الانتفاضة الفلسطينية: هل هي حالة مؤقتة؟
حميدي العبدالله
أكثر ما يخشاه كثيرون من أنصار وداعمي القضية الفلسطينية، وأكثر ما يراهن عليه أعداء القضية الفلسطينية، وفي مقدّمتهم تل أبيب وواشنطن وحلفاؤهم في المنطقة، هو أن يكون ما يجري الآن من ردود فعل على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، في فلسطين المحتلة وعلى مستوى الوطن العربي والعالم، هو ردّ فعل آني موقت سيزول مع مرور الوقت. لكن هل فعلاً أنّ التحركات الشعبية الفلسطينية سوف تتراجع، وبالتالي تتراجع التحركات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الوطن العربي والعالم؟
الأساس في استمرار الحراك الجماهيري، هو استمرار الحراك الفلسطيني، لأنه إذا لم يتحرك الفلسطينيون لن تتحرك الساحات الأخرى، سواء على مستوى الوطن العربي أو العالم.
لا شك أنه ليس أمام الفلسطينيين هذه المرة من خيارات سوى استمرار التحرك، أيّ استمرار الانتفاضة، لماذا؟ لأنّ الرهان لدى بعض الشعب الفلسطيني على احتمال التوصل إلى تسوية سياسية قد تبدّد بصورة نهائية بعد الخطوة الأميركية المتمثلة في الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، لأنّ هذا الاعتراف يعني أنّ الولايات لن تضغط على تل أبيب في أيّ تسوية للانسحاب من القدس الشرقية كي تكون عاصمة الدولة الفلسطينية. وليس بمقدور أيّ زعيم فلسطيني قبول تسوية مع الكيان الصهيوني الصهيوني لا تكون القدس الشرقية جزءاً من هذه التسوية.
عندما يسدل الستار، بمبادرة من تل أبيب وواشنطن، على خيار المفاوضات، حتى لو كان خياراً عميقاً أو مجرد ملهاة، فهذا يعني أنّ على الفلسطينيين شعباً وتنظيمات أن يبحثوا عن بدائل لما آلت إليه مسيرة التسوية. وهناك بديلان لا ثالث لهما، البديل الأول، العودة إلى المقاومة المسلحة والاشتباك مع قوات الاحتلال داخل فلسطين المحتلة، وعبر خط وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، وإذا كان هذا البديل يراه البعض مكلفاً ويصعب تحمّل تبعاته لفترة طويلة، فإنّ البديل يراه الثاني هو الانتفاضة الشعبية المصحوبة ببعض العمليات ضدّ قوات الاحتلال على غرار ما حصل في الانتفاضة الأولى والثانية، وما يحصل في مدينة القدس منذ فترة طويلة ضدّ المستوطنين وقوات الاحتلال.
الأرجح أنّ البديلين متاحان ومرجّحان، وربما يعتمدان معاً، لأنّ البديل الثالث أيّ قبول الأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال، مستحيل لأنه يسهم في تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة، وقبول سكانها الذين يشكلون حوالي نصف سكان فلسطين في مناطق غزة والضفة العربية والأراضي المحتلة عام 1948، أمر مستحيل ولا يمكن لنصف سكان فلسطين أن يقبلوا الخضوع والاستكانة وتشريع الاحتلال الأبدي لأرضهم ووطنهم.