منفذ عام عكّا… الرفيق محمد جميل يونس
من المعروف أنّ الرفيق محمد جميل يونس كان قد تولّى مسؤولية منفذ عام عكّا. وإذ انتقل إلى لبنان بعد النكبة، استقر في جزّين وتولّى فيها مسؤولية العمل الحزبي.
في إحدى النبذات، أشرنا إلى أنّ الرفيق يونس هو خال الرفيقة هلا النابلسي، إنما لا تعرف عنه كثيراً إذ كانت طفلة عندما كان ناشطاً حزبياً ومسؤولاً.
عن الرفيق محمد جميل يونس هذه الإضاءات، آملين من رفقاء عرفوه أن يكتبوا إلى لجنة تأريخ الحزب بحيث يمكن إعداد نبذة وافية، عن الرفيق المناضل المذكور.
من الرفيق عبد اللطيف كنفاني 1
«انحدر الرفيق محمد جميل يونس من عائلة محافظة، وكان والده شيخاً معمّماً من رجالات عكّا المرموقين. توجّه إلى صيدا طلباً للعلم كالكثيرين من أبناء مدينته والتحق بمدرسة الفنون الأميركية مدرسة الفنون الإنجيلية الوطنية لاحقاً وتخرّج منها عام 1942.
كان دمث الأخلاق، هادئ الطباع، محبّاً للأدب والبحث العلمي. عرف عنه أنه لم يكن يستكين لرأي أو يقبل بنظرية إلا بعد تشكيك ونقاش مستفيضين.
اشتهر في المدرسة بالمغالاة في الجدال حتى لُقّب من قبل أقرانه بمستر أتلي، وكان السياسيّ الشهير كلمنت أتلي في تلك الأيام زعيم المعارضة البريطانية.
جاء انتماءه إلى الحزب عن قناعة متناهية وإيمان متجذّر بالأفكار التي يطرحها الزعيم. لم يكن في يوم من الأيام متطرّفاً ولا منغلقاً، بل منفتحاً ومحاوراً لدرجة أنّ الغالبية من أفراد شلّته كانوا على نقيض من المبادئ التي اعتنقها ومضى ينادي بها. كان بالفعل محبّاً لبني أمته على اختلاف ميولهم وتباين مشاربهم، يرى فيهم جميعاً طاقات واعدة لخير الوطن.
أمضى الرفيق محمد جميل يونس البقية الباقية من عقوبة سجن صدرت بحقه في بلدة جزين فحلّ فيها معزّزاً لفرط أدبه الجم وسلوكه الحسن. وكان يسمح له بالانعتاق المحدود من وراء القضبان لقضاء بعض الوقت تحت الشمس والتجوّل في دائرة مرسومة. بالمقابل كان الرفيق يونس يعطي أفراد المفرزة المنوط بها حراسته دروساً في اللغة الإنكليزية التي كان يجيدها أيّما إجادة، الأمر الذي جعل من السجين صديقاً مؤتمن الجانب وخلّاً أنيس المعشر إلى جانب كونه أستاذاً له احترامه».
من الأمين الراحل فؤاد شواف 2
«حول الرفيق محمد جميل يونس منفّذ عام عكّا وزوج شقيقتي:
الذي أعرفه أنه كان قبل العام 1948 منفذ عام عكّا ـ فلسطين، وعندما وقعت حادثة الجميزة كان يعمل في مطبعة الحزب وقد أصيب في رجله وحوكم من دون ذنب، وحُكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات. أصدر الحزب آنذاك أمراً للقوميات الاجتماعيات بمراسلة رفقائهنّ في السجون وكان نصيب شقيقتي وداد، الرفيق محمد جميل يونس وتمّت المراسلة بينهما. ثم ذهبت أختي وداد الشواف وزارته شخصياً في سجن صيدا، واستمرت العلاقة الكتابية بينهما. وبعد خروجه من السجن ذهب إلى الكويت وتوظّف في وظيفة حكومية هناك كمحاسب، ثم طلب الزواج من أختي وكنتُ آنذاك في السجن وقد وافقتُ على طلبه من دون أن يحضر إلى اللاذقية، ووافق شقيقي الرفيق قاسم المؤرّخ والكاتب المعروف ، وأخذ شقيقتنا وداد وأوصلها إلى الكويت حيث تمّ عقد القران هناك، وبعد عدّة سنوات أنجبا ولداً سمّياه جميل جميل اليوم محامٍ خرّيج السوربون ومقيم مع أمه في باريس . وبعد فترة سُرّح من شغله في الكويت وعاد مع أسرته إلى اللاذقية ثم إلى بيروت حيث أستأجر مطعماً صغيراً وشاركته شقيقتي بالطبخ، ولم يستلم أيّ مسؤولية حزبية في هذه الفترة، وكان يزوره عبد المسيح وفؤاد واسكندر شاوي. ثمّ مرض الرفيق محمد جميل يونس بمرض عضال، ولم تنفع معالجته فتوفي وكان والده وأخوته يسكنون في برج البراجنة، فدُفن هناك».
معلومات الأمين بشير موصللي:
محمد جميل يونس، من عكّا ـ فلسطين، كان منفّذ عام عكّا ومن ثمّ مدير مديرية جزّين. اختصاصه محاسبة، وتوجّه إلى الكويت بعد نفيه من قبل الدولة اللبنانية. توظّف في الدولة إنما تعرّض للصرف مع 5000 موظف. توجّه إلى اللاذقية لمدة سنة ومن ثم إلى بيروت، أسّس مطعماً في منطقة الروشة. وتوفي في بيروت على إثر مرض السرطان عام 1969.
زوجته السيدة وداد الشواف شقيقة الأمين المرحوم فؤاد الشواف. لديه ابن موجود في باريس ـ فرنسا، تخرّج في المونتاج والإخراج السينمائي، والحقوق من جامعة السوربون.
كانت التهمة الملفّقة له التعامل مع اليهود، وقد فنّد الوثائق المزوّرة للمحقّق وكان محلّ إعجاب المستنطق لطلاقة لسانه، ولغته الفصيحة، وحجّته العالية، حتى أنّ المستنطق قال له: أريد أن أسترسل بالتحقيق معك لأن الحديث معك متعة أدبية».
هوامش:
1 نشط حزبياً في فلسطين وتولّى مسؤوليات حزبية وعامة. له أكثر من مؤلَّف. وجه حزبيّ ناصع سلوكاً وثقافة والتزاماً قومياً اجتماعياً.
2 تعرّض للسجن بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي. عُيّن منفذاً عاماً في اللاذقية. مُنح رتبة الأمانة وانتُخب عضواً في المجلس الأعلى.