكن دمها، كان يغني… فليمسي وطني حراً، فليرحل محتلي فليرحل .

تلك الإضاءات أهمّيتها أنّ الكيان الصهيوني وعلمه لا مكان لهما طالما نحن لا نخضع، ومبقين على صراعنا وتناقضنا الرئيسي معه، بدل أن تكون حروبنا وصراعاتنا مع بعضنا البعض، ومن ثم مع دول لطالما كانت ولا زالت تؤيد وتدعم قضايانا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

كاتب وباحث سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى