كتالونيا تحسم مسألة عودة القادة الانفصاليين إلى السلطة من خلال الانتخابات المحلية
أدلى سكان كتالونيا بأصواتهم أمس، في انتخابات محلية يقرّرون خلالها ما إذا كان قادة الانفصال سيعودون إلى السلطة في الإقليم، بعد شهرين على إعلان استقلال أحادي الجانب ولد ميتاً وأحدث زلزالاً في إسبانيا.
وبلغت المشاركة حوالى 34.7 في المئة مع منتصف النهار، أقلّ بقليل -0.4 في المئة من عام 2015. لكن مقارنة الرقمين ليست دقيقة نظراً إلى تنظيم الاستحقاق في يوم عمل، بينما كان يوم عطلة آنذاك.
وتوقّعت الاستطلاعات مشاركة واسعة بين الناخبين الـ5.5 ملايين الذين يترتّب عليهم تجديد البرلمان بعد حملة غير معهودة تشمل مرشحين في السجن أو في بلجيكا، على غرار الرئيس الانفصالي المقال كارليس بوتشيمون.
وقد يرجّح مليون متردّد في الإقليم المنقسم الكفّة من جهة إلى أخرى، رغم التوقّعات بألا يُحرز أي تشكيل أكثرية مطلقة.
يُذكَر أنّ الانفصاليين فازوا للمرة الأولى عام 2015 بغالبية مقاعد البرلمان المحلي بحصولهم على 47.8 في المئة من الأصوات في انتخابات شهدت نسبة مشاركة قياسية بلغت 74.95 في المئة.
وفي تشرين الأول الماضي، نظّم الانفصاليون الحاكمون في الإقليم استفتاء محظوراً حول حق تقرير المصير شابته أعمال عنف مارستها الشرطة، وأكدوا الفوز بنسبة 90 في المئة لمعسكر «نعم»، لكن مع مشاركة لم تتجاوز 43 في المئة.
ورفض الاتحاد الأوروبي التدخل في قضية اعتبرها شأناً داخلياً.
وسعى رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي إلى خنق الفورة الانفصالية، فوضع الإقليم تحت وصاية مدريد وحلّ برلمانه الذي أعلن الاستقلال، في حدث غير مسبوق منذ ديكتاتورية الجنرال فرانسيسكو فرانكو.
لكنه سارع إلى الدعوة إلى هذا الاستحقاق ووعد بأنه سيجيز «عودة الأوضاع إلى سابق عهدها»، بعد إعلان الاستقلال.
وتعليق الاستقلال قد يشجّع الانفصاليين. لكن تباطؤ الاستثمارات والسياحة ونقل حوالى 3000 مؤسسة مقارها خشية انعدام الاستقرار في الإقليم تثير حماسة أنصار الوحدة.
وقام المحافظون الحاكمون في إسبانيا، وكذلك الليبراليون من حزب سيودادانوس وشركاؤهم الاشتراكيون بحملة تستنكر «الكابوس» أو «الجنون» الناجم عن النزعة الاستقلالية.
وقالت رئيسة سيودادانوس الليبرالي في كتالونيا إيناس إريماداس «هذا الانتخاب ليس مهماً لكتالونيا فحسب، بل لإسبانيا برمّتها وسائر أوروبا».
وبحسب استطلاعات الرأي، فإن «المعركة تدور للمرة الأولى بين الحزب الانفصالي اليساري برئاسة نائب الرئيس المقال أوريول خونكيراس الذي يقبع في السجن حالياً بتهمة العصيان وحزب سيودادانوس».
ويلعب أبرز قائدَيْن أقالتهما مدريد كل أوراقهما في هذه الانتخابات، لكنّهما مرشحان على لوائح منفصلة مع تنديدهما بـ «قمع» مدريد.
ويريد رئيس كاتالونيا المقال بوتشيمون يمين استقلالي المقيم في المنفى في بروكسل «استعادة منصبه»، عبر هذه الانتخابات علماً أنه سيُعتقل فور عودته إلى البلاد.
وقال في تغريدة «سنؤكد مجدداً مدى قوة شعب لا يُقهر. ولتكون روحية الأول من تشرين الأول مرشدنا الدائم» في إشارة إلى موعد الاستفتاء بشأن الاستقلال.
وهو يقدّم نفسه على أنّه المرشّح الوحيد المناسب لقيادة الإقليم، محاولاً قطع الطريق على نائبه السابق خونكيراس الذي يتطلّع حزبه اليساري الجمهوري لقيادة الإقليم للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الأهلية.
ولم يتمكّن خونكيراس من القيام بحملة انتخابية، ويسمح له بعشرة اتصالات هاتفية أسبوعياً من سجنه، وقد وجّه رسائل إلى مناصريه، فكلّف الأمينة العامة لحزب مارتا روفيرا بذلك.
ويلاحق 18 مرشحاً من اللوائح السبع قضائياً على صلة بمحاولة الانفصال.
ويفاخر حزب راخوي الذي نال 8.5 في المئة فقط من الأصوات في انتخابات الإقليم عام 2015 بأنه «قضى» على النزعة الاستقلالية في كاتالونيا. وقال راخوي أول أمس «في كل مناطق إسبانيا أصبحت الحكومات تدرك الآن ما يحصل حين يقومون بما لا يمكننا القبول به».