التقارب الصيني ـ الروسي استراتيجي في معادلة تكاملية شاملة 2

محمد احمد الروسان

… من هنا نجد أنّ الهند تقوم بدور متزايد من القوّة لتحقيق الاستقرار غرب آسيا، لذلك وعبر زيارات مختلفة معلنة وغير معلنة من المؤسسات الهندية التشريعية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية، تنفذ الآن اتفاق زيادة تحسين مستوى المحادثات في المجال الأمني والعسكري والاقتصادي مع دمشق حيث سيكون للهند أدوار كبيرة في إعادة الأعمار في سورية بجانب الصين وروسيّا وإيران وقد تكون أدوار للقطاع الخاص التركي في إعادة الأعمار عبر العلاقات مع إيران وروسيّا بعد الخروج التركي الاحتلالي من الشمال السوري، وإخراج أدواتهم الإرهابية المسمّاة بدرع الفرات، حيث جلّها من جبهة النصرة الإرهابية وحركة نور الدين زنكي وأشرار الشام وبقايا الحر وجلّ الزومبيات الإرهابية التركية وغير التركية المعروفة للعامة وللسذّج قبل الخاصة والعارفين.

نعم لم تعد سورية معزولة وليس هناك صداقة في الجغرافيا السياسية وحتى لا عداوة فيها، ودائماً وأبداً لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق. روسيّا هي من تقوم بالأعمال العسكرية الشاقة في سورية وتحمل بذكاء المسؤولية السياسية، في حين أنّ الصينيين والهنود قد يستمتعون بالنتائج، فالصين والهند تملكان شيئاً لا تملكه موسكو يتمثل في مليارات الدولارات من الاستثمارات، وهما معاً لهما القدرة على جذب كلّ من إيران وتركيا في إعادة إعمار سورية، ويجب على روسيّا التي تملك القوّة الصلبة أن لا تضع كلّ البيض في سلّة واحدة في سورية، فثمة مشاريع اقتصادية ذات منفعة متبادلة على طول خطوط العلاقات السورية الروسية. ومرةً ثانيةً نقول ونشير الى أنّ: الصين تملك القوّة الناعمة الاستثمارات ومعها الهند وروسيّا لديها القوّة العسكرية والاستخباراتية الصلبة، وبالتالي جلّ المسألة والمعادلة أنّها مسألة ومعادلة تكامل شامل، وليست مسألة ومعادلة تنافس أو حتى صراع. وفي شبه الجزيرة الكورية، نجد أنّ بكين تحتاج الى موسكو لضبط سلوك كوريا الشمالية لجهة تجاربها النووية وبرنامج الصاروخ الباليستي، والأميركان بحاجة الى الروس أيضاً في هذه الموضوعة وكذلك اليابان، في حين نجد أنّ الصيني والروسي من جهة أخرى، يوظف ويستثمر في الكوري الشمالي في ملفات خلافاتهما الدولية مع اليانكي الأميركي، إنْ في أوكرانيا، وإنْ في سورية، وإنْ في بحر الصين الجنوبي، وإنْ في إيران، وإنْ في العراق. كما يوظف الروسي الملف الكوري ويساعده الصيني مع الياباني في جزر الكورال الروسية، وهنا جاء تعيين الرئيس فلاديمير بوتين للسفير الروسي في اليابان والذي يتقن اللغة اليابانية، كمدير للكرملين في سياقات الرؤية الروسية والتوظيفات للملف الكوري الشمالي مع اليابان إزاء جزر الكورال المتنازع عليها هناك تمّ توطين الكثير من السكّان الروس فيها ضمن استراتيجية ملئ الفراغ الديمغرافي ، خاصةً مع وجود كوادر استخباراتية وسياسية روسية متعمّقة بالثقافات، إنْ في اليابان، وإنْ في كوريا الشمالية، وإنْ في كوريا الجنوبية.

تحذير استراتيجي صيني

فالصين مؤخراً حذّرت كوريا الجنوبية من نشرها لمنظومة الدرع الصاروخية الأميركية «ثاد، ولمنظومات دفاع جوي أميركية متطوّرة، ذات مدى يشمل الصين ومجالاتها الحيوية، وراداراتها في غاية التطوّر منظومات ساب ، من شأنها أن تضرّ بالتوازن الاستراتيجي الإقليمي في شبه الجزيرة الكورية وفي جلّ آسيا وبالتالي في الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.

انّ أيّ تفاقم ثمة قوّات خاصة صينية الآن في الداخل السوري، تقاتل ضدّ مجموعات من الحزب الإسلامي الصيني الإيغور – المتحصّنة في مطار أبو الظهور العسكري للانتشار العسكري الصيني في سورية مرهون ومربوط بسرعة انتشار القوّات الأميركية في بحر الصين الجنوبي واستفزازات حلفاء واشنطن في المنطقة تلك، من خلال هذه المسألة تجيء أحياناً المناورات العسكرية المشتركة الصينيّة الروسيّة في بحر الصين الجنوبي، لترسل الرسائل المشفّرة وغير المشفّرة لليانكي الأميركي في زمن تعثر مشروعات البلدربيرغ في سورية والمنطقة الشرق أوسطية، بسبب الصمود السوري الأسطوري للجيش السوري العقائدي ومؤسسات الدولة الوطنية السورية، وثبات الرئيس البشّار بشّار الأسد، وتماسك القطاع العام السوري بمساعدة حثيثة من الروس والإيرانيين وحزب الله والكثير من الحلفاء والأصدقاء. وتجيء أهمية هذه المناورات المشتركة في بحر الصين الجنوبي بعد مناورات روسيّة لها في البحر الأسود، شارك فيها أكثر من 120 ألف جندي روسي وبالذخيرة الحيّة، وكان للمسألة السورية الدور الكبير في جعل التقارب الصيني الروسي عميقاً ورأسياً وعرضياً، بحيث تمّ تظهير هذا التقارب، إنْ لجهة القرارات المشتركة باستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالح دمشق، وإنْ لجهة الانخراط الروسي المباشر في الحرب السورية، يتبعها الآن ومنذ أشهر انخراطات تمهيدية وتحضيرات صينية عسكرية مباشرة صامتة وغير صامتة في الحدث السوري، خاصةً مع قرب فتح معركة استعادة الرقّة من قبل الجيش السوري وحلفائه بإسناد جوّي روسي فاعل وعميق وساحق ماحق، مع وصول الجيش السوري إلى الحدود الأدارية للرقّة، وقد كشفت عن ذلك في أكثر من تحليل ولقاء تلفزيوني سابق على هذا التحليل. فالمناورات المشتركة في بحر الصين الجنوبي، من شأنها أن تعمل على تعزيز إمكانيات الأساطيل الروسيّة والصينية، في مكافحة تهديدات مختلفة وأية حروب بالوكالة نحوهما، عبر فيتنام والفلبين، واليابان وتايوان، كذلك تقود إلى تحسين العمل المشترك بين البحّارة الروس والصينيين، وتوطيد التعاون العسكري المشترك بين البلدين. فمياه بحر الصين الجنوبي وجزر باراسيل وسبراتلي والمياه المحيطة بهما تحتوي على احتياطيات من الموارد الطبيعية، ولم تخضع تلك المنطقة لاستكشافات مفصّلة، حيث تتنازع السيادة والحقوق مجموعة من الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي كلّ من: الصين، الفلبين، بروناي، ماليزيا، فيتنام، وتايوان، وكما يعدّ بحر الصين الجنوبي طريقاً ملاحيّاً ويزخر بثروة سمكية هائلة تقتات عليها شعوب الدول المشاطئة له.

انّ نواة الدولة الفدرالية الروسيّة ترى في سيطرة الصين على جزر بحر الصين الجنوبي، وخروجها من نفوذ السيطرة الأميركية، هو في صميم مصالحها ومجالاتها الحيوية، ومصلحة روسيّا تكمن في تأسيس الصين للبنى التحتية العسكرية وغيرها، في بحر الصين الجنوبي في جزر باراسيل وسبراتلي من شأنه أن يحمي مصالح موسكو المتمثلة في مواجهة التمدّد العسكري البحري لأميركا، وسيردع المنظومات الصاروخية الأميركية التي تهدّدها، وسيحدّ من حرية دوريات السفن البحرية الأميركية وسيحول دون فرض هيمنتها في هذا الجزء من العالم.

التشاركية الصينية الروسية

التشاركية الصينية الروسية امتدت على أرض الميدان السوري وفي الفضاء الجوي السوري، إلى إسنادات في الحروب السيبرانية سلّة سايبر – حروب الكترونية متكاملة تتموضع في المعلومات التالية: إنّ طائرات الاستطلاع الروسية «إيل – 20» و» تو214 – ر» بجانب طائرات استطلاع صينية متقدّمة، لا يمكن إلا أن تثير نواة البنتاغون الحربي الأميركي، هذا وقد استخدمت الفدرالية الروسيّة والصين بعض هذه الطائرات في مجموعتها الجوية في سورية، وقد اعتبر البنتاغون ومجمع الصناعات الحربية الأميركية ذلك بمثابة تهديد خطير بالنسبة للقيادة السبرانية الأميركي، كلّ ذلك كان نتيجةً لسلّة الاستثمارات الضخمة التي أقرّها الرئيس الروسي فلادمير بوتين منذ سنوات، بجانب استثمارات عسكرية صينية حديثة تسند الروسي في مهمته الشاقة في سورية، بالتفاهم مع المجمّع الصناعي العسكري الروسي والصيني، حيث وظفتها موسكو في برنامج التحديث العسكري وأعطت نتائجها الملموسة الآن، وكذلك الحال بالنسبة للصين. إنّ مشكلة البنتاغون العسكري الأميركي، لا بل مشكلة المخابرات والاستخبارات الأميركية كلّها، تكمن بقلّة معلوماتهم ذات الأثر والأهمية عن الروس والصينيين أحياناً، كما تتموضع المشكلة في عدم الدقة في المعلومات أيضاً أحياناً كثيرة، بسبب المعلومات المسرّبة قصداً من مجتمع الاستخبارات الروسيّة والصينية عبر عملاء مزدوجين في شبكات عنكبوتية معقدة التركيب. كما تنظر العاصمة الأميركية واشنطن دي سي وحلفائها الغربيين إلى القوات المسلّحة الروسية، «كجيش لدولة تعاني من انحطاط طويل الأمد، ولكن الولايات المتحدة وأوروبا كلّها لا يمكنهما إلا أن تحسدان نتائج برنامج التحديث العسكري الروسي من تحديث وتطوير ترسانة الأسلحة التقليدية، وخاصة وسائل الاستطلاع الإلكترونية ونظم التشويش الإلكتروني وبمساعدة صينية، ومن بين هذه الوسائل والنظم يمكن ذكر طائرة الاستطلاع الروسية «إيل – 20» التي استخدمت في سورية، حيث هذه الطائرة مزوّدة برادارات مسح جانبي وأجهزة استشعار بصرية، وماسحات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء ونظام اتصالات فضائية لتبادل البيانات والمعلومات، ومن الممكن استخدام هذه الطائرات في عمليات الاعتراض الإلكتروني ومسح وتسجيل اتصالات الخصم، وهو ما يسمح بتحديد مكان تمركز قوات الخصم، وبجانب طائرة الاستطلاع الأخرى التي ظهرت داخل المجموعة الجوية الروسية في سورية، فتسمّى بـ «الطائرة التي ترى كلّ شيء» والحديث هنا عن طائرة الاستطلاع المتكامل «تو214 – ر»، حيث تحمل هذه الطائرة نظم الاستطلاع الإلكتروني ELINT والتجسّس الإشعاعي التقني SIGINT التي يمكن بمساعدتها اعتراض والتقاط الإشارات من أجهزة الاتصالات المحمولة، ومن الطائرات والمركبات العسكرية، وهو ما يسمح بتحديد مكان الخصم وعدد أفراده وقوّته ووسائل الاتصال التي يستخدمها أيضاً.

كلّ ذلك دفع قادة وكوادر القيادة السبرانية الأميركية، إلى القول وبحزن وحسرة وحسد وحقد: إنّ طائرات الاستطلاع الروسية تشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة وهي تتطوّر بوتيرة سريعة لا يمكن متابعتها، وزاد الأمر تعقيداً دخول طائرات استطلاع صينية متقدّمة تعمل ضمن العباءة الروسية في سورية، وفي إطار الاندفاعة الاستراتيجية الروسية في الداخل السوري. العواصم الأميركية والروسية والصينية وحلفائهم يتبنّون مواقف متعارضة إزاء كافة الملفات الدولية والإقليمية الساخنة وغير الساخنة، وبالذات تلك المتعلقة بالشرق الأوسط وشبه القارة الهنديّة، والتوجهات الأميركية الهادفة إلى عسكرة العالم، إضافة إلى بعض بنود التجارة العالمية، وقضايا حماية البيئة وحقوق الإنسان وأمن المعلومات واستخدامات هذه التقنيات، إنْ لجهة الإضرار بالآخرين سواءً على مستوى الدولة أو الأفراد أو الشخصيات الحكمية أو الاعتبارية وهذا هدف أميركا وحلفائها ، وانْ لجهة المساعدة والعمل الإيجابي لما يفيد الآخر سواء كان دولة أو فرداً أو شخصية اعتبارية أو حكمية وهذا هدف موسكو والصين وحلفائهما . بعبارة أخرى، الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها من الدول الغربية كمحور ، تسعى إلى استخدام الحرب الإلكترونية ونظام أمن المعلومات إلى التجسّس الشامل على عمل الدول التي تشكل المحور الخصم الآخر والمتمثل في: روسيّا والصين وإيران وجلّ دول بريكس والحلفاء في المنطقة، والإضرار العميق بها عبر حروب السايبر المختلفة. وفي الوقت ذاته نجد أنّ موسكو وبكين وإيران وباقي دول بريكس تستخدم تقنيات السايبر وأمن المعلومات، من أجل مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسّس والتجسّس المضاد، ومنع الجريمة المنظمة بمفهومها الواسع، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وجرائم غسيل الأموال إلخ… بعكس المحور الغربي الأميركي الآخر الذي يعمل جاهداً على تعميق الحروب والإرهاب، وشيوع الجرائم على أنواعها، فقط من أجل الحفاظ على طريقة ورفاهية حياة الأميركي والغربي، وتسخير الشرقي والآخر لخدمته ورعايته، بدون أيّ وازع إنساني أو أخلاقي. لا بل وتتحدّث المعلومات، أنّ واشنطن وحلفاءها يسعون إلى تعميم إنشاء مراكز أمن المعلومات في ساحات حلفائها من بعض العرب الذين يدورون في فلكها، إمّا عبر القطاع الخاص كاستثمارات أو عبر القطاع العام الحكومي كمنح متحوّلة إلى مراكز سايبر، كلّ ذلك عبر الشركات الغربية المتعدّدة الجنسيات واستغلال تداعيات العولمة، ليُصار إلى وضع كافة الحلفاء والخصوم تحت المراقبة والتجسّس، وهنا نلحظ دوراً إسرائيليّاً صهيونيّاً جليّاً تماماً كالشمس في رابعة النهار في التشاركية الكاملة مع الأميركان في منحنيات وكواليس حروب السايبر وأمن المعلومات. تتحدث المعلومات، أنّ هناك استراتيجيات السايبر الاستخبارية، يجري تنفيذها بثبات وهدوء، عبر تعاون وثيق جارٍ على قدم وساق، بين أجهزة مخابراتية من مجتمع الاستخبارات الدولية وعلى رأسها الأميركان من جهة، وأجهزة مخابراتية من مجتمع المخابرات الإقليمية وعلى رأسها المخابرات الإسرائيلية بينها أجهزة مخابراتية عربية من جهة أخرى، تستهدف المحور الخصم الآخر في العالم والساعي إلى عالم متعدّد الأقطاب وعلى رأسه الفدرالية الروسية والصين ودول بريكس، عبر استهداف أنظمة وشبكات الحاسوب، من خلال ضخّ ملايين الفيروسات الرقمية، والتي من شأنها، تعطيل عمل أجهزة الحاسوب الخاصة، بالبرامج النووية السلميّة لهذه الدول الخصم، كما يتمّ استهداف أنظمة الطيران المدني والعسكري، من خلال تقنيات الوحدات الخاصة، بموجات الحرب الالكترونية، إنْ لجهة الطائرات المدنية، وإنْ لجهة الطائرات العسكرية، كما يتمّ استهداف الأنظمة المحدّدة، بترسانات الصواريخ الاستراتيجية، مع استهدافات للعقول البشرية، واستهدافات للخبراء النوويين، والفنيين ذوي المهارات العالية، من علماء دول الخصم لأميركا وحلفائها.

حرب المخابرات… الالكترونية!

وفي المعلومات الاستخباراتية أيضاً، تشهد منطقة الشرق الأوسط الآن، موجات من حرب الكترونية حسّاسة، وذات نطاقات شاسعة، حيث تمّ وضع استراتيجية هذه الحرب الالكترونية، وأدوات نفاذها مع إطلاق فعالياتها، عبر تعاون وثيق بين المجمع الأمني الفدرالي الأميركي، جهاز «أف بي أي»، وكالة المخابرات المركزية الأميركية، جهاز المخابرات البريطاني الخارجي وبالتعاون مع جهاز المخابرات القطري والمخابرات الإماراتية والسعودية، وأجهزة مخابراتية عربية أخرى، ومع جهاز الموساد الإسرائيلي، كلّ ذلك ازاء إيران وغيرها من الساحات. فهناك قيادة مخابراتية خاصة، لإدارة عمليات الهواتف النقّالة، شاهدنا فعاليات ذلك في الحدث السياسي الليبي وما زالت، وصراعه مع ذاته، عبر عمليات تعبئة سلبية، وشحن خارجي، كما يتمّ إنفاذ ذلك الآن، على مجمل الحدث السياسي السوري، مع استخدامات أخرى، لجهة فعاليات ميدان التحرير القادمة في مصر لاحقاً في حال تقرّر تغيير النظام السياسي هناك لصالح نظام أكثر انبطاحية . هذا وقد أشرفت المخابرات الأميركية والإسرائيلية، وبعض المخابرات الأوروبية، وبعض المخابرات العربية كملحقات للأميركي والغربي، وبالتعاون مع أجهزة مخابرات حلف الناتو، على فعاليات ومفاعيل قيادة عمليات الهواتف النقّالة، خلال فترة الصراع الليبي الليبي وما زالت، كذلك تشرف مخابرات قطر كجزء من قيادة السايبر الأميركية في قاعدة العيديد القطرية، بالتعاون مع وحدة السايبر في الاستخبارات السعودية، وبنفس الأسلوب والنفس، لجهة ملف فعاليات الاحتجاجات السياسية السورية، حيث كان يتمّ تحريك، وحدات الحرب الالكترونية الخاصة، بالهواتف النقّالة، ضمن وحدات ومجاميع المعارضة الليبية المسلحة، ويُصار الآن إلى إنفاذ نفس الأسلوب، ضمن مسارات الحدث السياسي السوري. وتشير المعلومات إلى أنّ نطاقات العمل الجيوبولتيكي، لقيادة عمليات الهواتف النقّالة، يشمل العديد من بلدان الشرق الأوسط الأخرى، بما فيها إيران والأردن ومصر ولبنان والجزائر وموريتانيا والمغرب إلخ… حيث تمويل هذه الأجهزة وتوفير المظلّة المالية، يتمّ عن طريق قطر والإمارات والسعودية، وبعض دول الخليج الأخرى، في حين أنّ الأجهزة ومستلزماتها، توفرها العاصمة الأميركية واشنطن دي سي. والأنكى من كلّ ذلك، أنّ إنفاذ تشغيل، قيادة عمليات الهواتف النقّالة، في موجات الحرب الالكترونية الجارية الآن، تمّ ربطها تقنيّاً، بالأقمار الصناعية الإسرائيلية التجسّسيّة، كما سيُصار إلى استهداف اتصالات حزب الله اللبناني، عبر مهام عمل قيادة عمليات الهواتف النقّالة، والتي تشرف عليها المخابرات القطرية والسعودية، بالتساوق والتنسيق والتوثيق، مع مخابرات مثلث واشنطن لندن باريس، مع تقاطعات عملها، مع مخابرات حلف الناتو، والمخابرات التركية، وأجهزة مخابرات عربية أخرى، بالرغم من أنّ مشيخة قطر طلبت وبصورة غير معلنة من حزب الله، التوسط في إطلاق المواطنين القطريين المختطفين في الداخل العراقي، والذي يعتقد انّ كتائب حزب الله العراقي هي من قامت بذلك، وتمّ دفع أكثر من ملياري دولار لصالح الجهة المختطفة في العراق وتحرير مجموعة الأمراء القطريين، وهذا ما أثار الغضب السعودي على قطر وأسرتها الحاكمة.

وفي خضمّ الاستهداف الأميركي الأوروبي، لجلّ الساحات السياسية الشرق الأوسطية، إنْ لجهة الضعيف منها، وانْ لجهة القوي، منذ انطلاقات «الربيع العربي»، حيث الأخير ما زال يعاني، من مخاضات غير مكتملة، قامت الأجهزة الأميركية المختلفة، بعمليات انتقاء لأكثر من عشرة آلاف ناشط سياسي وإعلامي وأمني، من مختلف دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعملت على تدريبهم تدريباً نوعيّاً، على كيفية استخدام، جلّ الوسائط التكنولوجية، والمرتبطة بتقنية منظومات، الاتصالات المتطوّرة، حيث قيد النطاق الزمني، لهذه العملية الاستخباراتية السريّة، تمثل منذ بدايات شهر شباط، وحتّى نهاية شهر حزيران لعام 2011. وفي المعلومات أيضاً، أنّ هؤلاء الناشطين البشريين، قد تمّ انتقاؤهم، وفق عمليات اختيار معقدة، بالتعاون والتنسيق الوثيق، مع بعض القوى، والحركات السياسية، ذات الصلات الوثيقة، مع العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، والعاصمة الفرنسية، والبريطانية، والألمانية، والتركية، وينتمي هؤلاء الناشطون، إلى بعض بلدان الشرق الأوسط مثل: إيران، لبنان، سورية، تونس، الأردن، مصر وتركيا… وأضافت المعلومات، أنّ جلسات التدريب إيّاها، قد تمّ تنفيذها وإنجازها في بعض بلدان المنطقة الشرق أوسطية، الحليفة لواشنطن، وخاصةً البلدان العربية منها، وكذلك قبرص وتركيا، والتي درجت على توفير المظلاّت، والملاذات الآمنة، لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، ووكالة المخابرات الفرنسية، ووكالة المخابرات البريطانية، وكذلك الألمانية والكندية. وتفيد المعلومات المرصودة، بأنّه قد تمّت عملية إعادة هؤلاء الناشطين المدرّبين، إلى بلدانهم كساحات جغرافية لعملهم، وبهدوء وبدون ضجيج، حيث تمّت عملية نشرهم وتوزيعهم، في المدن، والمحافظات، والألوية، بالتنسيق مع القوى، والحركات السياسية المحلية، التي ينتمون إليها، أو عبر ما تسمّى بمؤسسات المجتمع المدني بعضها لا في جلّها والتي هي بمثابة نوافذ استخباراتية في الدواخل العربية، ومنها داخلنا الأردني المثقل بهمومه الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، حيث الهوية الأردنية ما زالت تتشكل وفي طور التشكيل ومنذ تأسيس الإمارة. ومرة أخرى، حول موجات الحروب الالكترونية، الجارية في المنطقة، عبر مفهوم الحماية والهجوم، في مجال «السايبر»، بعد أن صارت الأخيرة، ساحة حرب استراتيجية وفعّالة، حيث تتحدّث المعلومات، أنّ مجتمع المخابرات الإسرائيلي، أوصى بتأسيس هيئة «السايبر» في الجيش العبري، من فترة ليست قصيرة، ووافق عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بعد أن صارت القوى المعادية، لهذا الكيان العبري، تستخدم الحروب الالكترونية، وفقاً للقاعدة والمعادلة التالية: سايبر بدل طائرة، وفيروس بدل قنبلة. والحروب الالكترونية الجارية في المنطقة، هي تعبير حيّ وحيوي، عن ساحات الحروب المتطورة حالياً، وبصورة أكثر وضوحاً، تتمّ العمليات الهجومية، من خلال افتعال أخطاء مقصودة، في أنظمة الكمبيوترات المعادية، حيث يُصار إلى استخدام قراصنة الشبكة العنكبوتية، والذين يتمتعون بمهارات تقنية حوسبية عالية، لشنّ هجمات كثيرة فيروسيّة على تلك المواقع، وتعمل على تعطيلها أو اختراقها وتدميرها، وخاصةً لجهة المواقع المخابراتية السياسية الحسّاسة، مع استخدام أسلوب هجومي عبر عمليات التجسّس الحوسبي، من خلال الدخول إلى الشبكات واستخراج المعلومات. ففي حروب «السايبر»، هناك نطاقات عمل تتموضع في: نطاق جمع المعلومات، نطاق الهجوم، نطاق الدفاع، وتمتاز هذه الحروب، بقدرات عمل سريعة قريبة من سرعة الضوء، مع قدرات عمل سريّة، واستخدامات لسلاح خارق يعتبر فتّاكاّ، مع مخاطر في غاية البساطة على الحياة البشرية. وهيئة «السايبر» الإسرائيلية، تستهدف بالدرجة الأولى: إيران، وباقي الدول العربية، والأوروبية، وحتّى الولايات المتحدة الأميركية والصين، والفدرالية الروسية وتركيا، حتّى أنّها تستهدف، بعض داخلها العبري، المناهض لسياسات الحكومة إلخ… وللتدليل، على نطاقات عمل حروب «السايبر»، فقد كشف تقرير مفصّل، أعدّته شركة التأمين الإسرائيلية «سيمنتك»، حول ما حدث في إيران، قبل أكثر من ست سنوات خلت، حيث أنّ «الدودة» الفيروس، نسّقت لضرب محوّلات تردّد محدّدة ومركّبة، على أجهزة الطرد المركزي، لتخصيب اليورانيوم.

السؤال هنا: كم ستعمل هيئة السايبر الإسرائيلية الصهيونية على الإضرار بمشروع برنامجنا الأردني النووي السلمي الحالي لمنع الأردن من المضيّ قدماً في تنفيذه؟ وما هي استعدادات مجتمع مخابراتنا وميكانيزمات عمله الإلكترونية في موجات هذه الحروب؟ وهل هناك آليات تنسيق مع هيئة الطاقة النووية الأردنية من أجل حماية مشروع برنامجنا النووي وأجهزة التخصيب فيه، من هجمات وموجات الحروب الإلكترونية من جهة هيئة السايبر الصهيونية وحلفائها؟

دبلوماسية تخفي السمّ الزعاف

المذهبية الدبلوماسية العدوانية السوداء، الأمنية السياسية الأممية الأميركية الجديدة، ذات الأدوات الآنف ذكرها، ستوظف لخدمة الوسائل السياسية الشاملة، لوضع خارطة طريق متعرّجة لعمليات، الاستقطاب وإعادة الاصطفاف السياسي في سورية، وفي المنطقة عامةً، كي تتمّ إعادة إنتاج مجتمع، تحالفات سياسية واسعة النطاق، لجهة المنطقة والداخل السوري ومحيطه، ضدّ المقاومات والممانعات، وضدّ كلّ من سورية وإيران، وروسيّا والصين ودول بريكس. واشنطن وعبر المذهبية الآنف شرحها، تقرّ بأنّ في عمليات الاستهداف النشط ضدّ سورية، والتي ستكون متطابقة حتّى في الفواصل وعلامات الترقيم، مع ما يتمّ تسريبه من شبكات المخابرات الإسرائيلية، الموساد بزعامة يوسي كوهين، الشاباك، وحدة آمان، لجهة ملفات: حزب الله، الملف السوري، الملف الإيراني، الملف التركي، وملفات الساحات السياسية الأردنية والفلسطينية والعربية الأخرى. من جانب آخر معلوماتي، لمخابرات إقليمية ودولية تفيد، أنّ «إسرائيل» نجحت حتّى الآن لجهة توظيف وتسخير، كلّ قدرات الدبلوماسية الأميركية والبريطانية والفرنسية لاستهداف سورية، مع دفع واشنطن للمشاركة الفعلية في الترتيبات العسكرية الأميركية الجارية في منطقة الخليج وشواطئ إيران الجنوبية. كما تذهب المعلومات، أنّه تمّ الاتفاق والتفاهم وضمن، محور واشنطن تل أبيب ومن تحالف معه من دول المنطقة، على أن يتمّ ربط الرادارات الأميركية المنصوبة في مناطق الخليج بالرادارات العبرية، وثمة معلومات تتحدّث عن قيام وفد عسكري أميركي مع خبراء من القيادة السيبرانية لواشنطن زار الرياض مؤخراً منذ أسبوعين، وبحث هذا الأمر مع المسؤولين العسكريين في دول الخليج، حيث أنّ واشنطن ضغطت باتجاه، ما تمّ التوافق عليه ضمن دوائر مؤسسات محور واشنطن تل أبيب، كما تمّ الاتفاق والتفاهم على نشر غوّاصات نووية اسرائيلية، ضمن مسار الأساطيل البحرية العسكرية الأميركية، الفاعلة والناشطة قبالة شواطئ جنوب لبنان، وشواطئ إيران الجنوبية.

انّ دبلوماسية الولايات المتحدة الأميركية الخارجية، لجهة الشرق الأوسط خاصةً، في ظاهرها ناعمة حسنة بريئة، خلاّقة تعاونية رائعة، وفي باطنها تخفي السمّ الزعاف في حية رقطاء وهي أفعوانية حربائية كوليدها الداعشيّ.

عضو المكتب السياسي

للحركة الشعبية الأردنية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى