وسكتت شهرزاد
يكتبها الياس عشي
عندما أكتب أعيش بين نقطة ماء وأخرى كي لا يتصحّر العالم.
وعندما أنوي على القراءة أبحث عن كتاب غارق في بحيرة لا تزورها إلا الأسماك الملوّنة.
انضمّوا إلى قافلتي، فالأحزان المتواصلة لا تبني وطناً، وقوس القزح جاهز دائماً للإعلان عن انحسار العاصفة.
وعندما يبدأ النقاش في قضية سياسية أو فكرية أو مذهبية أضع أمامي احتمالاً واحداً: حق الآخر في أن يكون له رأي، وأن يدافع عنه، وأن يسعى لتعميمه ضمن المعادلة التي وضعها مونتيسكيو في كتابه «روح الشرائع»، والتي تقول: «إنّ حريتنا تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين». وفي الحقيقة أنّ الإسلام كان أكثر وضوحاً في هذا الاتجاه بقوله تعالى: لا إكراهَ في الدين ، وغيرها من الآيات البيّنات التي تجعل الدين الإسلامي منصة لحرية المعتقد.
ولكن عندما أستيقظ في صباح شتوي بارد، وأرى زخات من المطر وعواصف الصقيع تغسلان شوارع المدينة، ولكنهما أيضاً قد تغرقان الأكواخ الفقيرة وتشرّدان أطفالها، أتساءل: كيف يمكننا أن ننام في فراش دافئ، فيما الآخرون يسندون رؤوسهم على حجارة الأرصفة؟
وعندما… وعندما… وعندما…
ثمّ سكتت شهرزاد، وتوقّفت عن الكلام المباح.