ماذا يعني ربط واشنطن سحب قواتها من سورية بنجاح جنيف؟
حميدي العبدالله
أعلنت الولايات المتحدة أنّ سحب قواتها من سورية رهن بنجاح مؤتمر جنيف. هذا يعني الآتي:
أولاً، الولايات المتحدة ستضع شروطاً تعجيزية للوصول إلى اتفاق في جنيف، بين هذه الشروط التعجيزية شرطان، الأول الطلب من الدولة السورية ومن روسيا سحب القوات التي قاتلت بطلب من الحكومة السورية التنظيمات الإرهابية، والمقصود هنا حصراً إيران وحزب الله، علماً أنّ بعض مراكز الأبحاث الأميركي تضع شرطاً آخر هو تقليص الوجود العسكري الروسي في سورية. والشرط الثاني توزّع السلطات بين الحكومة السورية وجماعات مرتبطة بالاستراتيجية الأميركية، سواء الأكراد أو «قسد» أو أشخاص منضوين تحت لواء منصة الرياض.
ثانياً، ستوعز الولايات المتحدة إلى المعارضين الذين سيشاركون في لقاءات جنيف بالتمسك بهذه الشروط، وبالتالي التذرّع بها لكي تبرّر عدم سحب قواتها.
ثالثاً، هذا يعني بوضوح إفشال جنيف ودفع الوضع في سورية نحو مواجهة جديدة، مواجهة هذه المرة بين سورية وحلفائها من جهة، وبين الولايات المتحدة والقوى المتعاونة معها في مناطق سيطرتها الحالية في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور وعين العرب في محافظة حلب.
هذا ما يعنيه بوضوح هذا الموقف الأميركي الذي يربط سحب القوات الأميركية بنجاح مؤتمر جنيف.
لكن السؤال هل تمسك واشنطن بهذا الموقف حتى النهاية، على الرغم من مخاطر المواجهة المحتملة، وهي أكيدة في حال إصرار الولايات المتحدة على موقفها، لأنّ سورية لو كان لديها الاستعداد للقبول بهذه الشروط لما استمرّت الحرب كلّ هذه الفترة، ولما قدّمت كلّ هذه التضحيات، ولم تكن بحاجة لطلب مساندة حلفائها سواء روسيا أو إيران وحزب الله.
بكلّ تأكيد أنّ الشروط الأميركية مرفوضة بالمطلق من الدولة السورية، ويحظى هذا الرفض بتفهّم حلفائها، سواء لعدالته، أو لمصالح هؤلاء الحلفاء الذين تستهدفهم الولايات المتحدة من خلال هذه الشروط.
لكن هل الولايات المتحدة مستعدّة لخوض حرب كبرى أكثر كلفة من كلّ حروبها السابقة، في سورية؟ سؤال يصعب إعطاء جواب قاطع عليه في ظلّ هذه الإدارة غير قادرة على الالتزام والثبات على موقف محدّد.