فلسطين تغضب في يوم «بنس»… وتحاصر واشنطن في نيويورك… و«عهد» أيقونتها «أو تي في» تعلن عن حلّ لمرسوم الضباط… ومساعي جنبلاط وإبراهيم «اقتراح القانون»

كتب المحرّر السياسي

مع انسحاب حركة التغيير والجماعة الإسلامية من حكومة إقليم كردستان واستقالة رئيس برلمان الإقليم، وبروز جبهة سياسية يقودها الإتحاد الوطني الكردستاني تستبق الانتخابات المقبلة على إيقاع انتفاضة شعبية تزداد اشتعالاً على إيقاع نتائج خيار الانفصال التي تسبّبت بركود وكساد وتراجع في السيولة وتوقف عن دفع الرواتب، يبدو إقليم كردستان كتجربة على المشرحة، مع خلط أوراق يُعيد تشكيل المشهد السياسي العراقي، قد يعود لصيغة حكم ذاتي بدلاً من الفدرالية، وعلى مستوى المحافظات بدلاً من الأقاليم، فتكون السليمانية ودهوك وأربيل ثلاث دوائر منفصلة بدلاً من تشكيل إقليم بلون كردي مهّد وجوده للتفكير بالانفصال، فيتماسك العراق ويتجه لاستعادة دور في الإقليم طال انتظاره.

التعافي العراقي يسابق التعافي السوري الذي تترجمه سقوط محاولات ربط الحلول السياسية بالعقد السعودية وصلتها بطرح الرئاسة السورية للتفاوض، وهو ما تسبّب بتعطيل محادثات جنيف في جولتها الأخيرة، وفتح الباب لعودة الأضواء على لقاءات أستانة، في جولتها الجديدة، وسوتشي في موعد قريب، بينما المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا يهرول إلى موسكو طلباً لحفظ دوره الذي كاد يضيع بسبب تسهيله للتلاعب السعودي في جنيف، بينما الميدان السوري صاحب الفضل في تغيير المشهد السوري يواصل تسجيل الإنجازات للجيش السوري وحلفائه، خصوصاً في ريف حلب، حيث المعقل الذي تتمركز فيه جبهة النصرة التي وصفها الرئيس السوري بالأشدّ خطورة من داعش، والتي تلقى دعماً أميركياً وتركياً ضمنياً لإضعاف مكانة سورية ويشكل تهاوي معاقلها إسقاطاً لآخر الرهانات.

بالتزامن مع المتغيّرات السورية والعراقية لا يزال الصاروخ اليمني يرسم الصورة في الخليج، حيث الذعر السياسي والاقتصادي والشعبي، وحلفاء السعودية والإمارات وفي مقدّمتهم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا يملكون القدرة على تقديم ما يتعدّى التعزية وبيانات التنديد، ما دفع بالثنائي السعودي الإماراتي أملاً بتهدئة خطر الصواريخ، للقبول بفتح مرفأ الحديدة اليمني أمام السفن التجارية لشهر، بعد شهور من رفض الوساطات الأممية لوقف مؤقت للحصار عن مرفأ الحديدة كمنفذ وحيد لدخول المواد الغذائية والتموينية والوقود إلى اليمن المحاصر المهدّد بالمجاعة.

وسط الانشغالات التي تسيطر على أحداث المنطقة، بقيت فلسطين مصدر الضوء الذي سطع بمواجهات أمس المقرّرة أصلاً كيوم غضب احتجاجاً على الزيارة المفترضة لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس، والتي استمرت كيوم غضب على القرار الأميركي حول القدس، رغم إلغاء بنس زيارته تفادياً للمزيد من التصعيد، والمزيد من المقاطعة لزيارته، فسجلت مواجهات أمس أكثر من مئة وخمسة وعشرين إصابة برصاص الاحتلال والاختناق بقنابل الغاز، بينما أيقونة فلسطين وانتفاضتها عهد التميمي المعتقلة في سجون الاحتلال ليوم ثانٍ، تتصدّر بصورها وحملات التضامن معها، التظاهرات. واليوم تتقابل القدس وواشنطن في نيويورك في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار يستهدف القرار الأميركي حول القدس، وسط التهديدات التي وزّعتها المندوبة الأميركية نيكي هايلي على ممثلي الدول الأعضاء بأنّ الرئيس ترامب يراقب تصويتهم وسيعتبره شأناً شخصياً، معلنة أنّ على الدول المستفيدة من برامج المساعدات الأميركية أن تفكر كثيراً قبل التصويت.

لبنانياً، بقيت قضية مرسوم ضباط دورة عام 1994 في الواجهة، حيث نجحت المساعي التي يبذلها النائب وليد جنبلاط والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بمحاصرة تداعيات الخلافات التي تسبّبت بها، وبرزت النتائج الإيجابية للمساعي التي توّجها استقبال جنبلاط لرئيس الحكومة سعد الحريري في منزله بكليمنصو ليلاً، على مائدة عشاء، بعد تجميد الحريري لنشر مرسوم الضباط في الجريدة الرسمية، بافتتاحية نشرة أخبار قناة «أو تي في» التي تعبّر عن موقف التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث بدأت نشرتها بالقول، «انتهت أزمة مرسوم ضباط دورة العام 1994 إلى حلّ يحفظ كامل الحقوق ويحترم التوازنات ومقتضيات الميثاق» بينما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي، أنه يترك الأمر في عهدة رئيس الجمهورية وحكمته المعهودة، في وقت تحدثت مصادر مطلعة عن تفاهم ضمني على معادلة قوامها، ينام المرسوم ويستفيق القانون. والمقصود أن يبقى المرسوم مجمّداً في أدراج رئيس الحكومة بانتظار أن يطرح اقتراح القانون الموجود في مجلس النواب حول الموضوع نفسه، ويتمّ تسريع التفاهم حوله وضمان صدوره في أول جلسة تشريعية فينتفي مبرّر المرسوم عندها. وهكذا يمكن لرئيس الجمهورية أن يكتفي بفضل المرسوم بتحريك اقتراح القانون، لأنّ المطلوب أكل العنب وليس قتل الناطور، بينما يكون رئيس المجلس النيابي قد حقق المراد من تثبيت صلاحيات وزير المالية في توقيع المراسيم كحق ميثاقي ودستوري، عبر تجميد المرسوم الذي لم يراعِ هذا الاعتبار، كما يكون ردّ الملف إلى المجلس النيابي، حيث يتمّ تضمينه الضوابط التي تراعي التوازنات المطلوبة.

لقاء الحريري – جنبلاط ومرسوم الضباط الحاضر الأبرز

تحوّلت دارة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في كليمنصو خلال اليومين الماضيين محجّة لقيادات وقوى سياسية أساسية، فبعد أقل من 24 ساعة على زيارة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، قصدها مساء أمس رئيس الحكومة سعد الحريري والتقى جنبلاط بحضور نجله تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور، ما يؤشر الى عودة رئيس الحزب الاشتراكي الى لعب دور «بيضة القبان» في المعادلة السياسية الداخلية وفي مجلس الوزراء، وسط محاولات لضمّ الحزب الاشتراكي الى تحالفٍ سياسي انتخابي خماسي يضمّ أمل وحزب الله وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر.

ووفق المعلومات كان مرسوم ضباط دورة 1994 الذي فجّر خلافاً بين الرئاستين الأولى والثانية الحاضر الأبرز في اللقاء الذي استمرّ إلى وقتٍ متأخّر من ليل أمس، تخللته مأدبة عشاء أقامها جنبلاط على شرف الحريري.

وفي حين لم يُدلِ الحريري بأي تصريح بعد اللقاء، اكتفت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي بالاشارة في بيان الى عقد اللقاء وأنه جرى خلاله «عرض لآخر الأحداث والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة».

وتأتي الزيارة وسط الحديث عن مسعى يقوم به رئيس الاشتراكي على خط الرئاسات الثلاث لتطويق ذيول الأزمة، رغم وقوفه الى جانب رئيس المجلس النيابي نبيه بري واعتباره أن «الرئيس الحريري تسرّع في توقيع المرسوم وإحالته الى رئيس الجمهورية قبل التشاور مع بري»، فيما أشّرت زيارة باسيل الى توجه لنسج تفاهم انتخابي في بعض الدوائر وتعزيز التواصل واللحمة والوحدة بين مكوّنات الجبل.

وقالت مصادر مطلعة في الحزب الاشتراكي لـ «البناء» إن «التواصل مع جميع الأطراف هو من الثوابت التي يلتزم ويؤمن بها النائب جنبلاط بمعزل عن الخلافات السياسية، لأن هذه اللقاءات تساهم في تحصين الاستقرار. وأظهرت أزمة استقالة رئيس الحكومة أن الإرادة السياسية الداخلية والتشاور والتفاهم بين القوى السياسية الأساسية على قاعدة المصلحة الوطنية يحميان الاستقرار الداخلي».

وفي حين لفتت الى أنه من المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية، رغم أنه من الطبيعي أن نتحالف مع المستقبل، أوضحت المصادر أن «اللقاءين مع الحريري وقبله مع الوزير باسيل تطرّقا الى الملفات والقضايا المطروحة الاقتصادية والاجتماعية والاستحقاقات أمام الحكومة»، معتبرة أن «الهدف الرئيسي للدور الذي يقوم به جنبلاط هو تحصين الاستقرار والحفاظ على التسوية والحكومة ومعالجة الوضع الاقتصادي».

وأوضحت أن «العلاقة مع الحريري إيجابية وقطعت شوطاً هاماً قبل أزمة الاستقالة، بعد أن مرّت بفترة من الجمود والتشنّج، لكنها ترسخت وتعمقت واكتسبت ثقة أكبر بعد الأزمة نتيجة مواقف جنبلاط خلال الأزمة، لا سيما أن مواقفه لم تكن فقط لدعم الحريري بقدر الوقوف إلى جانب البلد واستقراره وعدم أخذه الى المجهول والفوضى».

بري: المرسوم لن يمرّ وأترك لعون المعالجة

في غضون ذلك، تكثّفت الاتصالات التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على أكثر من صعيد لإيجاد مخرج آمن ومشرّف لأزمة مرسوم الضباط، حيث طرحت أفكار عدة وصيغ قانونية في هذا الصدد. وقد تمّ الاتفاق على معالجة قانونية للملف، بعيداً عن الإعلام لعدم زج المؤسسة العسكرية بالخلافات السياسية والحفاظ على أجواء الوحدة والانسجام التي أنتجتها أزمة الحريري والقرار الأميركي بشأن القدس»، الأمر الذي انعكس هدوءاً وترقباً في عين التينة بانتظار الحلول، حيث رفض الرئيس نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي اضافة أي كلمة حول الموضوع كما نقل عنه النواب، مشيراً الى أنه «رغم أهمية موضوع مرسوم الضباط البالغة فإنه يريد أن يترك لرئيس الجمهورية أن يعالج الموضوع».

ولفتت مصادر «البناء» الى أن «تحرك اللواء إبراهيم جاء بناءً على تكليف من رئيس الجمهورية أمس الاول، وأن مساعيه لم تصل الى نتيجة بعد»، متوقعة أن «تصل الى خواتيم إيجابية في القريب العاجل، فلا مصلحة لأحد بتفاقمها وانعكاسها سلباً على الوضع الحكومي وعلى الملفات الأخرى التي تنتظر معالجة حكومية سريعة».

وقالت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ «البناء» إن «المرسوم لن يمرّ وكأن شيئاً لم يكن وهناك أوراق ضغط سياسية وقانونية ودستورية في جعبة الرئاسة الثانية للمواجهة في حال أصرّت جهات على تمرير المرسوم بهذه الطريقة، لا سيما أن عين التينة معنية وحريصة على الحفاظ على أجواء التوافق والتضامن الوطني»، وأشارت الى أن «تجميد رئيس الحكومة نشر المرسوم في الجريدة الرسمية إشارة إيجابية من رئاسة الحكومة لبدء معالجة الأمر، لكن ذلك لا يكفي بل يحتاج الى معالجة قانونية ودستورية نترك لرئيس الجمهورية تدبّر أمرها».

ورفضت المصادر اعتبار ما حصل استهدافاً مقصوداً لصلاحيات وزير أو حقوق طائفة أو لدور جهة سياسية، مشيرة الى أن «أقل الإيمان اعتبار الأمر خطأ والتراجع عنه. والتراجع عن الخطأ فضيلة، أما معالجة الخطأ بخطأ فلا يجوز، وما بني على باطل فهو باطل». مشيرة الى أن للملف وجهتين الأولى دستورية والثانية ميثاقية». وأوضحت أن «ملف ضباط دورة 1994 لا يزال يُبحث في اللجان النيابية عبر اقتراح قانون، ما يعني أنه يحتاج الى قانون، فكيف تمّ تمريره بمرسوم عادي بين رئيسي الجمهورية والحكومة؟ وإذا كان يمرّ بمرسوم فلماذا يتمّ بحثه في المجلس النيابي، علماً أن القانون أهم من المرسوم بحسب الدستور».

أما الوجه الميثاقي، فترى المصادر أن «القلق يكمن في تكرار وتراكم مثل هذه الأخطاء وتتحوّل سابقة وتتكرّس في الممارسة السياسية ما يخلق إشكاليات في قواعد التوازن الداخلي الطائفي والسياسي في البلد».

ولفتت الى «تأثير ما يحصل على المؤسسة العسكرية التي من المفترض إبعادها عن المماحكات السياسية، لافتة الى ترك قيادة الجيش وضع رؤيتها القانونية والعسكرية للملف وفقاً للأصول الدستورية».

مجلس الأمن: لتطبيق النأي بالنفس

وتطرّق بري في لقاء الأربعاء، بحسب زواره الى موضوع النأي بالنفس، ملمحاً الى خطورة خرقه من قبل تيار المستقبل، داعياً الجميع للالتزام به.

وفي سياق ذلك، دعا مجلس الأمن الدولي في بيان، الأحزاب اللبنانية الى تطبيق سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن الصراعات الخارجية، واعتباره أولوية هامة، مطالباً دول المنطقة بالعمل من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته.

وجدّد المجلس تأكيد الدعم القوي لاستقراره وسيادته وأمنه واستقلاله السياسي ووحدة الأراضي اللبنانية، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن 1701 و1680 و1559 والقرارات الدولية ذات الصلة وتصريحات رئيس مجلس الأمن حول لبنان، ورحّب بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان والعودة عن الاستقالة. وأبدى تقديره لاستقبال لبنان النازحين السوريين، معتبراً أن أي عودة للنازحين الى بلادهم يجب أن تراعي القانون الدولي.

لجنة «قانون الانتخاب»

على صعيد آخر، ترأس رئيس الحكومة في السراي اجتماعاً للجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخابات، أوضح بعده وزير الداخلية نهاد المشنوق أن «البحث تمّ في موضوع التسجيل المسبق وإقامة الميغا سنتر وفي مسألة تحديث المديرية العامة للأحوال الشخصية».

وعن التسجيل المسبق للانتخابات وإقامة «الميغا سنتر» لفت المشنوق أنه سيسأل الإدارة المختصة في وزارة الداخلية عن إمكانية تطبيق ذلك. وقال «إن طلب وزير الخارجية تمديد فترة تسجيل المغتربين للانتخابات حتى منتصف شهر شباط المقبل يحتاج إلى مشروع قانون». من جهته قال باسيل: «رفعت للحكومة تمديد مهلة التسجيل للمغتربين حتى 15 شباط المقبل وعدد الذين تسجّلوا بلغ 90 ألفاً».

واستبعدت مصادر نيابية لـ «البناء» إدخال إصلاحات جديدة على قانون الانتخاب بصيغته الحالية، مشيرة الى أن «المهل القانونية والظروف التقنية لم تسمح لا بالاقتراع في مكان السكن ولا تمديد فترة تسجيل المغتربين»، لافتة الانتباه الى أن «تمديد فترة تسجيل المغتربين يستوجب تعديل مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي يحدّد اقتراع المغتربين في نيسان المقبل».

توقيف إرهابيَّين في عرسال

أمنياً، أعلنت قيادة الجيش اللبناني ، أن «دورية من المخابرات داهمت منزل السوري المطلوب «الزعيم محمد العبد» الملقب بـ «حسني الزعيم»، لانتمائه إلى التنظيمات الإرهابية الّتي كانت منتشرة في جرود البلدة، ولمشاركته إلى جانبها في الهجوم على مراكز الجيش و قوى الأمن الداخلي في معارك عرسال بتاريخ 2 آب 2014، حيث تمكّنت من توقيفه في منزله أثناء اختبائه في غرفة سرية».

وأفادت قناة «المنار»، عن توقيف إرهابي آخر يُدعى عبد الباسط أمون في عرسال ، وهو مسؤول عن أحد تفجيرات الضاحية الجنوبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى