مدارات تقدم إيراني وارتباك سعودي

نبال بريك هنيدي

بالرغم من أن العلاقات السعودية-الإيرانية بدأت بشكل رسمي في العام 1929، إلا أنها قبل ذلك التاريخ كانت موجودة بشكل أو آخر. فبعد نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية 1979 ، أصبحت إيران الشغل الشاغل للسعودية بسبب خوف السعودية من تصدير الثورة إلى الدول العربيّة والإسلاميّة وخصوصاً السعودية، التي خشيت فقدان دورها الإقليمي والعالمي في زعامة العالم الإسلامي والعربي.

وانطلاقاً من التغيرات الحاصلة في المنطقة، أعدت المملكة استراتيجية واضحة وهي مقارعة إيران في كلّ مكان، بالإضافة إلى وقوفها في وجه التقارب الأميركي-الإيراني في موضوع الملفّ النوويّ الإيراني.

فأصبحت السعودية رأس حربة في إسقاط النظام السوري، كما أن إلغاء الضربة العسكرية لسورية، والدعم الروسي اللامحدود لنظام الرئيس بشار الأسد، واتفاق جنيف النوويّ بين الغرب 5+1 وإيران في 24 تشرين الثاني 2013، وما وصل إليه اليوم، كلّها عوامل أدّت إلى إراحة إيران، ووضعت السعودية في مأزق وحالة إرباك عبرت عنه برفضها لمقعد غير دائم من مقاعد مجلس الأمن الدولي في 18 تشرين الأول 2013.

ومع ذلك، بقيت الرغبة الإيرانية في تحسين العلاقات مع دول الخليج عمومًا، والسعودية على وجه الخصوص، وذلك في حوار عبر عنه وزير خارجية إيران عندما دعا السعودية إلى تقارب وحوار يؤديان إلى استقرار المنطقة، وكذلك زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في 19 آب الماضي، ولقاؤه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وجاءت زيارة عبد اللهيان بعد إرسال طهران سفيرها الجديد إلى الرياض حسين صدقي.

ويندرج كذلك في هذا الإطار اللقاء الثنائي الذي جمع الفيصل مع نظيره الإيراني جواد ظريف في نيويورك على هامش الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 أيلول الماضي، في سعي من إيران لبذل الجهود لاستعادة السلام في المنطقة والعالم وحماية مصالح جميع الدول الإسلامية، وتقلّص الدور السعودي في ظلّ التطورات اليمنية ببلوغ الحوثيين باب المندب، ومجيء رئيس جديد للحكومة يحوز ثقتهم بعد نجاحهم بإطاحة المرشح السعودي، ما دفع السعودية إلى نقطة هستيرية، حالها حال «إسرائيل» التي باتت تبحث عمن يحميها متلهفة للتحالف مع «محور عربي» لمواجهة التقارب الأميركي الإيراني.

كل ذلك دعا وزير خارجيتها سعود الفيصل إلى الحديث عن إحتلال إيراني لسورية، بالرغم من مرور مجرد أسابيع على كلامه عن تعاون بنّاء وإيجابي لتحقيق الاستقرار الإقليمي، لتشهر الخارجية الإيرانية قراراً للمرة الأولى يتخطى بأهميته الكلام الذي ردّت عبره طهران على كلام الفيصل واتهمته بدعم الإرهاب، ورفعت طهران صوتها لتقول لواشنطن عشية صياغة التفاهمات، إنّ تركيا المخادعة والسعودية الحاقدة أسوأ بوصلتين لرسم السياسة في الشرق الأوسط ولا تقلان سوءاً عن «إسرائيل» المكروهة، وكلهم يتشاطرون الفشل، ولن تتسامح إيران بالعبث في سورية وستتدخل بكلّ الوسائل التي تملكها لمنع أي عدوان بحق سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى