افتتاح مؤتمر «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» وكلمات أكّدت زوال «إسرائيل» وعدم التنازل عن فلسطين

افتتح «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» مؤتمره الثاني بعنوان «فلسطين بين وعد بلفور والوعد الإلهي»، أمس في قصر الأونيسكو، في حضور شخصيات سياسية وعلماء دين من الدول العربية والأجنبية ومسؤولين عن الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية وهيئات نسائية وثقافية وإعلامية.

وعُرض في مستهلّ المؤتمر فيلم وثائقي عن الأقصى، وبعده كلمة تقديم للشيخ إبراهيم البريدي.

ثمّ تحدّث رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» الشيخ ماهر حمّود، مرحّباً بالمشاركين ومتمنّياً أن يكون المؤتمر خطوة في الاتجاه الصحيح.

وقال: «الأمّة صارت منهكة، فالمؤامرات تُحاك في واشنطن و»تلّ أبيب» وفي بعض العواصم العربية، وما وعد بلفور إلّا واحداً منها»، مؤكّداً «أنّ فلسطين ستبقى وجهتنا مهما كثرت المؤامرات».

ودعا إلى «قراءة تجربة المقاومة في لبنان وسورية وفلسطين والعراق، وسترون أنّ الانتصار على «إسرائيل» هو قرار وإرادة، وليس بالجيوش عدداً وعدّة»، مشيراً إلى «أنّ المقاومة في غزة أكّدت اليوم أنّ الفئة القليلة تنتصر على الفئة الكبرى بالإرادة، وكذلك المقاومة في لبنان التي انتصرت على إسرائيل»، مؤكّداً «أنّ المقاومة ليست إرهاباً، يحميها جيش وشعب».

وختم مؤكّداً «حتمية زوال إسرائيل».

ثمّ تلا أمين عام جمعية «التقريب بين المذاهب» الشيخ محسن الراكي، رسالة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي إلى حمّود، شدّد فيها على «مسؤولية المسؤولين في العالم الإسلامي عن فلسطين، وخصوصاً علماء الدين، لأنّه جهاد مقدّس»، مؤكّداً «أنّ الوعد الإلهي المحتوم يقضي بالانتصار في هذا الجهاد».

وقال الراكي: «هذا المؤتمر يعبّر عن نهاية المرحلة الأميركية في المنطقة وبداية مرحلة جديدة»، مؤكّداً «الاستمرار بدعم المقاومة ومحاربة الاحتلال الصهيوني»، وقال: «منطقتنا بدأت تتحرّر من المؤامرات ومن التكفير في سورية والعراق، وبداية العدّ العكسي للدولة الصهيونيّة الغاصبة».

وألقى رئيس اتحاد علماء بلاد الشام الشيخ توفيق البوطي نجل الراحل الشيخ محمد رمضان البوطي كلمة مدير الأوقاف في سورية الشيخ الدكتور عبد الستار السيد، ناقلاً «تحيات سورية الممزوجة بعبق الانتصارات»، مشيراً إلى «وعد بلفور الجائر وتشجيع بريطانيا له».

ولفتَ إلى «الضعف الذي أصاب أمّتنا، وفرض الغرب وصايته عليها وقسّم منطقتنا وجعل ثروات أمّتنا طعاماً لهؤلاء». وأكّد «أنّ فلسطين هي أرض لأهلها، ونرفض المساومة عليها وعلى مقدّساتها». وقال: «لا يحقّ لأحد أن ينتزع حقّ الفلسطينيين، لا بريطانيا ولا غيرها».

وأكّد أنّ أمّتنا اليوم استيقظت وهي غير الأمس، وقال: «أكبر مثال على ذلك هو ما جرى في سورية، إذ قرّروا إسقاطها فقرّرت إسقاطهم. لقد سقطوا وبقيت سورية».

ورأى أنّ «السبيل لتحقيق النصر هو في نبذ الفرقة والتطرّف، اللذين يحاول البعض تكريسهما من خلال التكفير ومدّ اليد إلى العدو الغاصب».

بدوره، تطرّق رئيس حزب الأمّة رئيس وزراء السودان السابق الصادق المهدي في كلمته إلى وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، منتقداً احتفال رئيسة وزراء بريطانيا الحاليّة بذكرى وعد بلفور.

واقترح على المؤتمر إصدار ميثاق يتصدّى للصهيونيّة ويؤكّد حقّ العودة للشعب الفلسطيني، ومقاومة الظلم والاحتلال، والعمل على إيجاد حلول لحروب المنطقة، ورفض أيّ تصنيف للمقاومة بأنّها إرهاب.

كما تحدّث رئيس الوقف السنّي في العراق الشيخ عبد الكريم هميم، فقال: «التنازلات التي قدّمها العرب أوصلتنا إلى هذا التمزّق، وسقطنا في فخّ التاريخ وفقدت الأمّة العقل والوعي في لحظة تاريخية عابرة»، لافتاً إلى «أنّ المؤامرات والثورات المجنونة والسياسات الطائشة أنهكتنا، وابتلعنا الفاسدون والحكّام الظالمون». وأشاد بالمقاتل العراقي «الذي رسم مرحلة جديدة»، داعياً إلى معرفة «شروط النهضة والحضارة».

ثمّ عُرضت عبر شاشة من القدس كلمة مسجّلة للمطران عطالله حنا، نقل فيها تحيّات القدس وأهلها إلى المؤتمر ومبادرته، مشيداً بوقوفهم إلى جانب القضية الفلسطينية «انطلاقاً من بيروت عاصمة المقاومة والإباء والجهاد».

وأكّد «أنّ فلسطين ستبقى قضية العرب الأولى مهما تآمر عليها البعض، والتي يسعى الأعداء لتصفيتها»، مشدّداً على تشبّث الفلسطينيّين بفلسطين أرضاً وشعباً وتراثاً وتاريخاً، ولا يمكن لوعد بلفور وغيره أن يكسرنا».

وعرض لواقع مدينة القدس حالياً ومقدّساتها وأوقافها الإسلامية والمسيحية، مشيراً إلى أنّها تتعرّض للبيع عبر سماسرة وأدوات وُجدوا لخدمة الاحتلال.

وأكّد «رفض الاستسلام للمتآمرين على القدس ومقدّساتها وأوقافها والنَّيل من هويّتها»، وقال: «في فلسطين، مقاومون وشعب رازح تحت الاحتلال، لكنّه شعب لم ولن يرضى بهذا الاحتلال»، مشدّداً على حق العودة.

ولفتَ إلى الإرهاب العابر للحدود والتآمر على سورية والعراق وليبيا كي تُنسى قضية فلسطين، داعياً أبناء الأمّة إلى البقاء معاً في الدفاع عن فلسطين.

من جهته، أكّد أمين عام هيئة كبار العلماء المسلمين في أوغندا أنس كاريسا، أنّ بعض العرب تآمر على فلسطين، ولفتَ إلى «أنّ العقيدة السلفيّة التكفيريّة هي التي دمّرت العراق وسورية نيابة عن الغرب وعن الصهيونية».

واعتبر رئيس هيئة علماء المسلمين في ماليزيا الشيخ عبد الغني شمس الدين، أنّ «هذا المؤتمر هو للدفاع عن فلسطين، ورفض لوعد بلفور وسواه».

كما كانت كلمة مسجّلة لرئيس المكتب السياسي لـ»حماس» إسماعيل هنيّة، اعتبر فيها أنّ «هذا المؤتمر المنعقد على أرض لبنان وبيروت والمقاومة إنّما هو يعني كلّ أحرار هذه الأمّة»، محذّراً من «المخاطر التي تحيط بأمّتنا هذه الأيام».

وقال: «رغم مرور مئة عام على وعد بلفور، فإنّ الشعب الفلسطيني لم ينكسر وهو مستقبل هذه الأمّة».

وتوقّف أمام تحدّيات هذه المرحلة جرّاء استمرار الاحتلال وبعض مظاهر الانقسام في الساحة الفلسطينيّة، فيما جزء من أبناء شعبنا الفلسطيني ذهب باتّجاه التسوية والاعتراف بالاحتلال، ما كان له نتائج مؤلمة، وقال: «من التحدّيات التي نعيشها اليوم هذا الصراع الدامي الذي تعيشه أمّتنا».

وطالب «ببناء استراتيجية متكاملة لمواجهة هذه التحدّيات، وإعادة الاعتبار لخيار المقاومة كخيار استراتيجي لتحرير فلسطين».

وأعلن «أنّ خيارنا هو المصالحة الوطنية الفلسطينية ولا رجوع عنها»، واعداً «بتقديم كلّ ما يلزم من أجل إنجاحها»، مشيراً إلى القبول بإقامة الدولة مع التمسّك بالخيار الاستراتيجي بعدم التنازل عن شبر واحد من فلسطين»، مشدّداً على «تبنّي استراتيجية الانفتاح على مكوّنات الأمّة، لأنّ فلسطين توحّدها».

وأكّد «أنّنا نريد علاقات صحيحة مع السعودية وإيران، وكلّ قوى المقاومة»، متمنّياً أن يعود الاستقرار إلى سورية وإلى دورها التاريخي من أجل فلسطين.

وأعلن «أنّ المقاومة بألف خير»، وطالب «أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان بألّا تتسلّل إليهم الأفكار الغريبة عن بيئة فلسطين».

وختم موجّهاً التحيّة إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وإلى القيّمين على هذا المؤتمر.

كما كانت كلمة لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي عرض للجريمة الصهيونية في احتلال فلسطين، وإخراج شعب كامل من أرضه. وأشار إلى أنّ ثمّة خيارين لا ثالث لهما، «فإمّا الاستسلام، وإمّا المقاومة. ونحن مع المقاومة ونؤمن بأنّ النصر حليفنا».

ونبّه إلى أنّ «تثبيت إسرائيل، يمرِّر كلّ منظومات الاحتلال للمنطقة، وآخرها إنشاء «الشرق الأوسط» الجديد الذي انكسر مرّتين عبر لبنان وسورية»، مؤكّداً أنّ تحرير فلسطين هو تحرير للمنطقة كلّها، وتحرير لخيارات شعوبها»، لافتاً إلى أن ّ «العدو الذي يدير حروب المنطقة واعتداءاتها واحد: وهو «إسرائيل» ومعها أميركا».

وأكّد أنّ «الصراخ والتهديدات وجنون العظمة تعبير عن فشل المحور المعادي للمقاومة، وهذا لن يزيدنا إلّا ثباتاً ومقاومة. هذه أرضنا سنحرّرها ونحميها ليكون شعبنا سيّداً عليها، ولن نقبل بوصاية خارجية ولا أن تتسلّط أيّ دولة على بلدنا. سنقاوم الاحتلال والعدوان والوصاية مهما كلّف ذلك».

وأعلن أنّ «البندقية التي تنحرف عن فلسطين وفي مواجهة «إسرائيل» إلى اتّجاه آخر معاكس، هي بندقية «إسرائيلية» مهما كان عنوانها».

وقال: «لقد أعطوا لأميركا مئات المليارات من الدولارات، وصرفوا مثلها لتدمير سورية واليمن ورعاية الإرهاب التكفيري في المنطقة وإثارة الفتنة في لبنان… فلو صرفوها في فلسطين لكان الوضع مختلفاً. في المقابل، المقاومة مع قلّة عددها وعدّتها أنجزت الكثير في مواجهة المشروع «الإسرائيلي» رغم هذه المليارات».

وشدّد على أنّ «المقاومة أثبتت أنّها الخيار الوحيد المجدي للتحرير واستعادة الأرض، فهي نجحت في لبنان وفلسطين بمنع « إسرائيل» من تحقيق أهدافها، ونجحت في ضرب أياديها التكفيريّة من خلال محور المقاومة الذي عطّل مشروع «إسرائيل» في سورية والعراق».

وأضاف: «لقد أُصيبت «إسرائيل» ومن وراءها بأكبر ثلاث هزائم خلال عقد واحد، هزيمة العدوان على لبنان 2006، وهزيمة غزة بصمودها ثلاث مرات بين 2008 و2012، وهزيمة الإرهاب التكفيري في 2017 في سورية والعراق».

وأشار إلى أنّه «مع حسمنا لخيارنا المقاوم يصبح التحرير مسألة وقت، وخلال هذه المدّة لا استقرار ولا شرعيّة للاحتلال».

وتابع: «لا توجد أجواء حرب «إسرائيليّة» في المدى المنظور، فـ»إسرائيل» تعلم بأنّ جبهتها الداخلية ومنشآتها ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة فيما لو اعتدت وشنّت حرباً، «إسرائيل» تملك خيار بداية أيّ حرب، ولكنّها لا تملك نتائجها ولا شكل نهايتها. أميركا مربكة وتؤجّل الحلّ السياسي في سورية بسبب ضعف أوراق القوة لديها بعد هزيمة الإرهاب التكفيري وإماراته الـ»داعشيّة»، وعلينا أن نتقدّم ونستمر باتجاه الحلّ السياسي لسورية الموحّدة».

وقال: «لنا الفخر أن تكون إيران رأس حربة المقاومة، ولولاها لكانت المنطقة في وضعيّة أخرى»، لافتاً إلى أنّ «من نتائج نصر المقاومة ضدّ «إسرائيل» في لبنان: قوة لبنان وتعزيز قدرة الردع، وضعف استخدام لبنان كأداة وساحة، وانتخاب رئيس قويّ للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات وإقرار قانون للانتخابات، و إن شاء الله تعالى ننجح أيضاً في التنمية والاقتصاد، فكلّ المقوّمات مساعدة ويبقى جرأة أصحاب القرار». وشدّد على أنّ »لا العقوبات ولا التهديدات ستثنينا عن استمراريّتنا بالمقاومة».

وأخيراً، قدّم الشيخ أكرم الكعبي بِاسم الحشد الشعبي وحركة النجباء في العراق درعاً تقديريّة للشيخ حمّود.

ويتابع المؤتمر اليوم وغداً في فندق سفير – الروشة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى