وعد «بلفور» جديد.. المقاومة تحت المقصلة

حسين حمّود

بالتزامن مع الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم الذي أعطى فلسطين التي كانت محتلّة من جانب بريطانيا، إلى العصابات اليهودية الوافدة براً وبحراً وجواً، من معظم الدول الغربية وبعض الدول العربية إلى فلسطين مستبيحين، استناداً إلى الوعد المذكور، وبمساندة بريطانيا ميدانياً، الأرض وأهلها الذين وجدوا أنفسهم، بين ليلة وضحاها، مشرّدين خارج أرضهم في مخيمات لجوء ما زالوا ينتظرون فيها عودتهم التي وعدهم بها بعض القادة العرب عام 1948.

تبدّل القادة العرب، وتبوأت السعودية وعدد من دول الخليج هذا المنصب. وتكررت الوعود للفلسطينيين بإعادتهم إلى ديارهم التي هجروا منها، لكن كل ذلك كان سراباً عاصفاً من الصحراء. بينما وعودهم للكيان الصهيوني وسيّدته أميركا تُنفذ بأسرع من طرفة عين.

واليوم يتكشّف المشهد أكثر فأكثر على هذا الواقع المؤلم في سورية والعراق ولبنان واليمن وليبيا ومصر وغيرها من دول الإقليم يجمع بينها قاسم مشترك وهو وجود قوى في تلك الدول، رسمية أو شعبية أو حزبية، تزعج العدو «الإسرائيلي» إن لم نقل تهدد وجوده برمّته.

لذا كان الانقضاض الخليجي الشرس على تلك الدول

لتقسيمها وتفتيتها كمقدّمة لالتهامها من قبل الصهاينة وتوسيع كيانهم، تماماً كما فعل وعد بلفور.

لبنان ليس مستثنىً من هذا الوعد. لقد أفصح عنه أحد وزراء السعودية الذي وعد اللبنانيين بالتحضير لإنهاء بلدهم، وإن بشكل موارب، عبر إطلاق التهديد والوعيد بالقضاء على حزب الله، محاولاً تحريض الحكومة وقسم من اللبنانيين عليه.

وهذا ليس موقفاً شخصياً لذاك الوزير الذي قال أيضاً «سترون في الأيام المقبلة ما سيحصل. الآتي سيكون مذهّلاً بكل تأكيد».

«بلفور» السعودي لا يختلف عن بلفور البريطاني إلا في الملابس أما التوجه فواحد وأهدافه واحدة، وهي «إراحة اليهود في وطن قومي لهم في فلسطين» والقضاء على كل مَن يشكّل مصدر إقلاق لهذه الراحة.

لم يواجه لبنان الرسمي حتى الآن تصريحات الوزير السعودي الذي أكد أن مواقفه هي مواقف مملكته، بل بالعكس أنعشت هذه المواقف رغبات دفينة لدى جزء فاعل من قياديّي تيّار «المستقبل» الذين تلقفوا تصريحات سيّدهم السعودي، معتبرين أنه يجب إنهاء حزب الله وأنهم يؤيدون المواقف السعودية منه وإن «كانت ستؤذي كثيراً اللبنانيين».

وبدأ هؤلاء بالترويج لإمكان حصول مواجهة عسكرية مع الحزب، لكن من دون تحديدها، إلا أن أوساطاً سياسية قلّلت من خطورة هذه التهديدات، مشيرةً إلى أنها من قبيل الحرب النفسية لإخافة اللبنانيين والتأثير على مزاجهم ليكون معادياً لحزب الله في الانتخابات النيابية المقرّرة في شهر أيار من العام المقبل.

لكن الأوساط أكدت ضرورة أخذ الحذر من تلك التهديدات وإمكان قيام «إسرائيل» بعدوان مباغت ضد لبنان، وإن كانت الأجواء السياسية والعسكرية الأميركية و»الإسرائيلية» لا توحي ذلك. لكن في الوقت نفسه، فإنه كما كان وعد بلفور سرياً منذ العام 1917 حتى حوالى العام 1947 عام النكبة الفلسطينية والأمة، فإن وعود العام 2017 قد تبقى كذلك إلى حين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى