نجاحات «داعش» في العراق

حميدي العبدالله

حقق تنظيم «داعش» تقدماً جديداً واسعاً في مناطق عديدة من العراق, فقد تمكن من السيطرة على قضاء هيت والقاعدة العسكرية الرئيسية في القضاء، كما سيطر على مدينة حديثة، ويحقق التنظيم تقدماً كبيراً في مدينة الأنبار، واقترب مسلحوه من ما بات يعرف بأسوار بغداد، بعض التقارير تحدث عن أنّ مقاتلي التنظيم يرابطون على بعد 10 كيلومترات من هذه الأسوار، وقد يشكلون تهديداً لمطار بغداد الدولي وللمنطقة الخضراء، حيث باتت هذه المناطق قريبة من مرمى نيران التنظيم.

حدث هذا التقدم بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وبعد بدء التحالف الغربي والعربي بقيادة الولايات المتحدة بشنّ ضربات جوية ضدّ مواقع منتشرة للتنظيم في مناطق عديدة من العراق.

طرح هذا التقدم أسئلة حول أسبابه، لا سيما بعد الاستنفار الشعبي العام، وبعد تطوّع عشرات الألوف في ما بات يعرف بقوات الحشد الشعبي.

ثمة ثلاثة أسباب رئيسية تفسّر التقدم الجديد الذي حققه تنظيم «داعش» في العراق:

السبب الأول، تردّد الحكومة العراقية بإرسال قوات من الحشد الشعبي إلى المناطق الواقعة غرب العراق، ولا سيما في محافظة الأنبار، والاكتفاء بقوات الجيش والشرطة المحلية وقوات الصحوة ورجال العشائر. وواضح منذ البداية أنّ جميع هذه التشكيلات غير قادرة على مواجهة «داعش» وقد اختبرت في الماضي، سواء في عهد الاحتلال، أو في الفترة التي أعقبت جلاء القوات الأميركية عن العراق، ومعروف أنه لم يتمّ احتواء هجوم الجماعات المسلحة والمقاومة في عام 2007 إلا بعد تعزيز القوات الأميركية، ورفع عديدها إلى أكثر من 140 ألف جندي أميركي، إضافةً إلى قوات التحالف الغربي الأخرى، والشرطة والجيش العراقي اللذان كانا يعملان بإشراف قوات الاحتلال الأميركية.

السبب الثاني، قرار رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وقف قصف مواقع «داعش» في المناطق المأهولة بالسكان، ومعروف أنّ هذا التنظيم يتحصّن في كثير من المدن أو البلدات، والضربات الجوية غير فاعلة ضدّه في المناطق المكشوفة، إذ ليس قادة التنظيم سذجاً إلى درجة أن يقعوا في فخ نشر قواتهم في مناطق مكشوفة يسهل اصطيادها من قبل الطائرات العراقية وطائرات التحالف.

السبب الثالث، تجنّب الحكومة العراقية احتمال تأجيج الصراعات المذهبية، وربما هذا هو الذي يفسّر قرارها الأول وقف قصف المناطق المأهولة، وقرارها الثاني عدم إرسال قوات الحشد الشعبي إلى محافظة الأنبار حيث حقق «داعش» تقدمه الجديد، وتسعى الحكومة لاختبار قدرات الجيش والقوات المحلية، وقد لا ترسل قوات الحشد الشعبي إلا بعد أن تطلب ذلك التشكيلات والقوى السياسية المعارضة لـ«داعش» في محافظة الأنبار لدفع خطر الفتنة المذهبية، ولكن التأخر في إرسال قوات الحشد الشعبي، قد يمكّن «داعش» من تعزيز سيطرته، وتصبح عملية زعزعة هذه السيطرة دونها كلفة كبيرة، ومخاطر استقدام قوات غريبة كبيرة هي أقرب إلى استدعاء الاحتلال من جديد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى