الأسد: الإرهاب لم ينتهِ و«النصرة» ما زالت موجودة في سورية بدعم غربيّ

قال الرئيس السوري بشار الأسد أمس، إنّ الحديث عن الانتصار على الإرهاب في سورية سابق لأوانه، مشيراً إلى أنّ الإرهاب في بلاده لا ينحصر في تنظيم «داعش» وحده.

جاء ذلك في تصريحات صحافية أدلى بها الأسد لعدد من وسائل الإعلام، بعد استقباله الوفد الحكومي والاقتصادي الروسي برئاسة نائب رئيس الوزراء دميتري روغوزين.

وانتقد الرئيس السوري بهذا الصدد التركيز الدولي المفرط على أهمية القضاء على «داعش» دون تنظيمات إرهابية أخرى تحظى بدعم الغرب، قائلاً: «القضاء على المراكز الرئيسية لـ«داعش» في سورية هو مرحلة هامّة وانتصار كبير، ولكن علينا أن ننتبه إلى أنّ الهدف من تركيز العالم على «داعش» فقط، هو تشتيت الأنظار عن أنّ الإرهاب، وفي مقدّمته «جبهة النصرة»، مازال موجوداً وبدعم غربي. «داعش» جزء من الإرهاب، ولكنّها ليست كلّ الإرهاب».

كما انتقد الأسد تصرّفات المنظمات الكرديّة العاملة في سورية وتعاونها مع الولايات المتحدة.

وردّاً على سؤال عن نظرة الحكومة السورية إلى «سلوك الأكراد في المنطقة الشرقية»، قال الأسد: «كلّ من يعمل تحت قيادة أيّ بلد أجنبي في بلده وضدّ جيشه وضدّ شعبه هو خائن، بكلّ بساطة، بغضّ النظر عن التسمية. هذا هو تقييمنا لتلك المجموعات التي تعمل لصالح الأميركيين».

وحول موقف فرنسا والدول الغربية التي حمّلت الوفد الحكومي، وليس مجموعات «المعارضة»، مسؤولية فشل الجولة الثامنة من محادثات جنيف، قال الرئيس السوري إنّ هذا الموقف «طبيعي»، لأنّ هذه المجموعات «تعمل لصالحهم». وقال الأسد: «من الطبيعي أن يقوموا بهذا العمل لكي لا يحمّلوا المسؤولية لمجموعات هي تعمل لصالحهم».

وأضاف: «هذه التصريحات الفرنسية أو غيرها من الدول الغربية تؤكّد أنّ هذه المجموعات تعمل لصالحهم وليس لصالح سورية أو لصالح الوطن، طبعاً بالنسبة لنا هذه المجموعات لا نستطيع حتى أن نحمّلها مسؤولية فشل جنيف لسبب بسيط، لأنّها مجموعات صوتيّة تعمل بالدولار».

وأعرب الأسد عن استيائه لنتائج عملية جنيف، مصرّحاً بأنّه يفضّل عليه المؤتمر المرتقب في مدينة سوتشي الروسية، وقال: «بكلّ تأكيد نعتقد بأنّ أيّ شيء أفضل من جنيف، لأنّه بعد ثلاثة أعوام لم يُحقق شيئاً.. الفارق الأساسي بين جنيف و مؤتمر سوتشي الذي نعمل عليه مع الأصدقاء الروس يستند أولاً إلى نوعية الأشخاص أو الجهات المشاركة فيه، بالمقابل في جنيف الأشخاص الذين نفاوضهم كما هو معروف، لا يعبّرون عن الشعب السوري.. ربما لا يعبّرون حتى عن أنفسهم في بعض الحالات».

وقال الرئيس السوري، إنّ دمشق ترحّب بأيّ دور للأمم المتحدة في مراقبة الانتخابات المستقبلية في سورية، بشرط أن يكون هذا الدور مرتبطاً بالسيادة السوريّة.

وكان الأسد، كشف أنّ الظروف باتت مؤاتية لتسريع عملية إعادة الإعمار، ما من شأنه فتح آفاق اقتصادية واسعة، وتعميق التعاون بين سورية وروسيا.

وخلال استقباله الوفد الحكومي والاقتصادي الروسي برئاسة دميتري روغوزين، بحث في العلاقات الوثيقة والمتجذّرة بين موسكو ودمشق، وآفاق تعزيز التعاون الاقتصادي ولا سيّما في مجال الطاقة، بما فيها النفط، والغاز، والفوسفات، والكهرباء، والصناعات البتروكيماوية، ومجال النقل والتجارة والصناعة.

وأكّد الأسد، أنّ زيارة روغوزين إلى دمشق فرصة لدفع مشاريع موجودة، والتوسّع في مشاريع أخرى لم تكن ضمن أولويات العامين الماضيين.

بدوره، شدّد روغوزين على أنّ الحكومة والشركات الروسية الكبرى على استعداد دائم ومستمرّ لتقديم كلّ الدعم والخبرات المتاحة لديها من أجل المساهمة الفاعلة في عملية إعادة إعمار سورية ودعم الشعب السوري لتحقيق تطلّعاته في التقدّم والازدهار.

ونقل روغوزين عن الأسد، قوله إنّ خسائر سورية جرّاء الحرب التي قارب عمرها الـ7 سنوات تُقدّر بـ 400 مليار دولار.

وأشار روغوزين إلى أنّ موسكو ودمشق اتّفقتا على تأسيس عمل مشترك لاستثمار مناجم الفوسفات وتسويقه في الخارج، بالإضافة إلى اتفاق بين الطرفين بشأن تصدير القمح الروسي إلى سورية ومنها إلى دول المنطقة عبر الموانئ السوريّة.

وفي هذا الإطار، اعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي أنّ النجاحات العسكرية الروسية في سورية يجب أن تُدعم بمشاريع استثماريّة روسيّة لأمد بعيد.

ويعمل في تنسيق العقود بين شركات الجانبين، كلّ من مجلس الأعمال الروسي – السوري بإشراف الدكتور لؤي يوسف، وغرفة تجارة وصناعة روسيا الاتحادية، ومجلس الأعمال السوري -الروسي بإدارة الدكتور سمير حسن.

وتعتزم روسيا وسورية إنشاء شركة مشتركة للخدمات النفطية في دمشق، حسب ما أعلن مؤخّراً وزير النفط والثروة المعدنيّة السوري، علي غانم.

وكانت دمشق قد ذكرت مراراً وتكراراً على لسان مسؤوليها، أنّ الأولويّة في مرحلة إعادة الإعمار ستكون للدول الحليفة التي وقفت إلى جانبها في حربها ضدّ الإرهاب مثل روسيا وإيران.

فشل في التحقيق بحادثة خان شيخون

على صعيدٍ آخر، أكّدت الخارجية الروسية عدم وجود دليل على أنّ دمشق أخفت أيّ جزء من أسلحتها الكيميائيّة.

وقال مدير قسم عدم الانتشار والرقابة على التسلّح في الوزارة ميخائيل أوليانوف، إنّ اتفاقية الأسلحة الكيميائيّة تنصّ على ضرورة إجراء تفتيش عند الطلب، في حالة وجود شكوك بهذا الخصوص، عوضاً عن اللجوء إلى اتّهامات لا أساس لها.

وكان المسؤول في وزارة الخارجية الروسية صرّح بأنّ آليّة التحقيق المشتركة للأمم المتحدة ومنظّمة حظر الأسلحة الكيميائية فشلت في التحقيق بحادثة خان شيخون بسورية.

وقال أوليانوف، في تصريح لوكالة «نوفوستي» نُشر أمس، إنّ التحقيق في حادثة استخدام السلاح الكيميائي في خان شيخون «يجب أن تستأنفه هيئة جديدة»، مشيراً إلى أنّ «آليّة التحقيق المشتركة السابقة فشلت بتنفيذ هذه المهمّة، إذ قدّمت في حقيقة الأمر تقريراً مفبركاً، لا يصمد أمام الانتقاد».

ولفتَ أوليانوف إلى أنّ آليّة التحقيق «عاجزة عن ضمان الحفاظ على سلامة الأدلّة المادية في طريقها من مكان الحادث إلى المختبر»، مشيراً إلى أنّه تمّ انتهاك هذا المبدأ أكثر من مرّة في ما يتعلّق بسورية.

وأضاف أنّ آليّة التحقيق لم تستفد من إمكانية الوصول إلى مكان الحادثة في خان شيخون، حتى بعد اتفاق الأمانة العامّة للأمم المتحدة مع القادة الميدانيين المحلّيين بشأن ضمانات أمنيّة، مشيراً إلى أنّ البعثة كانت تعمل في أراضي تركيا، ما يُعتبر أمراً غريباً.

وأكّد الدبلوماسي الروسي، أنّه «لا يوجد أيّ دليل على أنّ السلطات السوريّة أخفت جزءاً من ترسانتها الكيميائية»، مضيفا أنّه إذا كانت عند أحد شكوك بهذا الخصوص، فهناك إجراءات متّبعة لرفع طلب رسميّ بإجراء التفتيش، «ويجب اللجوء إلى هذه الإجراءات بدلاً من توجيه اتّهامات لا أساس لها إلى دمشق».

وخلص أوليانوف إلى القول، إنّه «اليوم من الواضح أنّ آليّة التحقيق المشتركة للأمم المتحدة ومنظّمة حظر الأسلحة الكيميائية لم يعدْ لها وجود، وتمّ حلّها. و«قتلتها الدول الغربية، بالذات بقيادة الولايات المتحدة، التي صوّتت ضدّ مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي حول تمديد وتعزيز تفويض بعثة التحقيق المشتركة».

وأضاف أنّ روسيا لا تنوي طرح مشروع قرار جديد على مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.

بقاء المستشارين الإيرانيّين

وفي السياق الميداني، سقط أكثر من 30 إرهابيّاً خلال عمليات وحدات من الجيش السوري ضدّ تجمّعات ومحاور تحرّك مجموعات إرهابيّة من تنظيم «جبهة النصرة» والمجموعات المنضوية تحت زعامته على محور الزلاقيات – زلين في ريف حماة الشمالي.

وأفاد مصدر في حماة، بأنّ وحدات من الجيش بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبيّة اشتبكت مع مجموعات إرهابيّة تسلّلت إلى بعض النقاط على محور الزلاقيات زلين، واستعادت عدداً منها بعد إيقاع 30 قتيلاً بين صفوفها وتدمير دبابة وعربة «بي أم بي» لهم.

وبيّن المصدر، أنّه من الإرهابيين القتلى الشيشاني «صلاح الدين الشيشاني» و«أحمد عبد الله الفضة» و«موسى أحمد الحويو» وهما من إرهابيّي ما يسمّى «جيش العزّة»، إضافة إلى الإرهابي «عمار نعمان الحسن».

واستعادت وحدات الجيش العاملة شمال شرقي مدينة حماة في الـ10 من الحالي السيطرة على قرى أم تريكة وأم حزيم وبليل وتلّة رجم الأحمر وتلّ شطيب والزبادي وتلّ بولص، بعد اشتباكات عنيفة مع إرهابيّي تنظيم «جبهة النصرة».

وفي السياق، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أنّ المستشارين العسكريّين الإيرانيين سيبقون في سورية حتى القضاء التامّ على التنظيمات الإرهابيّة هناك.

وقال شمخاني خلال زيارته لإقليم كردستان العراق أمس، إنّ «التواجد الإيراني في سورية مستمرّ في تقديم خدماته الاستشارية وبطلب من الحكومة الشرعيّة السوريّة، حتى إبادة كلّ الجماعات الإرهابية التي لا تزال موجودة في هذا البلد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى