«دمشق في العيون»… معرضاً وثائقيّاً في مكتبة الأسد الوطنية

لورا محمود ـ رانيا مشوح

هي ليست فقط مدينة الياسمين وليست فقط الفيحاء، هي مدينة الصلاة بقدسيّة كنائسها وجوامعها، بتعايش أبنائها ودفء قلوبهم، هي الجامعة والصامدة، هي الواقفة في وجه العيون الطامعة، هي أيقونة الشرق، وعزّة العرب عندما أصبح الأعراب يتفوهون الدُرر بالخيانة والخنوع.

لا تتزعزع إرادة أبنائها، ولا تقلّ هِمّة أبطالها، دمشق باقية ما بقيَ الدهر كرامة لكلّ كريم ودار عزٍّ لكلّ وفيّ، يليق بها أن تكون في القلب والعيون. هي دمشق أقدم مدن التاريخ تراثاً وحضارة وثقافة. لذا، كانت حاضرة في المعرض الوثائقي «دمشق في العيون» الذي أقامته مكتبة «الأسد الوطنية» كباكورة أنشطتها الثقافية الخاصة لعام 2018.

وقد افتتح المعرض في قاعة المعارض في المكتبة، وتضمّن مخطوطات لمؤلفات عن دمشق وأعلامها وأحداث مرّت فيها يعود بعضها إلى القرن 15 الميلادي، إضافةً إلى صور ضوئية عن الفيحاء التقطت في القرنين التاسع عشر والعشرين، ولوحات لفنانين أوروبيين من القرن التاسع عشر رسموا أماكن وشخصيات دمشقية وصحفاً ومجلاّت ودوريّات تعود إلى زمن ظهور الصحافة في سورية مطلع القرن العشرين، وما تلاه من حقب وكتب صدرت في السنوات الثلاثين الأخيرة لباحثين سوريين عن التراث الدمشقي، إضافةً إلى طوابع بريدية.

وفي تصريح للصحافيين، قال مدير مكتبة الأسد الوطنية إياد مرشد: نحن نريد أن تقوم المكتبة بالإضافة إلى دورها ومهامها في حفظ التراث الوطني والصور والكتب والوثائق، بالمشاركة أيضاً في عملية نشر الوعي الثقافي في المجتمع وهذا هو الدور الذي نتطلّع لتحقيقه في المستقبل.

وأشار مرشدإلى أنّ معرض «دمشق في العيون» هو معرض توثيقي يهدف إلى تبيان ما تحتويه المكتبة من معلومات حول عاصمتنا العريقة دمشق التي هي مدينة حضارة وثقافة وتراث، وتتميّز بثراء فكري وثقافي، كما أنّها قدّمت عظماء في مجالات الفنون والأدب والتراث كافّة. لذا أردنا أن نظهر ما قدّمت دمشق للعالم، وأردنا أنّ نسلّط في هذا المعرض الضوء على ما تعنيه دمشق في عيون المبدعين والمفكّرين والذين كتبوا عنها الكثير والمتميز.

وقال مرشد لـ«البناء» إنّ المعرض أوّل نشاط ثقافي خاص في المكتبة بعد أنّ كان عملها مقتصراً على استضافة النشاطات الثقافية.

وأضاف أنّ هذا المعرض يصبّ في صميم اختصاص مكتبة الأسد في مجال علم المكتبات وحفظ الأرشيف الوطني عبر باقة منوّعة من المعلومات النوعية المختلفة وإظهار المخطوطات للمهتمين والباحثين، مع إعادة التذكير بما صدر وكتب عن دمشق في مجال البحوث العلمية والدراسات والخرائط إضافةً إلى صور وثائقية قديمة تتعلّق بدمشق، وجميعها من أرشيف مكتبة الأسد الوطنية.

وفي حديث إلى «البناء»، قال مسؤول قسم المعارض في المكتبة مؤيد قسوم إنّ المعرض فكرته بسيطة جداً وأردنا أنّ نُعرّف الناس بمحتويات المكتبة ونرتقي بدور المكتبة لتكون بمثابة ذاكرة ثقافية، وهذا دور أساس للمكتبة. إذ يشكّل المعرض بداية لذلك وقد تعاونّا جميعاً ليكون المعرض كما نراه اليوم.

وأضاف: نحن اخترنا العنوان بعد تفكير طويل لأننا أردنا أن نقدّم دمشق في كل المجالات في عيون الناس أولاً، ثم في المخطوطات والكتب، ثم في الموسيقى والأدب وفي التراث وفي السينما أيضاً، وأعتقد أن دمشق بخصوصيتها تختصر كلّ المحافظات السورية لذا اخترنا دمشق.

وذكرت هبة المالح معاونة مدير المخطوطات في المكتبة أنّ المعرض اختار من بين المخطوطات التي تقتنيها المكتبة 25 مخطوطاً تتطرّق إلى موضوعات مختلفة عن دمشق ومن أهمّها تاريخ «ابن عساكر» الذي يعدّ من أهم المراجع التاريخية والشمعة المضيئة في أخبار القلعة الدمشقية و«المعزّة في تاريخ المزّة» لابن طولون، «قاموس الصناعات الشامية» لجمال الدين القاسمي و«محاورة بين المدن» لأحمد بن مصطفى الطرابلسي، حيث يتنافس فيها عدد من المدن ببهائها وجمالها وتتفوّق دمشق عليها جميعاً. إضافةً إلى مخطوطات «رحلة إلى عين الفيجة» لمحمد الحكيم، «فضائل دمشق» لعبد القادر بن محمد النعيمي و«الآثار الدمشقية» و«المعاهد العلمية» لعبد القادر بدران.

ومن جانبه، قال الملحق الثقافي الإيراني في دمشق محمد هادي التسفيري لـ«البناء»: إنّ دمشق معروفة للجميع لكن هذه الوثائق الموجودة اليوم في المكتبة تعمّق هذه المعرفة وتبيّن الكثير من الجوانب الموجودة في تاريخ دمشق. فدمشق فيها الجمال والعلم والشخصيات العلمية والتاريخية والتي يجب أنّ يعرفها هذا الجيل الجديد وتكون قدوة له في عمله، لذا هذا المعرض يُعرّف دمشق بطريقة حضارية وجميلة.

وقال محمد ثروت القائم بأعمال السفارة المصرية في دمشق لـ«البناء»: أحرص على المشاركة في الأنشطة الثقافية لوزارة الثقافة والتي يدعوني إليها وزير الثقافة محمد الأحمد وهو وزير نشيط جداً، يقوم بجهود كبيرة للنهوض بالمشهد الثقافي السوري في مرحلة صعبة تمرّ بها سورية.

ولفت ثروت أنّه يرى أنّ الأنشطة الثقافية أهم من الأنشطة السياسية والتحركّات السياسية لأنها تظهر أنّ الأوضاع الأمنية أصبحت أفضل. لذلك من المهم القيام بالأنشطة الثقافية من معارض ومهرجانات لأنها تعطي المواطن إحساساً بأن هناك أمناً وسلاماً والحياة الطبيعية عادت إلى سابق عهدها في دمشق.

وقال الباحث الدكتورعلي القيم أنّ هذا المعرض هو تحيّة إلى دمشق بكلّ ما فيها من معاني النبل والحضارة والتاريخ، فنحن نعلم أن دمشق هي أقدم مدينة مأهولة في العالم ومسجّلة ضمن أهم المواقع في قائمة التراث العالمي «يونيسكو».

يذكر أنّ فيلمين عُرضا في الافتتاح هما: «حكاية الأبواب السبعة» للمؤسّسة العامة للسينما، و«دمشق جوهرة بين الحاضر والماضي»، إضافةً إلى أغنيات تراثية دمشقيّة من إعداد وإخراج أحمد رامي الغزي.

ويستمرّ المعرض لغاية الأول من الشهر المقبل، وستقدّم طوال أيام المعرض أفلام وثائقية عن دمشق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى