العلاقات الاستراتيجية بين مصر وإرتيريا معانٍ ودلالات
بلال رفعت شرارة
المحادثات والتعاون والاهتمام الذي أبرزته مصر خلال استقبالها الرئيس الإرتيري أسياس أفورقي هو خطوة دفاعية إزاء التحديات الضاغطة عليها:
1 – بالإرهاب عبر حدودها الأفريقية العربية، خصوصاً أيّ الحدود الليبية والسودانية.
2 – الأمن المائي التهديدات المائية الناتجة عن سدّ النهضة .
فقد تمثلت الخطوة الدفاعية المصرية بدعوة الرئيس الإرتيري وبحث تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق الجهود إزاء جميع الموضوعات المتعلقة بالوضع الإقليمي لمنطقة القرن الأفريقي وانعكاسات ذلك على أمن البحر الأحمر ومنطقة باب المندب.
مصادر مصرية لا تخفي أنها تشعر بتواطؤ سوداني إثيوبي في ما يتعلق بالأمن المائي لمصر والضغط على مصر في حصتها من مياه النيل وكذلك فإنّ المصادر المصرية تكشف المرة تلو المرة عن مسؤولية سودانية عن تسريبات للسلاح والمسلحين لزعزعة وتهديد الأمن المصري. وتعزو المصادر المصرية أسباب السلبية السودانية بأنّ مردّها إلى انتقام النظام السوداني الإخواني من مصر بسبب ثورة 30 يونيو/ حزيران وإسقاط نظام الإخوان الذي كان يرأسه محمد مرسي.
المبادرة المصرية باتجاه إرتيريا تأتي لأسباب استراتيجية أبرزها:
انّ إرتيريا هي البوابة الإثيوبية الوحيدة على البحر الأحمر.
إنّ تعزيز العلاقات مع إرتيريا يشكل الردّ القوي على تنازل السودان عن جزيرة سواكن في البحر الأحمر لتركيا وتأهيلها لتصبح مدينة سياحية مهمة على البحر الأحمر ، وفي الحقيقة فإنّ هذه الجزيرة ستكون عيناً تركية وقاعدة ارتكاز تمدّ تركيا منها أياديها نحو ليبيا ومصر وعموم أفريقيا. وجبت الإشارة هنا الى الدور التركي في نقل مقاتلي داعش المهزومين من العراق وسورية نحو مصر وكان أردوغان هو من كشف شخصياً عن انتقال المسلحين نحو مصر إضافة إلى معلومات سابقة تحدثت عن خط عسكري تركي لنقل المسلحين من سوريا عبر الحدود الى تركيا بقبرص التركية ومن ثم بحراً وجواً نحو مصر في أفريقيا.
تعزيز العلاقات مع إرتيريا يشكل رداً على صورة حركة الثنائي الإخواني تركيا وقطر عبر أفريقيا خصوصاً السودان وليبيا للضغط على مصر.
العلاقة المصرية الإرتيرية ستتعزّز عبر تنفيذ جملة مشروعات تعاون مختلفة في قطاعات الزراعة، الكهرباء، الصحة، التجارة وقطاع الثروة الحيوانية والسمكية، إضافة الى التعاون القائم بين البلدين في إطار المحافل والمنظمات الدولية.
الآن باتت الإمكانية متاحة للتشاور والتباحث بين البلدين في القضايا المتعلقة بأمن المنطقة والعمل الجاري لإحلال السلام والاستقرار والتصدي للتحديات المشتركة وأبرزها خطر الإرهاب.
وليس خافياً أنّ المحادثات تناولت المجالات الأمنية والسعي لتدعيم الأمن والاستقرار في المنطقة، وخاصة في ضوء أهمية القرن الأفريقي ودور إرتيريا فيها وما لذلك من انعكاسات على أمن البحر الأحمر وباب المندب.
والمحادثات هذه المرة اكتسبت أهمية استراتيجية خاصة في هذه اللحظة السياسية في ظلّ متغيّر جديد متعلق بأمن البحر الأحمر وهو تسليم السودان جزيرة سواكن إلى تركيا، مع الإشارة الى انّ تركيا دولة غير متشاطئة من جهة، ومن جهة ثانية ما يبرزه هذا الأمر من تحالف تركي – قطري مع السودان وما تتضمّنه الإشارات من أنّ إثيوبيا تمثل الضلع الرابع لهذا التحالف.
المحادثات المصرية – الإرتيرية تتيح لمصر أن تكون موجودة بالشكل المناسب في المنطقة بما يحمي أمنها القومي.
إنّ من شأن الاتفاقات المصرية – الإرتيرية الجديدة أن تكبح جماح التهديدات السودانية لإرتيريا وإغلاق الحدود وحشد قواتها في ولاية كسلا.
المحادثات الرئاسية الإرتيرية – المصرية هي الخامسة منذ ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013 وهي تعبّر عن تحالف استراتيجي هو الأبرز في منطقة القرن الأفريقي، بحيث تكون إرتيريا هي وجه مصر القوي في جنوب البحر الأحمر وتكون مصر عمق إرتيريا الشمالي.