قالت له

قالت له

قالت له: أيّهما أقرب للحب الصيف أم الشتاء؟

فقال لها: الأقرب للصيف في هدوء صفحة الماء ولتلاطم الأمواج في الشتاء، كما الأقرب لسطوع الشمس في الاحتراق ولدفء العناق في الاشتياق.

فقالت: لم تجبني أي الفصول أقرب للحب في طباعها، أليس لديك الجواب؟

فقال: الحب كائن حيّ مثلنا له روح ومزاج وقدرة تأقلم وتقلّب، فليس له فصل بعينه ولا طباعه ثابتة مثله مثل الفصول وتقلبها.

فقالت: بل أرى الحب صيفاً عندما يثمر، وشتاء عندما يزهر، فهو نضج تحت الحرارة واختمار في مراحل بذاره.

فقال: عدتُ لحسابي بتبدّل فصول الحب كفصول الطبيعة.

فقالت: بل قلتها كمراحل، وكل حبّ ناضج، هو في صيفه المثمر وكل حبّ طازج هو في شتائه يختمر.

فقال: وهل الحبّ بعد النضوج إلى خريفه يحتضر؟

قالت: ربّما فلم أختبر ما بعد النضوج وربما يطول الصيف في الحب أكثر من طول الأعمار، فلماذا يحتضر؟

فقال لها: وهل يبقى الحب صيفاً ولا يعود لشتاء ويختمر وينضج ويعود ليختمر؟

قالت: وهل تظنّ العودة للبدايات في الحبّ ممكنة أم أن ما فات قد فات، ولا يمكن البناء إلا على ما مضى ولا فرص لتجاهل اللبنة الأولى وما انقضى؟

قال: والصيف بعد الشتاء ذاكرة تختلف عن أول صيف، ومثله كل تراكم في الفصول تراكم في الأصول ككل رأسمال في الاستثمار تراكم وربح وخسارة، وذاكرة أيضاً.

فقالت: والحصيلة بيننا هي الأهم فكيف تراها؟

فقال: صيفنا يقفز للشتاء من دون خريف، وشتاؤنا ينتظر ربيعاً قبل حلول الصيف.

فقالت: وماذا ينتظر؟

قال: بعضاً من الهدوء.

فقالت: وبعض حنان.

فقال لها: عليّ بالحنان.

فقالت: وعليّ بالهدوء؟

فضحك وقال: هذا بيت القصيد، ولا حاجة للعبة الفصول من قريب أو بعيد.

فتبّسمت وقالت: ربحت جولة وليس حرباً شنّها قد تعيد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى