اجتماع مشترك للأحزاب والقوى والشخصيات الوطنيّة اللبنانية والفصائل الفلسطينية في مركز «القومي»: القرار الأميركي يمثّل عدواناً سافراً وخطيراً ليس ضدّ فلسطين وحسب بل ضدّ العالم العربي
خرج أمس آلاف اللبنانيين والفلسطينيين في مسيرات غضب من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشان القدس المحتلّة، ندّد فيها المتظاهرون بهذا القرار وبالسياسات الأميركية في المنطقة، وتلاقت مع مزيد من مواقف لأحزاب وشخصيات سياسية وروحيّة أكّدت التمسّك بتحرير فلسطين وعاصمتها القدس المحتلّتين.
وعقدت الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية اجتماعاً مشتركاً في مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي، وذلك لمناقشة القرار الأميركي الذي يعترف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني، وما ينطوي عليه هذا القرار من مخاطر وتحدّيات على القضية الفلسطينية وقضايا العالم العربي، والخطوات الواجب اتّخاذها لمواجهته وإسقاطه.
وبعد الاجتماع، تلا منسّق لقاء الأحزاب محمد خواجة بياناً بِاسم المجتمعين، جاء فيه:
«أكّد المجتمعون أنّ القرار الأميركي يمثّل عدواناً سافراً وخطيراً ليس ضدّ فلسطين وحسب، بل ضدّ العالم العربي برمّته، ويستهدف الكرامة الوطنية والقومية والإنسانية، ويضرب عرض الحائط مبادئ القانون الدولي، ما يشكّل تهديداً للأمن والسلم الدوليّين.
يرى المجتمعون أنّ اعتراف رئيس الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال ليست له أيّة مفاعيل قانونيّة، لكنّه في الوقت ذاته، يكشف انحياز أميركا إلى جانب الاحتلال الصهيوني، ورعايتها لهذا الاحتلال ودعمها للإرهاب، ووقوفها ضدّ القضايا العادلة والمحقّة للشعوب المحتلّة أراضيها.
يعتبر المجتمعون أنّ المسؤولية لا تقع على أميركا وحدها، بل تقع بالدرجة الأولى على عاتق الأنظمة العربية المتواطئة والمتآمرة على قضية فلسطين، حيث بات معروفاً أنّ بعض هذه الأنظمة متورّط في ما باتَ يُعرف بـ»صفقة القرن»، عن طريق التطبيع مع كيان العدو الصهيوني العنصري الاستيطاني الذي نشأ على غريزة القتل والإرهاب.
إنّ الردّ على القرار الأميركي، لا يجب أن يقتصر على المواقف المندّدة والمستنكرة والتحرّكات الشعبية الرافضة، فعلى أهمية هذه الخطوات مطلوب تعزيز خيار المقاومة، باعتبارها سبيلاً وحيداً لفرض معادلة شريعة الحق، في مواجهة شريعة الغاب الأميركية «الإسرائيلية». ويشدّد المجتمعون على التزام خيار المقاومة المسلّحة، الذي أثبت صوابيّته ونجاعته في مواجهة الاحتلال، وألحق الهزيمة به في لبنان وقطاع غزة، وإنّ خيار المفاوضات ثبُت عقمه وفشله، وعليه يجب الإقلاع عنه والخروج من اتفاق أوسلو، والعودة إلى خيار المقاومة والانتفاضة وتعزيز الوحدة الوطنية.
يدعو المجتمعون جماهير الأمّة إلى النهوض والتحرّك لدعم المقاومة والانتفاضة المشتعلة على تراب أرض فلسطين المحتلّة والعواصم العربية.
يطالب المجتمعون بمقاطعة اقتصادية للمنتجات الأميركية وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، لإجبارها على التراجع عن قرار ترامب العدواني ضدّ أمّتنا. وكذلك وقف كلّ أشكال العلاقات مع كيان العدو الصهيوني وإسقاط الاتفاقيات المُذلّة التي وُقّعت معه، وأسهمت في تشجيعه على التمادي في سياسته العدوانية وتوسيع رقعة الاستيطان على الأراضي الفلسطينية».
الفصائل الفلسطينية
وبِاسم الفصائل الفلسطينية، تحدّث الدكتور أحمد عبد الهادي، فأكّد أنّه بالرغم من خطورة القرار الأميركي، إلّا أنّ الشعب الفلسطيني يملك خيارات هامّة وجادّة مع المناضلين والشرفاء في العالم العربي لمواجهة هذا القرار.
وأعلن عبد الهادي عن ثلاثة مسارات للمواجهة، وهي:
1ـ تكريس الوحدة الفلسطينية بالمصالحة وإنهاء حالة الانقسام، على أساس مشروع يعتمد مشروع المقاومة المسلّحة دون أيّ خيار آخر.
2ـ تفعيل الانتفاضة لتتحوّل إلى مواجهة عارمة تجتاح الكيان الغاصب.
3ـ اعتماد خيار المقاومة المسلّحة خياراً استراتيجياً في مواجهة العدو الصهيوني والقرارات الجائرة التي تستهدف قضية فلسطين.
تظاهرات عارمة
ففي مخيم شاتيلا، تابع الفلسطينيّون ما يجري في الأراضي الفلسطينية، معلنين الحداد شجباً للقرار الأميركي. وجابت المخيم مسيرات استنكارية، في وقت أكّدت الفصائل واللجان الشعبية أنّ القدس عاصمة فلسطين.
ونشطت في المخيمات اجتماعات وتنسيق على المستويين الفلسطيني واللبناني لتحديد الخطوات المناسبة دعماً للفلسطينيين المنتفضين في الداخل ضدّ تهويد القدس وجعلها عاصمة للاحتلال.
وفي مخيّم عين الحلوة، انطلقت مسيرة جماهيرية بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في منطقة صيدا، من أمام مسجد «النور»، وجابت شوارع «بستان القدس، الفوقاني، حطين، والتحتاني، حيث كان ينضمّ إليها المصلّون في المساجد تباعاً، وصولاً إلى ملعب الشهيد أبو جهاد الوزير عند المدخل التحتاني الشمالي.
وشهد باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان سلسلة من الاحتجاجات بين مسيرات غضب واعتصامات رمزيّة ووقفات تضامنيّة، حيث أكّد اللاجئون التمسّك بالقدس عاصمة أبديّة لدولة فلسطين وبحقّ العودة إلى فلسطين.
وشهدت صيدا اعتصامات ووقفات تضامنيّة بعد صلاة الجمعة تنديداً ورفضاً للقرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة «إسرائيل»، ولتأكيد أنّ القدس هي العاصمة الأبديّة للدولة الفلسطينية. وتمّ تنظيم اعتصامات بعد صلاة الجمعة في عدد من مساجد المدينة، منها: مسجد الأحمد، مسجد الأرقم، مسجد الهبة ومسجد باب السراي، فيما ركّزت خطب الجمعة على اعتبار القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، ورفض أيّ قرار بتهويدها، وعدم الأخذ بالقرار الأميركي أو السكوت عن حقّ الشعب الفلسطيني بدولته وعودته إليها.
وأُقيمت وقفة تضامنيّة مع القدس في باحة كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، تحت شعار «القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين»، شارك فيها ممثّلو الأحزاب اللبنانية والفلسطينية في الجامعة. وقد رفعت شعارات تندّد بقرار ترامب.
وخرج الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات الرشيديّة والبص والبرج الشمالي والمعشوق والقاسمية في صور، بمسيرات غضب بدعوة من حركة «فتح» وحركة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» والقيادات والأحزاب والفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية، تنديداً واستنكاراً لقرار ترامب.
وقد جابت المسيرات أرجاء شوارع المخيمات، دعت فيها إلى التصدّي لقرار ترامب. كما رفع المشاركون الأعلام الفلسطينيّة ولافتات تندّد بالقرار، وردّدوا شعارات وهتافات شجب للقرار الأميركي والصمت العربي.
وكانت كلمات حمّلت المجتمع الدولي عواقب ذلك، مؤكّدة أنّ القدس عاصمة فلسطين.
ونظّم «تيار المستقبل» في وسط بيروت، وقفة تضامنيّة مع الفلسطينيين تنديداً بالقرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو «الإسرائيلي»، شارك فيها نوّاب من كتلة «المستقبل»، ممثّل منظمة التحرير الفلسطينية سرحان سرحان، عدد من أعضاء الأمانة العامّة والمكتبين السياسي والتنفيذي، وكوادر من منسّقية بيروت.
كذلك انطلقت مسيرة حاشدة من أمام مسجد الإمام علي في الطريق الجديدة، باتّجاه مقبرة الشهداء في قصقص، ضمّت المئات من اللبنانين والفلسطينيين بدعوة من الفصائل الفلسطينية والأحزاب الوطنية اللبنانية والمجلس النسائي اللبناني واتحاد المرأة الفلسطينية، وذلك تنديداً بالقرار الأميركي بجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني.
وفي طرابلس، اعتصم طلاب الجامعة العربيّة بدعوة من رابطة الطلاب المسلمين، أمام حرم الجامعة في منطقة الميناء، رافعين الأعلام الفلسطينية واللافتات المندّدة بالقرار الأميركي «بتسمية القدس عاصمة للكيان الصهيوني».
كما نفّذ شباب طرابلس اعتصاماً حاشداً في ساحة جمال عبد الناصر – التل، رفضاً لقرار ترامب بدعوة من ملتقى الجمعيات الأهلية في طرابلس، وأُلقيت في الاعتصام كلمات أكّدت «أنّ قرار الرئيس الأميركي يشكّل عدواناً جديداً على العرب والمسلمين والمسيحيّين، ويجسّد الشراكة الأميركية الصهيونية في كلّ الجرائم المرتكبة بحقّ الشعب الفلسطيني والأمّة منذ أكثر من سبعين عاماً». وشدّدت على «رفض القرار واعتباره غير موجود، لأنّه ليس من حق أميركا ولا غيرها اتّخاذ هكذا قرار، ناهيك عن أنّه يخالف قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية».
وناشدت «الحكّام العرب والمسلمين تحمّل مسؤولياتهم في الدفاع عن القدس وكلّ فلسطين، وقطع علاقاتهم مع الولايات المتحدة وطرد سفرائها وإنهاء وجود قواعدها العسكرية في أرضهم، ووقف كلّ أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، وتفعيل مكاتب المقاطعة وسحب مبادرة السلام العربية»، وناشدوا شباب الأمّة «مقاطعة البضائع ومحاصرة المصالح الأميركية، والضغط على حكّام العرب لإنهاء كلّ أشكال الصراعات العربية – العربية ودعم حركات المقاومة الفلسطينية وفعاليات انتفاضة القدس ودعم صمود الأهالي».
وفي الختام، أحرق المعتصمون أعلاماً أميركية و»إسرائيلية»، وسط هتافات التأييد لفلسطين والقدس والتنديد بالسياسات الأميركيّة المجنونة.
وشهد المسجد الأموي في بعلبك اعتصاماً بعد صلاة الجمعة، تلبيةً لدعوة مشتركة من مُفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح و»تيار المستقبل»، بمشاركة فاعليات دينيّة وهيئات من المجتمع المدني.
وتحدّث المُفتي الصلح، فقال: «هذا القرار صدر عن شُذّاذ الآفاق، ومن سبق ترامب لم يتجرّؤوا على إصدار مثل هذا القرار».
أضاف: «نقول أيضاً من بعلبك الصمود بجميع فئاتها ومخيمها وأهلها وتياراتها، ستبقى فلسطين عربية مهما أراد الغاصب وأراد المحتل، ونؤكّد أنّ تلك القرارات التي صدرت لا تساوي الحبر الذي دُفع ثمنه من دماء المسلمين في بيت المقدس، فكلّ دماء المسلمين فداء لبيت المقدس ولفلسطين».
ودعا الصلح «كلّ الدول العربية والإسلامية التي لها علاقات مع الكيان الصهيوني إلى أن تقف وقفة رجل وتقول: لا تطبيع ولا اعتراف وإسرائيل إلى زوال».
مواقف استنكار للقرار الأميركي
وفي ردود الفعل، استنكرت شخصيات دينية وفاعليات وأحزاب قرار ترمب، وفي السياق، أكّد مُفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بعد أدائه صلاة الجمعة في مسجد الفاروق في بيروت، أنّ «القدس كانت وستبقى عربية مهما طغى الطغاة، وسوف يكون لهذا القرار تداعيات، ولن يمرّ مرور الكرام لأنّنا أمّة لا تنام على ضَيم. فالقدس فيها مسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمَين الشريفَين ولها ربّ يحميها».
وعقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى جلسة طارئة لهيئتَيه الشرعية والتنفيذية برئاسة رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان، وأصدر بياناً اعتبر فيه هذا القرار بمثابة وعد بلفور جديد، وهو عدوان سافر على أمّتنا، ويدلّ على استهانة أميركيّة بهذه الأمّة، واستهتار بكرامتها ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية واستباحة لكلّ عاصمة عربية وإسلامية.
كما اعتبر أنّ هذا القرار يشكّل خرقاً فاضحاً وانتهاكاً صارخاً لكلّ القرارات والمواثيق الدولية، واستهانة بالمواقف المعلنة للعديد من دول العالم وشعوبها، وهذا كلّه يؤكّد استخفاف الرئيس الأميركي حيال المجتمع الدولي لمصلحة الكيان الصهيوني.
ودعا المجلس الدول العربية والإسلامية وشعوب وأحرار العالم إلى التحرّك الفعّال لمواجهة هذا العدوان وإبطال مفاعيله على المستويات كافة، وطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية وكلّ أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني.
وحيّا المجلس الانتفاضة الشعبيّة الفلسطينية دفاعاً عن القدس، كما دعا الفلسطينيين إلى الوحدة والتصدّي لهذا القرار، ومقاومته ومواجهة مخاطره وإحباط مشاريع الاستيطان والتوطين.
ودعا في هذه المرحلة التاريخية إلى وضع حدّ للخلافات والصراعات بين الدول العربية والإسلامية، وإعادة النظر في سياساتها تجاه الولايات المتحدة الأميركية واتّخاذ خطوات جريئة، أقلّها إقفال السفارات العربية والإسلامية في واشنطن. كما اعتبر المجلس أنّ هذا العدوان الأميركي هو إعلان صريح عن نهاية مشروع الرهان على نهج التفاوض والسلام مع العدو.
واعتبر نائب رئيس المجلس الإسلامي العلوي محمد عصفور، أنّ القرار عدوان سافر على القدس وهويّتها، وعلى فلسطين والأمّة، وعلى المجتمع الدولي وقرارات هيئة الأمم، ويعبّر عن الصورة الحقيقية لترامب وإدارته بانتهاك القرارات والمواثيق الدوليّة وإهانة لمشاعر المسلمين والمسيحيين بسلبهم مقدّساتهم، وعدم احترام حقوق الشعوب.
وأكّد عصفور «أنّ القدس الشريف عاصمة نهائيّة لفلسطين المحتلّة، وأنّ هذا القرار باطل ولا يترتّب عليه أيّ أثر قانوني»، وطالب «المجتمع العربي والدولي بالتدخّل وإعلاء الصوت لإحقاق الحق ومنع هذه الجريمة السافرة ووقف تداعياتها الخطيرة».
من جهته، قال العلّامة الشيخ عفيف النابلسي: «لم نُفاجأ بقرار الرئيس الأميركي نقل السفارة الأميركية إلى القدس. فطالما العرب بهذه الصورة الهزيلة، فبإمكان الولايات المتحدة أن تفعل أكثر من ذلك».
وأضاف: «إنّ هذا الوهن العربي وهذه الروح الانهزامية، وهذا التخاذل واللامبالاة وإدارة الظهر للقضية الفلسطينية أوصلنا إلى هذه النتيجة المخزية لأمّة تسكت عن كلّ هذا الأذى والضَّيم وترضى به».
وأكّد أنّ «رهاننا مجدّداً هو على العاملين، على المقاومين، على الشعب الفلسطيني والعربي الأبي، على كلّ شريف في هذه الأمّة».
وختم: «إنّ الأنظمة المتواطئة تحاول اليوم إظهار سخطها من هذا القرار وتبدي شجبها العلني الكاذب، ولكنّ الحقيقة إنّ هذه الأنظمة ولا سيّما النظام السعودي، تريد التخلّص من هذه القضية وتبعاتها، ولكن لن يكون لأميركا ولعملائها من هذا القرار إلّا الخيبة بفعل الصادقين الذين امتحن الله إيمانهم وعملهم، وصدقِ تضامنهم مع القدس وفلسطين».
واعتبر وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني في بيان، «أنّ تهويد القدس خطوة خارجة عن مسيرة التاريخ وحقيقته ومنتهكة لحقوق الشعب الفلسطيني والعربي، كما أنّها خطوة رجعيّة تتنكّر لأبسط حقوق المسيحيين والمسلمين، وتنسج أكذوبة جديدة ومغامرة صهيونية أخرى في تحدّي الشعوب العربية الإسلاميّة والمسيحيّة، كما جميع المسيحيّين والمسلمين في العالم».
أضاف: «إنّ غلوّ أميركا في دعم وتوطيد السياسات الصهيونية في المنطقة لهو نهج من شأنه تفجير المنطقة بأسرها، ولا يقارب منطق وعقلانية الثوابت التاريخية، وينسف القرارات الدوليّة السارية الأكثر جرأة».
وأكّد وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري، أنّ قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس يتنافى والقرارات الدولية والمواقف الأمميّة التي أكّدت أحقيّة القدس عاصمة لفلسطين.
وسأل في تصريح: «هل بهذه اللامبالاة تعالج قضية مستعصية منذ 69 عاماً، ولا سيما أنّ الولايات المتحدة الأميركية من الدول المتمسّكة بالديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وإنصاف المظلومين، وإعلان قرار كهذا من رئيس البلاد هو قهر للشعوب وسلبهم حريتهم وتكبيل قرارهم الحر، ممّا يولّد شعوراً بالظلم فيجنح من يجنح نحو التطرّف الذي تعانون منه وستعانون، وتتساءلون لماذا تُستهدف الولايات المتحدة؟».
وأكّد الخوري أنّ «المطلب الأساس من شعب الولايات المتحدة الأميركية اليوم هو التصدّي للقرار المجحف بحق الفلسطينيين».
وأكّد رئيس «حزب التضامن» النائب إميل رحمة في تصريح، «أنّ القدس ليست عاصمة «إسرائيل»، ولو اعترفت بذلك أعتى القوى في العالم، لأنّ القوة الظالمة وإنكار الحقوق لا يطمسان جوهر القضية ولا يلغيان الحقيقة الساطعة، وهي أنّ القدس مدينة مسكونيّة تحتضن المقدّسات المسيحية والإسلامية»، مشيراً إلى أنّ «ما يحصل هو جريمة متمادية بحقّ الأديان السماوية، ممّا يحتم على العالمين المسيحي والإسلامي أن يتّحدا ويواجها هذا القرار المهين والمعيب بموقف عالمي واحد حاسم وقاطع».
وأعلن النائب نعمة الله أبي نصر، «أنّ القدس في خطر لكنّ صوت الحق أقوى. أمّا الخطر هذه المرة لا يأتي فقط من «إسرائيل» التي تحتلّ القدس أصلاً، وتسعى إلى تهويدها، مكمن الخطر هو تخلّي العرب عن قضية القدس والسلوك اللا مبالي بها من جانب الغرب المسيحي».
ولفتَ رئيس حزب الحوار الوطني المهندس فؤاد مخزومي بعد زيارته المُفتي دريان، إلى «وجود محاولات عدّة لإضعاف القضية الفلسطينية والوصول إلى حلّ يراعي مصالح إسرائيل»، مؤكّداً أنّ «القدس هي قضية العرب الأولى مسلمين ومسيحيّين»، داعياً إلى «الحذر الشديد من تداعيات الخروج على القانون الدولي وعلى الاتفاقات السابقة، وخصوصاً على الوضع التاريخي للمدينة المقدّسة». ودعا الجامعة العربية إلى الاجتماع الفوري لرفض قرار نقل السفارة، مشدّداً على أنّ «الاستقرار في هذه المرحلة مهم جداً لمنطقتنا».
ومع إدانة قرار ترامب، اعتبر أمين عام جبهة البناء اللبناني ورئيس هيئة مركز بيروت الوطن الدكتور المهندس زهير الخطيب، «أنّ خطوة ترامب تعكس نظرة الازدراء الأميركي والاستخفاف الغربي عموماً للعرب، أنظمة وشخصيات، ممّن اعتقدوا واهمين بتحالفهم مع الغرب، ولم يكونوا فعلاً سوى مطيّة وأدوات أسهمت وما تزال بسرقة ثروات الوطن العربي وقهر الشعوب وخدمة الغزو والاستيطان الصهيوني».
هذا، وشبّه الخطيب ترامب وقراره بمرآة الحقيقة التي تُظهر اليوم حقيقة المواقف السياسية العربية والإسلامية، ومسؤولية رجال الدين مسلمين ومسيحيّين بخصوص الحقوق العربية في فلسطين، والتي تفضح بعد هذا القرار النفاق والكذب الذي اختبأت وراءه منذ وعد بلفور، وخطوات تنفيذه بقمع الانتفاضات وسياسات الإرهاب بالمذابح لتهجير الشعب العربي الأصلي في فلسطين، وآخرها ما عُرف زوراً بالإسلام السياسي الذي دمّر المجتمعات وشرذم الشعوب بفتنه وتكفيره».
وأكّد الخطيب، أنّه لم يبق للقضية الفلسطينية سوى خيار إعلان فصائل مقاومتها لدولة فلسطينيّة من البحر للنهر، فاعلة في الداخل والخارج لمتابعة الكفاح بكلّ أشكاله من دون مواربة أو غموض لتحرير كامل الأرض والشعب، وإسقاط المشروع الاستعماري الغربي ودفن الأوهام الصهيونيّة للأبد.
ودعا الدولة اللبنانية للمبادرة باحتضان المجتمعات الفلسطينيّة اللاجئة اجتماعياً ومهنياً واقتصادياً وعسكرياً، وتحضيرها ضمن خطة استراتيجية للعودة إلى فلسطين ومساعدتها بقوّة المقاومة والجيش في لبنان لتحرير مناطق في شمال فلسطين في المدى المنظور تعود إليها وتستعيد على أرضها التاريخية حقوقها الإنسانية وكرامتها الوطنيّة.
من جهته، شدّد رئيس «لقاء الفكر العاملي» السيد علي عبد اللطيف فضل الله، على أنّ «الموقف الأميركي المتعلّق بمصير القدس يشكّل جريمة تاريخية كبرى لا تُغتفر بحقّ هذه المدينة المقدّسة، واستفزازاً سافراً لمشاعر ومعتقدات المسلمين والمسيحيّين، كما يكشف الموقف الحقيقي لأميركا ووجهها الحقيقي الذي خبّأته كلّ الإدارات التي توالت على البيت الأبيض قبل الرئيس الحالي الذي أفصح عن مكنونات العقل الأميركي والصهيوني، وفي خِضمّ التهاء العرب في صراعات جانبيّة وبين الأخوة وداخل البيت الواحد».
وأشار إلى أنّ «تزوير هُويّة القدس، وتكريس سلب هُويّتها وتاريخها من قِبل الأميركيين ينسجم مع سياسة القتل والتهجير والتهويد وتصفية القضية التي يعتمدها الاحتلال، ويحاول شرعنة أساليبه الإجرامية والوحشيّة والإبادة بحقّ الشعب الفلسطيني».
وحمّل «الأنظمة العربية الرسمية مسؤولية ما يجري بين العجز والتقصير والتواطؤ الكامل»، داعياً «الشعوب العربية، ولا سيّما الشباب، إلى استفاقة ونهضة عارمة لرفض كلّ ما يجري من طمس لهويّة القدس».
وطالب بـ»تشكيل جبهة عالمية إسلامية ومسيحيّة لصدّ هذه الهجمة بالأوجه الثقافية والحضارية»، كما شدّد على «ضرورة التمسّك بالمقاومة المسلّحة، وبالالتفاف حول خط المقاومة والممانعة بعيداً من الأُطر المذهبية والطائفية لصدّ هذه الهجمة، ولمواجهة هذا القرار الأميركي بمزيد من الوحدة، وإنهاء الخلافات بين الدول العربية والإسلامية»
وسأل «تيّار صرخة وطن» في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي عن الخطوات التي ستقوم بها الأنطمة والدول العربية التي تصنّف في خانة الدول الحليفة للمحور الأميركي رفضاً لقرار سيدها الأميركي، لافتاً إلى أنّ المطلوب هو اتخاذ خطوات عملية تترجَم على أرض الواقع من خلال مقاطعة المصالح الأميركية، واستدعاء السفراء الأميركيّين وإبلاغهم رفض قرار ترامب الذي لن يؤدّي إلّا إلى مزيد من التوتر والصراع في المنطقة المشتعلة أصلاً بسبب السياسات الأميركية.
ودعا إلى أوسع حركة تضامن مع القدس والقضية الفلسطينية، من خلال المشاركة في التظاهرات والفعاليات التي ستُقام في المناطق اللبنانية وأمام السفارة الأميركية في عوكر تنديداً بقرار ترامب، ورأى التيّار أنّ الفرصة باتت سانحة اليوم بشكل كبير من أجل إعلان إنهاء مسار المفاوضات، الذي لم يؤدِّ إلّا إلى مزيد من التنازلات بذريعة «السلام» وخسارة الأرض لصالح العدو الصهيوني، وعليه يجب إطلاق المقاومة في الداخل الفلسطيني من أجل استعادة وتحرير كامل التراب الفلسطيني. ووصف «الفريق العربي للحوار الإسلامي – المسيحي» قرار ترامب بأنّه «عدوان سافر على القدس وشعبها وهويّتها الحضارية، وعلى أعمق وأبهى رموز البشرية التي تضمّ أسمى وأقدس المقدّسات الدينيّة».
واعتبر القرار الأميركي، بنتائجه القريبة والبعيدة، «احتلالاً جديداً لا يقلّ عن احتلال 1948، لأنّه يطاول جميع المسلمين والمسيحيين. ويُخرج القدس من القضية الفلسطينية حتى لا يبقى من هذه القضية أهم ما فيها».
ودعا «جميع المنظّمات الدولية والدول الأعضاء فيها، وجميع الدول العربية والإسلامية، ومختلف التجمّعات الحزبية والنقابية والمدنية العربية إلى الاحتجاج والإدانة والاستنكار والرفض لهذا القرار الأميركي، وإعلان التضامن مع فلسطين وشعبها».
واعتبر حزب الخضر القرار الذي اتّخذه ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، اعتداء على المدينة المقدّسة، وخطوة تستفزّ المشاعر وتؤجّج الصراع وتزيد من التطرّف، وهو تجاوز للقرارات الدولية ولقرارات الأمم المتحدة، ويسقط كلّ المساعي لحلّ عادل ودائم يعيد حق الشعب الفلسطيني بالعودة واستقلاله وتحقيق دولته وعاصمتها القدس.
وأعلنت نقابة المحامين في طرابلس، أنّه «التزاماً منها بقدسيّة القدس عاصمة لفلسطين، تعلن الرفض التام لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي المصطنع».
وأدان اللقاء الوطني في إقليم الخروب «القرار الغاشم للرئيس الأميركي حول القدس»، ونوّه بالموقف اللبناني الرسمي والشعبي الشاجب لهذا القرار.
ودعا الشيخ صهيب حبلي إلى أوسع حركة تضامن تحت عنوان عريض شعاره نصرة فلسطين وقضيّتها، مؤكّداً أنّه يجب أن تكون المطالبة بكامل التراب الفلسطيني، وليس بالقدس فقط أو الضفة أو أيّ جزء آخر، ففلسطين من أقصاها إلى أقصاها هي تحت سلطة الاحتلال، ويجب العمل على تحريرها من البحر إلى النهر.
وأكّدت «جبهة التحرير الفلسطينية» و»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بعد لقائها أمس، «أنّ قرار الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني إنما يؤكّد المؤكّد بأنّ الولايات المتحدة هي راعية الإرهاب العالمي ورأسه، وبأنّ الكيان الغاصب المسمّى «إسرائيل» ليس إلا قاعدة استعمارية عدوانية للإمبريالية العالمية، وخاصة الأميركية في منطقتنا، بدور وظيفي تاريخي يتمثّل بتأمين مصالح القوى الاستعمارية العالميّة وإعاقة التنمية الحقيقية لشعوبنا ومنع إنجاز التحرر الوطني الكامل، وبالتالي منع تحقيق مصالح دول المنطقة وشعوبها في التوحّد والتكامل».
وأشاروا إلى أنّ مرحلة نضالية جديدة قد بدأت يجب أن تؤّسس لاستراتيجية وطنية تتوحّد فيها كلّ الطاقات والإمكانات الفلسطينية لخدمة أهداف شعبنا، من خلال المقاومة والتصعيد الشامل والاشتباك المفتوح ضدّ الاحتلال في جميع المواقع، وصولاً لانتفاضة شعبية شاملة تعلي بها الصوت ضدّ السياسات الأميركية والصهيونية والتواطؤ العربي الرجعي»، ودعوا القيادة الفلسطينية «إلى وقف الرهان على أوهام المفاوضات، ووقف التنسيق الأمني، واستعادة الوحدة الوطنيّة، والعمل على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير.