الناشف: لا خيار غير القوة لانتزاع حقنا القومي في كل أرضنا في فلسطين ولا يصنع النصر إلا البندقية

اعتدال صادق شومان

«لم يتسلّط اليهود على جنوب بلادنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم، الحقيرين في عيشهم، الذليلين في عظمة الباطل» وهم «أعظم من بلائنا من يهود العالم» سعاده .

وها هو الخطر اليهودي يستفحل مجدداً.

والتاريخ يعيد نفسه دوماً. فيروي لفلسطين الكنعانية حكاية، ولقدسها حكاية، حكاية استكملها «ترامب» مستكملاً مسيرة أسلافه المرابين فـ»يمنح القدس» ويشرّع اغتصابها، و«على عينك يا عرب»!..

فليس قرار ترامب «الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل» إلا النتيجة الحتمية لمسيرة الذل والهوان تلك. فالقرار لم يأتِ من عدم، بل من لواحق وعد بلفور لو أنه قُتل ليطوّق به رقاب ووجوه مَن تبقى من قادة «أمّة العرب» يلوذون بصمتهم المتواطِئ صمٌّ بكمٌ لا يبصرون، وقلوب مُغلقة دون المأساة عن القدس «عروس عروبتهم»، تستصرخهم فالعدوان مبين على مدينة المآذن والمدائن ودرب من مرّوا إلى السماء، هي القدس تنادي، أليس من مغيث منتصر يرفع الضيم عنها؟ أين شهامتكم؟ إن كنتم عرباً، سوِّدت وجوهُكم من عرب، ومن.. قمم.

فليذهبوا.. فليذهب ملوك العرب بسيوفهم الصدئة، التي باتت لا تُشهر الا للرقص بها، فليرقصوا كيفما شاؤوا من الجذل. وفيا ذلّ قومٍ لا يعرفون ما هو الشرف وما هو العار.

غير أن للقدس عشاقاً أحراراً تسكن في مهبّ أرواحهم، تراهم العين حيث تديرها، و ما سجدوا الا لاسمها رغم الدمع واللهب، لبّوا نداء قدسهم، ينتصرون لها فخرجوا غضباّ ومقاومة..

مقولتهم: إنهم «أصحاب الحق الطبيعي والشرعي في فلسطين وإنه لنا وليس لغيرنا أن يقول الكلمة الأولى والأخيرة في مصيرها»، وقد أعلنوها حرباّ من أجل فلسطين.

وإن «محق الدولة الجديدة المصطنعة» هو «عملية يعرفون مداها» قالوا… وما زالوا يقولون لا خلاص لنا إلا بالقوة المنظمة.

برغم أن لا سلاح للقوميين، قالها لهم الذين حملوا أسلحة تُطلق إلى «الخلف»، فأضلوا وجهة العدو، وأضاعوا الطلقات هدراً، كما فلسطين. ولم يبقَ باليد سلاح ولا حيلة، وبدلاً من إزالة الكيان الصهيوني من الوجود وإعلان تحرير فلسطين، حُرّرت اتفاقيات الهدنة بين «العرب» و«العصابات» التي صار إسمها «اسرائيل»، لتتوالى النكبات وقد أسموها نكسات، وصار الهّم «إزالة آثار العدوان» هو المطلب والمرتجى، وليس «كيد العدا».

غير أن ثوار الحزب السوري القومي الاجتماعي، لم يذعنوا لأمر الاستبعاد، فتنكّبوا أسلحتهم وولّوا عيونهم شطرَ جنوبهم السوري، وعلى خطى «حطّين» لم يخطئوا بوصلة الشرف ذوداً عن حقهم بأرضهم، فخرجوا للقدس مناصرين، منهم القائد سعيد العاص وحسين البنا ومحمد زغيب وعبد القادر يعقوب وفتحي الأتاسي وعزيز حوّاط ومحمد قناعة… إلى آخر لائحة شهداء الشرف العريضة للسوريين القوميين في جبهة المقاومة المسلحة، يطوّعون الوسائل الممكنة وغير الممكنة.

إنّ إنقاذ فلسطين.. هو عندهم «أمر لبناني في الصميم، كما هو أمر شاميّ في الصميم، كما هو أمر فلسطينيّ في الصميم»، ولأنه كذلك كان يوم التداعي إلى «يوم الغضب القومي من أجل القدس وكل فلسطين». ودعماً لانتفاضتها المجيدة، فخرجوا يعبّرون عن ثورتهم وغضبهم في أكثر من مدينة على مدى تراب الوطن السوري، كما في المغتربات، بالتزامن مع التحرّكات الشعبية والتظاهرات الغاضبة في كثير من دول العالم العربي والإسلامي والدولي، تنديداً بالقرار الوعد الجديد.

وأمس، كان موعد «الغضب» في منفذية المتن الشمالي لرفع الصوت الساطع في وجه زمن المهانة. وليست أية مهانة..

فكانت التلبية الحاشدة.. حضروا، رجالاً ونساء، مع أشبالهم وشبيبتهم وشيبهم، تماماً كما الصورة في البال يوم حضروا منذ سبعين عاماً في «يوم بكفيا» تنديداً بوعد بلفور.

تحت شعار «من أجل القدس وكل فلسطين.. غضب ومقاومة» أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً في مسرح الوديوم ـ جل الديب، حضره رئيس الحزب حنّا الناشف، رئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل، العمد: ريشار ياشي، قيصر عبيد، وائل الحسنية، د. جورج جريج، أعضاء المجلس الأعلى النائب السابق أنطون خليل، نجيب خنيصر، عاطف بزي، ناموس مكتب الرئاسة رندا بعقليني، عضو المكتب السياسي وهيب وهبي، منفذ عام المتن الشمالي سمعان الخراط، منفذ عام الضاحية الشرقية بطرس أبو حيدر، منفذ عام كسروان ربيع واكيم، رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء نهلا رياشي ووفد من تجمع النهضة النسائي.

كما حضر الاحتفال النائب نبيل نقولا، الوزير السابق فادي عبود، نائب الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري خليل الخليل، نادر بركات ممثلاً أمين الهيئة القيادية لحركة المرابطون العميد مصطفى حمدان، عضو قيادة الحزب العربي الديمقراطي مهدي مصطفى، عضو قيادة حركة الشعب الدكتور أحمد قيس، أحمد علوان عن الوفاء اللبناني، محمد بكري عن حركة فتح، إبراهيم فرحو عن حزب رزكاري، عصام طنانة عن التجمّع اللبناني العربي، عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي صلاح أبو صعب، ومن فعاليات المتن حضر أمين عام الحركة الثقافية في بسكنتا والجوار فرنسوا حبيقة، إبراهيم الملاح، جان أبو جودة، جورج عبود، فادي أبو جودة، عدد من رؤساء البلديات والمخاتير، وحشد من المواطنين والقوميين.

قدّمت للاحتفال غنوى الخوري حنا بكلمة من وحي المناسبة. وألقى الشاعر يوسف السبعلي قصيدة بالمناسبة.

كلمة منفذية المتن الشمالي

وألقى ناظر العمل والشؤون الاجتماعية في منفذية المتن الشمالي وسام أبي حيدر كلمة المنفذية، فقال: بدايةً تحيَةَ إكبارٍ وإجلالٍ إلى كلِّ شهداء أمتنا الذين سقطوا دفاعًا عنها بوجهِ العصاباتِ اليهوديةِ منذُ أن روى شهيدُنا الرفيق حسين البنا بدمائهِ ترابَ فلسطين، تحيَةً لكلِّ مَن شاركَ بالمقاومةِ سواءٌ بسيفهِ أو قلمهِ أو حجرهِ في دفْعِ الغاصبِ المُحتلِّ.

أمّا بعد ففي زمنِ الميلادِ المجيدِ ميلاد سيّدنا يسوع المسيح – المعلّم السوريِّ الأوَّل، ما أشبَهَ اليومَ بالأمسِ، فقد مرّت ألفا سنةٍ على مذبحةِ بيتَ لحم التي سقطَ ضحيّتها أطفالُ المدينةِ على يدِ القاتلِ هيرودسَ، غيرَ أنَّ قتلةَ الأطفالِ من أبناءِ هيرودس ما زالوا يُنكّلونَ اليومَ بأبناءِ شعبِنا ويقتلونهم ويُدمِّرون قُراهم وبيوتَهم تنفيذًا لرغبةِ إلهِهم الحقودِ الغيورِ الحسودِ المسعورِ بإراقةِ الدّماءِ وسفكِها وقتلِ كلِّ نسمةٍ حيّةٍ على أرضِ كنعانَ التي أتَوا إليها بدوًا رحّلاً وجماعاتٍ من شعوبٍ عدّةٍ تعتنقُ دينًا تحجّرت فيه، مضمونُه أنّ أرضَنا هي لهم وعدَهم بها إلهُهم، كما هو مُثْبَتٌ في توراتِهم، وكما هو مؤكدٌ في تلْمودِهم.

فكم من هيرودسَ قد مرَّ علينا منذُ ذلكَ الحين؟؟

وكم أبكى الهيرودوسيّون الجدُدُ أمّهاتِنا وقتلوا بالطّريقةِ نفسِها أبناءَ شعبِنا؟؟؟

نعم، إنّهم أبناءُ الأفاعي، كما وصفهم السيِّدُ المسيحِ. إنّهم أبناءُ القردةِ، كما نعتَهم النبيُّ محمد، «مسالِكُ اليهودِ الأثيمةِ المعوجةِ فِخاخٌ وأشراكٌ» كما أيّدَ ذلك القديسُ يوحنا الذهبيِّ الفم.

بعقيدتِهم بمذاهبِهم بمعتقداتِهم وبوحشيتِهم، ينفثونَ الحقدَ والقتلَ والدّمارَ والخرابَ بين شعوبِ العالمِ أجْمعِ بصورةٍ مجرّدةٍ عن أيّةِ أخلاقٍ أو أيِّ شعورٍ بالإنسانيّةِ وبصورةٍ لا تُشبهُ سوى إلهِهم القاتلَ.

إنّها اليهوديّةُ وأداتُها التنفيذيّةُ الصهيونيّةُ التي تقومُ على أساسِ أنّ اليهوديّةَ ليست مجرّدَ ديانةٍ، وإنّما هي قوميّةٌ عنصريّةٌ. فاليهوديّةُ هي الوجهُ الدينيُّ للصهيونيّةِ، والكيانُ الصهيونيُّ هو التجسيدُ العمليُّ للصهيونيّةِ، وهو دولةُ جميعِ اليهودِ في العالمِ، والمركزُ للصهيونيّةِ العالميّةِ لفرضِ هيمنَتِها على أمّتِنا من النيلِ الى الفراتِ، كمقدمةٍ لفرضِ هيمنتِها على العالمِ من منطلقِ زعمِهم أنّهم «شعبُ اللهِ المختارِ».

من هنا من هذا المتنِ من بلدةِ الشوير الرابضةِ على ذراه شعَّ نورُ النّهضةِ مع الزعيمِ أنطون سعاده بعد قرونٍ سوداءَ دامسةٍ، فوعى سعاده باكرًا الخطرَ على بلادِنا، وكان له الدورُ الأكبرُ في فضحِ البدعةِ اليهوديّةِ ومواجهةِ مخططاتها الاستعماريّةِ التي تطالُ بلادَنا من أقصاها الى أقصاها، بدءًا من محاولاتها تزويرَ تاريخِنا وسرقةِ الأساطيرِ وتحويرِها بما يتوافقُ مع كذبتهم التاريخيّةِ، إلى طمسِ الحقائقَ وسرقةِ وتدميرِ الآثارِ في كل أصقاعِ أمّتِنا، ثمَّ باستعمالِ سلاحِ الخديعةِ الدينيّةِ النّاعمةِ الذي يهاجمُ به اليهودَ والذي هو أخطرُ من سلاحِ المالِ والنّارِ الذي يقاتلونَ به علناً.

وقال: بعد استشهاد سعاده تابع الحزب السوري القومي الاجتماعي مسيرته الجهادية عملاً بوصية الزعيم القائلة: «أنا أموت أمّا حزبي فباقٍ»، واستمرّ فاعلاً في ساحات الجهاد، رغم كلّ المؤامرات والحروب التي شُنَّت عليه من الداخل والخارج.

فكان هذا المتن منبعاً وملاذاً للمقاومين والاستشهاديين الذين انطلقوا منه ونفّذوا عمليّاتهم البطوليّة ضد العدوّ، فكان خالد وكانت سناء وكان وجدي وكانت نورما وبلال… وكانت قوافل الشهداء والاستشهاديين الذين أرجعوا الأمانة، وشكّلت أجسادهم وصدورهم قنابلَ لدحر المحتلِّ الغاصبِ عن أرضنا في فلسطينَ وجنوب لبنانَ والجولانَ المحتلّ.

ولقد أكد سعاده أن محق الدولة الجديدة المصطنعة هو عملية صراع طويل شاق عنيف يتطلّب كلّ ذرة من ذرات قوانا لأن وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمدّ الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها..

وقد تجلى الدعم الأجنبي مع وعد بلفور المشؤوم، ويأتي اليوم أيضاً وعد ترامب الجديد بنقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة، بما يعني ذلك من ترسيخ للاحتلال بصورة مناقضة لكل الشرائع والقوانين الدولية ولميثاق وقرارات الأمم المتحدة التي تثبت يوماً بعد يوم في كل ما يتعلّق بقضايانا القوميّة أنّها هيئة الأمم المنتصرة في الحرب الكونيّة الثانية التي تعمل لصالح دولة الاحتلال على حساب حق أهل الارض.

إن خطاب ترامب أتى ليكشف مبكراً عن رؤيته للمستقبل الذي يرنو إليه في هذه المنطقة، وهو يشكل صدمةً للقادة و«المعتدلين المتخاذلين» ويفضح رهانات وآمال كل مَن يدبّ علناً وسراً لتوقيع الصلح مع «إسرائيل» وكل ما يُسمّى بـ«الاعتدال العربي» الذي كان يراهن على نجاح التسوية في المنطقة وتوقيع سلام شامل خلال السنوات القليلة المقبلة مع العدو اليهودي.

وختم: ليست عيون فيروز وحدها التي ترحل إلى القدس كل يوم، فعيون كل السوريين ترنو إلى كل حبة تراب في فلسطيننا الحبيبة التي هي بالنسبة لنا قدس الأقداس، وقلبنا يخفق للأرض.. ونشتاق لأن ندور في اروقة المعابد ونعانق الكنائس القديمة ونمسح الحزن عن المساجد. والقدس لن تكون، كما كلّ المدن الفلسطينية، إلاّ سوريّة النشأة والانتماء والمصير.

كلمة رئيس الحزب

وألقى رئيس الحزب حنا الناشف كلمة جاء فيها:

لفلسطين رواية، بدأت قبل ستة آلاف سنة مع أجدادنا الكنعانيين، واستمرّت حتى اليوم. عبر هذا الكمّ الهائل من السنين، اغتصبت أرض فلسطين من اليهود مرتين، مرة دخلوا إليها رعاة مشرّدين في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، فاغتصبوا جزءاً يسيراً من أرضها، لم يتجاوز في أوج عظمة مملكتي داوود وسليمان بضعة كيلومترات، واستمروا في قتال مع أهلها الكنعانيين الذين كانوا روّاد بحار وحضارة، أو في التقاتل في ما بينهم، حتى تمّ سبيهم إلى بابل في القرن السادس قبل الميلاد، وتشردوا في الأرض بعد ذلك لآلاف السنين، وبقيت الأرض لأهل الأرض من الكنعانيين، الذين كانوا قبلهم واستمرّوا بعدهم.

وفي أواسط القرن الماضي، اغتصبوها مرة ثانية، شاهرين وعدهم الإلهي في وجه الفلسطينيين، الذين لم يبارحوا الأرض منذ ستة آلاف سنة. وكأن الله الكليّ العدل والرحمة، ليس بعادل أو رحيم، فيعِد شعباً بأرض ليست لهم، ويقتلع شعباً تجذّر في الأرض ليحلّ مكانه شعباً آخر يأتي به من جهات الدنيا الأربع.

وللقدس أيضاً رواية، بناها شعبنا الكنعاني منذ آلاف السنين، وأطلق عليها الاسم الكنعاني «أورشليم» أي مدينة السلام، واغتصبت أيضاً مرتين، مرة على يد يشوع بن نون حين أوقف دوران الشمس لا الأرض ، حسب أسطورة التوراة وأسقطها بأصوات الأبواق، أيضاً حسب أسطورة التوراة. ومرة حين سقط جزء عزيز منها في حرب الأيام الستة سنة 1967. وفي هذا السقوط الأخير كان لأسلاف ترامب مساهمة فعّالة في إسقاطها. وهذا لم يكن سراً من أسرار الحروب، بل تمّ جهراً وعلناً، بالتصريح وبالتلميح، تسليحاً ومعلومات، وإعطاء إشارة البدء، وإعطاء إشارة التوقف. واستمر أسلاف ترامب يحقنون وريد هذا المعتدي والمغتصب بشتى أنواع المنشّطات من الأسلحة والطائرات وأدوات القتل والدمار حتى يومنا هذا. وذلك كله لماذا؟ كي يتفوّق المغتصب أرضاً وجواً وبحراً على الجيوش العربية كلها، وليستأثر المعتدي بضحيته حتى يستكمل التهامها.

وها هو ترامب يتابع مسيرة أسلافه، ليستكمل الإجهاز على القدس، فيعترف بها عاصمة لـ «إسرائيل». وفي هذا إمعان في الاعتداء على فلسطين، بل على العرب كافة. ولا بدّ هنا من التساؤل: إذا لم يكن سراً أن الولايات المتحدة الأميركية وقفت منذ البداية وتقف حتى النهاية مع «إسرائيل» أي مع المعتدي والغاصب، وضد الضحية، فلماذا نرى بعض العرب يلهثون في الهرولة وراءها مقبلين الأيادي، طالبين القرب، وسائلين الرضى والود؟ لماذا يودعون أموالهم وثرواتهم في مصارفها، ويبنون قصورهم على أرضها، ويتسابقون على شراء ما تنتجه مصانعها من أسلحة وطائرات وسلع؟

فإذا كان يزعم بعض العرب هؤلاء، أنهم مع فلسطين المغتصبة، ومع القدس الجريحة، فلماذا هم مع أميركا التي تعاديها وتناصر عدوها الغاصب؟ ألم يسمعوا بمقولة هم وضعوها: «صديق عدوك هو عدوُّك». وإذا كانت أميركا صديقة عدوكم فهي عدوّكم، فلماذا تهرولون وراءها لتقوم بالوساطة كوسيط «عادل» بينكم وبين «إسرائيل». وهل بإمكانها أن تكون وسيطاً عادلاً إذا كانت جهاراً نهاراً هي مَن تدعم عدوّكم، وتؤازره ليستكمل اغتصابكم؟

لقد امتشقت أميركا عداوتكم منذ خمسينيات القرن الماضي، ولم تكن مرة وسيطاً عادلاً. وهي ليست وسيطاً عادلاً، إلا في أوهامكم. أرتكم أنيابها فظننتم أنّها تبتسم لكم، وأرتكم ذراعيها فظننتم أنها تصافحكم، إلا أنكم سرعان ما أحسستم أن أنيابها ليست للابتسام، بل لنهشكم وتهشيمكم، وسواعدها ليست لمصافحتكم بل لخنقكم، ولتمكين عدوكم من ابتلاعكم. ورغم مصادرة قدسكم لتحرمكم من أيقونتكم ومن زهرة مدائنكم، لا زالت أنيابُها بارزة، لربّما لتضحك طويلاًً عليكم ومنكم. وها هو ترامب يستهين بعنترياتكم، ليقول لكم جهاراً: «إن القدس ليست مدينتكم، إن القدس ليست لكم، أن القدس هي لمغتصبي أرضكم، هي لمن دجّجته بلاده بالسلاح والطائرات والقنابل الفوسفورية والانشطارية والعنقودية والنووية.

وها هو ترامب يقول لكم بالفم الملآن: أنا أمنح مقدساتكم لمن لا يستحقّ، وأنا أشرّع اغتصابكم لمن أشاء، وأنا أمنعكم حتى من الحلم. فعبثاً تلهثون وراءه ليعود عن قراره، فهو من ذلك العالم الذي لا يفهم إلا لغة القوة، وليس قوة الحق والعدالة. هو من ذلك العالم الذي لا يخضع إلا للأقوياء، ولا يلتفت إلى الضعفاء.

آن الأوان لتستفيقوا من سباتكم، فلسطين تستجير بكم فأجيروها. والشعب الفلسطيني الأبي، الصابر، والمناضل يتأوّه، فهل تسمعون، وهو يستغيث بكم فهل تغيثون، ودمه يستصرخكم فهل تُصغون؟

ويا شعبنا في فلسطين، انتفض، قل للغاصب سنجعل أرضنا كرة نار تحت أقدامك.

قل لـ «إسرائيل» كل أساطيلك وطائراتك وسلاح دمارك لن يقوى على إرادتنا، لأننا شعب يحبّ الموت متى كان الموت طريقاً للحياة. قل لها إن إرادتنا هي الحق والحقيقة والعدل والعدالة، وهي القضاء والقدر، وإن انتصار المصالح في صراع الحياة، كما يقول سعاده يُقرّر بالقوة بعد أن يقرّر بالحق.

قل لها: القدس لنا، وهي عاصمتنا الى الأبد. وفلسطين لنا، لنا منذ الأزل وستبقى لنا الى الأبد. ارفضوا أية مفاوضات بعد اليوم، فهي لم تعد عليكم إلا بخسارة أجزاء عزيزة من أرضكم.

صمّموا على القتال. ونحن معكم، وأحرار العالم ومقاوموه كلهم معكم، ومع مقاومتكم. وكما كان أحرار العالم مع شعبنا في الشام ناراً على جيوش الدمار والحقد والظلام، وتحقّق النصر، سيكونون معكم، وسيتحقق النصر. نحن مع مقاومتكم، ومقاومتنا هي مقاومتكم، فلا خيار غير القوة لانتزاع حقنا القومي في كل أرضنا في فلسطين. وتأكدوا أنه لا يصنع النصر إلا البندقية،

لا يصنع النصرَ إلا وحدتُكم ووحدتُنا كشعب واحد وكأمة واحدة، فالدولة اليهودية على أرضكم لم تنشأ بفضل المهارة اليهودية، بل بفضل التفسُّخ الروحي الذي اجتاح الأمة السورية ومزّق قواها وبعثر حماسها وضربها بعضها ببعض، وأوجدَها في حالة عجز تجاه الأخطار والمطامع الأجنبية، كما علمنا سعاده.

انبذوا خلافاتكم وانشدوا وحدتكم خلف مقاومتكم. وانبذوا الذي يُلبسون التخاذل والاستسلام دثار الواقعية والتسووية. واعلموا أن السياسة في زمن الحرب هي سياسة القتال، ولن تصنع سلامكم سوى سواعدكم وبطولاتكم وتضحياتكم. وثقوا أنه لن تسترد أرضكم وقدسكم إلا بالقوة. ولا ريب إذا فعلتم فإنه سيأتي يوم النصر وستعود القدس، وسيرفرف فوقها شامخاً علم فلسطين. وثقوا أن بطون أمهاتنا لن تبخل علينا بولادة أنطون سعاده آخر، وصلاح الدين آخر.

تحية إلى كل مقاوم يحمل سلاحاً لأجل القدس ولأجل فلسطين ولأجل العودة إلى كل فلسطين،

وتحية الى كل المقاومين الذين يقاتلون في أي مكان من أمتنا السورية،

وتحية إلى كل أحرار العالم الذين يقاتلون على كل الجبهات في أمتنا، ولأجل شعبنا، رافضين الظلم والاحتلال والإرهاب،

وتحية إلى كل السوريين القوميين الاجتماعيين، الذين وعوا على ضوء المبادئ المحيية التي وضعها سعاده، حقيقة وحدة أمتهم وحقيقة نهضتها ووسائل انتصارها، وانخرطوا منذ سنة 1936 وحتى اليوم في مقاومة العدو الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين وفي كل مكان، وبذلوا لأجل ذلك التضحيات الجسام،

تحية لهم في هذا اليوم، وفي اليومين الماضيين، وفي هذه الأيام الثلاثة التي عبّروا فيها عن غضبهم ورفضهم لتهويد القدس في أكثر من عشرين مدينة على كامل تراب الأمة السورية، إضافة الى عشرات مدن الاغتراب تحت شعار «يوم الغضب القومي»، وأقول لهم أنتم خميرة هذه الأمة وأنتم منائرها، وسنبقى معكم على درب سعاده وعلى خطاه،

وألف تحية وسلام إلى قناديل حزبنا المشعّة نسور الزوبعة. لتحي سورية وليحي سعاده.

تكريم الطالب جاد سماحة

في نهاية الاحتفال تمّ تكريم الطالب جاد مروان سماحة لفوزه بالمركز الأول في المسابقة العالمية للحساب الفوري والتي جرت في ماليزيا بمشاركة فيها 2500 طالب من مختلف دول العالم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى