البيان الختامي لـ«سوتشي» يدعو لتأليف لجنة إصلاح دستوري.. بوتين: الشعب السوري وحده يقرّر مصيره.. الأنصاري: المؤتمر استكمال لمسار أستانة
أشار البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني السوري السوري المنعقد في سوتشي، إلى الالتزام بوحدة سورية واستقلالها ووحدة أرضها وشعبها، مؤكّداً على أنّه «لا يجوز التنازل عن أيّ جزء من سورية، ويلتزم الشعب استعادة الجولان المحتلّ بكافّة الوسائل القانونية».
وبحسب البيان، يقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع، كذلك للشعب السوري الحقّ الحصري في اختيار نظامه السياسي من دون ضغط خارجي.
وأوضح البيان الختامي، أنّ سورية دولة ديمقراطية غير طائفية تقوم على التعدّدية السياسية والمواطنة المتساوية.
وأكّد البيان الختامي على أن تلتزم الدولة الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والتنمية مع التمثيل العادل على مستوى الإدارة، بالإضافة إلى بناء جيش ومؤسسات أمنيّة قوية وموحّدة تقوم على الكفاءة وممارسة واجباتها وفقاً للدستور.
وشدّد البيان على الالتزام بمكافحة جميع أشكال الإرهاب والتعصّب والتطرّف والطائفية ومعالجة أسباب انتشارها، كما أكّد على احترام حقوق الإنسان والحريات العامّة ومساواة الجميع بغضّ النظر عن الدين والعرق والجنس والهويّة.
ونصّ البيان الختامي على تأليف لجنة لصياغة إصلاح دستوري من وفد الحكومة ووفد معارض واسع التمثيل، وأن تضمّ هذه اللجنة خبراء وممثّلين للمجتمع المدني ومستقلّين وقيادات قبليّة ونساء، وأن يتمّ اختيار أعضائها عبر العملية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف.
وفي رسالته للمشاركين في المؤتمر، أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ الشعب السورى وحده له الحق في تقرير مصيره، وأنّ سورية استطاعت بدعم من القوّات الجوية الروسيّة تدمير القوى الإرهابيّة والآن تتوافر كلّ الظروف الملائمة لإنهاء الأزمة.
وجاء في الرسالة التي تلاها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «نرحّب بكلّ من قبل الدعوة لحضور المؤتمر»، مبيّناً أنّ «هذا المؤتمر من شأنه أن يوحّد بين جميع أبناء الشعب السوري».
وقال بوتين في رسالته: «إنّ روسيا بادرت بعقد هذا المؤتمر الذي أيّدته منظمة الأمم المتحدة، وبالتعاون مع شركائنا في عملية أستانة إيران وتركيا ومع دول الجوار من البلدان العربية عملنا على أن يكون هذا المؤتمر أكثر تمثيلاً، ونؤكّد على أنّ الشعب السوري هو وحده له الحق في تقرير مصيره».
وأضاف بوتين: «يمكن أن نقول بكلّ ثقة أنّه تتوافر الآن كلّ الظروف الملائمة لإنهاء هذه الصفحة المؤلمة في تاريخ الشعب السوري، وهناك حاجة ملحّة الآن لإقامة الحوار السوري الشامل في سبيل تسوية الأزمة في سورية برعاية الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254».
وتابع بوتين: «الآن أمامنا طرح مهم، وهو تكوين رؤية مشتركة لآفاق التغلّب على الأزمة ورسم التحوّلات التي ستمكّن كلّ المواطنين السوريين، بغضّ النظر عن انتماءاتهم الدينية والقومية، أن يشعروا بأمان في وطنهم»، معرباً عن تمنّياته بنجاح أعمال المؤتمر.
ولفت بوتين إلى أنّه بعد عدّة سنوات من الحرب الإرهابية على سورية، التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري، فإنّ «روسيا تبذل كلّ ما بوسعها لإقامة السلام الطويل والثابت في سورية، وتثبيت سيادتها الوطنية».
وأشار بوتين إلى أنّ سورية استطاعت بدعم من القوات الجوية الروسية أن تدمّر القوة الإرهابية، وأنّه بفضل اللقاءات في أستانة بمشاركة الدول الضامنة تمّ الاتفاق على إقامة مناطق تخفيف التوتر، والتي من شأنها تأمين وقف الأعمال القتالية وتحسين الظروف الإنسانية والبدء بإعادة الإعمار وزيادة الثقة المتبادلة بين أبناء الشعب السوري.
وكان مؤتمر الحوار الوطني السوري انطلق أمس في مدينة سوتشي بمشاركة مئات الشخصيات السوريّة، بعد تأخير طرأ بسبب عدم وصول بعض المشاركين وانسحاب الوفد التركي من المؤتمر.
وأعلنت اللجنة التنظيمية للمؤتمر عن وصول 1511 شخصاً من سورية وجنيف والقاهرة وموسكو وأنقرة إلى سوتشي، بينهم 107 من المعارضة السورية في الخارج.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر، إنّ مؤتمر سوتشي من شأنه أن يساعد في توحيد السوريّين بعد نزاع دام سنوات، مشيراً إلى أنّه توجد الآن كلّ الظروف الملائمة لإنهاء الأزمة السوريّة ولإقامة الحوار السوري الشامل.
وأضاف لافروف خلال تلاوته لكلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنّ موسكو بالتعاون مع إيران وتركيا عملت على أن يكون مؤتمر سوتشي أكثر تمثيلاً، مُعرباً عن شكره لإيران وتركيا والأمم المتحدة على إتاحة انعقاد هذا المؤتمر.
وأعلن في المؤتمر هيئة رئاسة المؤتمر، والتي جاءت على النحو التالي: «صفوان قدسي، ومحمد ماهر قباقيبي، وميس نايف الكريدي، وأمل يازجي، وجمال قادري، وزياد طاووس، وقدري جميل، وهيثم مناع، وأحمد الجربا، ورندا قسيس».
من جهته، أكّد حسين جابري أنصاري، مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والأفريقية، أنّ مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي هو استكمال لمسار أستانة والمسارات الأخرى بهدف إيجاد حلّ سياسي للأزمة في سورية.
وقال جابري أنصاري في تصريح للصحافيّين في سوتشي في إطار مشاركة بلاده في المؤتمر: «إنّنا نعتبر مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي كاجتماعات أستانة، وهو يأتي لاستكمال الجهود المبذولة في المستوى الأممي، ونعمل على أن يكون المؤتمر نوعاً من الارتباط والبناء بين المسارات المختلفة الموجودة لحلّ الأزمة في سورية».
وأشار جابري أنصاري إلى أنّ هناك في بعض الأحيان اختلافات بين الدول الثلاث الضامنة لاتفاق وقف الأعمال القتالية في سورية «روسيا وإيران وتركيا»، إلّا أنّ المهم هو روح الجدّية والإرادة السياسية لاستكمال المسيرة ومساعدة الشعب السوري الشقيق للخروج من الأزمة في بلاده.
ميدانياً، قُتل جنديان من الجيش التركي وأُصيب آخرون في انفجار محطة محروقات خلال مرور رتل عسكري من عشرات الآليّات في مدينة الأتارب غرب حلب.
وقال ناشطون، إنّ الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة موضوعة ضمن محطة المحروقات في المدخل الشرقي لمدينة الأتارب، وتمّ تفجيرها لحظة مرور الرتل العسكري التركي بجوارها، ما أدّى إلى مقتل جنديين تركيين واحتراق 5 آليّات على الأقلّ.
وفي السياق، قال ناشطون في رواية أخرى إنّ العبوة مزروعة داخل آليّة تركية خلال توقّفها في مدينة الأتارب، وانفجرت لحظة مرورها بجانب محطة المحروقات ما أدّى إلى اشتعال عدّة آليّات.
وذكرت مصادر محليّة، أنّ الرتل التركي عاد أدراجه إلى الفوج 46 شرق الأتارب بعد التفجير، ولم يكمل وجهته المحدّدة، بينما لا زال القسم الآخر للرتل مرابطاً في مكانه في مفرق التوامة قرب قرية كفركرمين غرب حلب.
وكان الرتل التركي المؤلّف من 100 آلية، وفق ناشطين، توزّع على نقطتين غرب حلب بعد استهدافه أول أمس الاثنين خلال توجّهه إلى تلّ العيس جنوب حلب.
إلى ذلك، أوقع العدوان التركي المتواصل على منطقة عفرين بريف حلب الشمالي المزيد من الشهداء والجرحى بين المدنيين، وتسبّب بتدمير العديد من البُنى التحتيّة والمنازل في قرى وبلدات المنطقة.
وذكرت مصادر أهلية، أنّ رجلاً في العقد التاسع من عمره من قرية سنارة استشهد جرّاء اعتداء قوات النظام التركي بقذائف المدفعية والأسلحة الرشاشة الثقيلة على القرية التابعة لناحية حديد غرب بلدة عفرين قرب الحدود التركيّة.
ولفتت المصادر إلى أنّ قصف قوات النظام التركي على بلدة بلبل وجبل غر في محيطها أقصى شمال منطقة عفرين، تسبّب بإصابة مدنيّ بجروح من أهالي البلدة.
وأكّدت المصادر أنّ الاعتداء الممنهج الذي تقوم به قوات نظام أردوغان الإخواني على البنى التحتيّة والمرافق العامّة والمدارس والمراكز الصحية، يهدّد حياة المدنيين ويزيد من احتمال وقوع كوارث إنسانية نتيجة النقص في الاحتياجات الأساسية اليومية جرّاء القصف اليومي للمناطق الآهلة والمرافق الحيويّة.
ووصل عدد ضحايا المجزرة التي ارتكبها النظام التركي بحق أهالي قرية قبلي إلى أكثر من 8 شهداء و7 جرحى من المدنيين، حالة معظمهم حرجة، وفقدان 10 مدنيّين كانوا موجودين في مكان المجزرة، في حين استشهد أمس شاب برصاص عناصر الجيش التركي عند مفرق قرية عين الحصان بريف رأس العين شمال مدينة الحسكة بنحو 85 كم.
ويأتي عدوان النظام التركي ضمن سلسلة جرائمه بحق السوريين، حيث حوّل خلال السنوات الماضية الحدود المشتركة الى ممرّات علنيّة لتهريب المرتزقة الإرهابيّين إلى داخل الأراضي السوريّة، إضافةً إلى تزويدهم بمختلف أنواع الأسلحة المتطوّرة بما فيها مواد وأسلحة كيميائيّة استخدمها الإرهابيون أكثر من مرّة ضدّ المدنيّين في حلب وإدلب.