باسيل من موسكو: المخططات الخارجية ستبقى متّجهة صوب لبنان لتقويض استقراره
أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن «المطلوب عودة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى لبنان من دون من أي تقييد لحريته كي يتخذ القرار الذي يراه مناسباً في بيروت». وقال باسيل: «نريده أن يعود في أسرع وقت ممكن لنستعيد المسار المؤسسي الدستوري، ولكن هذا السؤال لا يُسأل لي».
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في موسكو، بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف: «من غير المقبول أن يعمد أحد إلى فرض خياراته على الشعب اللبناني والتدخّل بشؤوننا اللبنانية الداخلية وبحياتنا الديمقراطية، فهذا أمر غير مقبول من المجتمع الدولي. وكما قلنا، إن تمّ القبول بها تكون سابقة خطيرة يمكن أن تتكرّر مع كل زيارة لمسؤول دولي لدولة أخرى، وهي خرق لاتفاقات ومعاهدات دولية حول العلاقات الديبلوماسية ويطال السلم والأمن الدوليين».
أضاف: «لبنان واجه هذه الأزمة من خلال الإدارة الحكيمة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والوعي والمسؤولية اللذين يمتع بهما كل القادة أو معظم القادة السياسيين في لبنان، وكذلك من خلال الوحدة الوطنية التي عبر عنها الشعب اللبناني الذي وقع تحت الصدمة ولم يقم بردة فعل غرائزية ولا عاطفية».
وتابع: «على الصعيد الخارجي، اعتمد لبنان الإطار الثنائي لعلاقاته الدولية من خلال المقاربة الأخوية، ومقاربة الصداقة التي تربط لبنان بالمملكة العربية السعودية، رغم أنه بدأ التحضير لإطار دولي آخر لحل هذه المشكلة. واخترنا الاتصال من بيروت عبر رئيس الجمهورية مع كل سفراء الدول المعتمدين في لبنان، لكننا اخترنا أوروبا لجولتنا لأننا اعتبرنا أنها الأقرب إلينا، وتعتمد سياسة وديبلوماسية مبدئية في هذا الموضوع، ولها إمكانية تأثير كبيرة. من هنا، قمنا بجولة أوروبية بدأت من بروكسل إلى باريس ولندن وروما والفاتيكان وبرلين وأنقرة، وأنهيناها اليوم في موسكو العاصمة التي تواجه الإرهاب بكلفة عالية، إنما بنتائج جيدة جداً».
وأردف المطلوب أيضاً العمل الاحترازي لصيانة الاستقرار في لبنان، إذ اتضح لنا أن المطلوب هو المساس بهذا الاستقرار، وذلك من خلال إيجاد بيئة فيها ما يكفي من التطرف لخلق معادلة تقوم على مواجهة السلاح بالسلاح لتصفية حسابات إقليمية ودولية ونقل الصراع الى أمكنة يستدل منها على أن العجز عن المواجهة المباشرة تتم الاستعاضة عنه بنقل الصراع إلى مكان أقل أهمية، ويدل على العجز في المواجهة المباشرة».
وأكد باسيل أن «هناك محاولات لمنع لبنان من النهوض الاقتصادي»، وقال: «هذا أمر استراتيجي لـ «إسرائيل»، وهي عدو لبنان الأول، وهذا الأمر ليس خافياً على أحد. وللأسف، يقبل به ويتعاطف معه أو يتساعد في شأنه بعض الأفرقاء الآخرين لإبقاء لبنان في دوامة من الشلل والفراغ والخلل الاقتصادي من دون تمكنه من النهوض بسرعة، كما شهدنا في السنة الأخيرة استنهاضاً للبنان ولاقتصاده وبدء قيام الدولة ومؤسساتها فيه».
وأضاف: «إن استقرار لبنان يستحوذ على أولوياتنا من خلال الوحدة الوطنية وصيانتها، حتى لو اضطر اللبنانيون إلى عزل مَن يحاول داخلياً المساس بهذه الوحدة. لقد تبين في وسائل الإعلام أن هناك أقلية من اللبنانيين المتواطئين مع خطة تقويض الاستقرار في لبنان».
وأكد أن «استكمال عناصر القوة في لبنان يكون عبر المسار الإيجابي الذي كان يهدف إلى استنهاض الدولة ومؤسساتها وإعطائها عوامل القوة كلها التي تمكنها من خدمة شعبها وتأمين مصلحة لبنان، ومواجهة أي خطر خارجي عليه. ومستقبلاً، علينا أن نستمر في المسار الذي يعزز لبنان ويعطيه القوة، لأن المخططات الخارجية ستبقى متجهة صوب لبنان لتقويض استقراره».
وقال: «نريد أكثر من تفهّم عند الدول. ولقد لمسنا في جولتنا الأخيرة أن الدول مهتمة بأمن لبنان واستقراره، وتعتبره استراتيجياً لأمنها واستقرارها، وتجب الإفادة من هذا التكامل اللبناني مع أصدقائه في العالم، بحيث يشعرون بأن قوة لبنان هي قوة لهم، وإضعافه هو ضعف لهم. وبالتالي، نحن نعتبر أنه إذا تمّت عودة الرئيس الحريري إلى لبنان بشكل حر يسمح له باتخاذ القرار الذي يريده، ويكون مناسباً للبنان، عندها نكون قد أقفلنا فصلاً مهماً جداً من هذه الأزمة، استعاد فيه لبنان تثبيت سيادته وصار لزاماً على العالم الذي يتعاطى معه أن يعتاد على فكرة التعاطي مع بلد سيد، ولا يمكن الاستخفاف بكيفية التعاطي معه، وإنما يبقى على لبنان السيد هذا أن يعتمد سياسة احترازية استباقية للمخاطر المتربّصة به للمساس باستقراره وأمنه».
وقال باسيل: «نحن نعتبر أن دور روسيا في مواجهة الإرهاب في المنطقة أساسي وحاسم لإنهاء كل حركات التطرف والنمط التطرفي الذي ينطلق من المنطقة، بل هو أبعد من ذلك لأنه يساهم في تحقيق التوازن الإقليمي والدولي، خصوصا أن لبنان يقوم على التوازنات، وأي خلل داخلي أو خارجي ينعكس عليه خللاً، ولا تستقيم من خلاله الأمور. ولذلك، فإن إعادة التوازن إلى العلاقات والمصالح الدولية تنعكس بشكل إيجابي على لبنان.
ورداً على سؤال آخر، قال: «نحن لا نريد أن نفكر إلا بالعلاقات الممتازة مع المملكة العربية السعودية التي لا تسمح لنا بالاعتداء عليها، ولا نسمح لها بالاعتداء على لبنان أو أي لبناني، وهذا ما نعتقده ونريده. يجب أن يقوموا بالجهد المطلوب لإقناع العالم كله، وليس فقط اللبنانيين، بأن ما حصل هو أمر طبيعي واعتيادي لا شيء غريباً فيه، وأعتقد ان العالم كله غير مقتنع بما حصل، ووصفه بأنه كبير أكثر مما عبر عنه لبنان الرسمي حتى الآن، الذي ما زال يريد العلاقات الممتازة مع المملكة. ولذلك، لم نلجأ حتى الآن الى التصعيد الديبلوماسي، بل أردنا فقط إقناع الاخوة في المملكة بأن يعود الحريري إلى بلده».
ورداً على سؤال عن «حزب الله»، قال: «حزب الله بالنسبة إلى لبنان هو حركة مقاومة تجاه العدو الإسرائيلي، حرر الأرض، ومقبول به من اللبنانيين ومن الحكومة اللبنانية للدفاع عن لبنان في وجه إسرائيل، وفي وجه الإرهاب الذي يعطي الشرعية لكل اللبنانيين لمواجهته، لانه يتسلل الى العقول والنفوس والأحياء والقرى. وبفضل هذه المقاومة الشعبية العارمة، لم يجد الإرهاب موطئاً له في لبنان، هذا هو حزب الله بالنسبة إلينا. وما يُقال عن أدوار أخرى خارج هذا الإطار، فموقف الحكومة اللبنانية واضح، هي لا تريد التدخل في شؤون الآخرين، ولا تريد الأذية للدول الشقيقة والصديقة للبنان، ولا تقبل بأن يمس أي بلد بسوء متأت من لبنان أو من اللبنانيين».
وكذلك، قال باسيل رداً على سؤال آخر: «إن الأجهزة الأمنية اللبنانية كلها أصدرت بيانات نفي لوجود أي مؤشر لخطر أمني يتهدد رئيس الحكومة الذي تتبع له هذه الأجهزة، ويتوجب عليها إفادته بأي أمر. ونحن قلنا إننا لا نأخذ بشكل كامل وجدي كل ما يمكن أن يقال في الوضع الذي كان قائماً حول دولة الرئيس خارج لبنان. ننتظر عودته ليبنى على الشيء ما يلزم من مسؤولية ومتابعة، ومسؤولية الدولة تجاه رموزها وناسها وضيوفها لتوفير الأمن، ولكن لا يمكن أن يعمل بعض الأفرقاء على توتير الأمن وإحداث خروق أمنية، ثم يطالبون لبنان بالأمن. لا يمكن لمن يدسّ الدسائس الأمنية أن يطالبك بالأمن. وعليه، يجب ترك لبنان وشأنه للتمكن من خلال قدراته الذاتية الشرعية من توفير الأمن اللازم، وهو نجح في ذلك حتى الآن، حيث أحبط عمليات إرهابية عدة، وفكك خلايا أمنية عدة. وهو البلد الأول في المنطقة الذي حرر أرضه بالكامل من داعش وجبهة النصرة وكل المجموعات الإرهابية بقواه الذاتية، ولم نحصل على تدخل بري أو بحري أو جوي من جيوش وقوى أخرى، كما يحصل في المنطقة كلها».
ورداً على سؤال عن حضور لبنان في اجتماع وزراء الخارجية الأحد المقبل في القاهرة، قال باسيل: «نريد أن نرى الحريري في بيروت. وعلى هذا الأساس، تُبنى أمور كثيرة».