مواقف ندّدت بقرار ترامب و«الفيتو» الأميركي ودعوات لتزخيم الانتفاضة: تصعيد واشنطن بحقّ أمّتنا يتجه إلى مستويات غير مسبوقة

تواصلت أمس الاعتصامات والمواقف المستنكرة للقرار الأميركي بشأن القدس، كما ندّدت بالفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي في وجه المشروع المقدّم لإبطال القرار، لافتةً إلى أنّ التصعيد الأميركي بحق أمّتنا يتّجه إلى مستويات غير مسبوقة ودعت إلى تصعيد الحراك الشعبي والانتفاضة «الفلسطينية» ضدّ الكيان الصهيوني.

وفي السياق، نفّذ لقاء الأحزاب والقوى الفلسطينية اعتصاماً، بعد ظهر أمس أمام مقرّ «إسكوا»، شارك فيه ممثّلون عن الأحزاب والقوى اللبنانية والفلسطينية.

وألقى عضو المكتب السياسي لحركة «أمل» محمد خواجة كلمة، أكّد فيها أنّ «القدس عاصمة أبدية لفلسطين كلّ فلسطين، وأنّ أكثر ما يثير غضبنا وسخطنا أنّ ردود الفعل العربية، لا سيّما ردود الأنظمة الرسمية، دون مستوى التحدّي وإدراك حجم المخاطر الناجمة عن القرار الأميركي، والذي وصفه الرئيس نبيه برّي بأنّه وعد بلفور ثانٍ تمهيداً لإمرار صفقة القرن. هذه الصفقة التي يمكن تلخيصها بتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء العداء مع العدو «الإسرائيلي» لتسريع مسارات التطبيع وإقامة الأحلاف معه في مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكلّ قوى المقاومة في منطقتنا».

واعتبر أنّه «كان لزاماً من بديهيات الردّ العربي أن نسحب سفراءنا من واشنطن ونطرد سفراءها من أرضنا ونقطع كلّ أنواع العلاقات مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني الغاصب».

وألقى وزير البيئة طارق الخطيب كلمة، قال فيها: «لبنان الرافض للتوطين والرافض لنحر الحق على محراب عدالة دولية عرجاء، هذا اللبنان سيبقى الصوت الصادح بالحق، ولن يسكت. هذا اللبنان يرفض قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس. القرار الذي ضرب عرض الحائط جميع القرارات الدولية وجوّفها من معانيها ومضامينها، والذي سيؤدّي إن تخاذلنا وتركنا له إمكانية تنفيذه إلى نحر القضية وإعدامها، لأنّ القدس هي القضية».

وأضاف: «نحن في التيار الوطني الحر، أبناء هذا الوطن الكبير لبنان، كنّا وسنبقى متشبّثين في الدفاع عن القضايا المحقّة، وأولها قضية القدس التي هي قلب القضية الفلسطينية، وحريصون على أن يبقى هذا القلب سالماً لتبقى القضية حيّة، وذلك لن يحصل إلّا بإلغاء هذا القرار».

من جهته، قال السفير الفلسطيني أشرف دبور: «نمرّ في زمن خطير من تاريخ قضيّتنا، وهو يهدف إلى إنهاء مشروعنا الوطني الفلسطيني وتطلّعات شعبنا المشروعة بالحرية والاستقلال والعودة، وبلغ هذا ذورته بقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة، فلا أريد أن أسمّيها». وتابع: «هذا اعتداء على الحقوق التاريخية والقانونية للمكانة الطبيعية للأماكن المقدّسة الإسلامية والمسيحية. وهنا، نعبّر عن اعتزازنا وفخرنا بأبناء شعبنا الفلسطيني، وخصوصاً المرابطين في بيت المقدس الذين وقفوا بوجه هذا القرار».

وأكّد أنّ «مثل هذا القرار لن يمرّ، وسيسقط حتماً، على صخرة الصمود وبسالة وعزيمة وإرادة شعبنا. لن تكون القدس إلّا عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة»، مطالباً «كلّ الدول التي اعترفت بـ»إسرائيل» وفق القرار 181 بأن تراجع اعترافها بوجودها أصلاً، فهذه الدولة التي خرقت كافّة القوانين والشرائع الدولية، والتي قامت على أساس الباطل، والتي لا يوجد لها أيّ حدود، أين هي؟ من يعترف بها؟ فالشعب الفلسطيني الموجود على الأرض الفلسطينية لا يتمّ الاعتراف بدولته، ألَيسَ هذا قمّة الظلم؟».

أمّا رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، فقال: «يا قدس عاصمة الأرض والسماء، يا قدس الرسالات والأنبياء، يا حبيبة المقاومين والمجاهدين والأولياء لأجلك أتينا، ولأجلك ولدنا، ولن نترك عينيك تدمع لأنّ دمنا سيغسل قامتك من جديد، ويطهّرك من رجس الشيطان وقرارات الطغيان وأوساخ تيجان الملوك وعروش البغي والعار، وأنظمة الذلّ والهوان. اطمئنّي يا زهرة المدائن، فها هم الأحرار والشرفاء يملأون الساحات، وها هي القبضات تعلن الوعد والعهد والوفاء». أضاف: «لقد ولّى زمن الرهانات الخاسرة، وأتى زمن المقاومة، وسقطت شرعة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان، ولم تبقَ سوى حركة الجهاد والنضال».

وألقى الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية – القيادة العامّة طلال ناجي كلمة التحالف الفلسطيني، منتقداً «موقف مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن، التي تدّعي أنّ القدس عاصمة لليهود منذ آلاف السنين»، وقال: «يتآمرون على القدس منذ مئة سنة، منذ وعد بلفور».

وختم: «نحن نفخر بأنّ القدس ليست قضيتنا لوحدنا، بل هي قضيّتكم جميعاً، نعتزّ بكم أيّها الأعزاء قادة الأحزاب اللبنانية، ونعتزّ بوقوفكم إلى جانب شعبنا وقضيتنا وحقوق شعبنا. لقد تآمروا على فلسطين والقدس على مدى السنوات السبع الماضية تحت عنوان ما سُمّي بالربيع العربي المزعوم، فالربيع العربي يجب أن ندركه جميعاً اليوم، ماذا كان الهدف منه؟ كانوا يريدون أن يصلوا إلى هذا اليوم، وتصفية القضية الفلسطينة وسرقة حقوقنا وأرضنا ومقدّساتنا».

من جهةٍ أخرى، أدان حزب الله في بيان، «الانخراط الأميركي الكامل مع العدو الصهيوني في جرائمه المستمرة ضدّ أبناء الشعب الفلسطيني، والذي كانت آخر تجسيداته الفيتو الذي رفعته الإدارة الأميركية في وجه العالم كلّه في مجلس الأمن الدولي، والذي منع إصدار قرار يشدّد على الوضع الحالي للقدس ويستنكر القرارات الجديدة حولها».

وأشار إلى أنّ «هذا الفيتو كشف، مرة أخرى، الموقف المنحاز للإدارات الأميركية المتعاقبة، وآخرها إدارة دونالد ترامب، لمصلحة الكيان الصهيوني، واستباحتها الدائمة لحقوق الشعب الفلسطيني ولكرامة العرب»، وقال: «لقد تعرّض العالم بأسره إلى صفعة وقحة ومدوّية من الإدارة الأميركية التي وقفت بكلّ عنجهية في وجه مجلس الأمن كلّه، ما يعني أنّ التصعيد الأميركي بحقّ أمّتنا يتّجه إلى مستويات غير مسبوقة، ويهدّد بنسف كلّ مواقف الأنظمة وحقوق الشعوب في منطقتنا».

وفي مواجهة هذه الغطرسة الأميركية التي لا حدود لها، دعا حزب الله أبناء الأمّة وكلّ الأحرار في العالم إلى تصعيد الانتفاضة الشعبيّة الواسعة في وجه القرار الأميركي باستباحة القدس. كما دعا شعبنا الفلسطيني البطل إلى الاستمرار في التحرّك الناجح الذي أرعب الصهاينة والأميركيّين.

من جهتها، نوّهت لجنة «مؤتمر بيروت والساحل للعروبيين اللبنانيين» في بيان بعد اجتماعها الدوري، بالحراك الشعبي اللبناني في بيروت ومختلف المحافظات ضدّ قرار ترامب، وانتصاراً للقدس وفلسطين، ودعوا إلى تفعيله. وطالبوا الحكومة بإحياء مكتب مقاطعة «إسرائيل» واستدعاء وزارة الخارجية للسفير الأميركي وإبلاغه احتجاج لبنان على القرار والمطالبة بإلغائه.

وجدّدت اللجنة دعوتها للدول المطبّعة لوقف كلّ أشكال التطبيع مع العدو وطرد السفراء الأميركيّين. وتوجّهت إلى اتحاد المحامين العرب مع المنظّمات المهنيّة العربية لإقامة دعاوى داخل أميركا وفي المؤسسات الدولية لإلغاء قرار ترامب الإرهابي. وطالبت رجال الأعمال العرب والحكومات بدعم مادي واسع لأهالي القدس وفلسطين لتأمين مستلزمات صمودهم والتضامن مع أهالي الشهداء والجرحى.

وأسفت لأنّ قمّة منظمة التعاون الإسلامي في تركيا «لم تفتح أيّ حوار بين السعودية وإيران وتركيا لمعالجة الخلافات، ولم تقرّر مقاطعة «إسرائيل»، ولم تتّخذ مواقف سلبيّة من الإدارة الأميركية، ولم تثر موضوع إحياء قرار الأمم المتحدة حول مساواة الصهيونية بالعنصرية».

ورأت أنّ توصيات القمّة الروحية اللبنانية الإسلامية والمسيحية جيدة، وكذلك توجّهات البطريرك الماروني بشارة الراعي لتحريك الكنائس الكاثوليكية في العالم وكاثوليك أميركا المتميّزين بمواقفهم.

ودعت إلى عدم استقبال نائب الرئيس الأميركي، ورفض أيّ مفاوضات قبل إلغاء قرار ترامب، وطالبت البلدان الخليجية بوقف تعاملها مع أيّ مبادرة أميركية وسحب سفرائها من الولايات المتحدة.

بدورها، وجّهت «الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمّة» بعد اجتماعها الأسبوعي في «دار الندوة»، «تحية إجلال وإكبار للحراك الشعبي المتواصل منذ أسبوعين داخل فلسطين وخارجها ضدّ إعلان ترامب المشؤوم، وأكّدوا «أهمية استمرار هذا الحراك وتصعيده»، ورأوا أنّ «الفيتو الأميركي على مشروع القرار المصري إلى مجلس الأمن برفض اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، هو عدوان جديد على فلسطين والعرب والمسلمين والمسيحيين وأحرار العالم».

ودعوا إلى «مقاطعة شاملة للإدارة الأميركية وللسلع الأميركية، حتى يرتدع ترامب عن قراره المشؤوم»، مشدّدين على «ضرورة تفعيل سلاح المقاطعة، رسمياً وشعبياً، ضدّ المصالح الأميركية»، كما دعوا إلى دعم انتفاضة الفلسطينيين المتواصلة، وتوفير كلّ أسباب الصمود له.

ووجّهوا التحية إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على كلمته في قمّة التعاون الإسلامي.

من جهتها، اعتبرت «جبهة العمل الإسلامي» في لبنان في أنّ استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» في مجلس الأمن هو استهتار بالمجتمع الدولي، وضرب بعرض الحائط لموقف دول أوروبية وأجنبية كبرى، عدا عن الدول العربية والإسلامية الرافضة قطعاً لقرار الرئيس الأميركي المنحاز.

ولفتت إلى أنّ «استخدام الفيتو هو استمرار للمنهجية والعقلية الأميركية المتحجّرة في منع الشعب الفلسطيني من تحصيل حقوقه المشروعة، وهو استمرار لسياسة الغطرسة والعنجهيّة الأميركية والصهيونية المتسلّطة رغم معارضة الكثير من دول العالم لتلك السياسة المتصلّفة».

ورأت «أنّ الحلّ الأفضل لتلك المعضلة يكون بحشد الطاقات وتوحيد الجهود والصفوف لكسر الأحادية الأميركيّة، ولعزل الصهاينة المحتلّين وكشف زيفهم وحقيقة أمرهم على كافّة الصُّعد وبمختلف الوسائل المُتاحة».

وأشار رئيس «تيار صرخة وطن» جهاد ذبيان الى أن الإدارة الأميركية أثبتت مجدداً إنحيازها التام والكامل إلى الكيان الصهيوني، من خلال إستخدامها حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن.

ولفت إلى أن تأجيل زيارة نائب الرئيس الأميركي مارك بنس إلى الأراضي المحتلة وعدد من دول المنطقة، هو حصيلة الموقف الشعبي الرافض للقرار الأميركي، وهذا ما يستوجب من الأنظمة العربية الخروج بمواقف واضحة، ترفض فيها قرار الرئيس الأميركي وتنتصر لفلسطين وعاصمتها القدس الموحدة.

كما حذر ذبيان من محاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التنازل عن جزء من القدس، من خلال الإعلان عن إقامة سفارة لبلاده في القدس الشرقية، ما يعني إعترافاً غير مباشر بأحقية كيان الإحتلال بجزء من القدس وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى