النحّات وائل أبي عاصي لـ«البناء»: مهما تعاظمت المِحن… يبقى الحفر في الصخر الكتاب الراسخ في التاريخ

راشيا ـ شبلي أبو عاصي

أنامله جعلت من الصخر بين يديه لآلئ من عبق التاريخ، يحرّكها وينحتها كيفما تمايلت أفكاره الخلّاقة المبدعة. أثناء عمله، يرتدي ثيابه وقبّعته وكمّامته التي تقيه من غبار النحت، فيشعرك بعنفوان واعتزاز. الإزميل في يدٍ والمطرقة في يدٍ أخرى، يروّض الصخور فيجعلها قطعةً ليّنة لتصبح منحوتة جميلة ومعبّرة في غاية الروعة والدقّة والإبداع.

هو ابن بيئة النهضة والمؤمن بتاريخ بلادنا الحقيقيّ لا المشوّه والمسروق والمزوّر. إنه الفنّان النحّات وائل أبي عاصي ابن عين عطا ـ قضاء راشيا، الذي شغل الناس وحرّك مشاعرهم الوطنية والقومية بمنحوتاته وأعماله الموزّعة والمشلوحة عند مداخل قرى قضاء راشيا وبين الحدائق العامة والساحات.

حمل هذا الهمّ على عاتقه بوضع معالم لها دلالة على حضارة بلادنا، لتبقى عالقة في أذهان أبناء شعبنا جميعاً.

هذا المبدع من بلادي اختار الطريق منذ نعومة أظافره وشقّ طريقه القاسي من أجل هدفٍ سامٍ يتمثّل بعودة الثقة بالذات إلى أبناء شعبنا، وإعادة ذاكرتنا الوطنية والقومية.

خلال لقاء أجرته معه «البناء»، قال أبي عاصي: أطلقت على هذه المنحوتات لآلئ من التاريخ، لا لإظهار مهارة الفنّ والإبداع، إنّما لقيمتها الغنية. فالشعب الذي لا يملك من الماضي شيئاً لا يملك الحاضر ولا المستقبل.

وأكّد أبي عاصي أنّ النحت على الصخر هو الكتاب الذي لا يُمحى ولا يُسرَق ولا يُزوَّر ولا يُحرَق. فمهما تعاظمت علينا المِحن والأحداث من غزاوت واحتلالات، يبقى الحفر في الصخر الكتاب الثابت الراسخ في التاريخ.

وأضاف: منحوتاتنا موزّعة على مداخل بلدات قضاء راشيا وفي وسطها وفي الحدائق العامة: إله الشمس «هليوس أوتو» تمّ نحته وزُيِّنت به الحديقة العامة في عين عطا، أمّا في ينطا فهناك منحوتة جميلة تمثل المغترِب اللبناني، وعند مثلّث ضهر الأحمر منحوتة تمثّل المرأة المتمرّدة على التقاليد المهترئة والبالية، وتمثال عند مدخل راشيا يمثّل الإنسان الطائفيّ الأعمى، ومنحوتات في راشيا للجيش اللبناني البطل وتمثال للحريّة.

وفي شارع ضهر الأحمر الرئيس أكثر من أربع منحوتات، إضافةً إلى نُصب شهداء للجيش اللبناني في عين عطا والعقبة وراشيا وعيحا.

شارك أبي عاصي في عدد من المعارض اللبنانية كمعرض الفنون الجميلة في درج الفنّ، وآخر في قصر الأونيسكو، ومعرض «نادي ناصر» في برّ الياس، إضافة إلى المشاركة الدائمة في مهرجانات راشيا وضهر الأحمر.

وردّاً على سؤال عن أسباب عدم قيام معرض دائم لمنحوتاته أجاب: هذا الأمر يحتاج إلى كلفة مادية عالية وإلى دعم من جهة مسؤولة كوزارة الثقافة مثلاً.

هذا الفنان المبدع الذي حمل همّ الوطن يقرأ جيّداً تاريخ بلادنا وحضارتها على مرّ الأزمان. هاجسه أنّ يعي شعبنا ويدرك حقيقة بلادنا وما يحاك ضدّها من مؤامرات.

للفنان أبي عاصي منحوتات لشخصيات وطنية وقامات كبار من بلادنا، نذكر منهم: الزعيم أنطون سعاده، السيد حسن نصر الله، إضافةً إلى شخصيات ووزراء ونوابٍ حاليين وسابقين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى