«نَدِم الربّ على خلق إسرائيل… أما ندِم الغرب»… جديد النقيب عون

رنا صادق

صدر مؤخراً لنقيب محرّري الصحافة في لبنان الياس عون عن «دار الفارابي» ـ بيروت، كتاب عنوانه «نَدِم الربّ على خلقِ إسرائيل… أما نَدِم الغرب؟».

الكتاب يسرد سلسلة أحداث واقعية، ودراسة استنباطية في التحليل المعنيّ التاريخي الوجودي، وطبيعة المدركات النفسيّة والاجتماعية التي تَربّت وكبرت عليها أجيال العدو الصهيوني على مرّ السنين.

هو كتاب بعيد كلّ البعد عن الخيال، وليس نتيجة حقد وكره الكاتب لدولة الاحتلال الصهيوني كما يشير في القسم الأول «اليهود في كتابهم»، بل هو اختزال لمراحل تاريخ «إسرائيل» المشؤوم الخبيث. إذ صوّر العلاقة بين «التوراة» و«إسرائيل» في حكاية مستعارة، تختزل الواقع في ما بينهما، وتثبت أنّ علاقتهما أشبه، لا بل هي تأكيد على أنّ «الشعب الإسرائيلي» هو شعبٌ منافق مرذول، كما يشير الكاتب.

تفرّع القسم الأول إلى أجزاء، كلّ منها عبارة عن قصص الصهاينة المخجلة، التي فصّلت بشكل هائل تاريخ «إسرائيل»، وإلى ما أتوا به من سيّئات. ومن هذه الأجزاء: «اليهود في كتابهم»، «إبراهيم يبيع امرأته»، «اليهود يتذمّرون!»، «المنّ والسلوى»، «نَدِم الربّ»، «داود الملك»، «آخر المطاف قطعوا رأس يوحنا»، و«الجريمة العظمى صلبوا المسيح».

في القسم الثاني من الكتاب، المعنوَن «ودول الغرب أما ندمت بعد؟»، ينتقل الكاتب من الروحانية الوجودية لـ«إسرائيل»، إلى التحليل السياسي الإيديولوجي في الفكر الغربي والأميركي، ويتطرّق فيه إلى الحلّ الوحيد لفلسطين، كما أسهب في الحديث عن الأسباب التي تكمن خلف كون «إسرائيل» التهديد الأوّل للسلام العالمي.

وفي تفاصيل هذا القسم، يقول الكاتب في الجزء الأول «الصهيونية»: خجل العارية… أمام الناس، غصّة البشع… أمام الجميل، صغارة العقوق… أمام المحسن، ارتجاف الذليل… أمام القويّ، اضطراب المذنب… أمام العادل، حقارة الغادر… أمام النبيل، ضيق الكون… أمام الشريد، كلّ هذه تجمّعت، وتجسّدت، وصارت صهيونية! فالصهيونية إذاً هي من صنعي وصنعك وصنع العالم المتمدّن، الذي يكره اليهود!».

بنى عون قسمه الأول على أحداث مرّت في «تاريخ بني إسرائيل» ـ على حدّ تعبيره ـ ليشكّل به دعامة للثوابت والركائز التي يطرحها في قسمه الثاني الذي يقوم على المعالجة والتحليل البنيوي لنظرة العالم إلى هؤلاء، من خلال طرح وجهات نظر الدول، وتداعياتها، وتأثيرتها ونتائجها السياسية، الاقتصادية والاجتماعية.

وفي القسم عينه، تحدّث الكاتب عن الضعف الغربي، الأميركي والإنكليزي إزاء الصهيونيّين. إذ لا يظنّ أنّ الأميركي مقتنع بحاجة اليهودي إلى وطن، ولا الانكليزي مقتنع أنّ اليهودي مظلوم!

فيقول عن سبب ذلك في الجزء الأول من القسم، الذي جاء تحت عنوان «ضعف الغرب»: لأنّ السياسة الداخلية عندهم هي، كما يظهر، بحاجة ماسة إلى أصوات اليهود ومالهم ودعايتهم الانتخابية، وهي تسيّر، إلى حدٍّ بعيد، السياسة الخارجية حتى ولو نتج منها الظلم والمذابح وتشريد ألوف اللاجئين!

كما تطرّق عون في هذا القسم إلى عناوين فرعية عدّة حول الوجود «الإسرائيلي»، منها: «التناقض في موقف أميركا»، «لا تجعلوها أبيشاج»، «ومع ذلك إسرائيل تتذمّر»، «انضمام إسرائيل إلى الجمهورية المتّحدة»، و«الحلّ الوحيد لفلسطين».

أماّ القسم الأخير، الذي عنونه الكاتب «علل الشرق وأدواؤه»، فجاء بمثابة وصف كامل وشامل للخطّة التي وضعت لفتح حدود الشرق أمام الطامعين الغربيين.

في الجزء الثاني من القسم الأخير في الكتاب بعنوان «علل الشرق» يقول عون: ماذا نعمل بكنوزنا؟ نبيعها! والمشترون، ماذا يعملون بها؟ يستعمروننا بها! لماذا نبيعها ولماذا لا نستفيد منها كما يستفيدون؟ لأننا شعب مريض… ولأنّ رؤساءنا هم أيضاً مرضى!

عرض الكاتب في نهاية هذا الجزء بعضاً من النصائح لرفع مستوى العالم العربي. ويشير إلى ذلك من خلال: أصلحنا في الأمس غيرنا، فلنصلح اليوم أنفسنا!

تفرّع هذا القسم إلى أجزاء فرعية عدّة منها: «الجهل والفقر»، «الانحطاط الخلقي»، «ضرر التعداد»، «الختان»، و«نريد رجلاً».

وكان ختام الكتاب كصفعة استيقاظٍ للعرب، إذ يقول الكاتب: استيقظوا أيّها العرب، واَفهموا أنّ قضيتكم وقد عنكب عليها النسيان، فقد بات هو القضية، وهذا عارٌ علينا ما بعده عار… سؤالنا متى ننتفض بكلّ قوانا، ونثأر لكرامتنا متّحدين، متعاضدين، والله لا شكّ سيكون لنا خير معين.

يذكر أنّ الكاتب الياس عون من مواليد جزين، يحمل إجازة في الإعلام من «جامعة ستراسبوغ»، احترف الصحافة منذ عام 1957. عمل في «الحديث»، «المصوّر»، «رقيب الأحوال»، «أوريان»، «الجريدة»، و«الصفاء».

راسل عدداً من الصحف العربية، أصدر وكالة الأنباء العربية. كما شغل المراكز التالية: مدير عام دار «ألف ليلة وليلة» التي كانت تصدر عنها «البيرق»، «الحوادث»، «Le revue du liban» و«Monday morning». كما كان أميناً عاماً لصندوق نقابة الصحافة اللبنانية، وانتُخب نقيباً لمحرّري الصحافة اللبنانية في دورتَي 2012 و2015، وهو عضو الأمانة العامة في اتّحاد الصحافيين العرب.

صدر له عن «دار الفارابي»: «دفتر العمر» 2006 ، «أقول الحقيقة» 2008 ، «لا شيء… غير الحقيقة» 2013 ، و«الياس عون ثلاث سنوات نقيباً لمحرّري الصحافة اللبنانية» 2016 .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى