سورية… «فييتنام أوباما»
عامر نعيم الياس
مجلس حرب التحالف الدولي أو ائتلاف أوباما لمحاربة ما يسمى «داعش»، عقد أوّل اجتماعاته في قاعدة «أندروز» العسكرية قرب العاصمة واشنطن. رؤساء أركان اثنين وعشرين دولة من بينهم عسكريو الخليج والعراق والأردن وفرنسا وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا، اجتمعوا برئاسة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ظهر إعلامياً وسط هذا المجلس قبيل ثلاثة أسابيع على انتخابات الكونغرس النصفية، في محاولة لإسكات أصوات منتقدي استراتيجيته الحربية.
الهدف المعلن للاجتماع بحسب البنتاغون، «مناقشة رؤية مشتركة لمواجهة العقبات ومستقبل الحملة على داعش»، لكن في العمق، فإن الأمور مختلفة، فبعد شهر من بدء العمليات العسكرية لائتلاف أوباما داخل الأراضي السورية، بدأت الرهانات المزدوجة والانشقاقات في صفوف الحلفاء بالظهور على السطح، ولعلّ في البيان الذي أصدره كل من الأردن والإمارات والسعودية حول الدور القطري «المزدوج» في الحرب على الإرهاب، الأسبوع الماضي ما يدلل على أن الاجتماع عقد لرصّ صفوف التحالف ومحاولة الظهور بمظهر موحّد سواء على مستوى المواجهة الدولية مع المحور المعارض لائتلاف خارج عن الشرعية الدولية، أو سواء على مستوى الداخل الأميركي واجتذاب أصوات الناخبين مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية.
وفي هذا الإطار، تقول صحيفة «ليبيراسيون الفرنسية»: «يهدف الاجتماع في واشنطن إلى شدّ براغي الائتلاف في هذه الأوقات الصعبة… هي محاولة لرصّ صفوف تحالف يتفسّخ بسبب المصالح المتناقضة بين أعضائه».
لا يخفَ على أحد أن أوباما يحاول التنسيق بين تيارين داخل الائتلاف، الأول يدعو إلى تسريع مراحل الاستراتيجية الخاصة بسورية، أي الدخول مباشرة في المواجهة ونشر قوات على الأرض من دون مهلة محدّدة، أما الثاني فإنه يدعو إلى الاكتفاء بالضربات الجوّية وتحييد الجيش الأميركي عن حملة عسكرية برّية جديدة وخطِرة، فما هو موقف أوباما؟
سورية هي الملف الأكثر حساسية والأكثر إثارة للخلاف داخل ائتلاف البيت الأبيض لمحاربة «داعش». مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس والمقرّبة جدّاً من الرئيس أوباما تجنّبت إثارة الجزئية السورية في ملفّ الحرب، أما وزارة الخارجية الأميركية فقد تحدّثت بوضوح عن رفض التدخّل البرّي حالياً، داعيةً «الأطراف على الأرض إلى تفعيل جهودها»، مواقف تتقاطع مع الأساس الثابت الذي وصّف فيه أوباما حربه بأنها «ممتدة وطويلة الأمد»، هنا يبدو الرئيس الأميركي أقرب إلى التريث في تطوير العملية العسكرية رافضاً بشكل قاطع التدخل العسكري الأميركي المباشر في المستنقع السوري، أو ما وصفه فريديريك لوجفال الأستاذ في جامعة كورنيل بـ«فييتنام أوباما».
الواضح أنّ اجتماع قاعدة «أندروز» جاء لردم الهوّة في مواقف أعضاء التحالف الواحد، في محاولة للظهور بمظهر القادر على إدارة المواجهة مع ما يسمى «داعش» في العراق وسورية، لكن الإشارة إلى الانتكاسات التي على الرأي العام القبول بها، ترسم حدوداً جديدة لسيطرة وتمدّد «داعش» في المنطقة، بموجبها وبموجب ردود الفعل التي تبنى عليها، يمكن أن يحدّد أوباما خريطة طريق تحالفه للحرب على العراق وسورية، تلك الأخيرة التي ستبقى فيها حدود اللعبة الأميركية في المدى المنظور لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي أرساها الحلف الداعم لدمشق.
كاتب سوري