الباحث القوميّ إدمون ملحم وقّع كتابه الجديد خلال أمسية ثقافية في ملبورن والكلمات أكّدت أهمية الكتاب كقيمة أدبية وفكرية تغني المكتبة القومية الاجتماعية

وقّع عضو المجلس القومي في الحزب السوري القومي الاجتماعي الباحث الدكتور إدمون ملحم كتابه الجديد «الحبّ السوريّ المدرحيّ» الصادر عن «دار فكر للأبحاث والنشر»، وذلك خلال أمسية ثقافية دعت إليها منفذية ملبورن في الحزب السوري القومي الاجتماعي، بحضور عدد من المسؤولين الحزبيين وممثّلين عن الأحزاب والتيارات والمؤسّسات والجمعيات، وفاعليات ثقافية واجتماعية، وجمع من القوميين وأبناء الجالية.

تعريف

استهلّت الأمسية بكلمة ألقاها حسين ريدان قال فيها: للتاريخ ذاكرة لا تخون، فهي الحاضرة دائماً والشاهدة دوماً على عظمة أفعال كبار الوطن من أمتنا السورية الذين خصّوا عوالمهم بعطاء قومي منقطع النظير، فتراهم يحتملون كلّ تحامل، يجاهدون حتى الثمالة في إطلاق شعلة أفكارهم المتقدة المولودة من معين إنتاجهم الحضاري، فيسكبون عطاءهم زاداً على موائد حضورنا، زاداً مستقى من حضارة أمة سورية التزمت على مرّ الأحقاب والعصور بحضرة أصالتها، وأضاءت قناديل أيامها بنور تاريخها الوهاج، والتحفت بروحها مثاقيل جمة من العطاء والوفاء القوميين لأبنائها فكانوا لها المدد والمداد، وكانت لهم وما زالت العون والرشاد، بها يستنيرون ودونها يسقطون في صحراء التيه.

والأمر الذي لا ريب فيه، أن تلك الأمة السورية التي تنطح إهراءاتها بوافر الغلال، فكراً ثقافةً أدباً أخلاقاً قِيَماً مناقبَ علوماً اكتشافاً تطوّراً ازدهاراً عمراناً تمدّناً فلسفةً وأبجديةً أغنت العالم أجمع غنى حضارياً ممهوراً بخاتمٍ سوريّ المولد والهوى، فينيقيّ الأرجوان رسى إنسانه مستبحراً، مستكشفاً، فجاب العالم أجمع، معتمراً كوفيّة العزّة، وعلى كتفيه شال السلام، وفي يسراه قصفة زيتون تؤكد حقنا في الأرض والحياة والوجود، وفي يمناه كتابٌ سوريٌ مشرّع الدفتين اسمه «أمتي سورية»

وتابع: في هذا الاحتفال الثقافي الأدبي الذي نحتفي فيه وإياكم بتوقيع كتابٍ سوريٍّ جديد، لابن الحاكور البار الأمين في الحزب السوري القومي الاجتماعي إدمون ملحم، الذي جمع بين دفّتي كتابه مجموعة مقالاتٍ ودراساتٍ وأبحاثٍ في قصورٍ من الحبّ والجمال والحكمة والأمل، دوّنها بمواد تاريخنا وتاريخ أمتنا السورية وفلسفاتها وأساطيرها التي تتناول الحياة السورية بكاملها، آخذاً بتلك النظرة الفلسفية إلى الحياة والكون والفنّ، تلك النظرة التي نستطيع من خلالها أن نبعث بحقيقتنا السوريّة الجميلة الخيّرة من مرقدها إلى رحاب اليقين السوري، حيث الحبّ السوري يكون نفوساً عظيمةً، تذلّل باتّحادها وانصهارها المشقّات والأهوال والمصاعب، وتتّحد حتى الثمالة نصراً واستشهاداً فداءً لحبنا السوري الأكبر الأتمّ والأشمل، أمّتنا سورية.

سكاف

وألقت الأديبة زكية سكاف النزق كلمة أشارت فيها إلى أنّ الدكتور إدمون ملحم بحث في الكتب، ودقّق في المراجع، ونقّب في الدراسات، وفتّش في المقالات، ليستنبط لنا رحيق الفكر، وعطر العِبر، ونُبل المعاني، بأسلوب سائغ يتسرّب إلى العقل والقلب معاً. ليحيك لنا كتابه الفكري «الحبّ السوريّ المدرحيّ»، المستوحى من فكر الزعيم أنطون سعاده.

وأضافت: كتاب «الحبّ السوريّ المدرحيّ»، هو بمثابة فانوس فكريّ تشعّ منه المناقب والأخلاق والثقافات القومية، وينشر الحقائق والإثباتات ويقصي التزييف والتضليل.

هذه الدراسات والمقالات والأبحاث تُبدي لنا وبإسهاب مشاكل الأمة السورية التي تتخبط في ظلمات الجهل والصراعات العنيفة. فقد شخّص المفكّر لنا المرض وعوارضه تشخيصأ دقيقاً، فعيّن لنا الأوبئة التي تنهك كيان أمتنا، وتوهن نهضتها، ومن جهة أخرى بيّن لنا السبل والحلول للنهوض بهذه الأمّة من البلبلة المشوّشة والهلاك المحتوم والاضطرابات المتلفة، ولكنه أيضاً أهدانا إلى الطبيب الذي وصف الدواء لآلام شعبنا وكشف عن العلاجات التي تبلسم جراح أمتنا، الا وهو الزعيم أنطون سعاده بوصفه العلاج الفكري للنهضة القومية الاجتماعية.

ثمّ تناولت سكاف مسألة الطائفية كمرضٍ اجتماعيّ، معتبرةً أنّها وباء فتّاك يجتاح عقول شعبنا، ويهلك حياته، ويفتّت ألفته، فيبعده عن التآخي الذي عليه تبنى الأوطان. وقال: لقد وصف الدكتور إدمون ملحم الطائفية بِسُمّ يسري في شرايين حياتنا، وهي آفة من آفّات مجتمعنا تحول دون وحدته.

فالطائفية كخيوط عنكبوت تحيط بالشعب وتوقعه في شرك المِلل والمذاهب، فتنبت التفكّك والتشرذم، وتقصيه عن الوحدة القومية والانصهار الاجتماعي. ولقد وصف لنا سعاده الدواء لعلاج أمتنا من تلك الأسقام المزمنة، ومن الأدوية الثقة بذاتنا. فالثقة بالنفس هي الدعامة الأساس لوجود الانسان، كلّما تعزّزت ثقة المرء بذاته وبقدرته على استنباط كلّ ما عنده من قوى فكرية وجسدية ومادية وروحية، يصبح شخصاً صلباً فعّالاً في المجتمع. وخير مثال على ذلك، الثقة التي منحها العلامة الدكتور خليل سعاده والد الزعيم للزعيم حين قال له: «إنك لرجل عظيم وإذا حاول العالم حولك، أن يحجب عظمتك عن الأبصار، فاضحك منه كما تضحك الشمس ممّن يحاول أن يحجب نورها بكفّيه عن عيون البشر».

وختمت سكاف: إن الدكتور إدمون ملحم ـ متأصّلاً بالوجدان القومي ومترسّخاً بالفكر النهضوي ـ خير مثال للمواطن المغترب الذي يقوم بدوره الطليعيّ في معركة المصير القومي، وبواجبه حيال وطنه وقضيته وشعبه، رغم بعد المسافات، ومهما طال النوى.

البيطار

أما الإعلاميّ نخلة البيطار، فأكد على جدّية هذا الكتاب الذي تفحّص سطوره كلّها فرأى خلفها الزعيم سعاده، فلسفته، آراءه، محاضراته، مواقفه وكلّ كلمة نطق بها وكل همسة. ووجد أنّ إدمون ملحم عاشق صوفيّ لمبادئ حزبه.

وأضاف: نعم، إدمون ملحم عاشق كما العشّاق في أيام الأصالة. كما عشاق الأساطير حيث يفتدي العاشق معشوقته حتى بحياته.

وتابع مؤكداً أنّ الفلسفة المدرحية الجديدة المبنية على الولاء والحبّ للمجتمع تنادي بالتسامح القومي والمحبة القومية الصافية، وتعمل للوحدة والألفة والانسجام بين أبناء المجتمع الواحد.

عبد الله

بدوره، أكّد منفذ عام ملبورن صباح عبد الله أنّ الإنسان منذ أن ولد على هذه البسيطة، ولد الحبّ معه، وبقي هذا الحبّ اللغز المثير المستنبط من الروح الجميلة التي نبتت في جوف إنسانية الإنسان. هو الجوهر الذي نما في قلوب البشر وعقولهم، وبات لكل فردٍ أن يعطيه التفسير الخاص من منظورٍ يختلف عن الآخر فتضاربت المفاهيم والآراء وبقي الجوهر واحد.

ومن التفسيرات الكثيرة الشائعة للحبّ بين البشر، هي: حبّ الإنسان لأخيه الإنسان، وحبّ الرجل للمرأة، وحبّ المرأة للرجل، وحبّ الوالدين للأبناء، وحبّ الأبناء للوالدين، وحبّ المؤمنين بالله لله وحبّ الوطنيين للأوطان. وهناك مسمّيات أخرى كثيرة ولكنّه يبقى الحبّ.

أمّا في اللغة فتعريف كلمة الحبّ مصدرها جمع حبّة، أي أصل الشيء أو لبابه، واللبّ هو العمق، والحبّ هو تلك الجوهرة الخفيّة في أعماق الروح والقلب، هو ذلك النبض غير المرئيّ الذي يضخّ في مشاعر الإنسان، هو خزنة الأحاسيس التي يدفعها العقل من أعماق القلب لتظهر عواطفاً وحناناً وجمالاً وشعوراً. وبما أنّ العقل هو المسيّر لكل ما في الإنسان، أرى أنّ ما جئنا من أجل المشاركة في توقيع كتابه الأمين إدمون ملحم، أرشده عقله وحبّه لوطنه، لأمته سورية أن يكون عنوان كتابه والذي نحتفي بولادته اليوم، «الحبّ السوريّ المدرحيّ».

وأضاف: كلّ ما كتبه الأمين إدمون ملحم ينطلق من مرتكزات أساسيّة، من مبادئ اعتنقها وراح يطوف وينشرها من خلال أنشطة كثيرة ومميزة قام بها من ندواتٍ ومحاضراتٍ، ومؤلّفاتٍ، دوّن بعضاً منها اليوم ورصّعها على أوراقٍ في كتاب راقٍ، دافقاً من خلالها روح التعاليم السوريّة القومية الاجتماعية التي أطلقها سعاده، زعيم الأمة وهاديها بفلسفته السوريّة المدرحيّة. وسعاده هو الحبيب الأكبر لسورية الأمة، وهو من صاغ لها مبادئها القوميّة، منطلقاً من عقله الشرع الأعلى ومن حبّه لأرضها، هذا الحبّ المبنيّ على الوفاء والبذل والعطاء حتّى الشهادة، فقدّم ذاته باذلاً روحه في سبيل حبيبته سورية، فكان بذلك الحبيب الذي أعطى من دون مقابل.

وختم: الأمين إدمون ملحم، كما المئات من الذين ترعرعوا وتعلّموا في مدرسة الحبّ القوميّ، في مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي، هو من استلّ قلمه وخطّ على صفحات كتابه بعضاً من حبّه القوميّ وأحاسيسه القوميّة ليساعد في نشر مفاهيم المبادئ القوميّة. فهو لم يكتب عن نفسه ولا عن عائلته ولا عن قريته ولا عن أصدقائه، وهو يحب هؤلاء جميعاً، بل أراد أن يكتب ويترك للأجيال سيرة الحبّ السوري المدرحيّ، فبات الحبيب القومي الاجتماعي.

ملحم

في الختام، تحدّث مؤلّف الكتاب الدكتور ملحم فقال مرحّباً: بفرح كبير واعتزاز عظيمَين، أقف بينكم اليوم ونحن في هذا المركز القوميّ الجامع. هذا المركز المشعّ دائماً بأنوار النهضة القومية والذي عوّدنا على احتضان الأعمال الوطنية والثقافية والأدبية وإعلاء شأنها. أقف بفخر واعتزاز كبيرَين لأرحّب بكم وأشكر حضوركم ودعمكم هذا الحفل الثقافي الذي شّرفتني منفذية ملبورن في الحزب السوري القومي الاجتماعي بالدعوة إليه.

وشكر كل الذين ساهموا في ولادة هذا الكتاب. وعن عنوان الكتاب قال: هذا العنوان، برأيي، يعبّر بشكل كبير عن جوهر العقيدة القومية الاجتماعية وتعاليمها وهي ما يكوّن الفلسفة المدرحية الجديدة التي تصبّ اهتمامها على الوجود وقضاياه، والتي تقدّم نظرات جديدة في الاجتماع بأشكاله النفسية والاقتصادية والسياسية كلّها، كما يقول سعاده، وترى أنّ أساس الارتقاء الإنساني هو أساس ماديّ ـ روحي ولا يمكن تفسيره بالمبدأ الروحيّ وحده أو بالمبدأ المادي وحده، وحتى نظرته للحبّ فهي نظرة مدرحية، لا ترى الحبّ خدوداً ونهوداً وقدوداً ولا تراه ثغوراً لاهبة ومجرد اتحاد أجساد ووصال، بل تراه شأناً روحياً سامياً وحبّاً حقيقياً معبّراً عن اتحاد نفوسٍ جميلة متحدةٍ في وحدة الشعور والمطلب ومستعدةٍ لأن تتحمل المشقات الهائلة في سبيل تحقيق مطالبها العليا. إنه الحبّ المدرحيّ الذي إذا قرّب فماً إلى فم سكب نفساً في نفس، وكل واحدة تقول للأخرى، إني معك في النصر والاستشهاد.

وأضاف ملحم مشيراً إلى أنّ العقيدة القومية الاجتماعية التي نجد فيها أبجدية الحياة الجديدة وقيمها السامية غرست في نفوسنا حبّاً عظيماً للحياة الجميلة الشريفة وللإنسان والأرض، فالحركة القومية الاجتماعية، كما يصفها زعيم النهضة، هي الحركة التي استمدت وجودها من الأرض والشعب بكل ملله وطوائفه ـ وهي الحركة التي سارت بالمحبة للأرض والشعب ـ للشعب كلّه بجميع فئاته.

ولفت إلى أن هذه العقيدة المناقبية المعبّرة عن حقيقة الأمة وتطلعاتها ولّدت في نفوسنا إيماناً كبيراً بصحة مبادئنا، إيماناً ننطلق به لنضيء ظلام الأمة بمشاعل النور والمعرفة وبقناديل الأمل والحبّ والرجاء، ولننثر بواسطة التعاليم الجديدة بذور المحبة والتسامح القوميين، بين أبناء شعبنا ودعوتهم إلى التعاون والوحدة من أجل نهوض أمتنا من قبر التاريخ والإرتقاء بها إلى قمم المجد.

وقال ملحم: هذه العقيدة زرعت في نفوسنا الوجدان القومي الأصيل، هذا الشعور الروحي الصادق، وهذا الدافع الأخلاقي الذي يربطنا بالمجتمع وينمّي فينا محبة الوطن، ويدفعنا للدفاع عنه وللتضحية والاستشهاد في سبيل سيادته وفي سبيل تحقيق وجود سام وحياة حرّة جميلة، هي حياة العزّ والخير والشرف والانتصار. هي الحياة الجديدة التي نصبو إليها، والتي لا نجدها خليقة بأن نحياها إلا إذا كانت حياة حرية وحياة عزّ وحياة بحبوحة وشرف وكرامة.

وختم ملحم: باختصار أقول، إنّ العقيدة القومية الاجتماعية غرست في نفوسنا العزم والأمل والإيمان وحقنت عقولنا بثقافة الخير والحقّ والجمال، ودفعتنا للعمل والإنتاج والبناء، وراهنت على مواهبنا في الخَلْقِ والإبداع وفي السير على طريق التطوّر والتفوّق والفلاح. وزوّدتنا بفيض كبير من الحبّ لشعبنا كلّه، لوطننا المشلّع إلى كيانات وأجزاء مسلوبة، والذي لا يمكننا أن نجعل منه وطناً للجمال والخير والإبداع، وطناً موحّد الأجزاء إلا بهذا الحبّ العظيم الذي نتسلّح به ونسير لخوض معركة الحياة صراعاً وعطاءً وانتصاراً… لذلك يقول سعاده: «متى وجد الإنسان الحبّ فقد وجد أساس الحياة والقوّة التي ينتصر بها على كلّ عدوّ».

هذا هو الحبُ السوريّ المدرحيّ الكامن في جوهر المناقب القوميّة الصافية، والمعبّر عن معدنها الأصيل. إنه حبّ الأرض والمجتمع والإنسان، حب ّالشرف والكرامة والحياة. حبّ العطاء والتضحية حتّى الفداء. وبهذا الحبّ المدرحيّ الذي يملأ نفوسنا صدقاً وإخلاصاً ووفاء، نعمل ونصارع ونجاهد للارتقاء بالأمة ولتحسين حياتها.

هذه هي ثقافتنا الجديدة المنبثقة من العقيدة القوميّة الاجتماعية التي جاءنا بها سعاده لنشقّ طريق الحرّية والحياة لأمّتنا العظيمة الجديرة بالخلود والمجد.

قيّمة رصينة

أجمع المتحدثون على ما جاء في مقدمة الكتاب التي وضعها عميد الثقافة والفنون الجميلة السابق في الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتور خليل خيرالله، وأكدت ان أبحاث الدكتور إدمون ملحم «تندرج في اطار مواجهة فكرية طويلة مع العدو القومي،».

كما أكدوا أن الكتاب يشكل «إضافة قيّمة رصينة إلى عمارة الفكر القومي الاجتماعي، شرحاً وتحليلاً يرسّخان الإيمان بنهضةٍ فكرية أخلاقية قيمتها الكبرى أنها عملانية تعمل في نظام مؤسسات يحقق نظام الفكر والنهج، وأنها تحرك عوامل الإرتقاء النفسي المادي في أمة قدرها مجد التاريخ لا قبره.»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى