روسيا في سورية… تفصل بين «إسرائيل» وحزب الله؟!
د. هدى رزق
عندما اجتمع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في تل ابيب مع نظيره «الإسرائيلي» افيغدور ليبرمان ورئيس الأركان العامة للجيش «الإسرائيلي» غادي آيزنكوت ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كانت المحادثات تدور حول التنسيق العسكري بين موسكو وتل أبيب في المرحلة الحالية. فـ«إسرائيل» كانت تشكو من تعاظم الدور الإيراني الذي كان محوراً من أهمّ محاور الاجتماع مع المسؤول الروسي.
تناول النقاش مع نتنياهو والعسكريين «الإسرائيليين» تفاصيل عمليات القوات الجوية الروسية في سورية. وقدّمت موسكو بعض المعلومات عن الطريقة التي ستعمل بها مناطق خفض التصعيد الأربع في سورية. ورغم معارضة «إسرائيل» لفكرة وجود إيران كأحد الوسطاء إلا أنّ روسيا شدّدت على هذا الإطار.
كان دعم روسيا لحزب الله على جدول أعمال الطرفين، فالروس يشكلون ضمانة لـ«الإسرائيليين». وهم أكدوا لهم بأنّ إطار التعاون مع الحزب هو ضدّ الإرهاب في سورية وأنّ موسكو لا تزوّده بالأسلحة.
تقود الدبلوماسية الروسية مهمة غير سهلة، فهي تبدو مرنة ومنفتحة على مختلف اللاعبين في «الشرق الأوسط»، وعلى كلّ دوله وهي مهمة ليست سهلة.
قادت روسيا مفاوضات وكأنها تفصل النزاع بين إيران و»إسرائيل» في سورية. واستمرّ بوتين في التواصل مع نتنياهو لضمان وجود روسيا في مأمن من أيّ اعتداءات «إسرائيلية» في سورية تضرب خطة موسكو في الوقت الذي تحاول فيه ضبط الأمور. لكن «إسرائيل» تصمّم على اختزال الوجود الإيراني في سورية بينما تتوسّع إيران وتعزز وجودها، فيما عملت موسكو على تفادي المضاعفات المحتملة.
لا يزعج الوجود العسكري الروسي تل أبيب، بل على العكس يمكن أن يشكل ضمانة لها. أما إيران فهي أيضاً إيجابية تجاه الوجود الروسي على الأرض في سورية. لكن روسيا كانت ولا تزال حذرة من كلّ طرف يحاول استغلال وجودها من أجل تحقيق مكاسب ضدّ الآخر.
حاولت روسيا من خلال علاقتها بـ»إسرائيل» البحث إنْ كان ممكناً لمصالحها أن تلتقي بالمصالح «الإسرائيلية»، لكن ما يهمّ «إسرائيل» هو معرفة ما إذا كانت موسكو لديها بالفعل أيّ نفوذ على طهران، سواء في سورية أو خارجها.
ما حصل في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، كشفت «إسرائيل» عن هوية قائد حزب الله المسؤول عن جبهة جنوب سورية، وقيام الحزب بنشر صور التقطت داخل مستوطنة «إسرائيلية». عكس سعي الجانبين إلى وضع حدود لقواعد الاشتباك في سورية. لكنه أيضاً سلّط الضوء على الدور الذي لعبته روسيا بشكل متزايد في منع الصدامات بين «إسرائيل» وحزب الله في مرتفعات الجولان.
سعت روسيا لاحتواء أيّ تصعيد بين «إسرائيل» وحزب الله، ركّز حزب الله في المقام الأوّل على الحرب السورية.
لكن مع انتهاء الحرب، من الضروري التوصّل إلى اتفاق دائم حول مَن سيتحكم في نهاية المطاف بمنطقة القنيطرة. وسيتعيّن على روسيا والولايات المتحدة تطبيع منطقة التصعيد في جنوب سورية.
أتى لقاء الرئيس بوتين مع المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، لبحث التطورات الإقليمية، وخاصة في ما يتعلق بسورية والعراق، كان اللقاء إيجابياً، فضلاً عن الاتفاق على تعميق التعاون الاقتصادي في العديد من المجالات، بما في ذلك الطاقة.
ومع بداية انتهاء الحرب في سورية وانخراط المعارضة في الحوار ترى إيران أنّ الحرب لم تنته فعلياً، وعلى روسيا التنبّه من الأميركيين، كما يخشى السيد خامنئي أن تتفق روسيا مع الولايات المتحدة فتتضرّر المصالح الإيرانية في سورية والعراق.
لا شك أنّ هناك خلافات في سورية، فموسكو لا تستطيع أن تسكت على تزايد النفوذ الإيراني، لأنّ سورية اليوم تعتبر حقلاً مشتركاً لتوازنات تمتدّ من «إسرائيل» إلى تركيا والسعودية والولايات المتحدة الأميركية. لذلك هي تحاول وإيران إيجاد سبلاً لتشابك المصالح بين البلدين على الصعد الاستراتيجية والاقتصادية.
لا شك في أنّ البلدين قد اتفقا على صفقات «استراتيجية» للطاقة تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار لتطوير حقول النفط والغاز الإيرانية، بالإضافة الى التعاون في مجال الابحاث. وبموجب الاتفاق، أصبحت روزنيفت وغازبروم، منافساً قوياً لمشاريع الغرب في إيران. لكن الاتفاق في سورية أولوية تنسحب على العلاقة في غير مكان وعلى صعد مختلفة…