«وول ستريت» و«ديبكا» وروس: سجال واشنطن مع موسكو لا يلغي تنازلاتها باسيل يحشد أوروبا بانتظار مصير الحريري… المغرّد «راجع هاليومين»
كتب المحرّر السياسي
قضية غياب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لا تزال في مقدّمة الأجندات اللبنانية والإقليمية والدولية، لكنها لم تحجب السجال الروسي الأميركي حول سورية، على خلفية تفسير التفاهم الذي تضمّنه البيان المشترك بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، ومع التسريبات الأميركية حول التزام موسكو بانسحاب إيران وحلفائها إلى مسافة خمسين كيلومتراً من حدود الجولان المحتلّ والحدود الأردنية، والردّ الروسي بلسان وزير الخارجية سيرغي لافروف بعدم تطرّق التفاهم والبيان إلى أيّ شيء من هذا القبيل، واعتباره الوجود الإيراني في سورية شرعياً عكس الوجود الأميركي غير الشرعي، وهو ما جدّدت دمشق التذكير بموقفها من اعتباره احتلالاً، وتلاقت موسكو ودمشق في توجيه الاتهام لواشنطن بدعم جماعات داعش والنصرة والتورّط بإخلائها عندما تشارف على الهزيمة، وتقديم الدعم اللوجستي لها بإعاقة تقدّم الجيش السوري خلال المعارك.
صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت «إنّ ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون تنازلا عن ميزة التفوّق في الشرق الأوسط لصالح روسيا وإيران»، واعتبرت أنّ الاتفاق الذي أعلنه ترامب في فيتنام مع بوتين والخاص بنزع فتيل الصراع بسورية بمثابة تنازل عن التفوّق الإقليمي لروسيا وإيران، وختمت بالقول إنّ المشهد يوحي بأنّ ترامب ووزير خارجيته يستخدمان دبلوماسية نزع فتيل الصراع لتبرير الانسحاب من سورية ما بعد داعش، مشيرة إلى أنّ بوتين «يحقق الفوز في سورية رغم أحابيله في ما يتعلق بتدخله في انتخابات الرئاسة الأميركية».
الدبلوماسي الأميركي السابق دنيس روس الذي تولى سفارة واشنطن في تل أبيب ولعب أدواراً متعدّدة كمبعوث لشؤون مفاوضات «الإسرائيليين» والفلسطينيين، كتب مقالاً مطولاً في «نيويورك تايمز» عن السياسات الأميركية في الشرق الأوسط والتفاهم الأميركي الروسي يقول «لا شكّ في أنّ كلمات ترامب قاسية، فقد هدّد بالانسحاب من الاتفاق النووي وأعلن أنّ الولايات المتحدة ستواجه أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة. كما كرّر مدير «وكالة المخابرات المركزية» مايك بومبيو أقوال رئيسه، قائلاً: «التهديدات المقبلة من إيران… والميليشيات الشيعية، بما فيها ما نراه في شمال العراق… علينا أن نجابه «قوة القدس» و «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني بشكلٍ أوسع، بالإضافة إلى النظام الإيراني نفسه».
وأضاف روس: «غير أنّ أعمال الولايات المتحدة تناقض موقفها هذا. فقد قال مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت رايموند مكماستر مؤخراً إنّ 80 في المئة من القوات التي تحارب إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد ترعاها إيران. إلا أنّ وزير الدفاع جيمس ماتيس قال إنّ الولايات المتحدة تملك «استراتيجية ضدّ تنظيم «الدولة الإسلامية» في سورية، ولكن ليس استراتيجية ضدّ إيران»، معترفاً بـ«التهديد الذي تشكّله إيران والدور الذي تؤدّيه في سورية».
وختم روس: «لقد كان وقوف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي إزاء إرغام الأكراد على التراجع بمثابة رسالة أشد وطأةً بكثير من أقوال الإدارة الأميركية حول إيران. وبعد يومين كانت تتواتر فيهما على مسمعي عبارات الشرق أوسطيّين وهُم يتأسّفون على الهوّة التي تفصل الخطاب المتعلّق بسياسات إدارة ترامب وحقيقة هذه السياسات، غادرتُ وينتابني شعورٌ بأنه قد حان الوقت إمّا أن تخفض الإدارة مما تدّعي أنّها ستقوم به، وإمّا أن تبدأ بجعل أقوالها مقترنة بالأفعال».
أما في مضمون التفاهم الأميركي الروسي فقد نشر موقع «ديبكا» الذي يعبّر غالباً عن قراءة مركز التحليل التابع لجهاز المخابرات «الإسرائيلية» «الموساد» للأحداث، تقريراً جاء فيه «أنّ قراءة دقيقة للاتفاق الروسي – الأميركي الجديد حول سورية، توضح أنّ الروس حصلوا بموجب الاتفاق على حرية تحرّك القوات الإيرانية وحزب الله على طول الخط الفاصل في الجولان المحتلّ، وعلى الحدود السورية – الأردنية. وبالتالي، لم يعُد هناك أيّ معنى لتهديدات بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ورئيس الأركان غادي ايزنكوت. فالحقيقة هي انّ إسرائيل تخلّت في الاتصالات السرية عن مطلبها بإبعاد القوات الإيرانية وحزب الله عن الجولان مسافة 50 كلم، وأُرغمت على قبول انتشارها على بعد 20 كلم فقط عن خط الفصل. بمعنى أنّ الحديث يدور عن رضوخ «إسرائيلي» كامل». وأضاف الموقع، أنّ «الاتفاق لا يتضمّن جدولاً زمنياً لخروج القوات الإيرانية وحزب الله من سورية، ما يعني أنّ مرابطتها على بعد 20 كلم عن الحدود «الاسرائيلية»، أصبحت حقيقة ناجزة على الأرض. أكثر من ذلك، سيكون بإمكان القوات الإيرانية وحزب الله التحرك بحرية في منطقة درعا والقنيطرة، تحت المظلة العسكرية الروسية».
لبنانياً، نجح وزير الخارجية جبران باسيل بحشد الموقف الأوروبي لدعم لبنان، إذا اضطر للذهاب إلى مجلس الأمن الدولي أو أيّ مستوى دولي آخر في طرح قضية احتجاز حرية رئيس الحكومة سعد الحريري، وبمواصلة الاتصالات الأوروبية بالسعودية لضمان نهاية ودية لأزمة الاحتجاز، وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إنّ ما بعد الأحد موعد اجتماع وزراء الخارجية العرب سيكون كلّ شيء قد اتضح، سواء في السياسة أو في مصير الحريري، الذي غرّد داعياً إلى «الرواق» بانتظار عودته «هاليومين»، وإذا مرّ الأحد ووعود الحريري بالعودة تتجدّد فلا مكان بعدها لمهل جديدة للانتظار، وإذا مرّ الأحد واجتماع وزراء الخارجية العرب تحوّل منصة للهجوم على ما تسمّيه السعودية صمت الدولة اللبنانية على قيام حزب لبناني باستهداف أمنها، فلا مكان بعدها للصمت.
لبنان وفرنسا لـ «المملكة»: المهلة الأخيرة الأربعاء وإلا…
لن تمرّ الساعات الثماني والأربعين المقبلة على اللبنانيين بسهولة، بل ربما تكون أصعب من الأيام العشرة التي مرّت على اعتقال رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في الرياض، وسط معلومات عن تحديد مساء الغد نهاية فترة السماح الممنوحة للسعودية للإفراج عن الرئيس المعتقل وعائلته الرهينة وعودته الى بيروت، وإلا سيطرق لبنان أبواباً أخرى ومنها مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية وقبل أن تتخذ الضغوط الدولية لا سيما الفرنسية منحىً تصاعدياً في مقابل تعنت النظام السعودي ومحاولته اتخاذ الجامعة العربية متراساً للمواجهة.
وفي أول تغريدة له منذ اعتقاله، قال الحريري: «يا جماعة أنا بألف خير، وإن شاء الله أنا راجع هل يومين خلينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير».
وعلى الرغم من عودة الحريري الى تغريداته «التويترية» من معتقله السياسي، وتأكيده بأنه سيعود الى لبنان، غير أن المشهد الداخلي لا يزال يكتنفه الغموض، فهل نجحت الضغوط الدولية على ولي العهد السعودي بإطلاق الحريري وما هو الثمن؟ هل هو تنازلات إيرانية في اليمن؟ أم ما يجري فقط مناورة سعودية لكسب الوقت وفرض المطالب؟ وما هي خيارات بعبدا في حال مرّ الأربعاء ولم تحطّ طائرة الحريري في مطار بيروت وعلى متنها الرئيس المعتقل وعائلته؟ وهل سترضخ الدولة اللبنانية للاءات نظامٍ وضع نفسه في مواجهة مع المجتمع الدولي ويتخبّط في أزماته وحروبه العبثية في سورية والعراق واليمن ويعيش صراعات داخلية دموية وينازع من أجل البقاء؟
كما أن عودة الحريري إن حصلت من دون عائلته المحتجزة وأمواله المحجوزة في الرياض ستطرح إشكالية جديدة حيال إرادته السياسية واستقلالية قراره!
زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نقلوا عنه لـ «البناء» تريثه خلال الأيام القليلة المقبلة لجلاء الغموض، وما ستسفر عنه الاتصالات والجهود الدولية لاستعادة الحريري وعائلته الى لبنان، لكن في حال استمرّ الغموض الملتبس حول مصيره، فإن لبنان لن يتردد في طرق باب مجلس الأمن الدولي وأبعد من ذلك الى محكمة العدل الدولية»، ونقلوا عن الرئيس عون تصميمه وإصراره على معرفة مصير الحريري رغم تأكيده على علاقة الأخوة والصداقة مع السعودية، لكن لن يقبل اللبنانيين بإهانة كرامتهم الوطنية الذي يمثلها رئيس الحكومة اليوم واعتقاله وحجز حريته خرق لكل المواثيق الدولية والعلاقات بين الدول وكل ما رافق اعتقاله من صور ومقابلات ولقاءات و«تويتريات» لم تقنع بعبدا بل ما يقنعها عودته وعائلته سالمين الى الأراضي اللبنانية وبعد ذلك لكل حادثٍ حديث».
غير أن بعبدا لم تُبلّغ توقيتاً محدداً لعودة الحريري، لكنها توقعت أن تؤدي الضغوط الدولية الى دفع السعودية للإفراج عن الحريري، لكنها لاحظت مماطلة وتسويفاً في ذلك لتحقيق مكاسبَ وشروط»، ولفت زوار بعبدا أن «صمود اللبنانيين والموقف الوطني والالتفاف حول رئيس البلاد هو الذي استدرج الموقف الدولي الداعم والحاضن للبنان»، مشيرين الى أنه لو وقع لبنان في الفخ السعودي لكان الآن في قلب النفق المجهول وتُرِك وحيداً في مهب «عاصفة الحزم». ولفتوا الى الخطة الممنهجة والمدروسة والتدريجية التي لجأ اليها الرئيس عون بدءاً من بلورة الموقف الوطني ثم مناشدة المجتمع العربي الدولي عبر سفراء الدول».
تصفية حسابات بين «الحكيم» و«الشيخ»
واستغربت مصادر مطلعة موقف رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع الخارج عن الإجماع الوطني، واضعة إياه في إطار تصفية «الحكيم» حساباته مع «الشيخ» الذي سار في التسوية الرئاسية مع الرئيس عون من دون التنسيق مع «القوات. و«هذا ما دفعه الى الدعوة لقبول استقالة الحريري واستشارات نيابية جديدة».
دور مريب لسعيد!
كما أبدت المصادر استغرابها إزاء مواقف البطريرك مار بشارة الراعي لجهة إعلانه أنه مقتنع باستقالة الحريري، وكشفت لـ «البناء» أن «عون تمنّى على الراعي إرجاء زيارته الى السعودية، لكنه لم يقتنع، كما أوفد الرابطة المارونية لإقناعه وتمنّوا عليه عدم الذهاب في ظل احتجاز رئيس الحكومة، لكنه أصرّ على ذلك»، موضحة أن للراعي اعتباراته وحساباته الخاصة، لكنه خرق الموقف الوطني وشكل غطاءً للممارسات السعودية بحق لبنان في الوقت الذي من المفترض أن يلعب دوراً ريادياً في الموقف السيادي الذي تجلّى في لبنان»، كما نظرت بارتياب شديد الى وجود ودور النائب السابق فارس سعيد ومرافقته للراعي خلال زيارته. وموقف سعيد معادٍ للموقف اللبناني وبخاصة في دعوته الى تطبيع العلاقات مع «اسرائيل»، كما «رسمت علامات استفهام حيال لقاء الأخير بوزير الحرب السعودي على لبنان ثامر السبهان»، وتساءلت المصادر عن «جدوى زيارة الراعي؟ فهل أعادت الحريري الى بيروت؟ وهل أوقفت الحرب السعودية على لبنان؟».
وكان الراعي قد أنهى زيارته الى السعودية والتقى الحريري، وأشار في دردشة مع الصحافيين إلى أن «اللقاء بالحريري كان جيّداً وأكد لي أنه سيعود الى لبنان في أسرع وقتٍ ممكن». وأضاف: «أنا مقتنع بأسباب الاستقالة»، لافتاً الى ان الحريري أبلغه «انه مستعدّ لمواصلة عمله والتواصل مع كل الفرقاء».
تحرّك بعبدا على خطوط ثلاثة
ولفتت مصادر «البناء» الى ثلاثة خطوط تعمل عليها بعبدا في معركة استعادة رئيس الحكومة:
الخط الفرنسي الذي يتحرك على الصعيد الأوروبي والدولي، حيث يزور وزير الخارجية الفرنسي الرياض اليوم، ويبحث مع ولي العهد السعودي الوضع في لبنان.
الخط المصري الفاعل على الساحة العربية، وفي سياق ذلك أفادت مصادر دبلوماسية مصرية لـ «البناء» أن وزير الخارجية المصرية سامح شكري قام بجولة عربية شملت الاردن والامارات والكويت، وقاد مشاورات مع المسؤولين في الرياض أمس، وسينتقل الى سلطنة عمان اليوم». وأوضحت أن شكري بحث مع الرياض كيفية الخروج من الأزمة القائمة في لبنان وسبل إبعاد المنطقة عن دائرة الحروب والصراعات»، مشددة على أن «الجهد المصري ينصبّ على إنهاء الأزمة بين بلدين شقيقين وإعادة رئيس الحكومة اللبنانية الى لبنان وممارسة دوره وإجراء حوار بين اللبنانيين». ونقلت المصادر «أجواءً إيجابية من الرياض وبوادر لحل الأزمة، لكنها نفت علمها بتوقيت عودة الحريري».
وأشارت المصادر الدبلوماسية الى أن «مصر متفهمة للمخاوف والقلق السعودي إزاء الخطر الذي تتلمسه من دول أخرى، لكنها في الوقت نفسه حريصة على أمن لبنان وسلامته واستقراره». كما ترى القيادة المصرية بأن «أمن الخليج من أمن مصر وهي حريصة على أمن واستقرار كل دول المنطقة وترفض إدخال المنطقة بحروب جديدة تؤدي الى مزيد من التوتر واللااستقرار». واستبعدت المصادر أن «تصل الأمور في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الى تعليق عضوية لبنان أو أي دولة عربية أخرى، متوقعة انتهاء الأزمة قبل موعد الاجتماع وإعادة العلاقات بين بيروت والرياض الى مجاريها».
الخط الروسي مع الولايات المتحدة الأميركية ومجلس الأمن، وهذه الخطوط الثلاثة تواكبها جولة دولية لوزير الخارجية جبران باسيل كموفدٍ رئاسي من رئيس الجمهورية ومن المفترض أن يزور روسيا خلال الأيام القليلة المقبلة ويلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وأكد باسيل في تصريح إثر لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أمس أن «لبنان حر بصناعة سياسته الداخلية والخارجية كما يريد شعبه الذي ينتخب سلطته وممثليه». وشكر «ماكرون على مبادرته تجاه الوضع الاستثنائي الذي يمرّ به لبنان»، وقال: «نحن بانتظار عودة الرئيس الحريري حتى يمارس حريته كما يريد ونفتح مرحلة ثانية في البحث عن حلول للمشاكل التي تعترضنا والهواجس المطروحة».
وكشفت مصادر مقربة من الرئيس الفرنسي، أن زيارة الأخير إلى الرياض لم تكن مقرّرة مسبقاً. وأشارت الى أن «الأجواء بين فرنسا والسعودية خلال توقف ماكرون في الرياض لم تكن ودية، وان زيارة ماكرون إلى الرياض عمّقت الشرخ بين مواقف البلدين بشأن قضايا المنطقة». وشدّدت المصادر على ان الرئيس الفرنسي أبلغ ولي عهد السعودية أن لبنان مهم لفرنسا وتجب المحافظة على استقراره وان استقالة الحريري رفعت حدة التوتر في لبنان. وبحسب المصادر، أبلغ ماكرون ولي عهد السعودية ضرورة إخراج لبنان من دائرة أزمات المنطقة.
كما التقى باسيل مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني التي أكدت «ضرورة تأمين عودة الرئيس الحريري وعائلته الى لبنان في الأيام المقبلة مما يساهم في تدعيم الاستقرار الداخلي وتقوية الوحدة الوطنية في لبنان».
عون لن يرضخ..
وأشارت أوساط مطلعة لـ «البناء» الى أن «الرئيس عون غير معني بالضغوط الدولية على حزب الله والاتهامات السعودية وغير السعودية له بتورطه في اليمن، إذ لا دليل على ذلك أما بشأن سلاح المقاومة فلفتت الأوساط الى أنه شأن داخلي لبناني ولا علاقة للسعودية به، ولن يدخل الرئيس عون بمقايضة أو مساومة مع أحد، بل سيتراصف مع الأزمة القائمة وفق المصلحة الوطنية، وبالتالي لن يخضع لأي شروط تتعلق بدور حزب الله في المنطقة الذي يرى فيه جزءاً من حل الأزمة في المنطقة وفي سورية تحديداً». ولفتت الى أنه في حال كُلف عون القيام بوساطة بين السعودية من جهة وإيران وحزب الله من جهة ثانية، نظراً لعلاقته الجيدة مع الطرفين، فلن يتردّد، لكن لن يخضع للشروط والابتزاز».
أما التهديدات بتعليق عضوية لبنان بالجامعة العربية والمقاطعة العربية وتهديد الاقتصاد اللبناني، فلن تدفع لبنان بحسب الأوساط الى التنازل عن سيادته الوطنية، وكشفت أن «لبنان سيكون حاضراً في اجتماع وزراء العرب، لكن لم يحسم إن كان على مستوى وزير الخارجية أم أدنى مستوى، والأمر مرتبط بالمشروع المطروح ومدى انسجامه مع التوافق الداخلي والوحدة الوطنية».
وفي غضون ذلك، واصل الرئيس عون لقاءاته التشاورية مع القيادات السياسية والأحزاب والهيئات والتجمعات، وجدد التأكيد على أن «موقف لبنان من هذه المسألة واحد ويعكس إرادة وطنية جامعة تجلّت من خلال المواقف التي صدرت ولا تزال عن القيادات السياسية والروحية اللبنانية». وأشار الى أن عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، كما أعلن في مقابلته التلفزيونية أنها «ستفسح في المجال أمام مناقشة الأسباب والظروف التي رافقت إعلان الاستقالة ليبنى على الشيء مقتضاه».
وأكد أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح دعمه للجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية كي يتجاوز لبنان الظرف الدقيق الذي نتج عن إعلان الحريري استقالته من الخارج، مجدداً وقوف الكويت الى جانب سيادة لبنان واستقلاله وحريته.
وتلقّى الرئيس عون اتصالاً هاتفياً من المستشارة الالمانية السيدة انغيلا ميركل، أشارت خلاله الى «وقوف بلادها الى جانب لبنان وأنها تجري اتصالات مع الدول الأوروبية لمعالجة هذه الأزمة، انطلاقاً من الحرص على سيادة لبنان واستقلاله ورفض التدخل في شؤونه الداخلية».
ولايتي: تصريحات الحريري إملاءات سعودية
في سياق ذلك، وصف مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، تصريحات الرئيس الحريري الأخيرة بأنها إملاءات سعودية، مؤكداً ان الحريري لم يقل إطلاقاً في لقائهما الأخير إن على إيران عدم التدخل في شؤون لبنان. وفي وقت أكد «أننا لم نهدّد الحريري وبحثنا في القضايا الجارية في المنطقة»، قال إن الحريري «أراد التوسط بصورة ما بين إيران والسعودية ونحن أكدنا بأننا لا مشكلة لنا مع السعودية، ولكن أن يقوم السعوديون بقصف اليمن لأكثر من عامين وفرض الحصار عليه وإصابة 700 الف بالكوليرا، هي قضايا لا علاقة لها بالسياسة ولا بد من أن يتفاوضوا مع اليمنيين من اجل هذه القضايا الإنسانية».
غير أن مكتب الحريري الإعلامي أوضح في بيان أن الحريري «لم يعرض التوسط بين أي بلد وآخر، بل عرض على ولايتي وجهة نظره بضرورة وقف تدخلات إيران في اليمن كمدخل وشرط مسبق لأي تحسين للعلاقات بينها وبين المملكة العربية السعودية».
وشدّدت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة على أن «الأولوية في مناقشاتها واجتماعاتها هي عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، من أجل الإسهام في انتظام الأمور في لبنان لاستعادة التوازن على الصعيدين الداخلي والخارجي، وليحقق بالتالي انطلاقة جديدة نحو آفاق واعدة لما فيه مصلحة اللبنانيين جميعاً».
توقيف نجل أمير «داعش» في عين الحلوة
أمنياً، وفي ما تحدّثت مصادر عن خطة سعودية لتفجير الوضع الأمني في لبنان من بوابة المخيمات الفلسطينية بالتوازي مع اعتقال رئيس الحكومة، تواصل الأجهزة الأمنية اللبنانية حربها الاستباقية على الخلايا الإرهابية النائمة، فقد تمكنت قوة من مخابرات الجيش أمس، من توقيف الفلسطيني يحيى عماد ياسين، في منطقة تعمير عين الحلوة، وهو نجل الموقوف الفلسطيني البارز أمير «داعش» في المخيم عماد ياسين الذي تمّ توقيفه في عملية أمنية نفذتها مديرية المخابرات في الجيش عند أطراف عين الحلوة في أيلول العام الماضي.