نصرالله: انتفاضة فلسطينية وقمّة إسلامية تعلن القدس عاصمة أبدية لفلسطين يجعلان ترامب وإدارته يندمان

دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى تظاهرة شعبيّة كبيرة للتنديد باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وذلك بعد ظهر الاثنين المقبل في الضاحية الجنوبية لبيروت، واصفاً قرار ترامب بأنّه وعد بلفور ثانٍ، وأكّد أنّ أهم ردّ عليه هو انتفاضة فلسطينية وقمّة إسلامية تقرّر أنّ القدس عاصمة أبدية لفلسطين»، معرباً عن اعتقاده أنّ القيام بخطوات من هذا النوع سيجعل ترامب وإدارته يندمان أو يجمّد مفاعيل قراره.

وقال السيد نصرالله في كلمة متلفزة أمس: «نشعر بأنّنا بعد مئة سنة من وعد بلفور الأول أتانا وعد بلفور الثاني»، مضيفاً: «سنسمع أصواتاً في العالم العربي تقول إنّ ما حصل ليس له قيمة لتهوين خطورة هذا القرار، وكلّنا يعلم أنّ الكيان «الإسرائيلي لا يحترم القرارات ولا المواثيق الدولية».

وتابع «إنّ إسرائيل لا يهمّها ما تقوله الدول العربية أو الأوروبيّة أو روسيا أو الصين، فما يعنيها هو الموقف الأميركي، وخلال عقود كانت حكومات «إسرائيل» تحاول تهويد القدس، لكنّ الإدارات الأميركية حيناً تسمح بحدود، وأحياناً تمنع الخطوات التهويدية في القدس».

وأشار إلى أنّ «الموقف الأميركي كان يشكّل مانعاً من دون الاندفاعة «الإسرائيلية» في القدس»، وقال: «هنا، نفهم خطورة الموقف الأميركي الجديد، فترامب قال لـ«إسرائيل» القدس لكم وتخضع لسيادتكم. وهنا، انتهى الحاجز الأميركي التكتيكي، فالآن حكومة العدو لا حاجز أمامها بعد موقف أميركا، والآن ندخل في المخاطر: ما مصير السكان الفلسطنيّين في القدس وأملاكهم؟ هل تصادَر أم تُهدَم؟ وإذا كان «الإسرائيلي» يبني مستوطنات بعدد قليل، الآن سنشهد عملية بناء من دون ضوابط، ستتّسع القدس باتجاه الضفة الغربية. وعلى هذا الصعيد، ما قام به «الإسرائيليون» على مدى عقود سيقومون بما هو أعظم منه في وقت قصير».

وأشار إلى أنّ «المقدّسات في خطر شديد، والمسجد الأقصى باتَ في خطر»، وقال: «لا تستغربوا أن نستيقظ في يوم قريب ويكون المسجد الأقصى قد هُدم. ترامب يقول ألّا قضية فلسطينية بعد اليوم، فهذا الكلام برسم من يؤمنون بالمفاوضات. إنّ الفلسطينيين يجمعون على أنّ عاصمة دولتهم يجب أن تكون القدس الشرقية، واليوم الأميركي شطب ذلك وحسم الأمر بأنّ القدس خارج المفاوضات».

أضاف: «كلّ القضايا الأخرى التي هي موضع صراع مع «إسرائيل» ستكون في خطر، هناك الكثير من المخاطر المترتّبة على هذا القرار، خصوصاً إذا تمّ السكوت عليه، فالأمّة التي تسكت على اغتصاب القدس من تاريخها هي أمّة يمكن أن تتخلّى عن أيّ شيء آخر تطمع به الإدارة الأميركية».

وتابع: «إنّ دول العالم كلّها ترفض هذا القرار ولا تؤيّده، ومعنى هذا أنّ الدول تقول لترامب نحن نرفض هذه الخطوة، فترامب لا يصغي لأحد ولا يحترم أحد لا حلفاءه ولا المجتمع الدولي».

وسأل: «أين الاحترام الأميركي للمجتمع الدولي، فما شهدناه هو استخفاف بكلّ حكومات العالم، فترامب يعرف أنّ في هذا إهانة واعتداء على مشاعر مليار ونصف مسلم ومئات الملايين من المسيحيين. لقد شعر المسلمون والمسيحيون بالإهانة بأنّ المدينة التي تمثّل تاريخهم تمّ إعطاؤها إلى دولة مصطنعة، نحن أمام رجل لا يعنيه وجدان مئات الملايين من الناس في العالم».

أضاف: «ما فعله ترامب هو خرق للقرارات والاتفاقات الدولية، وهذا يعني أنّنا أمام إدارة لا تحترم القرارات، وتريد من العالم أن يحترمها. كما أنّنا أمام إدارة لا تشكّل أيّ ضمانة، وهذا يعني أنّ لا أمن أو أمان في العالم الذي بات محكوماً بأهواء الرجل الذي يسكن في البيت الأبيض».

وسأل: «ما هي قيمة حلفاء أميركا في العالم العربي؟ يجب على كلّ الشعوب العربية أن تفهم أنّها لا تساوي شيئاً بالنسبة إلى ترامب وأميركا».

وأردف السيد نصرالله: «نحن أمام عدوان أميركي سافر على القدس وأهلها ومقدّساتها وهويّتها الحضارية وشعبها. وأمام هذا الاعتداء الأميركي نحن معنيّون بتحمّل المسؤولية، فبالأمس سمعنا محلّلين «إسرائيليّين» كباراً قالوا إنّ كلّ ما يُقال عن ردّات فعل على قرار ترامب لا قيمة له، ولن يحصل شيء في العالم العربي والإسلامي، لأنّ الشعوب العربية نسيت فلسطين وكلّ بلد مشغول بنفسه، ولا وقت لأحد لاتّخاذ موقف أو ردّة فعل».

ورأى السيد نصرالله أنّ «الاستنكار هو أضعف الإيمان، ولا يستهن أحد بالموقف، وهذا أمر مطلوب»، وقال «كلّ أشكال الاحتجاج يجب أن تسمعه الإدارة الأميركيّة على امتداد العالم، والبيانات والمواقف وعقد اللقاءات والندوات للتعبير عن الموقف كلّها مطلوبة، وعندما نتظاهر جميعاً في العالم العربي والإسلامي سيدرك ترامب أنّه دخل في الزجاج. لن نتكلّم كلاماً كبيراً عن قطع العلاقات مع أميركا، ولكن يجب استدعاء سفراء أميركا وإبلاغهم الاحتجاج الرسمي».

أضاف: «الكلام مفيد معنوياً، فيجب اتّخاذ الإجراءات والتدابير من أجل تحصين الموقف والضغط على أميركا لتجميد القرار، وهذا ليس أمراً مستحيلاً، والدليل أنّ هناك قرارات عدّة تراجعت عنها أميركا، فنحن لا نقول اقطعوا العلاقات معها، ترامب قال إنّ ما قام به هو لمصلحة «إسرائيل» ومصلحة عملية السلام، ويجب أن تثبتوا له العكس، وذلك عبر وقف الاتصالات السرّية والعلنيّة مع «إسرائيل». أمّا اذا استمرّت الاتصالات فمعناها أنّكم تقولون لترامب خذ القدس مع حبّة مسك. وإنّ أضغف الإيمان هو طرد سفراء «إسرائيل»، ووقف كلّ خطوات التطبيع التي بدأت مع «إسرائيل»، وأي خطوة من خطوات التطبيع هي أعظم خيانة للقدس».

واقترح «الدعوة إلى عقد قمّة عربية، وصدور قرار واضح وملزم لجميع أعضاء الجامعة العربية يعتبر القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين»، وقال: «من جملة التداعيات هو ما دعا إليه قادة كبار فلسطينيّون، وهو الدعوة إلى انتفاضة فلسطينية جديدة، وأن يقدّم العالم العربي والإسلامي كامل الدعم إلى الشعب الفلسطيني إذا قرّر أن يقوم بالانتفاضة».

وأكّد أنّ «أهمّ ردّ هو انتفاضة فلسطينية وقمّة إسلامية تقرّر أنّ القدس عاصمة أبدية لفلسطين»، وقال: «أعتقد أنّ القيام بخطوات من هذا النوع سيجعل ترامب وإدارته يندمان أو يجمّد مفاعيل قراره، يجب أن نوجّه دعوة إلى كلّ الدول والحكومات في العالمين العربي والإسلامي لوقف الحروب والصراعات، ووقف الحرب على اليمن والحرب في ليبيا وغيرها».

أضاف: «في لبنان، نحن جميعاً لدينا إجماع وطني حول قضية القدس، وهذا الأمر يعني كلّ لبناني وعربي ومسلم ومسيحي. كما أنّنا معنيّون بمواكبة الحدث وتطوّراته للقيام بالفعاليات إنْ كانت احتجاجات أو غيرها، فنحن أمام مواجهة حقيقية وعدوان أميركي كبير جداً، ومن جملتها التظاهر في أكثر من مكان ومناسبة».

ودعا نصرالله إلى «تظاهرة شعبية كبيرة للتنديد بهذا العدوان الأميركي، وللتعبير عن التضامن مع فلسطين والمقدّسات الاثنين بعد الظهر في المكان الذي سيحدّد في الضاحية، تحت عنوان الدفاع عن القدس والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وللتعبير عن الرفض والاستنكار والتنديد بهذا الاستكبار الأميركي»، وقال: «هذا أضعف الإيمان، وأحيّي الشعب الفلسطيني، لا سيّما الذين نزلوا إلى الشوارع والميادين».

وفي وقت لاحق، أصدر حزب الله بياناً دعا فيه للمشاركة في التظاهرة الجماهيرية الكبرى تضامناً مع القدس وفلسطين والمقدّسات، ورفضاً للقرار الأميركي الغاشم باعتبار القدس عاصمة للكيان «الإسرائيلي»، ولإعلاء الصوت والهتاف: القدس عاصمة أبدية لفلسطين.

وذلك الساعة الثالثة من بعد ظهرالاثنين المقبل أمام «مجمّع سيد الشهداء» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى