هل تصبح ليفني أميناً عاماً لـ«الجامعة العربية ـ العبرية»؟

راسم عبيدات ـ القدس المحتلة

عندما كان الرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، رغم كلّ ما كان يُقال فيه ديكتاتوراً متفرّداً بالحكم وطاغية وسوى ذلك، إلا أنني أظن اليوم أنّ الليبيين بعدما جاءتهم مافيات وميليشيات وعصابات ما يُسمّى بـ«الثورات العربية» التي تستبيح البلاد وكرامة العباد وحقوقهم وأمنهم، يترحّمون على أيام ذلك العقيد. الذي قال في أكثر من قمة عربية قال بشكل واضح إنّ بيانها الختامي معدّ سلفاً، وأميركا هي من يشرف على إعداده، إذ كانت وزير ة الخارجية الأميركية يـ/تلتقي وزراء الخارجية العرب قبيل القمة ويـ/تسلمهم نص البيان الختامي ويهزون رؤوسهم بالمصادقة فحسب.

«الجامعة العربية ـ العبرية» بعد ما يُسمّى بـ«ثورات الربيع العربي» لم تكتف بأن تبول على نفسها، بل وصلت بها الأمور أخيراً إلى حدّ التبرّز والتغوّط، فهذه الجامعة التي فقدت دورها وعروبتها ولم يبقَ منها سوى الإسم، في بداية الأزمة السورية سطت على قرارتها دول ومشيخات عربان النفط والغاز، وتحديداً قطر التي أوكلت إليها أميركا الملف السوري، فعبر النفط والغاز والمال والتهديد والوعيد، أرغمت «الجامعة العربية ـ العبرية» على السطو على مقعد سورية في الجامعة لمصلحة ما يُسمّى بـ«الائتلاف الوطني السوري»، الذي يضم مجموعة عصابات ومرتزقة ومأجورين، كما فرضت عقوبات اقتصادية وتجارية ودبلوماسية وغيرها على سورية، وحاولت مشيخة قطر الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي للتدخل في سورية تحت البند السابع، الذي رفضته روسيا والصين.

بعد الفشل القطري في الملف السوري، وبعد الإنجازات التي تحققت على الأرض بفضل صلابة النظام والتفاف الشعب والجيش حوله، أوكلت المهمة الى الوهابيين في السعودية بقيادة بندر بن سلطان، الذي لم تكن حظوظه أفضل من حظ قطر والحالمين بعودة امبراطوريتهم على حساب الجغرافيا والدم العربي من العثمانيين الجدد، لكن رغم ذلك وجدنا أنّ مشيخات النفط، وفي مقدمها السعودية وقطر، حاولت مرة أخرى أن تطرح تسليم مقعد سورية في الجامعة العربية إلى أحمد الجربا ممثل ما يُسمّى بـ«الائتلاف الوطني السوري»، لكن الجزائر والعراق وعدداً آخر من الدول العربية رفضت ذلك، وحاولت السعودية إعادة الكرة من خلال دعوة الجامعة العربية إلى تنفيذ الغرض نفسه والغاية عينها، ولكن المشروع فشل أيضاً.

اليوم تظهر الحقائق والوقائع لتثبت الدور التآمري والخياني لـ«الجامعة العربية ـ العبرية» على قضايا العرب ومصالحهم، وعلى كلّ من ينادي بالصمود والمقاومة في العالم العربي، وبالدليل القاطع والملموس، فوزيرة العدل «الإسرائيلية» تسيبي ليفني في لقاء مع القناة العاشرة «الإسرائيلية» كشفت المستور، وبيّنت حقيقة العربان ومشايخ العرب ومدى خسّتهم ونذالتهم وتآمرهم، إذ تقول إنها ستحاصر الرئيس أبو مازن في المقاطعة مثلما حوصر الرئيس الراحل أبو عمار، حتى يرضخ ويستجيب لمطالب «إسرائيل» بالاعتراف بـ«يهودية الدولة». وتضيف «إنّ إسرائيل لن تطلق سراح المخرّبين القتلة الملطخة أيديهم بالدماء»، على اعتبار أنّ أيديها وأيدي قادة دولتها سياسيين وعسكريين وأمنيين ليست كلّ أجسادهم من قمتها حتى أخمص الأقدام ملطّخة وموغلة في الدم الفلسطيني والعربي، وتتابع «الشيخة» ليفني «أنّ إسرائيل اعتذرت للأردن عن قتل القاضي زعيتر، والأردن قبل الاعتذار ولم يطلق سراح الجندي الدقامسة»، وقالت إنها زارت دولاً عربية خلال 50 يوماً 11 مرة، وأكدت أمام قادتها العرب والمسلمين أنّ «أورشليم» عاصمة دولة الكيان المحتلّ ولم يعترض أي منهم، وكذلك طلبت منهم عدم تحويل أموال إلى محمود عباس، فكونوا أولاداً مطيعين وطيبين»، وختمت بالقول «عندما احتججنا على قرار تحول مليار دولار استجابوا ولم يرسلوا شيئاً».

بعد هذا الوضوح كله أظن، على رأي شاعرنا الكبير مظفر النواب: «لا يحتاج دم بهذا الوضوح الى معجم طبقي لكي نفهمه»، وكذلك بعد كلّ ما قالته «الشيخة» ليفني أظن أنه لم تبق عورة عربية مستورة للذين يدّعون بالعلن دعم الفلسطينيين ومساندتهم، وفي السرّ يقودون المؤامرات ومشاريع تصفية قضيتهم، وتحديداً مشيخات النفط والكاز الخليجية. أما ليفني فبعد ما وصلت إليه أوضاع العالم العربي وما يُسمّى بالجامعة العربية أرى أن ترشح نفسها إلى منصب الأمين العام لـ«الجامعة العربية ـ العبرية»، فعلى الأقل هي لا تخفي لا هويتها ولا موقفها ولا أهدافها، وفي المقابل أرى أن على الرئيسين السوري بشار الأسد والفلسطيني محمود عباس أبو مازن التنازل عن مقعديهما في الجامعة العربية، فليس مشرّفاً أن يكونوا أعضاء في مثل هذه الجامعة المتعبرنة. الرئيس عباس يتنازل عن مقعد فلسطين لنتنياهو الذي يصرّح بأنّ زعماء الخليج قالوا له «أنتم لستم أعداءنا وستخرج علاقاتنا الى العلن قريباً»، وبالتالي يصبح نتنياهو عضواً في تلك الجامعة «بيت الأخوة»، ويخرج منها عباس والرئيس الأسد، فهذه جامعة ليست تبول على نفسها فحسب، بل وصلت الأمور إلى حدّ التغوّط والتبرّز، وليس شرفاً لأي عربي حر شريف أن يكون عضواً في جامعة كهذه، لا علاقة لها بالعروبة من قريب أو بعيد، جامعة تقود المؤامرات وتستصدر «الفرمانات» ضدّ كلّ ما له علاقة بمصالح العرب وبخدمة قضاياهم.

لسنا بعيدين عن المرحلة التي ستتولى فيها «الشيخة» ليفني منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، فالمؤامرة على المشروع القومي العربي تقودها قوى عربية وإقليمية، وتتضح أهدافها يوماً فآخر، وما كشفه سماحة السيد حسن نصر الله في مقابلته مع جريدة «السفير» اللبنانية عن عروض قدمت إلى الرئيس السوري بشار الأسد لقطع علاقاته مع إيران ومع المقاومة اللبنانية والفلسطينية، مقابل دخول عملية سلام جدية مع «إسرائيل» تعيد إليه الجولان المحتل، تكشف حقيقة الأهداف الخبيثة لجميع المتآمرين العرب وداعمي ما يُسمّى بـ«الثورات و«الثوار».

إنها مؤامرات تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية أولاً وتدمير كلّ روافع المشروع القومي العربي وحوامله من العراق مروراً بسورية وانتهاء بمصر.

وصلنا الى مرحلة الاستنقاع والانهيار الشمولي من جامعة كانت تقول «لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف بإسرائيل»، الى حالة تتولى فيها «إسرائيل» رئاسة الجامعة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى