قتيبة الخوص لـ«البناء»: الإخراج حلمي الكبير في عالم السينما

دمشق ـ آمنة ملحم

رغم إخراجه أفلام قصيرة عدّة، ونيله ذهبية «مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الثالث»، وإنهائه دراسة دبلوم العلوم السينمائية، إلّا أن الشاب قتيبة الخوص يرفض تسميته «مخرجاً» حالياً، لأن الإخراج هو حلمه الكبير في عالم الفنّ. فإن سميّ مخرجاً بعد تجارب قليلة وبسيطة يعتبر نفسه قد خان ذلك الحلم، ويرى في الوقت عينه أنّ الأكاديمي مؤهّل ليصبح مخرجاً ويعرف كيف يحقّق ذلك لكن الدراسة وحدها لا تكفي ليكون مخرجاً.

الخوص الذي نال أيضاً منحة لإخراج فيلم من دبلوم العلوم السينمائية وأنجزه مؤخراً لـ«مهرجان سينما الشباب» بدورته المقبلة، يحمل عنوان «التعرّض العالي للشمس» الذي رافقته في إخراجه بثينة الحمزاوي.

وخلال حديثه إلى «البناء»، أشار الخوص إلى أنّ الفيلم عبارة عن محاولة للتعرّض إلى درجة عالية من الوضوح، لنرى الحقيقة بأعلى درجاتها، الحقيقة التي التقطها الشاب من الحياة عموماً والأزمة خصوصاً كانت قاسية بالنسبة إليه وقاسية عموماً، ويتعرّض للمنظومة الفاسدة بأنواعها كلّها من الحرب والرأسمالية والتمرّد عليها. ولكن عبثية الحياة والقدر قد تقف في وجهه، ونرى فيه إصابات إنّما بدلالات عدّة، وقد تخرج من حالة الحرب. فالإنسان يتعرّض لإصابات بالغة في حياته وليست بالضرورة جسدية.

«التعرض العالي للشمس» جاء كاقتباس حرّ عن مسرحية لصامويل بيكيت «المشهد الأخير من المأساة»، أخذه الخوص ووضع السيناريو له لكنّه يؤكّد اختلافهما الكبير. فقد جاءت المسرحية كمحطّة للانطلاق بالكتابة وقد يتشابهان في طرح المجاز والمنظور العبثي للحياة، لكن الرسالة مختلفة وهي في الفيلم تتجلّى بنقل إحساس وترجمة لحالة عشناها في الحرب والحياة عموماً.

تصوير الفيلم استغرق يومين، ومن المتوقّع في المونتاج أن يكون وقته بحدود 15 دقيقة، وهو من بطولة ياسر سلمون، يارا الدولاني، مروان خلوف، والطفل رام الخوص. وينوّه الخوص بالدور الكبير للماكييرة سارة العرند في الفيلم، وللجهود التي بذلها مهدي رحيم مهندس الصوت، مع الدعم اللوجستي بالمعدّات والإضاءة للمجازف جمال الظاهر.

وحول أبرز الصعوبات التي تواجه سينما الشباب، يلفت الخوص إلى أنّ الإمكانيات الإنتاجية الضعيفة للفيلم تعدّ أبرز صعوبات إنجازه والتي يعرفونها مسبقاً ما يجعلهم يوجهون خيالهم ضمن تلك الإمكانيات من المرحلة الأولى للكتابة والتي تفرض أيضاً موقع تصوير واحد أو اثنين للفيلم.

وعن التحوّل بمسار حياته الفنّي بعد نيله ذهبية المهرجان بدورته الثالثة عن فيلم «بطارية ضعيفة» يؤكّد أنّ تلك التجربة أكسبته الثقة بشكّل أكبر وجرأة وفتحت له الأبواب لدخول دبلوم العلوم السينمائية الذي كان منحة له لفوزه بالذهبية والذي ساهم في تحوله من هاوٍ يعمل على حلمه، إلى أكاديميّ. وبتلك الخطوة زادت مسؤولياته نتيجة المعرفة التي تكوّنت لديه.

أمّا حول مشروعه السينمائي الخاص «سينما درويشة» الذي أسّسه عام 2013 وأثمر عدّة أفلام قصيرة منها «حبّ على عجل»، و«ريفيو» وكان «بطارية ضعيفة» إحدى أفكاره قبل أن ينجز لـ«مهرجان سينما الشباب»، ينوّه الخوص أن هذا المشروع يشبهنا وقد أسّس بخصائص إنتاجية تؤدّي إلى منهج إخراجيّ جديد قائم على الوجود الواضح والصريح للكاميرا في الحدث، ورداءة الدقّة في الصوت والصورة عن قصد والاعتماد على الصورة كدلالة وليس فقط كجمالية، وقدّمت عروضه عبر قناة على «يوتيوب» ومواقع التواصل الاجتماعي، لكنّ المشروع بحاجة إلى تطوير وربّما ظروف الحرب والمعيشة شكّلت عائقاً في وجهه، ولكنه لن يوقفه بل سيعود له يوماً ويتابع ما بدأه فيه، وربما يتقاطع مع سينما «الفاوند فوتيج» القائمة أيضاً على الوجود الواضح للكاميرا في الحدث ولكنها تتجّه نحو صناعة السينما أكثر من الفنّ، أمّا مشروعه فيذهب بمنحى الفنّ بشكّلٍ أكبر. ويحمل الشاب الخوص طموحاً كبيراً في عالم الإخراج ويعمل عليه بثقة وتأنٍّ كي يحمل صفة المخرج بجدارة يوماً ما، وهذا الحلم ليس بعيداً عنه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى