زغلول الدامور مجد قصيدة.. يرحل

ذوى ليل أول أمس السبت، جسد «زغلول الدامور »، بعد صراع مرير مع مرض عضال، فسكت عن الزقزقة من كان يملأ ليالينا صدحاً وشجناً ولألأة.

وارتاح أحد أبرز أعلام الشعر الشعبي الزجل من هم شيخوخته التي كان يخشى «ألا يعيش بكرامته» كأي علم كبير سطع بأكثر من 120 رحلة شعرية دولية وعشرات آلاف القصائد والمواويل والأغاني التي صدحت بها حنجرته الذهبية لتصبح ايقونات فن.

والهاشم أحد أشهر شعراء الزجل في لبنان ، ولد في البوشرية – قضاء المتن سنة 1925، ووالده مخايل الهاشم من الدامور.، وتوفي السبت 27 الحال في مستشفى هارون الزلقا، عن عمر ناهز 93 عاماً.

والنجم الكبير جوزيف الهاشم الملقب باسم زغلول الدامور شاعر لبناني من أشهر شعراء الزجل. ولد في بلدة البوشرية – قضاء المتن العام 1925، والده مخايل الهاشم من الدامور ووالدته سيسيليا جرجورة العيراني من عاريا.

تلقى «زغلول الدامور» علومه في مدرسة جديدة المتن الكبرى التي كان يديرها الخوري الشاعر يوسف عون، وكان من التلاميذ المجلين.

وفي سن التاسعة، بدأ بكتابة الشعر وبترداده، حتى أصبح معلموه ورفاقه يقولون فيه: «هيدا الصبي ابن الداموري مزغلل وعم يكتب شعر»، ومن يومها عرف بلقب «زغلول الدامور».

عاصر زغلول الدامور الزجل منذ بداياته، ويعتبر من أركانه الأوائل، ألّف جوقته الأولى عام 1944 ورأسها فغنى في كل قرية ومدينة في لبنان، وقام بأكثر من 120 رحلة إلى بلاد الاغتراب، ففاقت شهرته الشعراء جميعاً.

كان الزجل أهم ما في حياته، كانه كان يحيا لأجله. دخل باكراً جداً مع مجموعة من المحيطين به: فيليب مسعود البستاني، أستاذه في مدرسة «جديدة المتن الكبرى»، والده، وجدته لوالده. ألم يكن والده هو من حرّضه على تمزيق قصيدة الشاعر وليم صعب بلبل الأرز التي وضعها بين يديه الخوري يوسف عون، مدير المدرسة، كي يتلوها على المسرح في حفلة تسلّم الشهادة المتوسطة؟ ليلتها، منعه من تناول العشاء قبل أن يكتب قصيدته الخاصة التي سيلقيها في الاحتفال. «كنتُ أرتعد على المسرح وأنا ألقي القصيدة لشدّة خوفي من ردّ فعل الخوري، إلى أن لمحته يضحك ملء فمه، فتنفست الصعداء».

مارس «الزغلول» طيلة عمره شغفه بإخلاص والتزام، وبنى شهرته بروية وبصبر. لا يزال يذكر يوم أطلقت الإذاعة اللبنانية مسابقة شعر عام 1945 لاختيار عشر قصائد. لم يشترك يومها بقصيدة واحدة، بل تقدّم بعشر وربح.

ونعاه أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان «زغلول الدامور» بتغريدة عبر «تويتر»، قائلاً: «رحل الزغلول الكبير، يلي ولد بجديدة المتن، وتلقب ع اسم الدامور، وحمل لبنان للعالم شعر وتراث ومجد بحروف الابجدية، وصار اليوم خالد ع صفحات الابدية».

ونعاه الفنان اللبناني جهاد الأطرش، بقوله «رحيل الزغلول خسارة كبيرة لفن الكلمة ولمجد الشعر».

ويحتفل بالصلاة لراحة نفسه الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الإثنين، في كنيسة مار يوحنا المعمدان – البوشرية.

وتقبل التعازي في صالة الكنيسة، اليوم قبل الدفن وبعده، وغداً الثلاثاء المقبل من الحادية عشرة حتى السادسة مساء.

له دواوين وحفلات هزّت معالم الزجل وبصمت تاريخه ببصمة خاصة. من حفلة «التحدي الكبير» بينه وبين موسى زغيب جوقة خليل روكز في بيت مري عام 1971، إلى «عكاز الزجل في المدينة الرياضية»، مروراً بتحدّي قلعة فقرا كما في مهرجانات جرش عام 1978 وغيرها الكثير في لبنان والخارج. شارك في أعمال زجلية مسرحية وتلفزيونية وصدر له «خمسون سنة مع الشعر الزجلي»، «عمر وسفر» و«بين القلوب» و«المرج الأخضر».

من قصائد الزغلول غنّاها الراحل نصري شمس الدين:

«بكّير غديو ع الكرم بكّير

عصفورتين مغنّجين كتير

عميكرجوا كرج الحجل ع الأرض

والأرض عم تحملن وتطير

وصدفة أنا بنهارها بالذات

غادي وع كتفي الجفت والدبقات

رايح تا إتصيّد بهالكرمات

هيدا نصيبي وهيك بدّو يصير

راقبتن وهنّي ما قشعوني

مشيوا ووراهن مشيت عيوني

حتى وصلت ع كعب زيتوني

صليت الجفت ولطيت خلف الشير

وضلّيت زور الكرم ع يومين

تا اكمشت عصفورة من التنتين

وفلّتها بين القلب والعين

وكرامة نعومة جوانحها

يحرم عليي كمّش عصافير»..

«البناء» تعزي شعبنا برحيل «زغلول الدامور» ومحبّيه، الذي يرحل جسداً بلاه المرض والوجع، لكنه يبقى عَلَم شعر ونسج إيقاع وإطلالة منبر ومجد معنى وموال.. ويبقى فنه سحر القلوب والأذواق ما دام الجمال يسحر ويتألق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى