غصن: رفع العقوبات الأميركية فرصة لبناء منظومة اقتصادية قوية وتحقيق تكامل عربي إقليمي
بحضور الرئيس السوداني عمر البشير، شارك الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن في الندوة القومية التي نظمها بالخرطوم لمدة 3 أيام، منظمة العمل العربية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بالتعاون مع الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، بعنوان «آليات المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب التقني والمهني والاحتياجات الفعلية لسوق العمل في الدول العربية».
وفي كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية شكر غصن باسمه وباسم الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب «الممثلين لما يقارب مئة مليون عامل عربي»، متقدّماً بالتهنئة «للشعب السوداني وقيادته الأبية وطبقته العاملة المناضلة على رفع الحصار الاقتصادي الجائر عن السودان، والذي دام ما يقارب العشرين عاماً ضرب خلالها الشعب السوداني وفي القلب منهم العمال، مثالاً يُحتذى في الثبات والصبر والنضال والتماسك».
كما هنأ الاتحاد العام لنقابات العمال في السودان «وقيادته المناضلة برئاسة المهندس يوسف عبد الكريم والتي قادت المرحلة باقتدار فكانوا ولا يزالون مثالاً للوحدة الوطنية والقومية حاجزين لأنفسهم موقعاً متميزاً في قلب العامل السوداني، وهم يدافعون عنه بكل همة للحصول على كافة حقوقه من أجر عادل وعمل لائق وتشريعات متوازنة تحقق العدالة بين كافة أطراف الانتاج. كما حفظوا لأنفسهم مكاناً ومكانة متقدمة في المحافل العربية والدولية وبالمنظمات النقابية العربية والعالمية ليظلوا رسلاً أمينةً ومشرفةً ومشرقةً لدولة السودان التي تحرّرت من الحصار بفضل تماسك شعبها وحكمة قيادتها ومهارة دبلوماسيتها بقيادة طليع الطبقة العاملة السودانية والعربية والدولية البروفسور إبراهيم غندور وزير الخارجية ورئيس الاتحاد العمالي السابق».
وقال غصن: «عشرون عاماً من الحصار الجائر بقي شعب السودان وقيادته الرشيدة يعملان بأناة وإصرار وعضض في ظروف معيشية اقتصادية صعبة من أجل أن تتخطى السودان عواقب هذه العقوبات الجائرة التي ألحقت ضرراً جسيماً بالاقتصاد ودورة الإنتاج وأقعدت البلاد، ما حدا بالاتحاد العام لنقابات عمال السودان أن يقود طلائع الممانعة ومناهضة الإرهاب الاقتصادي الأميركي رافعاً الصوت على منابر العربية والدولية وخلال الفعاليات النقابية وعبر الدبلوماسية الشعبية منادياً بوجوب رفع هذا القصاص والعقاب الجماعي التي تضرّرت منه بشكل مباشر الطبقة العاملة بل الأجيال القادمة من أبنائها».
وأضاف: «ها هو الاتحاد العام لنقابات العمال في السودان يواصل عمله الوطني ويوجّه عماله في بيانه الأخير من أجل الاستعداد لمرحلة ما بعد الحصار، داعياً إياهم «يا من صمدتم في وجه الحصار لا تنسينا فرحة النصر التحدي الأكبر وهو مسؤولية ما بعد فك الحصار ومضاعفة الإنتاج والاستفادة من الفرص المتاحة، فلا بد إن أردنا انفراجاً حقيقياً أن نضاعف جهدنا حتى تتم إعادة إدماج اقتصادنا في الاقتصاد العالمي» واضعاً يده في يد شريكه في الإنتاج اتحاد أصحاب العمل الذي أكد على أنّ رفع العقوبات الأميركية سيكون له مردود إيجابي كبير على اقتصاد البلاد لأنه يشكل خطوة فعلية في اتجاه بناء منظومة اقتصادية قوية ذات انفتاح تجاري وتكامل اقتصادي عربي إقليمي ودولي بدأ بإبرام الاتفاقيات الاقتصادية في الميادين الإنتاجية المختلفة، لا سيما أنّ العقوبات الاقتصادية أدت على مدى عشرين عاماً إلى خسائر مادية تتجاوز الخمسمئة مليار دولار، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة».
وتابع: «نحن في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ملؤنا ثقة بأنّ السودان، بشعبه الصنديد، سوف ينهض مجدداً لما يتمتع به من ثروة بشرية متميزة وثروات طبيعية ينظر إليها العالم أنها سلة غذائه وفق منظمة التغذية العالمية الفاو التي تضع السودان في الموقع الثالث لحل مشكلات الغذاء في العالم، شريطة استغلال إمكاناته باستخدام التكنولوجيا الحديثة والتي تضمنتها لائحة العقوبات، فضلاً عن السماح بالتحويلات المالية وبناء استراتيجية عربية برأسمال عربي وشبكة تواصل ونقل بري وبحري وجوي وتعزيز شبكة سكك الحديد وذلك برعاية القيادة الرشيدة التي استطاعة أن تقاوم العدوان وتصمد إزاء الحصار».
وذكّر بما مرت به السودان والمنطقة العربية «من استهداف وعدوان وتآمر وأطماع أرخت بظلالها وتأثيراتها على أرجاء الوطن العربي وعلى الحركة النقابية فيه»، وقال: «مع هبوب عاصفة الربيع العربي المشؤوم على دولنا وما جلب لها من ويلات وخراب وتدمير وتفتيت، برزت محاولة استهداف الوحدة العربية من خلال استهداف وحدة الحركة النقابية العربية تحت شعارات براقة في ظاهرها رنانة في صداها مطالب حقّ يراد بها باطل استهدفت العالم العربي وحركته النقابية وفي طليعتها الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب المنظمة القومية الحاضنة التي تمثل كل العمال العرب من محيطه إلى الخليج، هذا الاتحاد ذو الإرث النضالي الطبقي والاجتماعي والقومي الذي تأسس في الرابع والعشرين من مارس عام 1956 كإطار معبر عن وحدة نضال الطبقة العاملة العربية تتويجاً لنضالاتها وتضحياتها الكبرى بهدف إنشاء تنظيم نقابي عربي يعمل على تحقيق تطلعاتها الطبقية والوطنية والقومية ويقوي من تلاحمها في الكفاح من أجل مواجهة الأخطار المهدّدة لأهدافها وطموحاتها المستقبلية ويضع حجر الأساس للوحدة لإيمانه المطلق بأنّ تحرّر الأرض من الهيمنة الإمبريالية والصهيونية والرجعية بكافة مظاهرها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية، مؤمناً بأنّ ذلك مرهون بحجم الدور الذي تؤديه الطبقة العاملة في قيادة المجتمع بما يعزّز من دورها النضالي في إقامة المجتمع المتقدم الموحّد المتقدم والمزدهر».
ولفت إلى تصدّي قادة الحركة النقابية العربية «في رفضهم لأي شكل من أشكال التفتيت والشرذمة النقابية التي من شأنها إضعاف النقابات العمالية وتهميشها»، موضحاً «أنّ الاتحاد العام لنقابات عمال السودان برئاسة البروفيسور ابراهيم غندور في حينه كان من أوائل الاتحادات التي نبهت إلى خطورة هذه المخططات وتمسّكت بوحدة تنظيمه وتعزيز دوره في الحياة الاقتصادية والاجتماعية السودانية والعربية. وبالرغم من محاولات بعض من غرر بهم بقي الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب كالطود شامخاً لا بل زاد إصراراً وتمسُّكاً بمبادئه في الدفاع عن حقوق العمال العرب وعن قضايا أمتنا المصيرية، ولم يحد قيد أنملة عن مبادئه ومواقفه المشهودة منذ أن وقف العمال العرب وقفتهم التاريخية إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 في مقاطعة السفن العائدة لدول العدوان، يومها لم يكن قد مضى على قيام هذا الاتحاد أكثر من ستة أشهر، ونستذكر معاً مواقفه المتضامنة مع السودان إبان العدوان الصهيوني على مصنع الشفاء والأدوية. وكذلك عقده أكثر من دورة طارئة لمجلسه المركزي أثناء إثارة الفتن في إقليم دارفور بدعم خارجي ومباركة أميركية، فضلاً عن مسيرات الاحتجاج التي نظمها استنكاراً لقرار المحكمة الجنائية الدولية ورئيسها أوكامبو، والعديد من المسيرات والمواقف دعماً لتحرير أرضنا العربية في فلسطين المحتلة والجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا في جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الصهيونية المتكررة». وأكد «أننا نستذكر هذه المواقف باعتزاز كبير ونؤكد مرة أخرى إصرارنا على المضي في التمسك بقضايا أمتنا العربية وحقوقها المشروعة في الدفاع عن سيادتها وحريتها واستقلالها».
وأشار إلى «أن حالة عدم الاستقرار والاضطرابات المتلاحقة والخلافات فيما بين الأشقاء وانتشار الإرهاب التكفيري في عدد من دولنا وما خلّفها من دمار وتقتيل وتخريب أدت إلى تراجع نسب التنمية إلى أدنى مستوياتها حيث انخفض الإنتاج في مختلف الميادين الاقتصادية، الزراعية والصناعية والخدمية، ما أدى إلى خروج عشرات الآلاف من العمال من سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة، لا سيما في صفوف الشبان والشابات الذين يتعرضون اليوم لأسوأ ظروف الاستغلال، والابتزاز ناهيك عن هجرة الآلاف من خريجي الجامعات والمعاهد التقنية بحثاً عن عمل يقيهم غائلة الجوع ويؤمن لهم حياة كريمة».
واعتبر غصن «أنّ ما كنا ندعو إليه بإصرار بوجوب تحقيق تكامل اقتصادي عربي لمواجهة مشكلاتنا التنموية واحتياجات مواطنينا وتوفيرالأمن والأمان لمجتمعنا، أصبح اليوم أكثر إلحاحاً لمواجهة الإرهاب الذي ما كان لينمو ويتفشى لولا مستنقعات البطالة وبؤر الفقر التي تولد الكراهية والحقد والتطرف، وما ازدياد عدد العاطلين عن العمل في العالم إلى ما يقارب مئتي مليون إنسان وبلوغ عدد الذين يعيشون تحت سقف الفقر مليارين ونصف المليار عامل، وفقاً لإحصاءات منظمة العمل الدولية، إلا القنبلة الموقوتة التي تهدّد السلم الاجتماعي. ويعتبر استمرار ارتفاع معدلات البطالة الذي يقدر حالياً بنحو 17 في المئة المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة العربية، وتقدر منظمة العمل العربية تزايد نسب البطالة وتخطيها 25 مليون عاطل عن العمل في العام 2020، مطالبة بفتح آفاق جديدة للاستثمار العربي العربي وخلق فرص عمل والاهتمام بورش التدريب والتأهيل وربط مخرجات التعليم بسوق العمل .فهذه التحديات الكبيرة التي تواجهنا تدفعنا إلى التلاقي والتعاون والعمل العربي المشترك وتحديد الأهداف لإيجاد فرص للعمل اللائق وتفكيك الاشتباك بين التطور الاقتصادي والتطوير الاجتماعي».
ورأى «أنّ استهداف منطقتنا، حضارة ووجوداً وثروات، يتطلب استنهاض مشروع قومي بات يشكل ضرورة حتمية وواجباً وطنياً مقدساً لمواجهة كل أشكال العدوان والابتزاز التي تنتهجها الإمبريالية العالمية بقيادة الإدارة الأميركية دعماً للكيان الصهيوني الرابض على أرض فلسطين وإفشال مخططاتها ومشاريعها في الهيمنة على العالم العربي وتغيير هويته القومية وإثارة الفتن السياسية والطائفية والمذهبية والإثنية فيها وفرض واقع من الذل والهوان على الأمة العربية وكسر إرادة شعوبنا مستهترة بكافة المواثيق والأعراف الدولية التي تؤكد حرية الشعوب في تقرير مصيرها واحترام استقلالها وصون سيادتها».
وجرى خلال الندوة تكريم النقابية الوزيرة عائشة عبد الهادي التي بدأت مسيرتها ناشطة نقابية في صفوف العمال العام 1959 وتدرجت في العمل النقابي لتغدو نائباً لرئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورئيسة للجنة المرأة العاملة العربية في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، «تقديراً لدورها الريادي في الدفاع عن حقوق العمال ودورها المشرف في النضال من أجل وطنها في المحافل العربية والدولية عينت وزيرة القوى العاملة في مصر».
كما جرى تكريم النقابية نعمت أحمد حسن القيادية الكبيرة في اتحاد عمال السودان والتي أكد غصن أنها «كانت ولا تزال نموذجاً يحتذى به في الدفاع عن حقوق المرأة السودانية ورائدة في المجالات العلمية والأدبية منذ ستينات القرن الماضي والتي سعت إلى حصول المرأة العاملة على أجر عمل متساو مع الرجل وتولت بالفترة السابقة رئاسة لجنة المرأة العاملة العربية والطفل في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب».