عشق الصباح

يا بحر أنت مرفأ ذاكرتي، هطول المطر في الخريف له طقوس تغري، كأنثى خارجة من بين موجك المتلاطم وهي تفيض حيوية، نظرَ إلى البحر بانكسار والنوارس تطوف من حوله، وهو يصغي بانتباه شغوف لحفيف أجنحتها تحت المطر، يرقب تناثر الغيوم الداكنة في الفضاءات المطلقة، خُيل إليه بأن تلك النجوم المتلألئة يزداد بريقها كلما انغسلت بملوحة ماء البحر هي تأخذ ملوحته وتمنحهُ عذوبتها ليصبح الماء الاجاج عذب ينهمر على الأرض يمنحها النماء والحياة!

يا للأعاجيب ولهذه الكينونة لإبداع فطرة الطبيعة، التي تنشئ من خلال جولان الحياة ما بين البحر والغيم والفضاءات والنجوم والأرض والمطر! كان يمشي وحيداً وقد بلله المطر.

قال: الغربة موحشة وهذا الليل موحش. وعيناه كانتا تجوبان بكل الاتجاهات، كل شيء هنا يُذكره بامرأة مغسولة بالعطر، تنتشي على انحناء شفتيها حبات الرمان ويغفو على حرير خديها الياسمين وينمو في كفّيها الحبق، كل شيء فيها يغري يضج نضارة، الشوق يأخذه لجنون النشوة المشتهاة! شوقه إليها يُشبه أرض في الخريف تشتهي المطر.

حسن إبراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى