الصحافة الروسيّة: كردستان الصدمة… وتوريد أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا؟
لا تزال الصحف الروسية تسلّط الأضواء على المسألة الكردستانية، من خلال عدد من التقارير في صحف ومواقع عدّة. إذ أشار أنطون فيسيلوف في موقع «غيوبوليتيكا» الإخباري الروسي إلى غياب الوحدة بين الكرد أنفسهم ما كان سبباً رئيساً لإجهاض نتائج الاستفتاء على استقلال كردستان العراق. وقال إنّ يوم الرابع والعشرين من تشرين الثاني، استسلمت حكومة كردستان العراق وأعلنت في بيانها الرسمي عن وقف جميع العمليات العسكرية في كردستان، وتجميد نتائج الإستفتاء في شأن استقلال الإقليم، وبدء الحوار مع بغداد استناداً إلى دستور الدولة العراقية.
أمّا يفغيني خفوستيك، فأشار في صحيفة «كومرسانت» الروسية إلى أن حكومة إقليم كردستان العراق اقترحت تجميد نتائج الاستفتاء والبدء بالحوار مع بغداد. وقال إنّ حكومة إقليم كردستان العراق أصدرت بياناً أعربت فيه عن استعدادها للدخول في «حوار مفتوح» مع حكومة بغداد، وتجميد نتائج الإستفتاء الذي أجري قبل شهر في شأن الاستقلال. وقد صدر هذا البيان بعد رفض واشنطن وأنقرة إجراء الإستفتاء. وكذلك بعد استعادة الحكومة المركزية سيطرتها على محافظة كركوك، والتي تمت بعلم الولايات المتحدة، بحسب المعلومات غير الرسمية.
في سياق منفصل، أكد أرتور أفاكوف في صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية أن محاولات إفشال اتفاق «مينسك 2» هي لمنع تقارب روسيا والإتحاد الأوروبي. وأشار الكاتب إلى تصريح مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى أوكرانيا كورت فولكر، بعد اجتماعه بالرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أن واشنطن تدرس توريد أسلحة إلى كييف قبل نهاية السنة الحالية، وتعمل على صياغة قرار أممي لنشر قوات حفظ السلام في دونباس لا مكان لروسيا فيها.
وفي ما يلي، جولة على أهم التقارير التي وردت في صحف ومواقع إخبارية روسية خلال اليومين الماضيين.
غيوبوليتيكا
أشار أنطون فيسيلوف في موقع «غيوبوليتيكا» الإخباري الروسي إلى غياب الوحدة بين الكرد أنفسهم ما كان سبباً رئيساً لإجهاض نتائج الاستفتاء على استقلال كردستان العراق.
كتب فيسيلوف: يوم الرابع والعشرين من تشرين الثاني، استسلمت حكومة كردستان العراق وأعلنت في بيانها الرسمي عن وقف جميع العمليات العسكرية في كردستان، وتجميد نتائج الإستفتاء بشأن استقلال الإقليم، وبدء الحوار مع بغداد استناداً إلى دستور الدولة العراقية.
وليس من الصعب التكهّن بطبيعة الحوار، الذي سيُجرى مستقبلاً بين بغداد وأربيل، والذي على الأرجح سوف يتخذ الطابع الإملائي من قبل الحكومة المركزية في بغداد، وخاصة بعد أن فقدت سلطة الإقليم ذي الحكم الذاتي 40 في المئة من الموارد، إضافةً إلى جميع المناطق المتنازع عليها، فضلاً عما سببه ذلك من صدمة نفسية قوية للكرد لن يتعافوا منها في القريب العاجل.
لقد أسفرت خطّة التعاون المدبّرة بين طهران، أنقرة وبغداد عن تلك النتيجة السريعة والحاسمة. إن حلم الكرد بدولتهم المستقلة، الذي كان على بعد خطوة واحدة منهم، قد أرجئ إلى أجل غير مسمّى. وهنا ليس مهماً ما إذا كان ذلك قد حصل بفضل الدور، الذي لعبه الجنرال الإيراني قاسم سليماني أم غيره، فالأهم من كل ذلك، أنه تم الإمساك وبمهارة بالغة بالحلقة الأضعف، وهي الخلافات والتناقضات بين الكرد أنفسهم، وتفعيل المبدأ البريطاني المعروف «فرّق تسد» في الحالة الكردية.
هذا، وكان من نتائج عملية «عاصفة الصحراء» الأميريكية ضدّ العراق عام 1991 وفرض مناطق الحظر الجوي على بغداد، وإجبار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على سحب أجهزة الحكومة المركزية من هذه المناطق، أن ظهرت في كردستان العراق إدارتان ذاتيتان. واحدة في السليمانية، وأشرف عليها حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأخرى في أربيل تحت إشراف «الحزب الديمقراطي الكردي». وبعد احتلال الولايات المتحدة العراق، جرى توحيد هذين التنظيمين بتشجيع من أميركا، وهكذا ظهرت حكومة إقليم كردستان العراق ومركزها مدينة أربيل. وقد حدث ذلك كلّه من دون التطرّق قط إلى مسألة الوحدة الفعلية بين الكرد أنفسهم.
وكما هو معروف، بقيت الأحزاب الكردية تحتفظ بهيكليتها التنظيمية، بل وعمل كل تنظيم على تشكيل ميليشياته وأجهزته الأمنية الخاصة به. وكانت قيادة الإقليم في أربيل بيد عشيرة بارزاني، في حين قادت المعارضة عشيرة طالباني، التي اتخذت من مدينة السليمانية مركز إدارة لها. على أنه يمكن القول إن هذا التقسيم كان افتراضياً فحسب. فقد صوت من أجل الاستقلال في الخامس والعشرين من أيلول أكثر من خمسة ملايين مواطن كردي من جميع الأحزاب والعشائر. بيد أن تطور الأحداث لاحقاً على المستوى الكردي الداخلي أظهر تماماً أن الوحدة الكردية هو خرافة شبيهة بخرافة «الأمة العربية الواحدة».
كومرسانت
يشير يفغيني خفوستيك في صحيفة «كومرسانت» الروسية إلى أن حكومة إقليم كردستان العراق اقترحت تجميد نتائج الاستفتاء والبدء بالحوار مع بغداد.
كتب خفوستيك: أصدرت حكومة إقليم كردستان العراق بياناً أعربت فيه عن استعدادها للدخول في «حوار مفتوح» مع حكومة بغداد، وتجميد نتائج الإستفتاء الذي أجري قبل شهر في شأن الاستقلال. وقد صدر هذا البيان بعد رفض واشنطن وأنقرة إجراء الإستفتاء. وكذلك بعد استعادة الحكومة المركزية سيطرتها على محافظة كركوك، والتي تمت بعلم الولايات المتحدة، بحسب المعلومات غير الرسمية.
وأشار بيان حكومة الإقليم إلى أن المواجهة العسكرية بين قوات البيشمركة والقوات الحكومية لن تتمخض عن انتصار أي من الطرفين. لذلك يجب التصرف بمسؤولية لمنع تفاقم الأوضاع وإراقة الدماء وأعمال العنف. واقترحت حكومة الإقليم على بغداد إعلان وقف جميع العمليات العسكرية في الإقليم وتجميد نتائج الاستفتاء والبدء بالحوار وفق مواد الدستور العراقي.
ويذكر أن تفاقم العلاقات بين المركز والإقليم اشتدّ بعد إجراء الإستفتاء بشأن الاستقلال في 25 أيلول الماضي، الذي جرى من دون موافقة بغداد وواشنطن وأنقرة. فقد دعت الخارجية الأميركية الزعماء الكرد إلى السير في الطريق البديل، وهو الحوار الجدي مع الحكومة المركزية بمشاركة أميركا والأمم المتحدة وغيرهما من الشركاء بشأن جميع القضايا المعلّقة، بما فيها العلاقة بين أربيل وبغداد.
وكانت القوات العراقية قد فرضت سيطرتها على محافظة كركوك من دون قتال. وبحسب الخبراء، فإن ما جرى في كركوك، كان إشارة من أميركا إلى كرد العراق بأنها وبقية الدول الغربية لن تدعم المواجهات مع بغداد.
ففي تصريح إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، قال الخبير بالشؤون العراقية، الموظّف السابق في الخارجية الأميركية، ديفيد فيليب، إن العبادي لم يكن ليبدأ العملية من دون إبلاغ الولايات المتحدة بشأنها، أو على الأقل لو لم تكن واشنطن على علم بتنفيذ هذه العملية. كما أن وزير خارجية الإقليم فلاح مصطفى بكر صرح لقناة «سي إن إن»، بأن حكومته لم ترغب يوماً في محاربة القوات العراقية، مشدّداً على استعداد حكومة الإقليم للدخول في حوار مع بغداد والتوصل إلى حلول مشتركة.
إلى ذلك، أعلنت لجنة الانتخابات في الإقليم عن تأجيل الانتخابات البرلمانية في الإقليم، التي كان من المزمع إجراؤها في الأول من تشرين الثاني المقبل، مبرّرةً ذلك بعدم تقديم الأحزاب الكردية قوائم كاملة بأسماء مرشحيها.
موسكوفسكي كومسوموليتس
يؤكد أرتور أفاكوف في صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية أن محاولات إفشال اتفاق «مينسك 2» هي لمنع تقارب روسيا والإتحاد الأوروبي.
ويشير الكاتب إلى تصريح مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى أوكرانيا كورت فولكر، بعد اجتماعه بالرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أن واشنطن تدرس توريد أسلحة إلى كييف قبل نهاية السنة الحالية، وتعمل على صياغة قرار أممي لنشر قوات حفظ السلام في دونباس لا مكان لروسيا فيها.
ومن المعلوم أن اتفاقات مينسك تنصّ على تسوية الأزمة الأوكرانية سلماً، وقد أدركوا في الإتحاد الأوروبي أن أوكرانيا لا تنفذها، ولا يمكنهم إجبارها على ذلك. لأن واشنطن أعلنت أن موسكو ليست ضامنة لهذه الاتفاقات، بل شريكة في النزاع. ولذا، فإن عليها الدخول في مفاوضات مباشرة مع كييف. وهذا بطبيعة الحال يفشل اتفاقات مينسك، وهذا ما يريده فولكر لكي تبقى المنطقة في حالة لا حرب ولا سلم. وهو ما تسعى له واشنطن لمنع تقارب روسيا والإتحاد الأوروبي، بحسب فلاديمير جاريخين، نائب رئيس معهد رابطة البلدان المستقلّة.
أما رئيس تحرير مجلة «الدفاع الوطني» إيغور كوروتشينكو، فأشار إلى أنّ روسيا ستستخدم حق النقض في مجلس الأمن الدولي. بالنسبة إلى توريد الأسلحة، فقد سبق أن وصفه الرئيس بوتين بأنه تجاوز للخطّ الأحمر، الذي ستضطر معه روسيا إلى منح الجنسية للروس المقيمين في أوكرانيا وخصوصاً في منطقة دونباس، وبالتالي سيصبح من حق الجيش الروسي التدخل لحمايتهم.
إيزفستيا
يتحدث المحلّل السياسي ألكسندر فيدروسوف في صحيفة «إيزفستيا» الروسية عن الأسباب التي جعلت بلدان الخليج تغير نظرتها إلى موسكو.
ويقول إنه كان من الصعب تصوّر التغير الحاصل في نظرة بلدان الخليج إلى روسيا قبل زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى قطر، وتوقيع اتفاق التعاون العسكري الفني معها. وهذا يعني أن روسيا عبّرت عملياً نهر روبيكون في الشرق الأوسط.
ويجب القول أن روسيا تعلّمت الحفاظ على موقف الحياد، وبناء علاقات برغماتية لا تعتمد على أسس إيدولوجية. لذلك وصفت وكالة بلومبيرغ روسيا بأنها «سيدة الشرق الأوسط الجديدة»، وذلك بعد ملئها بالتدريج الفراغ، الذي نشأ بسبب الأخطاء العديدة، التي ارتكبتها الولايات المتحدة، وأخذها دورها كلاعب عالمي كما كان الإتحاد السوفياتي سابقاً.
ويؤكّد الكاتب أن روسيا تطرح موقفها بصراحة ووضوح وتطلب دراسته للتوصل إلى نتائج مثمرة للطرفين من دون إنذارات وليّ أذرع. وهذا الموقف يحفّز على الاحترام، وهو بدأ يؤتي أكله.
لذلك بالذات وبعد مفاوضات دؤوبة، اتفقت روسيا مع المملكة السعودية، أحد اللاعبين الرئيسين في الشرق الأوسط وأسواق الطاقة، على تنسيق نشاطهما لمنع انخفاض أسعار النفط. كما أن الزيارة التاريخية للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان إلى موسكو كانت علامة واضحة على تغير موقف المملكة من الأزمة السورية.
وإذا كان بعضٌ يظن أن زيارة شويغو إلى قطر هي غمز من قناة السعودية، فإن هذا غير صحيح، لأن روسيا تستمر في الاتصال بجميع الأطراف حتى المتخاصمة، وهذا يزيد من هيبتها، ويسهل مهمتها لدى توسطّها في تسوية والخلافات.
نيزافيسيمايا غازيتا
يتناول ألكسندر شاركوفسكي في صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية حرص البنتاغون المتعمد على إغفال الدور الروسي الأساس في محاربة الإرهاب على الأرض السورية.
كتب شاركوفسكي: في أثناء اجتماعه مع القادة العسكريين والأمنيين الخميس الماضي، أعرب الرئيس فلاديمير بوتين عن شكره وتقديره للمهنية، والبطولة التي أظهروها في الحملة السورية.
قال إن أكثر من 90 في المئة من الأراضي السورية حرّرت من الإرهابيين مشيراً إلى أن روسيا حاربت جنباً إلى جنب مع الحلفاء السوريين وغيرهم من الشركاء الأجانب الآخرين.
في حين أن وسائل الإعلام الأميركية الكبرى كانت قد نشرت، قبل يوم من ذلك، مواد الإيجاز الصحافي، الذي شارك فيه مع ضباط آخرين الفريق بول فرانك- الثاني قائد قوّات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» في العراق وسورية، حيث جرى الحديث في المقام الأول عن خطط الجيش الأميركي في المستقبل القريب للقضاء على بضعة آلاف من الإرهابيين. أما عن دور روسيا في هذه الحرب، فلم ينبس الجنرال الأميركي ببنت شفة.
بول فرانك تحدث بالتفصيل عن الإنجازات، التي حقّقها التحالف في الحرب ضدّ «داعش» في سورية والعراق، وقال إن التنظيم الإرهابي يُحكم سيطرته الآن فقط على 5 من المساحة، التي كانت تحت سيطرته قبل عامين. ووفقاً لرأيه، فإن إرهابيي «داعش» أصبحوا غير قادرين على الاحتفاظ بما تبقى من الأراضي والمدن، التي تقع تحت سيطرتهم، وإنه محكوم عليهم بالهزيمة. بيد أن بول فرانك أعرب عن ثقته بأن الإرهابيين سوف يواصلون حرب العصابات عبر خلاياهم السريّة.
إلى ذلك، قيل أيضاً إن إدارة الرئيس دونالد ترامب لن تكرّر خطأ الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2011 أي انسحاب القوات الأميركية من العراق، وجرى التشديد على أن الولايات المتحدة سوف تحتفظ بوجودها العسكري في العراق والمنطقة ككل لأمد طويل ما دامت الضرورة تتطلّب ذلك.
كما أشار الجنرال فرانك إلى الضرورة الملحّة للقضاء على «التشكيلات الميليشوية الشيعية الموالية لإيران».
هذا، ويمكن الاستنتاج، بعد قراءة تحليلية للإيجاز الصحافي للعسكريين الأميركيين مع وسائل الإعلام، أن وزارة الدفاع الأميركية، بإغفالها الدور الروسي في محاربة الإرهاب، قد تكون تريد إعداد الرأي العام في الولايات المتحدة لإمكان حدوث مواجهة محتملة مع دمشق وبالتالي مع روسيا.