مارلين حردان: مشروعُنا معكم التحصين حتى التمكين من «دفتر وقلم ومحاية» حتى التخصص العالي
اعتدال صادق شومان
بمشهدٍ ليس بجديد على جمعية «نور للرعاية الصحية والاجتماعية»، التي اعتادت أن تصنع البهجة والسرور، وتبتكر الأمل والمواعيد لصغارنا كحقٍّ وجب صونه على وجه الخصوص، ومن أجلهم يسمو العطاء بمعانيه المشرقة.
وجرياً على ما دأبت عليه، في مناسبات الأعياد وعند بدء كل عام دراسي، تبادر الجمعية إلى عقد لقاءات الفرح لتكتمل فرحة التلامذة بيوم العيد المزيّن بالهدايا والمفاجآت، وبـ «لمّة الأهل» والأحبة.
ولهذا الهدف، نظّمت رئيسة جمعية نور للرعاية الصحية مارلين حردان والهيئة الإدارية للجمعية احتفالية لأطفال بلدتي مرجعيون والقليعة، بالمناسبة المجيدة، لرسم البسمة على الوجوه البريئة. وقد أعدّت لهم الجمعية على عادتها السنوية برنامجاً ترفيهياً ينثر الضحكات ويعزّز الأجواء الاحتفالية للعيد، من ضمنه مسرحية للأطفال من وحي المناسبة بعنوان «أصحاب على طول» تأليف وأخراج طوني غطاس وبطولة ملكة غطاس. تمّ عرضها بداية على المسرح الكبير لمدرسة راهبات القلبين الأقدسين في جديدة مرجعيون، بحضور منفذ عام مرجعيون في الحزب السوري القومي الاجتماعي سامر نقفور، رئيس البلدية المهندس أمال الحوراني ممثلاً بمستشاره حسان عبلا، مديرة المدرسة الأخت لبيبة مبارك الى جانب الهيئة الإدارية والتعليمية.
والعرض الثاني على مسرح مدرسة مار جرجس في القليعة التابعة لراهبات مار يوسف دو ليون، بحضور مديرة المدرسة الأخت ريموندا سعاده والجهاز التعليمي. وكانت لافتة استضافة كلتا المدرستين لتلامذة مدارس أخرى في المنطقة يشاركونهم الاحتفال وهدايا العيد التي حملتها إليهم الجمعية عربون محبة.
ومثل فرحة العيد أيام زمان، ومن وهج صور طوتْها السنوات خلف الذاكرة البعيدة قبل أن تصدعنا تلك الفجوة والهوّة العميقة بيننا وبين أفراحنا وحكاياتنا التي أبعدتنا عن أجواء العيد البسيطة في تفاصيلها الاجتماعية الحميمة، وبعيداً من التكلف والافتعال، أعادت «جمعية نور» تلك الملامح الأصيلة في المعنى الجوهري للعيد يوم كان «العيد بس، شجرة بالدار وزينة وناس وصوت جراس، ولاد، وتياب جداد».
استقبال مدرسة راهبات القلبين الأقدسين: رفقة عمر وأعياد فرح
وعلى وقع الأغنية الأحبّ على قلوب الأطفال «ألف، بي بوباية، دفتر وقلم ومحاية».. اختار أطفال مدرسة راهبات القلبين الأقدسين استقبال السيدة حردان وأعضاء جمعية «نور» وبهيصة كبيرة، وبكثير من الإلفة. فكلاهما «نور» والأطفال، على مواعيد ثابتة كل عام منذ أن تنكّبت «نور» هذا الدور الاجتماعي الرائد، وتجمعهما محبة وتقدير كبيران راكمتهما سنوات من العطاء الجميل. و»الولد ما بينسى» الناس «يلي بتحبّوا»، على ما قالته الأم لبيبة مبارك بكلمتها الترحيبة بـ «جمعية نور» بكثير من الامتنان، وقد أنهت بالقول: حضوركم بيننا حضور خير، فيه كثير من الكرم والعطاء يساهم بشكل فعّال بإدخال البهجة على الوجوه الصغيرة التي يتفتح وعيها معكم على كل هذه المحبة.
استقبال مدرسة مار جرجس ـ القليعة: تزرعون الفرح في لفتات عيونهم البريئة
كذلك الأمر في مدرسة مار جرجس في القليعة، استمرّت أجواء الفرح وصخب الطفولة البريئة يضجّان في المكان ابتهاجاً بالعيد وبألوانه المضيئة تتوسّطهم الأخت ريموندا سعاده متدثّرة بثوبها الإنساني تفيض محبة وتواضع، وقد غمرت سيدات الجمعية بكثير من الحفاوة والبهجة لحضور «جمعيتنا» من أجل صغار المدرسة «تزرعون الفرح في لفتات عيونهم البريئة، كباقة زهور زاهية الألوان، وبيضاء كقلبك، قصدت بذلك السيدة «مارلين».
مارلين حردان: لسنا متخلّين عن دورنا نحوكم أبداً
و»لأن المناسبات مع الزغار ما بتحمل حكي»، كان لرئيسة الجمعية مارلين حردان كلمات مختصرة في الاحتفاليتين، شكرت فيهما القيمين على المدارس، على حفاوة الاستقبال وعلى اللطف الكبير الذي غمرت به الجمعية، وقالت: «نحن بين أهلنا، ووجودنا هنا وقفة طبيعية الغاية منها مؤازرة الأهل لتعزيز الصمود في بلداتنا وقرانا، ولرسم البسمة على وجوه أبنائنا، ولسنا متخلّين عن دورنا هذا أبداً. لأننا عازمون على العمل معاً برؤية وتطلّعات عملية نحو المستقبل، لنكفل تطوّر أطفالنا في تدرّجهم نحو تحصيل العلم والثقافة، ولن تخبو لنا مواعيد من أجل النهوض بهذه البقعة الغالية على قلوبنا جميعاً، وما زالت في الجعبة الميلادية للجمعية لهذا العيد جولات جديدة من توزيع الهدايا على الأطفال في أكثر من قرية، إضافة إلى إحياء حفل موسيقي لـ «كورال» ميلادي، بالتعاون مع مؤسسة كاريتاس التي تجول في أكثر من قرية جنوبية.
ثم توجّهت حردان إلى الأطفال بالمعايدة قائلة: أودّ أن أتمنى لكم عيداً يشبه أحلامكم الوردية كأعماركم، معكم دائماً فرحة العيد تكون أكبر. وأحب أيضاً أن أوجّه عبركم تحية العيد إلى أطفال فلسطين، حيث ولد صاحب العيد، وهم قريبون منّا على مرمى النظر والقلب والأماني.. على أن تكون أعيادنا المقبلة أعياد نصر..
ومع ارتفاع لحظة الترقب عند الأطفال، بحضور الختيار بثوبه الأحمر، وقد بدأت تلوح أمامهم على خشبة المسرح بهرجة الألوان المزركشة، تحرّك خيالاتهم وتثير دهشتهم، وسرعان ما انخرطوا في أجوائها المرحة.
وقد تفاعلوا بكثير من الشغف مع أحداث المسرحية المعبّرة التي تمكّن فيها طوني غطاس من مخاطبة أخيلتهم ومحاكاتهم بلغة الألوان المدهشة والديكور والشخصيات الخيالية، وقد جمعت المسرحية «أصحاب عا طول» بين المضمون التربوي الهادف والأسلوب الترفيهي الجذاب، وتحكي عن معنى الصداقة بين الأصحاب، وقد تبيّن من خلال تجاوبهم مدى وسع مداركهم رغم أعمارهم الصغيرة، فأبدوا تجاوباً لافتاً للفكرة وصفقوا كثيراً لأغاني «ميمو» و»الفارة سيسي اللذيذة» وغنّوا مع «دودي» العصفور، وفرقعت ضحكاتهم مع «بالو» الهبيلي.. بس ما حبّوا أبداً «الشرير».
رقصوا وقفزوا مع سيسي ودودي وشاركهم الرقص والقفز، منى، وسمر، رويدا، ونايفة ونيللي وميرنا وماري، سيدات الجمعية، وقد مستهم براءة الطفولة وأصابتهم حماسة العيد، ومعهم الصبية «نور» التي لم تغادر عمر الطفولة من زمن بعيد، وقد راقها أن تطارد الطفل «الطبوش»، طبعاً ما كان على المسكين إلا الاستسلام لها.
مع كل هذه الأجواء الميلادية المفعَمة بالحماس.. إلا أن أطفال العيد ما سامحوا «الشرير» في المسرحية «يلي وضع السمّ لميمو»، فصرخوا بحدّة وقالوا: لا، لا، لا، ما بدّنا نسامح «الشرير».
نعم، أطفالنا لم يسامحوا «الشرير».. لا أدري أهي مدركات بيئتهم الجنوبية المحصّنة، أو أنها ملائكتهم المجنّحة فوق قلوبهم… قد أنطقتهم، لأن رفضهم الطفولي العفوي والحاسم، جاء في اللحظة التي كان فيها «الشرير» يقتحم منزل الطفلة الفلسطينية عهد التميمي التي صفعت «الشرير»، وهي مثلهم قالت له.. لا لن أسامح الشرير.. ولكنها حكماً سمعت تحيتَكم إليها..