الرفيقة محسنة عياش… تابع
شكراً للرفيق أحمد طي الذي تمكنّ عبر الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي ان يزوّدنا بمعلومات إضافية عن الرفيقة محسنة عياش.
عن موقع «esyria»، هذا التحقيق الذي كانت نشرته الإعلامية لمياء سليمان بتاريخ 8 آب 2010:
شبّت وهي تعاني الشعور باليتم بعد وفاة والدها في سنّ مبكرة، لم تنعم بالشعور بالأمومة لأنها لم تلد طفلاً يهبها إياه، لكنها استطاعت بتفرد شخصيتها أن تخفف من وطأة الشعور باليتم وتأثيره عليها، وتمكنت بالعاطفة التي تحملها من أن تكون أماً لأجيال كثيرة من أبناء «دير الزور» سواء في مجال التربية أم في مجال العمل التطوعي.
إنها السيدة «محسنة عياش» التي كانت ترأس «دار الحنان» للمسنات وهي الدار الوحيدة في «دير الزور»، ساهمت في تأسيس فرع جمعية «الهلال الأحمر العربي السوري»، نائبة رئيس «جمعية العاديات» «بدير الزور»، أسست حضانة «جيل الهلال» وأشرفت عليها وهي من أوائل الحضانات في المدينة..
«Esyria» التقى من أفراد عائلتها السيد عصمت عياش فحدثنا عن بعض الجوانب في حياتها:
« ولدت «محسنة عياش» في مدينة «دير الزور» بتاريخ 1/7/1935 م وقد تميزت عن بقية نساء الأسرة بشخصيتها المتفردة وبالقدرة على الاعتماد على الذات، ففي حين كانت المرأة في «الدير» ما تزال غالباً تعيش تحت سلطة الرجل وفي كنفه ولا تمتلك هامشاً كبيراً من الحرية والقدرة على التحرك، كانت «محسنة» قادرة على تسيير أمورها، ومن النادر أن تلجأ لأحد أفراد الأسرة، أما عن العوامل التي أثرت فيها لتكون من أهم رائدات النهضة النسائية في «الدير» فبالتأكيد يرجع الأمر كما أسلفت للتفرد في شخصيتها بالدرجة الأولى ثم للجو الأسري الذي عاشت فيه حيث كان مناخ أسرتها يتميز منذ ذلك الوقت بقدر كبير من الانفتاح والتحرر الذي لا يغيب عنه الوعي والالتزام، بالإضافة إلى زواجها من المفكر «جلال السيد» والذي بالتأكيد كان لارتباطها به دور كبير في بلورة الكثير من الرؤى والمفاهيم لديها». وحول أهم المراحل في حياتها العملية، تابع مضيفاً: «أتمت الدراسة الابتدائية والإعدادية في مدارس «دير الزور»،
ثم انتسبت بعد الإعدادية إلى معهد «دار المعلمات» وحصلت على شهادة أهلية التعليم الابتدائي عام 1957م لتبدأ بممارسة مهنة التعليم وكان هذا توجُه معظم فتيات «دير الزور» المتعلمات في تلك المرحلة واللواتي وقع على كاهلهن عبء النهوض بالتعليم وبحركة التنوير في المدينة والتي قادتها بشكل جلي مجموعة من النساء، كانت المرحومة محسنة في طليعتهن، لكنها كانت تشعر دائماً بأن التأثير يجب ألا يتوقف عند هذا الحد لذلك سعت إلى نيل الشهادة الثانوية، الفرع الأدبي وكان عدد الجامعيات في «دير الزور» يعد على أصابع اليد فأصرت على دخول الجامعة وتخرجت من كلية الآداب»، «قسم التاريخ» سنة 1976، استمرت في العمل في سلك التعليم من عام 1957 وحتى عام 1985م، حصلت خلالها على احترام جميع العاملين في هذا الميدان، كرمت من قبل وزير التربية سنة 1969 م وحصلت على ثناء من نقابة المعلمين بتاريخ 1970 م». وحول نشاطها الاجتماعي والدور الذي لعبته في ميدان الجمعيات النسائية: «اعتبرت «محسنة» على الدوام أن دورها لا يمكن أن يتوقف عند حدود التعليم على الرغم من أهمية هذا الدور في تلك الأيام، فدخلت بقوة ميدان العمل الاجتماعي من خلال نشاط الجمعيات النسائية التي بدأت بالعمل في تلك الفترة فكانت من أوائل نساء «دير الزور» انتساباً «لجمعية المرأة العربية» والتي أسستها المرحومة «لبيبة حسني» في عام 1960 م وكانت قبل وفاتها
نائبة لرئيسة الجمعية، شاركت في «مؤتمر المرأة العربية» في «بيروت» عام 1962م ممثلة لرئيسة الجمعية، كما كانت ترأس قسم «دار الحنان» للمسنات في الجمعية المذكورة، ومن الأعمال التي لا تنسى لها هي مساهمتها في تأسيس فرع جمعية «الهلال الأحمر العربي السوري» في» دير الزور»، ,كان لها نشاط واضح في مجال الاهتمام بالتراث ورعايته فكانت نائبة رئيس «جمعية العاديات» «بدير الزور»، انتسبت إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ عام 1953، أسست حضانة جيل الهلال وأشرفت عليها حتى وفاتها فعوضت حرمانها من الأمومة برعاية أطفال «دير الزور» من خلال تلك الحضانة «.
وحول نظرة الجيل الشاب في العائلة لهذه الشخصية التي كان لها دور بارز في الحياة «الاجتماعية» في «دير الزور» حدثنا ابن أخيها الشاب «محمد عياش»: « إن مكانة الإنسان تظهر من خلال أمرين أولهما الإنجازات التي أنجزها في حياته والثانية من الناس الذين يرافقونه إلى مثواه الأخير وعمتي رحمها الله كان لها جنازة لم يسبق لها مثيل لامرأة في «دير الزور» هذا الأمر مع ما حققته عمتي في حياتها لا بد أن يترك أثراً كبيراً علينا شباباً وفتيات وأن يساهم في ترسيخ مبدأ القدوة، أما على الصعيد الإنساني فلا يمكن أن أنسى طيبتها وحنيتها حين كانت تجمع أطفال العائلة حولها فنشعر جميعاً بأمومتها تجاه كل واحد منا». وقالت السيدة «سلوى الفياض» من الجمعية العربية: «كان للسيدة «محسنة عياش» دور كبير في النشاط الاجتماعي والعمل الخيري في «دير الزور» وقد تسلمت إدارة دار «الحنان للمسنين» وعُرفت دائماً بقوة شخصيتها التي لم تؤثر إطلاقاً على الحس الأنثوي لديها فقد كانت غاية في الرقة بالإضافة إلى شخصيتها الطيبة والمرحة، تركت بصمة لا تنسى لدى كل من تعاون معها، وقد شكلت هي والنساء اللواتي رافقنها حالة من الوعي أثرت في الأجيال التي أتت بعدهن في «دير الزور».