من يلعب بالنار… لتقسيم الجيش!

د.نسيب حطيط

لم يبق من المؤسسات الوطنية الجامعة والعاملة لحفظ الوطن سوى القوى الأمنية وفي مقدمها الجيش المظلوم من دولته وقواه السياسية الذين يتصرّفون مع العسكر على أنهم موظفون وحراسٌ شخصيون، عليهم أن ينفذوا ويلبّوا رغبات الجميع من دون اعتراض أو عتاب، لأنهم ممنوعون من التظاهر والإضراب وتحت حجة أنهم يقبضون رواتبهم التي جرى خفضها في سلسلة الرتب والرواتب. ضُرب الجيش في حرب الإلغاء، ويطلبون منه الصمت والعمل وتحمّل الإهانات من بعض النواب والسياسيين، فيُتهم الجيش بالانحياز والتشبيح، والأخطر وصفه بـ»الجيش الصليبي» مع ما يعني ذلك من تعريضه للخطر التكفيري الذي يبيح دمه وقتله ويجعله بمنزلة الكافر مهما كان مذهب العسكري حتى لو كان مسلماً سنياً فهو مرتدّ وكافر لأنه يعين «الجيش الصليبي».

يعيد المتآمرون في الخارج والداخل سيناريو «جيش لبنان الحرّ المسيحي» على الجبهة الجنوبية لخدمة العدو «الإسرائيلي» في مواجهة المقاومة والدولة، والآن يعيدون التجربة بإنشاء جيش لبنان الحرّ المسلم على الحدود الشرقية لمهاجمة الدولة والمقاومة خدمة للعدو «الإسرائيلي» والمشروع الأميركي في الشرق الأوسط الجديد.

المغامرون في الداخل من قوى «14 آذار» وحلفاؤهم وكذلك «الخائنون وطنياً» منذ أن عملوا في السياسة وتدرّبوا في «إسرائيل» وحملوا سلاحها الذي لا يزال شاهداً بعد مصادرته من الجيش والذين شاركوا في مجازر صبرا وشاتيلا وأحداث الجبل لا يزالون كما هم ينفذون تعليمات أسيادهم ويظنون خطأ بأنهم في مأمن من سكاكين «داعش» وأخواته، وأنّ نساءهم لن يطاولهن السبي والاغتصاب والبيع، لكننا ننصحهم بقراءة ما يفعل «داعش» و»النصرة» ببعضهما بعضاً ذبحاً واغتصاباً وعمليات انتحارية، وكلاهما من مذهب واحد ونهج تكفيري واحد ومموّل وراع واحد، ومع ذلك يقتلون بعضهم بعضاً.

لا بدّ من الحسم في قضية فرار العسكريين وعدم التراخي، فليعلن طردهم من الجيش وفق القوانين المرعية الإجراء وإيقاف رواتبهم وتعويضاتهم وتجريدهم من حقوقهم المدنية، لأنهم يمارسون الخيانة الوطنية، ويعرّضون الأمن الوطني للخطر، ويشعلون الفتنة بتقسيم الجيش في تكرار للمشهد السياسي في الحرب الأهلية عام 1975.

نسأل المغامرين في «14 آذار»: ماذا لو أحرقتم الجيش بناركم المراهقة وانقسم الجيش الذي يحمي الجميع والذي يفصل بين الجيران والطوائف والأحزاب والمذاهب وحتى بين الشقق… فمن يحميكم؟

هل سيحميكم «داعش» و»النصرة»… أم الجماعات المسلحة في باب التبانة والمخيمات… لبنان بلا رئيس جمهورية وحكومة في العناية الفائقة ومجلس نيابي يمدّد لنفسه ونقابات تتظاهر وعمال يضربون وموظفون قلقون… لم يبق إلا هذا الجيش من مكوّنات الدولة… ها أنتم تدمرونه غباءً وحقداً ومراهقة سياسية وتنفيذاً لإرادة خارجية… ألم تقرأوا ماذا حلّ بالعراق بعد حلّ الجيش العراقي؟ وبعده الجيش الليبي… فهل بقيت ليبيا بعد ربيعكم الأحمر الدامي؟

الجيش السوري لا يزال صامداً ومع كلّ الحرب العالمية على سورية لا تزال سورية دولة تجري الامتحانات لطلابها ولا تعطيهم الإفادات، ولا تزال تجري انتخابات نيابية ورئاسية وأنتم لا تستطيعون ذلك!

من يذبح الجيش الآن سيُذبح غداً… ومن يقسّم الجيش لن يجد مكاناً يأوي إليه… مخيمات النازحين السوريين بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين مع بعض الجماعات والنواب والسياسيين الداعشيين لن تترك شارعاً أو منطقة إلا وتشعل فيها النار ويعود لبنان إلى زمن الميليشيات… لكن ليست المحلية بل المتعدّدة الجنسيات.

من يقسّم الجيش الآن يريد تحويل لبنان إلى صومال جديد، والظاهر أنّ حركة الشباب المسلم في الصومال بدأت في طرابلس وصيدا وقريباً في بيروت ولن يكون للمستقبل… مستقبل سياسي لأنه تيار علماني… وهو كافر وفق فقه السلفية التكفيرية، فانتبهوا على أنفسكم ونسائكم وأموالكم… فالخليفة التكفيري لن يعترف بكم بعد «انتصاره» في لبنان واسألوا، ماذا فعل «داعش» بالبعث العراقي في الموصل…؟ تحسّسوا رقابكم مع كلّ إعلان عن انشقاق جندي في الجيش تعملون على بثه في الإعلام… وسارعوا إلى حماية جيشكم حماية لأنفسكم قبل فوات الأوان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى