دي ميستورا يستعين بحزب الله في سورية؟
«توب نيوز»
عندما كلّف ستيفان دي ميستورا مبعوثاً أممياً لحلّ سياسي في سورية، بعد فشل الأخضر الإيراهيمي مشفوعاً على فشل خطة الحرب لإسقاط سورية، فالإبراهيمي مبعوث لمهمة حصرية تتصل بمهاراته في الحرب النفسية بتقديم مشروع الاستسلام كوصفة سحرية للإنقاذ من الأسوأ، وبانتحال صفة الصديق الحريص الذي يعرف ما لا يعرفه الآخرون، وعندما جاء إلى لبنان وفشل في إقناع العماد ميشال عون بالقبول بتسوية الطائف كانت النتيجة معلومة بالحسم العسكري بقرار إقليمي دولي ضدّ عون وإخراجه من لبنان.
فشلت الخطة التي بُنيت على حشد مئة ألف مقاتل من كلّ مكوّنات «القاعدة» إلى سورية، وإسعافهم بالدعم التركي و«الإسرائيلي» والأردني عند الضرورة عسكرياً ونارياً بصورة خاصة، ومعهم مئات عناصر العمليات الخاصة من الاستخبارات الفرنسية والبريطانية والتركية والسعودية، الذين باتت الصحف الأجنبية مليئة بالتقارير عن مهامهم الخطيرة من تنسيق أحداث درعا على يد البريطانيين، إلى تفجير مقرّ الأمن القومي واغتيال الضباط الكبار في سورية على يد الاستخبارات الفرنسية، وصولاً إلى ما قام به الأتراك والسعوديون من إدارة قام بها بندر بن سلطان وحقان فيدان للسيارات المفخخة، وما قدمته السعودية وقطر من أموال وخصّصته للحرب الإعلامية عبر قناتي «الجزيرة» و«العربية»، ومع ثبات الرئيس السوري وصموده وصمود حلفائه معه وصمود جيشه وشعبه، كان لا بدّ من الاعتراف بالفشل وسحب المبعوث الذي أصاب الصدأ وصفاته المفضوحة، التي اضطر الرئيس الأسد لإبلاغ صاحبها بأنّ ألاعيبه مكشوفه وأنّ حرصه المزيّف لا يصدّقه أحد، من خلال الوقوف بابتسامة شاكراً قدوم الضيف من مسافات بعيدة من دون أن يكون لديه ما يتسحق النقاش، حتى يمكن القول إنه جاء لزيارة مجاملة دافعها الوحيد الشوق والاطمئنان.
تعيين ستيفان دي ميستورا لم يتمّ لمواكبة ما تبقى من أوراق الضغط على سورية وترصيد نتائجها، في حلّ سياسي ليس معلوم السقف عند الطباخ الأميركي، فلا مجال للمزيد من المخاطرة، دي ميستورا الخبير بشؤون المنطقة، وخصوصاً العراق وأفغانستان ولبنان والصراع مع «إسرائيل»، مرشح للعب دور يتخطى حدود سورية لكن انطلاقا منها، فتوازنات المنطقة بصورتها النهائية تتسم بصفتين لا مفرّ من التسليم بهما، الأولى هي أنّ هذه التوازنات تتصل في نهاية المطاف بالتوازن الحاكم للصراع بين «إسرائيل» وبين محور حزب الله وسورية الذي ينتهي في إيران أساساً، والثانية هي أنّ سورية هي الساحة التي سترتسم فيها صورة هذه التوازنات.
الجولة الراهنة التي تمثلها الحرب على «داعش» و«النصرة» ذات صلة مباشرة بالتوازن مع «إسرائيل»، التي تقف علناً وراء جبهة النصرة، فيما تمسك تركيا بيد «داعش»، وتتقاسم قطر مع تركيا و«إسرائيل» اليدين الإثنتين، وهي الجولة الأخيرة التي لا يتسع الزمن ولا تتدخر القدرات رصيداً لخوض سواها، ولا مكان فيها للكثير من الوقت الضائع، فمعها تتضح ماهية العلاقة الروسية ـ الأميركية، والعلاقة الإيرانية بكلّ من أميركا والسعودية، وعبرها يتظهّر حجم وطبيعة الدور التركي القادم.
دي ميستورا مبعوث الانتظار والاستعداد لنهاية الجولة من دون مشروع ومن دون مقترحات، بل بفتح القنوات وتسليكها، حتى يتبلور المشهد الأخير، ولأنّ الصراع الأميركي مع سورية وحزب الله فعلى دي ميستورا أن يسير عكس سير الإبراهيمي، فيحفظ مع الرئيس السوري وقيادة حزب الله أفضل العلاقات، أما حلفاء أميركا من المعارضة السورية أو من دول المنطقة فبيد أميركا الروموت كونترول لجلبهم إلى الصحن الذي ينضج تذوّقه، في نهاية الجولة وتوزاناتها، وعندها يطلق دي ميستورا مشروعه و يبلور مقترحاته.
هكذا يبدأ الاعتراف بحزب الله لاعباً على المسرح السوري، ويطلب دي ميستورا معونته، ويسلّم بأن الحلّ السياسي هو الطريق الوحيد لنهاية الأزمة، كما سلّم للرئيس الأسد أن لا مكان في الحلّ السياسي إلا للمعارضة التي تقرّر الانخراط الجدي في الحرب على الإرهاب، وتعتبر خلافها مع الدولة في مرتبة أدنى من صراعها مع الإرهاب، ولذلك تتقبّل صناعة تسوية توافقية قائمة على التنازلات المتبادلة لبناء جبهة موحدة في وجه الإرهاب.
لقاءات دي ميستورا علامة على اين يوجد حلف المنتصرين في نهاية المطاف.