باسيل لوزراء الخارجية العرب: لإجراءات ردعية وعقوبات ضد أميركا
أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان أمس أن لبنان وثّق موقفه من القرار الصادر ليل أول من أمس، عن الاجتماع غير العادي لمجلس وزراء الخارجية العرب، بشأن إعلان الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس كعاصمة لـ «إسرائيل» وعن نيّتها نقل سفارتها إليها «إذ أدرج فقرة حول استنهاض الطاقات الوطنية والشعبية والثقافية العربية لمواكبة التحرّك الدبلوماسيّ الخاص بقضية القدس».
أضافت «كما سجّل لبنان اعتراضه على عدم ملاقاة بنود القرار لمستوى خطورة القضية، بما يعكس التزام لبنان عدم عرقلة إصدار القرار، مع مطالبته بالمزيد من الإجراءات على النحو الذي يرقى إلى مستوى الانتهاك غير المسبوق للمدينة المقدّسة بمضامينها كافة، وبما ينسجم والكلمة التي ألقاها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في مقرّ الجامعة العربية».
وكان باسيل أكد في كلمته أن «القدس ليست قضية، بل هي القضية … لذلك أنا لستُ هنا باسم لبنان لأستنكر عملية سلب، ولا لأستذكر هوية عربية نحن من صنّاعها، ولا لأستفسر عن انتماء عميق تُراد إضاعته في نزاعات إلهائية، تريد تقسيمنا إلى ملل ومذاهب، الى قبائل وعوائل، وتحويلنا أمة مفتتة تُستسهل إهانتها وسرقة رموزها، واغتصاب أرضها، بدلاً من أن تكون رابطة تشارُك، يجمعنا فيها العلمُ والتطوّر والحوار. وأنا بالطبع لست هنا لاستصدار بيانٍ عقيمٍ، أو إدانة رمزية يُمحى حبر ليلها ويُستهزَأُ بِها من سامِعيها. نحن هنا، لأن عروبتنا لا تتنازل عن القدس، ونحن في لبنان لا نتهرّب من قدرنا في المواجهة والمقاومة حتى الشهادة».
أضاف «نحن من هوية القدس لا نعيش إلا أحراراً وننتفض بوجه كل غاصب ومحتلّ. أرادتنا غولدا مائير عند إحراق الأقصى عام 69 أن نكون أمة نائمة، وحوّلنا أنفسنا أمة فاشلة، وأرادنا البعض الآخر أمة غائبة ومتلاشية ومنعدمة، وذلك لانعدام الرؤية الواحدة بيننا وغياب أيديولوجيا منفتحة تجمعنا. غفوة نحن لا نرضاها بل نوقظها بلبنانية فريدة ونربطها بمشرقية واسعة، تتطلّع الى عروبة متوقدة ومتطوّرة».
وتابع «إن لبنان في رسالته هو الحوض الكبير لاستيعاب الأزمات ومواجهة مشاريع التفتيت، وهو الذي عرف كيف يحافظ على وحدته الوطنية بإعلائها على انتماءاته المذهبية، وهو الذي يحاول إبعاد مشاكل المحيط عنه والابتعاد عنها آملاً تَفَهُمَكُم ليحافظ على انتمائه العربي واندماجه التعددي والثقافي الأوسع. إن الفرادة اللبنانية بنموذجها التعدّدي التشاركي هي المدماك الأول لاستعادة العروبة، كما أن التفاهمات السياسية الوطنية في كل البلدان العربية، على أساس قبول الآخر والشراكة معه، هي مداميك أيضاً، ولا يقوم المنزل العربي من دون سقف القُدسِ عُنوان كل الحلول وجامع كل التعدديات التي تبقى هي الأساس».
وسأل «هل يمكن للمصيبة أن تجمعنا؟ أن تصفعنا لنفيق من سباتنا؟ فالقدس أم وأخت، شرفنا من شرفها، وهي تنادي وتستنجد بنا. فهل نخذلها؟ أم نستنهض هممنا لنصرتها؟ فالتاريخ لن يرحمنا، وأولادنا في المستقبل لن يشعروا بالفخر مما فعلنا، والمرآة حين ننظر اليها سوف تنظر الينا باستحقار. الويل لنا إذا خرجنا اليوم بتخاذل، فإما الثورة وإما الموت لأمة نائمة».
وقال «لم نأتِ إلى هنا لرفع اليدين لبيان رفع العتب، أو لمواساة بعضنا في مصابنا. نحن هنا:
1 – لاستعادة الذات بدل خسارتها، ولاستعادة القضية الأم، قضية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، حيث علينا أن لا نكتفي بالاعتراف بفلسطين كدولة ولا فقط القيام بالجهد الديبلوماسي لاستكمال سلسلة الدول المعترفة بها، ولا فقط العمل لكي تكون دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بل على كل دولة من دولنا القيام على حدة بما يلزم لتكريس القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وأنا من ناحيتي سأتقدّم لمجلس وزراء لبنان في أول جلسة له، بطلب لاتخاذ كل الإجراءات الثنائية والدولية اللازمة لذلك.
2 – استعادة السياسة العربية الموحّدة لاتخاذ إجراءات ردعية رداً على القرار الأميركي وكل قرار مماثل لأي دولة أخرى، بنقل سفارتها الى القدس. بدءاً من الإجراءات الدبلوماسية، ومروراً بالتدابير السياسية، ووصولاً إلى العقوبات الاقتصادية والمالية. وإذا كان هناك مَن يسأل عن إمكانية أو جدوى هذه السياسة، فلنتذكر معاً وقفات عربية مشرّفة، كذاك البيان الذي وقعه العراق والمملكة العربية السعودية عام 1981 وقف التعاملات النفطية مع الولايات المتحدة وتدابير أخرى، ما أجبرها فوراً على وقف إجراءات نقل سفارتها إلى القدس.
3 – استعادة العزة العربية والنفس العربي الثائر على الظلم، بانتفاضةٍ شعبيةٍ واحدة في كل بلداننا العربية، ولا أخال شعباً عربياً واحداً لا يهبُّ معنا لندائنا الواحد هذا لا بل أن شعوبنا قد سبقتنا، ونحن اصبحنا نظاماً عربياً تخاذل فوصل الاستهتار بنا إلى هذا الحد. على أن لا تتوقف هذه الانتفاضة إلا بتطبيق كافة مندرجات المبادرة العربية للسلام من دون أي انتقائية».
ودعا «إلى المصالحة العربية – العربية، سبيلاً وحيداً لخلاص هذه الأمة ولاستعادة ذاتها، حتى نكون رزمة متراصة لا يستطيع أحدٌ أن يكسرها أو حتى أن يلويها، وأن ندعو لأجل ذلك إلى قمة عربية طارئة عنوانها «القدس»، لاستعادتها إلى حضنها العربي، لأنه من دونها لا عرب ولا عروبة.
تعالوا ننتفض لعزتنا ونتجنّب لعنة التاريخ وأسئلة أحفادنا عن تخاذلنا، لأن الانتفاضة وحدها تحفظ ماء وجهنا وتعيد حقوقنا، فإما أن نتحرّك الآن، وإلا على القدس السلام. ولا سلام».