حول طلب أردوغان سحب القوات الأميركية والروسية
حميدي العبدالله
بجرأة تتعارض مع أيّ منطق، طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسحب القوات الأميركية والروسية من سورية طالما أن ليس هناك حلّ عسكري للأزمة في سورية.
وعلى الرغم من تأويل أردوغان على هواه الفقرة التي جاءت في البيان الروسي الأميركي، إلا أنّ طلبه يبدو واضحاً أنه يتعارض مع أيّ منطق. إذ أنّ المنطق يقول طالما أنه طالب روسيا والولايات المتحدة سحب قواتها من سورية فعليه أن يطلب من بلاده أيضاً سحب قواتها من سورية طالما أنّ تفسيره بأن لا حلّ عسكرياً للأزمة السورية يقضي بسحب القوات الأجنبية منها. فمعروف أنّ تركيا تحتلّ عسكرياً المنطقة الواقعة بين جرابلس والباب في محافظة حلب، ونشرت قوات أخرى في الريف الغربي لحلب على الحدود الإدارية لمحافظة إدلب بالتعاون مع جبهة النصرة، وبالتالي من يطالب بسحب الوجود العسكري الأجنبي من سورية عليه أن يشمل قواته، وهي أيضاً قوات أجنبية، بمعزل عن ذرائع الحكومة التركية التي أرسلت هذه القوات وانتهكت سيادة دولة معترف بها من قبل الأمم المتحدة.
في مطلق الأحوال الوجود العسكري الأجنبي في سورية نوعان: النوع الأول هو القوات التي جاءت إلى سورية في سياق دعم الحرب الإرهابية عليها، وهذه القوات تشمل القوات الأميركية، وأيّ قوات غربية أخرى، كما تشمل القوات التركية. ومعروف أنّ هذه القوات دخلت الأراضي السورية من دون موافقة الدولة السورية، ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، ومعروف أنّ مرابطة قوات أجنبية على أرض بلد مستقلّ لا تكون مشروعة إلا في هاتين الحالتين، أيّ طلب الحكومة الشرعية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، أو من خلال تفويض يصدر بقرار عن مجلس الأمن.
النوع الثاني من القوات الأجنبية، هو القوات الروسية والإيرانية ومقاتلو حزب الله، هذه القوات جاءت بطلب من الدولة السورية، وبعد تعاظم وجود القوات الأجنبية على الأرض السورية بانتهاك صريح لسيادة سورية والاعتداء على حرمة أراضيها.
إذن تصريحات الرئيس التركي تتعارض مع المنطق، كما تتعارض مع ما هو سائد في الأعراف الدولية، اللهم باستثناء شريعة الغاب التي دأبت الولايات المتحدة على فرضها على العلاقات الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.