تصحيح المسار المنحرف للتاريخ
أسعد البحري
في تاريخنا السوري محطّات مضيئة وأخرى كارثية، ومن أسوأ المحطات الكارثية، ما سُمّي «وعد بلفور»، ذلك الوعد المخالِف لكلّ الأعراف والقوانين والقواعد التي ترتكز عليها العلاقات الإنسانية والدولية، حيثُ قدّم من لا يملك الحق بالوعد وعداً لليهود بإقامة وطن قومي لهم على أرضٍ ليست لا للواعد ولا للموعود، مخالفاً حتى القواعد التي تنشأ على أساسها القومية.
كانت حجة اللوبي الصهيوني أمام الشعوب الأوروبية، إقامة «وطن لشعب بلا أرض على أرضٍ بلا شعب»، والآن وبعد مرور مئة عام على الوعد، و69 عاماً على إقامة الكيان المصطنع بقرار من هيئة الأمم المتحدة، وهي أيضاً سابقة في التاريخ، منفردة، نجد أنّ هذا المنتج لم يجد طريقه إلى الحياة المستدامة والمستقرّة، لأنه قام أساساً على الكذب، ومخالفاً لنواميس الطبيعة، ولقواعد نشوء الأمم، ولا حياةَ يوميةً له حتى، إلا على أزمات المحيط. لذلك فوّضَ حلفاءَه المستترين والعلنيّين بالعمل الدائم لمنع استقرار دول وحكومات سورية الطبيعية، ومنع والتصدّي بالوسائل كافة لأية أعمال تسهم بقيام وحدتها، أو حتى إقامة اتحاد بالمعنى الاقتصادي أو السياسي، فما هو متاح لجميع شعوب العالم العربي غير متاح للسوريين، بل على العكس، السعي الدائم للإمعان بزيادة التقسيم، للوصول إلى تقسيم المقسّم وتجزيء المجزّأ… وأرى أنّ الأمور ستبقى هكذا وتتعقّد أكثر، حتى يتمّ تصحيح المسار المنحرف للتاريخ، وذلك بالقضاء على منتج الكذب الذي أتى به بلفور ومََن على شاكلته…
في ذكرى وعد بلفور لا بدّ من القول: لعن الله بلفور، وكلّ الذين ساهموا بإقامة دولة «إسرائيل» ودعمها من يهود الخارج والداخل… ولتحي سورية بأركانها الأربعة.