«شام»… مسرحية ملحمية في دار الأوبرا تروي حكاية مقاومة

تنتمي المسرحية الملحمية «شام» التي تعرض على خشبة دار الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون حالياً، إلى النمط التاريخي حيث تناول العرض الذي كتبه ووضع السينوغرافيا له طلال لبابيدي، عدداً من الأحداث التاريخية كغزو الإسكندر المقدوني والرومان وصولاً إلى بزوغ نور السيد المسيح من بيت لحم ودعوة الإسلام القادمة من شبه الجزيرة العربية.

واستعاد «شام» مراحل عدّة من تاريخ دمشق التي مثّلها بامرأة شابة يحكي لها جدّها الجبل قاسيون ولأحفاده ما شهدته المدينة من أهوال مرّت عليها منذ غزو التتار والمغول لها، ومن بعدها العثمانيين والفرنسيين. مستعرضاً مقاومة أهل الشام لكلّ غازٍ معتدٍ عليها، وكيف استطاعت أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ أن تصمد أمام عبث العابثين وظلم الظالمين وصولاً إلى يومنا هذا ووقوف الشعب إلى جانب الجيش السوري في مقاومة قوى الظلام والتكفير.

وحاول مخرج «شام» وليد أحمد الدرويش توظيف الموسيقى والرقص في خدمة الحدث الدرامي عبر مؤلفات غنائية وموسيقية للفنان رمضان بركات رقصت عليها فرقة «أجيال للمسرح الراقص» بإشراف مجد أحمد وباسل حمدان، حيث تناوبت الموسيقى ومعها الرقص والتمثيل في سرد حكاية الشام على مرّ العصور وقصة وقوفها في وجه الغزاة الطامعين.

وتنقّل العرض من بيئة إلى أخرى عبر مشاهد من حياة السوريين ممثلة في شهداء السادس من أيار وإعدام جمالِ باشا السفاح خيرةَ المثقفين والمفكرين من سورية ولبنان في ساحتَي البرج في بيروت والمرجة في دمشق لتكون هذه الجريمة إيذاناً بانطلاق الثورة على العدوّ العثماني وطرده من سورية، وليقف بعدها الشعب في مواجهة المستعمر الفرنسي حيث تصدّى العرض لمشهدية روت عبر لوحات راقصة تضحيات الشعب السوري لنيل الاستقلال عام 1946 وجلاء آخر جندي فرنسي عن أرض الوطن.

ومزج «شام» بين عدّة مستويات على الخشبة متكئاً على إضاءة بسام حميدي وديكور سامر صياغة في تقديم فضاء متنوّع للوحات تتابعت في سردها من دون الوصول إلى ذروة درامية إلا في ختام العرض، مع استخدام المخرج الشاشة لنقل بطولات الجيش السوري خلال تحرير بلدات وقرى ومدن من قوى الإرهاب التكفيري الظلامي.

وحاول «شام» عبر شخصية الراوي التي قام بأدائها الفنان محمد شما الانتقال من لوحة إلى لوحة عبر أسلوبية المسرح الملحمي وذلك بالتوازي مع سرد متصاعد للأحداث التي امتدت في 2500 عام حاول العرض تكثيفها درامياً بصعوبة واضحة أدت إلى استطالة في الرواية على الخشبة من دون الحصول على ذروة الصراع المسرحي، بل بالتركيز على إثارة مشاعر الشفقة والتعاطف بحسب المسرح الأرسطي أو ما يسمّى بالتطهير. فخلط «شام» بين الملحمي والأرسطي في مفارقة واضحة.

يذكر أن عرض «شام» من إنتاج وزارة الثقافة بالتعاون مع دار الأسد للثقافة والفنون ومديرية المسارح والموسيقى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى