إرجاء تنصيب بوتشيمون رئيساً ومدريد تعتبره استهزاء بالديمقراطية
قرّر رئيس برلمان كتالونيا روجر تورنت أمس، «إرجاء جلسة تنصيب الانفصالي كارليس بوتشيمون رئيساً للإقليم»، بعد أن منعت المحكمة الدستورية الإسبانية تسليمه الحكم عن بُعد، متهماً إياها بـ «انتهاك حقوق ملايين الكتالونيين».
وأوضح «أنّ إرجاء الجلسة يهدف إلى الدفاع عن مناقشة التنصيب في البرلمان مع كل الضمانات لكارليس بوتشيمون»، ما يعني عدم تعريضه لخطر التوقيف.
وصرّح تورنت أنّ «الجلسة العامة المقرّرة أمس أرجئت» من دون تحديد موعد جديد.
وشنّ تورنت في وقت سابق هجوماً لاذعاً على المحكمة الدستورية واعتبر أنّ «رئيس كتالونيا المُقال يتمتّع بكامل الحقوق للترشح».
وأضاف «أنّ هذا الترشح هو ثمرة إرادة أكثرية النواب في المجلس»، متابعاً بالقول: «بما أنّ هذه الأكثرية لا تزال قائمة، فلن أقترح أي مرشح آخر».
ويقيم بوتشيمون في بروكسل منذ ثلاثة أشهر لـ «تفادي ملاحقات القضاء الإسباني».
وقال تورنت إنّ «لا نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، ولا المحكمة الدستورية تقرّر من يجب أن يكون رئيس كتالونيا»، متهماً المحكمة بـ «انتهاك حقوق ملايين الكتالونيين الذين صوّتوا لبوتشيمون».
فيما ندّدت كتلة بوتشيمون النيابية «معاً من أجل كتالونيا» بـ «قرار إرجاء الجلسة». واعتبرت أنه «كان من الممكن انعقادها». وقالت في بيان «إنّ تورنت لم يستشر أعضاءها في ما يخصّ قراره ولا أبلغهم بالقرار قبل إعلانه».
في المقابل، رحّبت الحكومة الإسبانية بهذه الخطوة، وقالت «إنها جنّبت الاستهزاء بديمقراطيتنا». وأضاف البيان «أنّ الإنفصاليين يعرفون أنه يجب عليهم الخضوع للقانون مثل جميع المواطنين الآخرين».
بدوره، حذّر رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي صباح أمس، رئيس برلمان كاتالونيا من «عواقب إبقائه على جلسة تنصيب بوتشيمون على الرغم من منعها من قبل القضاء»، وقال «إذا لم يحترم رئيس البرلمان قراراً للمحاكم، فلا شك في أنه قد يعتبر مسؤولاً».
يُذكر أنّ بوتشيمون الذي أقالته مدريد في تشرين الأول الماضي، هو المرشح الوحيد في هذه المرحلة لإدارة إقليم كتالونيا الذي يعدّ 7.5 مليون نسمة.
وكان من المفترض أن يناقش البرلمان ترشيح بوتشيمون وأن يتظاهر أنصاره مستخدمين أقنعة على صورة وجه زعيم الانفصاليين ليسيروا بالمئات والآلاف في شوارع المدينة و«كلهم بوتشيمون».
من جهتها، أعلنت المحكمة الدستورية، التي لجأت إليها الحكومة المركزية للاعتراض على تعيين بوتشيمون رئيساً للإقليم، السبت «أنّ التصويت لن يكون صالحاً إذا حصل التنصيب عن بعد».
وقالت المحكمة: «إنّ بوتشيمون يجب أن يطلب شخصياً من قاضي المحكمة العليا الذي يتولى التحقيق في قضيته إذناً للحضور إلى البرلمان».
وقدّم بوتشيمون طعناً أمام المحكمة الدستورية على قرارها، فيما طلب رئيس البرلمان من الأجهزة القضائية في المجلس «القيام بالأمر نفسه».
ويأتي هذا النزاع القضائي بعد ثلاثة أشهر على إعلان استقلال أحادي الطرف صوّت عليه البرلمان الكتالوني في 27 تشرين الأول 2017، اليوم المفصلي الذي أدى إلى أزمة سياسية غير مسبوقة في إسبانيا.
وبعد محاولة الانفصال، علّقت حكومة المحافظ ماريانو راخوي حكم المنطقة الذاتي وحلّت البرلمان ودعت إلى «انتخابات جديدة»، آملة «تهدئة الوضع في كتالونيا المنقسمة بالتساوي حيال الاستقلال».
لكن في هذه الانتخابات لم تتراجع شعبية الانفصاليين إذ إنهم يمثلون 47.5 من مجموع الناخبين، الأمر الذي سمح لهم بالفوز بالأكثرية المطلقة في البرلمان.
عاد الهدوء إلى الشارع بعد شهر تشرين الأول الذي طبعته التظاهرات ونقل مقار آلاف الشركات إلى خارج كتالونيا. إلا أنّ التوتر لا يزال سائداً بين الحكومة والانفصاليين، من دون أيّ بادرة حوار.
وصرّح راخوي أول أمس، لإذاعة كوبي أنّ «رجلاً هارباً، رجلاً زعم بشكل أحادي تصفية السيادة والوحدة الوطنية، لا يمكن أن يكون رئيس أي شيء».
ويريد الانفصاليون من جهتهم إعادة تنصيب بوتشيمون لاستعادة «كرامتهم». وأثار غضبهم مقال نشرته صحيفة «ال بايس» ورد فيه أنّ «وزراء من الحكومة المركزية وجّهوا نداءات إلى قضاة عديدين في المحكمة الدستورية، قبل اتخاذ قرارها السبت، مشددين على خطورة تنصيب بوتشيمون المحتمل». لكن راخوي نفى أمس «أي تدخل في قرار المحكمة».
وغالباً ما يتهم الانفصاليون المحكمة بـ «التحيز»، علماً أنّ تعيين أعضائها يعود بصورة أساسية إلى الأكثرية المحافظة التي كانت تسيطر على البرلمان في مدريد حتى عام 2015. وتكثفت هذه الاتهامات خصوصاً بعد إلغائها في عام 2010 قسماً من النظام الذي يمنح كتالونيا حكماً ذاتياً موسعاً، ما يشكل أحد جذور النزاع الحالي.